بسم الله الرحمن الرحيم‏

 

تشكيل الحكومة اتباعاً للنبي (ص) والأئمة (ع)

طبعاً أن السادة هم الذين ينبغي لهم أن يعظوني، ولكن ونظراً إلى أن الموعظة من حق الأخوة، لذا سأحاول الإشارة إلى بعض الأمور.

من المؤكد أن احياء صلاة الجمعة في إيران يعتبر من القضايا المهمة للغاية. إذ توفر صلاة الجمعة فرصة جيدة للتحدث إلى الناس عن القضايا التي يكاد أن يلفها النسيان. ففي السابق إذا ما تحدث رجل الدين للناس عن الشؤون السياسية، فإن الناس يطالبون بالابتعاد عنه لأنه سياسي. ولا شك أن مثل هذا التفكير كان بوحي من الشياطين داخل إيران وخارجها، حيث حاولوا أن يقنعوا الناس بانه ينبغي لرجل الدين أن يرتدي عباءته ويتوجه إلى المسجد للصلاة فقط. فلم يكن يحق لرجل الدين التدخل في أي أمر آخر. ولكننا نتبع النبي محمداً- صلى الله عليه وآله- والأئمة الأطهار- عليهم السلام- الذين عملوا على تشكيل الحكومة وهداية الناس.

التوصية ببساطة العيش لأهل العلم‏

غير أن الخوض في المسائل السياسية بات اليوم أمراً مقبولًا ولله الحمد، ولكن يجب أن تلتفتوا إلى أن الجميع يتطلعون إليكم، لذا ينبغي صيانة حرمة زي رجال الدين. ويجب أن تعيشوا في مستوى مثلما كان يعيش العلماء في السابق. ففي الماضي كانت معيشة طلبة العلوم الدينية سواء الطالب المبتدئ أو العالم الكبير، دون المعيشة العادية لعامة الناس أو مثلها. لذا ينبغي لكم أن تحافظوا على مستوى معيشتكم هذا وعلى حرمة زي علماء الدين. وإذا ما تعاليتم في معيشتكم يوماً على عامة الناس فاعلموا بأنكم ستطردون من أوساطهم آجلًا أم عاجلًا، حيث سيقولون: انظروا ففي الوقت الذي لم يكن لديهم شي‏ء كانوا يعيشون مثل بقية الناس. واليوم حيث اصبحوا يحكمون وأيديهم تطال كل شي‏ء، ابتعدوا عن الناس .. يجب أن تستمر الحال كما في السابق .. يجب أن يكون مستوى معيشتكم بنحو لا يقول الناس عنه إنه طاغوتي.

 

الموضوع الآخر الذي أود التطرق إليه هو خطبة صلاة الجمعة، إذ يجب أن تأمروا الناس بالتقوى. فالأمر بالتقوى في الخطبة الأولى من الصلاة واجب. وفي الخطبة الثانية واجب من باب الاحتياط .. تحدثوا للناس عن المسائل الأخلاقية وحثوهم على التحلي بالأخلاق الإسلامية .. حدثوا الناس عن قضايا الساعة وعن الأحداث التي تشهدها البلاد خلال الأسبوع. احرصوا على إبقاء الناس في الساحة، لأن الذي حفظ الثورة وإيران وصانهما هو تواجد الجماهير في الساحة. فليس هناك شعب بطيبة الشعب الإيراني في أي نقطة من العالم .. إن الشعب يدعم الثورة الإسلامية والحكومة، لأنهم يرونها حكومة إسلامية، ويعلمون بأن مناصرة الحكومة تعني مناصرة الإسلام .. إنهم يدعمون الحكومة لهذا السبب فقط، لذا لا بد من الحرص على هذا الدعم .. لابد لائمة الجمعة من الاستفادة من هذا التجمع الكبير ولفت انظار الناس إلى الجوانب الشرعية والسياسية. حاولوا توعية الناس إزاء أحابيل الشياطين. فالحكومة تبذل كل ما في وسعها، غير أن الأوضاع صعبة ومعقدة وان كل دول العالم تقريباً تعارضنا. وان أعداءنا لا يكفون عن خلق العراقيل والمتاعب لنا. وقد حاولوا بث الاختلافات الداخلية غير أنهم لم يجنوا شيئاً، فلجؤوا إلى فرض الحرب علينا. لذا فهم لا يتركوننا وشأننا. ورغم كل هذه الموانع والعقبات، فقد تم إنجاز الكثير. وبطبيعة الحال هناك بعض النواقص، وهناك الغلاء الذي يعاني منه الناس كثيراً، ولكن أي مكان في العالم لا يعاني من الغلاء؟ فالاتحاد السوفيتي ورغم كل ادعاءاته لا زال حتى الآن يعاني من الطوابير الطويلة. لا بد لنا من الصبر والتحمل من أجل الإسلام. طبعاً أن الشعب الذي يضحي بأبنائه لا يعبأ بهذه المشكلات ويصبر عليها. ولكن هذه العدة التي تجلس جانباً، هذه العدة التي لا تعرف غير الفسق والفجور وقد تم حرمانها مما كانت فيه، هي وحدها الغاضبة. هؤلاء هم الذين يحاولون إضعاف الحكومة ويتحدثون دائماً عن شحة السلع .. لذا فان أئمة الجمعة مدعوون إلى دعم الحكومة في صلاة الجمعة، وآمل أن تقام صلاة الجمعة بمزيد من القوة والأبهة يوماً بعد آخر. أيدكم الله تعالى وسدد خطاكم.

والسلام عليكم‏

 

التاريخ 4 خرداد 1362ش/ 12 شعبان 1403هـ

المكان: طهران، جماران‏

الموضوع: ضرورة التطرق إلى القضايا السياسية والاجتماعية والأخلاقية في خطب صلاة الجمعة

الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية وإمام جمعة طهران)، أعضاء المجلس المركزي لأئمة جمعة طهران‏

صحيفة الإمام، ج‏17، ص: 367