أكد قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي الأهمية القصوى لموضوع التبليغ الديني في عمل الحوزات العلمية، قائلا إن الغفلة عنه سيقودنا إلى تغيير الهوية الثقافية.

 

كلام قائد الثورة الإسلامية جاء لدى استقباله حشدا من المبلغين وطلاب الحوزة العلمية في البلاد، في حسينية "الإمام الخميني (ره)" في طهران، حيث أعرب سماحته عن القلق الذي يساوره تجاه قضية التبليغ الديني، معتبرا إياها حاجة ملحة تأتي في مقدمة الأعمال والمهام التي يجب أن تؤديها الحوزات العلمية.

 

وقال آية الله الخامنئي " نظرا للمعلومات التي تصلني من جهات عديدة، يساورني القلق تجاه التبليغ. إن مجالات التبليغ في البلاد هائلة ومتراكمة وواسعة جدا وحتى إذا ضاعفنا العمل عدة أضعاف، لا اعتقد بأننا سنغطيها ".

 

وشدد سماحته أيضا " نحتاج إلى التبليغ، وأيضا إلى الوعظ، وأيضا إلى التحقيق. إن النظرة السائدة اليوم في الحوزات العلمية هي أن التبليغ يأتي في المرتبة الثانية من الأهمية، وان المرتبة الأولى هي للقضايا الأخرى مثل المقامات العلمية وأمثالها. علينا أن نتجاوز هذه النظرة، فالتبليغ يأتي في الدرجة الأولى (من الأهمية)".

 

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى رقي مستوى الفكر لدى الشباب وغيرهم من الفئات العمرية قياسا مع الماضي، رغم أن المستوى الفكري لدى الأجيال السابقة كان جيدا أيضا، قائلا إن المستوى الذي بلغه الفكر الآن لا يمكن مقارنته بالماضي وان مستوى الفكر قد ارتقى لدى شبابنا واليافعين والمخاطبين، لكن هناك آفة في سوق الأصوات المزدحمة الافتراضية والإعلامية المتكدسة، وهذه الآفة هي تهميش صوت نقل المعارف من جيل إلى جيل وفي داخل الأسرة ، ففي السابق كان الآباء والأمهات يعلمون أبناءهم الكثير لكن في هذا الضوضاء الإعلامية فان هذا الصوت أصبح ضعيفا.

 

كما شدد سماحته ان التبليغ ليس الرد على الشبهات حصرا وليس موقفا دفاعيا رغم ضرورة الدفاع، بل ان من يهاجمنا يملك مبادئ فكرية ويجب مهاجمة مبادئه، ففي التبليغ يجب اتخاذ موقع هجومي، وهذا يستلزم معرفة ساحة المواجهة، فعندما نرى استهداف اذهان الشباب بهذا الحجم الهائل من الشبهات يجب ان نعلم من يقف خلف هذا كله، فهناك احتمال قوي بوجود كواليس خلف هذا المشهد.

 

وأضاف سماحته ان ما يحدث اليوم في عصرنا الراهن هو أمر غير مسبوق منذ أكثر من ألف عام ومنذ عصر صدر الإسلام، وهو سيادة وحاكمية الإسلام وتشكيل مؤسسة سياسية تدير البلاد انطلاقا من الإسلام، هذا أمر غير مسبوق وبالطبع سيشتد العداء للإسلام. ولذلك فان للتبليغ أهمية مضاعفة في زماننا نظرا لأن قوام النظام الإسلامي هم الشعب وإيمانه، وإذا لم يكن الشعب لن يكون هناك نظام اسلامي، وأيضا نظرا إلى أن عصرنا الراهن هو عصر التطور العلمي وهناك اليوم أساليب لنشر وبث الرسائل لم يخطر على بال أحد في الماضي، بدءا من أجهزة التلفاز والقنوات الفضائية وصولا إلى الانترنت ومرحلة ما بعد الانترنت، والظواهر الجديدة مثل الذكاء الصناعي وما شابه.

 

وتساءل سماحة قائد الثورة الإسلامية " في هذه الأوضاع التي يسل العدو سيوفا مسنونة وبتارة لسفك الدماء، ماذا نريد ان نفعل ؟ هنا يكتسب التبليغ أهمية مضاعفة ".

 

المواجهة بين جبهة الجمهورية الإسلامية وجبهة الليبرالية الغربية في ساحة الحرب الدعائية

 

ونوه آية الله العظمى الخامنئي إلى أن حرب اليوم هي حضارية وعالمية ولحسن الحظ فان الغرب اليوم معرّض للأضرار أكثر من أي وقت مضى، مؤكدا أن المواجهة اليوم هي بين جبهتين أولهما جبهة الجمهورية الإسلامية، والأخرى هي جبهة الكذب والتضليل والتي تنتحل اسم "الليبرالية الديمقراطية" وهي بعيدة كل البعد عن الليبرالية وعن الديمقراطية . فإذا كنتم ليبراليون لماذا استعمرتم. استعمار قديم واستعمار حديث واستعمار حديث جدا، وأي ليبراليون انتم ... وأي دعاة للحرية وحرية التفكير أنتم ... عندما تستعمرون شعبا يبلغ عديده مئات الملايين مثل الشعب الهندي لسنوات مديدة تفوق المئة عام وتبقونه تحت تصرفكم وتستولون على كل ثرواته وتحولونه إلى شعب فقير، هل انتم ليبراليون ؟ أهذه هي الليبرالية؟.

 

وأضاف سماحته " الفرنسيون ارتكبوا المجازر في الجزائر أكثر من مئة عام وقتلوا البشر، وربما عشرات آلاف القتلى في عدة سنين، انهم ليسوا ديمقراطيين بل يكذبون من اجل فرض بعض الأنظمة على بعض البلدان، انهم يعارضون مئة بالمئة الديمقراطية التي لا تخدمهم، ان الذي قام بتلك الأفعال في الجزائر والهند لازال يملك الخصال ذاتها ".

 

واعتبر قائد الثورة الإسلامية أوضاع الشعب الأوكراني الأعزل والمسكين مثالا آخر لنوازع الغرب في الاستعمار والنهب وقال " ان هؤلاء مستعدون لتعريض شعب مسكين ودون مأوى مثل الشعب الأوكراني إلى الخطر من اجل ملء جيوب شركات الأسلحة الأميركية، ليقاتل هو ويقتل، من اجل بيع الأسلحة وملء جيوب شركات صنع الأسلحة".

 

وأشار آية الله العظمى الخامنئي أيضا إلى تواجد الاحتلال الأميركي في سوريا، قائلا " ان حكومة مثل أميركا، تسرق النفط السوري على مرأى الجميع، أن هؤلاء هم كما هم، ولم يتغيروا، ان هؤلاء جبهة واحدة، وفي مواجهتم يقف النظام الذي يتكئ على الإسلام ويستلهم من الإسلام، ليناهض الاستكبار والاستعمار والتدخل في مصالح الشعوب العديدة، والآن فان هاتين الجبهتين تقفان وجها لوجه ".

 

وشدد سماحته على "ان المواجهة اليوم هي مواجهة حضارية وعالمية ويجب أن نعلم من نواجهه، ولحسن الحظ فان الغرب اليوم معرّض للأضرار أكثر من أي وقت مضى".