بعد مرور حوالي ثمان أو تسع أيام على حادثة تفجير مقر حزب الجمهوري الإسلامي، كنت أصرّ على أن يجلبوا لي مذياعاً وجريدة وكانوا يمتنعون ويتحجّجون بمختلف الحجج لكي لا أعلم بما حدث؛ ولأنّ الأشخاص الذين كانوا محيطين بي لم يكونوا يستطيعون الصّمود أمام إصراري المتكرر، أجبروا في النهاية على إخباري بما حدث.

 

لم يخبروني الخبر دفعة واحدة. لقد علمت بهذه القضية بشكل تدريجي. ففي اليومين الأولين بعد عودتي إلى وعيي، أخبرني أحدهم بشكل كلّي بوقوع انفجار في مبنى حزب الجمهورية الإسلامية، لكنّني لم أكن في ظروف تسمح لي بأن أدرك فعلاً ما الذي حدث؟ لعلّي لم أكن في كامل وعيي أيضاً، لكنّني أذكر أنه قيل لي شيءٌ ما وقد نسيته في بعد أيضا. لأنّني غالباً ما كنت في حال من فقدان الوعي؛ بسبب إجراء عدّة عمليّات لي وكان الألم شديداً حينها، كانوا يبقونني في حال من فقدان الوعي، أي حالة الدّوار الخاصّة بفترة ما بعد إجراء العمليّة الجراحيّة.

بعد مرور حوالي ثمان أو تسع أيام على هذه الحادثة، كنت أصرّ على أن يجلبوا لي مذياعاً وجريدة وكانوا يمتنعون ويتحجّجون بمختلف الحجج لكي لا أعلم بما حدث؛ ولأنّ الأشخاص الذين كانوا محيطين بي لم يكونوا يستطيعون الصّمود أمام إصراري المتكرر، أجبروا في النهاية على إخباري بما حدث.

 

لم يستطع أحدٌ إخباري سوى الشيخ هاشمي. أي أنّهم كانوا يعلمون بأنّه لا يستطيع أحدٌ غير الشيخ هاشمي إخباري بالأمر بشكل ما بسبب العلاقة التي كانت تربطه بي؛ وهذا ما فعلوه. طبعاً لم أكن ملتفتاً للأمر، إلى أن جاء الشيخ هاشمي والسيّد أحمد الخميني -نجل الإمام الخميني- في فترة ما بعد الظهر في أحد الأيام وقال لهما أحد الذين كانوا معي في الغرفة أنّ فلان يريد مذياعاً وجريدة ونحن لا نرى مصلحة في ذلك، ما رأيكم؟ إذا أمرتم بذلك فسوف نلبّي الأمر. هكذا بدأوا طرح القضيّة.

انطلق الشيخ هاشمي في الحديث بلحنه العذب -وقد كان دائماً يطرح المواضيع بلطافة وهدوء - وقال: لا، لا أرى أيّ ضرورة لأن تجلبوا مذياعاً. الأخبار في الخارج عذبة جدّاً ومرغوبة، فهل ينبغي له أن يسمعها وهو على سرير المشفى؟ أدركت بشكل عام أنّه توجد أخبار مريرة. سألته: ماذا حصل؟ أجابني، يحدثون انفجاراً فيستشهد البعض ويُجرح آخرون وهكذا أدخلني في صلب القضيّة. سألته: من هم الذين استشهدوا؟ من الذين جُرحوا؟ فأجابني: على سبيل المثال، جُرح السيّد بهشتي، فاضطربت كثيراً. تألّمت كثيراً لسماع أنّ السيّد بهشتي كان في الحادث وأصيب بالجراح. سألته: كيف حاله؟ أين هو؟ فأجابني أنّه في المشفى وحاله لا تدعوا إلى القلق والاضطراب. سألته ما الحدّ الذي بلغته جراحه؟ فأجابني: حسناً، هو مجروحٌ على كلّ حال، ويعاني من الألم. سألته هل هو أسوء أو أفضل مني حالاً؟

 

كنت أودّ أن أعرف أبعاد القضيّة. فأجابني حاله كحالك تقريباً، لا داعي لأن تشغل بالك عباً بهذه الأمور الآن، بشكل عام ليست أخبار الخارج عذبة ومرغوبة، حسناً، لقد استشهد البعض وهكذا.

 

تركني في حالة من القلق وذهب. أدركت وقوع حدثٍ كبير جعل السيد بهشتي يُجرح، وقلت له قبل أن يذهب بأن أرجوك بأن تتمّ الاستعانة بكلّ ما تمتلكه البلاد من إمكانات من أجل أن تنقذوا السيد بهشتي في أسرع وقت ولا تسمحوا بأن يحصل له مكروه لا سمح الله. 

 

ثمّ بعد أن ذهب سماحة الشيخ هاشمي، لم يكن الأفراد المحيطين بي على علم بالقدر الذي أعلمه وسحبت منهم الكلام بشكل تدريجي وأدركت بنفسي أنّ سماحة السيد بهشتي قد استشهد. كان الأمر صعباً جدّاً عليّ بطبيعة الحال مع أنّني لم أكن على علم بكلّ جوانب الحادث وخصائصه ومن استشهد ولم أكن أعرف حجمه وكيفيّة وقوعه. لكنّ شهادة السيد بهشتي كانت بالنسبة إليّ بمثابة ضربة قاسية جدّاً. بقيت أيّاماً طويلة أمكق في حزني وقلّما كان يقع شيءٌ يجعلني أنسى هذه الحادثة المريرة. نعم، لقد كان الأمرٌ صعباً ومريراً جدّاً بالنسبة إليّ.