ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي مقابلة مع نجل العلّامة حسن زادة آملي حجّة الإسلام عبد الله حسن زادة تتناول الحديث حول مختلف الجوانب في شخصيّة العلّامة الراحل ومكانة سماحته العلميّة وعلاقته بقائد الثورة الإسلاميّة الإمام الخامنئي والثورة الإسلاميّة في إيران.

وصف قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، العلّامة المرحوم الشيخ حسن زاده الآملي في رسالة التعزيّة بـ «ذو الفنون». أخبرونا ببعض النقاط عن المكانة العلمية لحضرة العلّامة حسن زاده الآملي والأساتذة الذين استفادوا من محضره.

درس حضرة العلّامة حسن زاده الآملي العلوم الدينية خلال فترة صباه في مدرسة آمل الجامعة. كما تلقى عدداً من دروس السطوح في نفس المدرسة على يد الأساتذة في ذلك الوقت. بعد ذلك جاء إلى طهران واستفاض من أساتذة عظماء مثل العلّامة الشعراني، والعلّامة رفيع القزويني، والعلّامة إلهي قمشئي، والعلّامة الشيخ محمد تقي الآملي، والعلّامة الأشتياني، والعلّامة فاضل التوني، وأجلاء آخرين.

في مصطلحات الحوزة والعلماء، الشخص الذي يَعرف علمين أو ثلاثة لا يسمى «ذو الفنون». إن مجرد معرفة القليل من العلوم مثل الأدب والفقه والأصول والفلسفة والعرفان لا يسمى «ذو الفنون». في ذلك الوقت، كان الشخص الوحيد الذي اشتهر في طهران، وكان جميع شيوخ طهران يسمونه «ذو الفنون» هو العلّامة الشعراني.

كان يُعلّم ويُدرّس في علوم الأدب والأصول والفقه والفلسفة والعرفان والحديث والرجال والطب والرياضيات والفلك، وكأنه أستاذ في الفن. هذه الشخصية كانت تسمى «ذو الفنون». وقد أشار قائد الثورة الإسلامية إلى هذه النقطة حول العلّامة حسن زاده وقال عن علمٍ وبأسلوب جميل جداً: «كان هذا الشيخ العالم وذو الفنون من الشخصيات النادرة والفاخرة، الذين قلّما يبرز أمثالهم في كلّ عصر، يُناغي أعين وقلوب العارفين به، ويُغني علومهم ومعارفهم وعقولهم وقلوبهم في آن واحد».

بالطبع، في كل عصر، هناك عدد قليل من الأساتذة والذين لا يزالون موجودين في الحوزة أيضاً وكانوا زملاء في الدرس مع العلّامة حسن زاده آملي، ولكن لم يطلق وصف «ذو الفنون» على أحد من هؤلاء الأجلاء الذين لهم مكانتهم الخاصة من بين أساتذة الحوزة العظماء والقيّمين. وقد عبّر قائد الثورة الإسلامية مستخدماً هذا المصطلح الحوزوي والعلمي بشأن العلّامة حسن زاده وقال إنه كان «من الشخصيات النادرة والفاخرة، الذين قلّما يبرز أمثالهم في كلّ عصر».

وكما كان العلّامة الشعراني «ذو الفنون» في تلك الفترة، كذلك كان سماحته «ذو الفنون» في عصرنا. لذلك، لا يطلق مصطلح «ذو الفنون» في الحوزة على أيّ شخص. فقد كان لدى سماحته كل ما كان لدى العلّامة الشعراني، وقد كان لديه «إجازة» من العلّامة الشعراني أيضاً.

استخدم قائد الثورة الإسلامية في نص رسالة التعزية عبارة «العالم الرباني والسالك التوحيدي» التي لها معنى خاص لدى الحوزويين والعلماء. وأشار أيضاً في نهاية الرسالة إلى الخلقيات الإنسانية السامية للعلامة حسن زاده. يرجى شرح القليل عن سيرته الأخلاقية والسلوكية.

ما تفضل به سماحته هو تركيب جديد في هذا المجال والصدد، وهذا مهم جداً. لأن العلّامة كان يؤكد دائماً في خطاباته على أهمية وصولكم إلى التوحيد الصمدي. عندما تصلون إلى التوحيد الصمدي، ستهدؤون وتفهمون ماهية الحقائق. لهذا عبّر قائد الثورة الإسلامية بهذا التركيب الجميل وبيّن كل شيء من خلال هذا التركيب.

وأما بشأن الخلقيات والسير والسلوك لدى العلّامة، سأقدم بعض الأمثلة عن الفقرات الأخلاقية وتوصياتهم وكيفية سلوكهم. في بعض الأحيان عندما كانت تحصل فرصة للحديث كان يقول إننا نحاول فهم أشياء من أجل الوصول إلى كمالنا وسعادتنا. لكي نفهم ونحصل على مغنمٍ، فإن الخطوة الأولى هي معرفة أنفسنا، ومن ثم القيام بذلك العمل المطلوب.

مرات عديدة كان يقول يا فتى! فكر في نفسك، وانظر ما أنت وماذا تفعل. كان يقول إن ما سيكون كمالك ويبقى لك هو عملك. كان يقول حاولوا أن تبنوا أنفسكم أولاً لتصلوا إلى حق المطلب وحقيقة العالم.

الشيء الآخر الذي كان يذكّرني به أحياناً هو أنه في بعض الأحيان ينتاب الناس حالة من السعادة، لكن الإنسان الحقيقي هو الشخص الذي تستمر عنده حالة السعادة. كان يقول إن الشخص الذي حصل على حالة السعادة في وقت معين أو حسب قوله قد اصطاد شيئاً أو رأى وجهاً أو اكتسب معرفة، فالمهم هو أن يستمر هذا الوضع وتلك الحالة بالنسبة له.

كان العلّامة يقول إننا بشر، والبشر خُلقوا لهذا السبب، وإلّا إذا كان لدينا سعادة في اللحظة الحالية ومن ثم تُنتسى، فليس من الواضح متى ستعود هذه الحالة السعيدة للإنسان، ولكن مَن كان مِن أهل العمل والمعرفة يجب أن يعتني بهذه الحالة.

يجب أن يعتني الإنسان بمزاجه، ألا يتحدث بكلّ شيء [غير ضروري]، ألا يشاهد كلّ شيء، ألا يسمع كلّ شيء. كان يقول إنه عندما يريد الحيوان أن يأكل طعاماً، فإنه يشم أولاً ثم يأكل ذلك الطعام. يجب ألا نسكب كلّ كلمة في إناء أرواحنا. يجب أن نكون دقيقين بشأن من يتحدث وماذا يقول، وأيّ من الظروف والكلمات فيها كمالنا.

لا ينبغي أن نقول أيّ شيء. كان يقول إن أفواهنا يجب أن تكون نقية وطاهرة. لقد أعطانا الله هذا الفم لنقول الكلام الحسن والكلام الصحيح، وليس لنقول أيّ شيء نهواه. ثم كان يقول، وإلّا فيصير اللسان بذيئاً. اللسان البذيء، العين الفاسقة، والأذن التي تسمع السفاهة لن تصل إلى شيء. كان يذكّر بهذه الأمور وينبّه لها مراراً.

أشار قائد الثورة الإسلامية في رسالة التعزية إلى المواقف الثورية للعلامة حسن زاده. اشرحوا لنا أمثلة لمواقف وأفعال العلّامة الثورية.

خلال الثورة الإسلامية، كان العلّامة ملجأً وملاذاً لأهالي آمل وكان حاضراً في التحركات التي تحصل وكان أيضاً يُقدّم مشورته. بعد الثورة الإسلامية، إلى حين تواجده في آمل، كانت الأمور تتم تحت إشرافه. حتى عندما جاء الإمام [الخميني] ذهب العلّامة إلى خدمة الإمام وقال له يا سيدي العزيز! أنا طالب علم من آمل، إذا كان لديكم أيّ شيء هناك فتفضلوا به، وسأفعل ذلك من كل قلبي وروحي لهذه الثورة.

ذات مرة كانت لدى مجموعة من الأصدقاء الذين يأتون إلى قم أسئلة حول مسألة الانتظار والظهور للإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف. يخبرهم حضرة العلّامة أن هذا هو عالم الدنيا، فإن الظهور إذا كان لهذا العالم فإنه سيحدث تدريجياً، ثم أشار سماحته إلى أن ثورتنا الإسلامية التي حدثت في إيران الإسلامية هي الآن مقدمة لظهور ذلك الإمام (عج). كان هذا التعبير السامي والرائع لحضرة العلّامة بشأن الثورة الإسلامية.

كما يعلم الجميع، أثناء قيادة الإمام الخامنئي، دافع العلّامة عن كل من القيادة والثورة الإسلامية بكل قلبه وروحه. عندما ألّف كتاب «الإنسان في عرف العرفان»، أهدى الكتاب إلى قائد الثورة الإسلامية في مقدمة الكتاب، وعندما زار سماحته آمل أهدى له الكتاب. لقد كان سماحة العلّامة يدعم دائماً الإمام الخامنئي في خطاباته.

 

هل لديكم أي ذكريات عن العلاقات بين العلّامة حسن زاده وقائد الثورة الإسلامية؟

 

بعض الناس لا يعرفون ماذا تعني إدارة بلد ما. لم يختبروا تقلبّات ومشقّات الدهر. كان العلّامة يقول: مَن أفضل مِن سماحته؟ مّن يستطيع أن يدير بهذه العظمة هذا البلد الكبير ويتقّدم به؟ إن سماحته يستحق هذه المكانة، لأن لديه الخبرة، وهو عالم أيضاً، وعالم دين تقي وورع.

وكان يقول إنه ينبغي علينا أن نشكر الله على نعمة أن يكون مثل هذا الشخص هو قائد الثورة الإسلامية ويقود البلاد، وبعض الناس لا يعرفون مدى صعوبة قيادة هذا البلد العظيم ذي الحضارة العريقة. يجب أن يكون الشخص الذي يتحمل هذا العبء والأمانة رجلاً لهذا الميدان. كانت هذه العلاقة متبادلة أيضاً، كان قائد الثورة الإسلامية يأتي إلى قم أحياناً ويتردد إلى منزل العلّامة حسن زاده ويلتقيان مع بعضهما.

يُفسر بعضهم العرفان على أنه جلوس في العزلة. أظهر سماحة آية الله حسن زاده في سلوكه وعرفانه أنه يمكن أن يكون المرء ورعاً زاهداً وسالكاً توحيدياً، وأن يكون لديه في نفس الوقت أيضاً حضوراً فعّالاً في الساحتين السياسية والاجتماعية. من أين أتت هذه النظرة واستناداً إلى أيّ بصيرة عالمية تحرّك العلّامة في هذا المسار؟

كان العلّامة يقول في شأن ترويض النفس والسير والسلوك: إن أكبر الرياضات هي أن يكون المرء متشرّعاً. كان سماحته يقول: المشترع الحقيقي هو الذي يكون مع الناس ومع عباد الله. لقد كان سماحته متشرّعاً بالمعنى الحقيقي للكلمة. كان يقول لي إن المتشرّع الحقيقي يجب أن يكون مراقباً لكلامه ونظره. لا فائدة من القول عن هذا أو عن ذاك، ينبغي عليكم أن تصلوا إلى النقطة التي ينبع منكم الكلام فيها، حينها تصبحون متشرّعين.

عندما تراعون حلال الله وحرامه وكل المسائل التي وردت في الفقه بدقة تامة، حينئذ تصبحون متشرّعين حقيقيين. التشرّع ليس بالكلام، إنما بالعمل. كانت أقوال العلّامة وأفعاله متطابقة، ويمكن رؤية ما في قلبه من خلال سيماه. لذلك، فإن العزلة تعود إلى الأشخاص الذين لم يتشرّعوا بعد بالمعنى الحقيقي للكلمة.