اعتبر الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني أن انتخاب سماحة آية الله السيد إبراهيم رئيسي كرئيس للجمهورية من الدورة الأولى في الانتخابات الرئاسية، في ظل هذا الإقبال الجماهيري، يعتبر محطةً مهمة من محطات قوة إيران للمرحلة القادمة، وكذالك يعتبر نجاحاً لخطوات وتوجيهات الإمام الخامنئي، ورد حقيقي على كل الأعداء اللذين كانوا يراهنون على أوسع حملة مقاطعة وعلى إفشال العملية الانتخابية في إيران.

وأضاف الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن الانتخابات الرئاسية في إيران هي انتخابات استثنائية، لأنها تقع في وقت صعب ومعقد، وفي ظروف فيها حصار لإيران بالعقوبات، وفيها تطورات كثيرة في المنطقة، وإذ بالشعب الإيراني يخوض ملحمةً انتخابية حقيقية بهذه النسبة المرتفعة بالتصويت بأصعب الظروف الاقتصادية، وظروف مرض كوفيد 19 وأضاف فيما يتعلق بموقف حزب الله من تشكيل الحكومة اللبنانية المتوقف منذ أشهر، أن موقف حزب الله معروف وواضح وصريح، فنحن نعتبر أن تشكيل الحكومة، هو المدخل الطبيعي والحصري والضروري لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها لبنان، ومن دون تشكيل الحكومة كل الحلول المطروحة هي حلول مبعثرة وجزئية ولا ترابط بينها، ولا تؤدي إلى الخروج من الأزمة.

مبيناً نحن لا نقول أن تشكيل الحكومة سيأتي بالمن والسلوى لكن على الأقل يضع البلد على طريق الحل فلو بدأنا ببعض الحلول الجزئية قد يفتح هذا المجال إلى حلولٍ أوسع وأكثر إستراتيجية للتخلص من الأزمات الموجودة الآن في لبنان، نحن ندعوا الأطراف المعنية وخاصةً الرئيسين إلى تفاهم عاجل مع تنازلات ضرورية ونعتقد أن هذه التنازلات لا تمس لا بأسس الطائف ولا بوضع كل طائفة ولا تؤثر على مستقبل الوضع في لبنان لأنها عبارة عن تنازلات لتشكيل حكومة أزمة إنقاذية تريد انتشالنا من الهاوية إلى السكة الصحيحة، ثم بعد أن تتشكل الحكومة كل الأمور الأخرى قابلة للعلاج وقابلة للنقاش، خاصةً أننا بحاجة إلى الاستفادة بما مرَّ بنا لطرحها لاحقاً لنعرف ماهي الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة، فنبدأ بمعالجتها.

وأوضح الشيخ نعيم أن حزب الله أعلن بوضوح أنه يلتزم بما تقرره الدولة اللبنانية في ملف ترسيم الحدود البحرية من حدود وما تفاوض عليه وما تصل إليه من نتائج ، ولن يتدخل الحزب في تحديد الحدود ومساحتها لأن تدخل حزب الله سيعطى أبعاد سياسية و أبعاد غير عملية وغير واقعية ، فنحن نريد أن تأخذ الدولة اللبنانية دورها وبالتالي ما تقرره الحكومة من حدود وما تفاوض عليه، وتصل إلى نتائج ، وتعلن بأن هذه هي حدود لبنان التي اتفقنا عليها نلتزم بها، ليس لدينا موقف مُسبق ولا نرجح رأي على آخر وإنما إذا كانت لدينا آراء معينة نبديها في داخل الحكومة من ضمن منظومة الدولة، والدولة تأخذ القرار بحسب آلياتها.

 

سقوط طاغوت

وفيما يتعلق بموقف حزب الله من تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة بنيت قال الشيخ نعيم كل الحكومات الإسرائيلية ذات شكل واحد، وصيغة واحدة من حيث الهدف، كلها تهدف بأن تشرعن الاحتلال وتوسع من مساحتهِ داخل فلسطين المحتلة ، لكن الطريقة تختلف بعضهم يعتبر أن استخدام القوة المفرطة تؤدي إلى هذه النتيجة ، والبعض الآخر يعتبر شيئاً من الدبلوماسية مع القوة تؤدي إلى هذه النتيجة ، ولذلك نحن لا نعتبر أمام فرق بين رئيس الحكومة الجديد ونتنياهو من حيث الاتجاه الإسرائيلي الذي يسلب حق الفلسطينيين ويعمل على الاستيطان ولا يستجيب لحقوق الشعب الفلسطيني، وبالأصل قناعتنا بأنه لا يوجد زعيم إسرائيلي ولا حزب إسرائيلي يمكن أن يعطي الفلسطيني حققه، إن حقوقهم محصورة بمقاومتهم وما يمكن أن ينتج عنها من تحرير للأرض بمساندة محور المقاومة، هذا هو الذي نؤمن به، نعم سقوط نتنياهو أمر جيد من باب كسر أحد الطواغيت، لكن هذا لا يعني أن الذي آتى سيكون أفضل منه ، يجب أن نتعامل مع الموضوع الإسرائيلي بأننا أمام احتلال لا يفهم إلا بلغة المقاومة والقوة و توازن الردع ، وهذا ما يجب أن يستمر.

وتابع الشيخ نعيم قاسم، قلنا مَراراً وتكراراً، أننا نتعامل مع الوجود الإسرائيلي بأنه تهديد دائم وليس تهديداً مرحلياً ولذالك استعدادات المقاومة هي استعدادات تتوقع في أيّ لحظة أن يكون هناك قرار إسرائيلي عدواني على لبنان حتى ولو استبعدنا هذا القرار سياسياً واعتبرنا أن المرحلة ليست مرحلة العدوان على لبنان لكن من حيث الجهوزية حزب الله جاهزٌ دائماً لكل الاحتمالات ونقول لإسرائيل أيضاً نحن نستعد للحرب القادمة بل أكثر من ذالك نحن مستعدون لها وانتهينا من الاستعداد يبقى إذا اعتدت إسرائيل سنرد بالرد الحاسم والقوي و إسرائيل تعلم ذالك.

 

إنجاز عظيم

وفيما يخص سورية اعتبر الشيخ نعيم قاسم أن بقاء حزب الله في سوريا مرتبط بالتهديد الإرهابي ومادامت سوريا بحاجة لمساعدة حزب الله على مواجهة هذا التهديد سنبقى في سورية بهذا المقدار، كلما ارتفع التهديد أكثر كلما خففنا من حضورنا في سوريا وكلما ازداد التهديد ازداد حضورنا في سوريا، المعادلة لها علاقة بمشروع حماية سورية كركن من محور المقاومة.

مبيناً أن نجاح الانتخابات الرئاسية في سورية وخاصةً إعادة انتخاب الرئيس بشار الأسد هو إنجاز عظيم وكبير لسوريا و لمحور المقاومة، لأن كل الرهان كان معقوداً في الغرب على أن لا يعود الرئيس بشار رئيساً لسوريا وجرت المحاولة لمنع النازحين من العودة إلى سورية في لبنان وتركيا والأردن ومناطق أخرى، كان الهدف منه أن تجري انتخابات رئاسية بإشراف دولي وبضغوطات على النازحين كي لا يختاروا الرئيس بشار الأسد ليحصل التغير في الرئاسة ثم بعد ذالك يمسكون بالنظام السوري من خلال الرئيس الجديد الذي يكون موالين لهم، ففوجئوا جميعاً بأن انتشار النازحين لم يغير المعادلة بل في كثير من البلدان التي أتاحت الانتخابات الرئاسية في سورية كانت أصواتهم لمصلحة الرئيس بشار الأسد، وأما في سورية استعراض الحضور الشعبي كان بارزاً و واضحاً من هنا نجحت سوريا سياسياً وانتخابياً في أن تعزز نجاحاتها العسكرية في تحرير أغلب الأرض السورية، معتبراً أن المرحلة الآن هي مرحلة حكومة جديدة في سورية تحاول أن تعالج الوضع الاقتصادي والاجتماعي لأن سوريا محاصرة بالعقوبات الأمريكية والدولية وهذا أثر كثيراً على الواقع المعيشي للناس فهذا في صلب الاهتمامات الأساسية، أما في العلاقة مع لبنان فنحن من دعاة إعادة العلاقات اللبنانية السورية منذُ بداية المشكلة من 2011 وليس الآن فقط، الآن صار الأمر مُلح أكثر لتعود العلاقات العملية، يعني بين الوزارات وبين الحكومتين وبين الدولتين في كل المجالات لأن سوريا تحتاج للبنان ولبنان يحتاج لسوريا، سورية هي معبر لكل البضائع التي تذهب من لبنان، وبالتالي هذا أمر مهم جداً حتى يوجد بعض البضائع الموجودة في سوريا يحتاجها لبنان يعني هناك خدمة كبيرة للبنان والانفتاح على سوريا فضلاً على أن سورية تستفيد وطبيعي لا يمكن لأي بلدين أن يتعاونا إلا إذا كانت استفادة للطرفين، نحن بحاجة بإعادة العلاقة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية مع سورية كما هي بحاجة إلى ذالك.

 

مفصل تاريخي

واعتبر الشيخ نعيم قاسم أن معركة سيف القدس هي مفصل تاريخي مهم في حياة القضية الفلسطينية وقضية القدس لأنها رسمت مجموعة من الخطوط التي لم تكن مرسومة سابقاً بهذا الوضوح وبهذا الشكل، أولاً ربطت كل الساحة الفلسطينية بمنظومة واحدة اسمها المقاومة المتكاتفة والمتكافلة في كل أماكن الصراع داخل فلسطين من القدس إلى أراضي الثماني والأربعين إلى الضفة الغربية إلى غزة إلى الشتات ، وهذا أمر لم يكن بارزاً بهذه الصورة في السابق ، الأمر الثاني رسمت قاعدة مع إسرائيل بأنها لا تستطيع أن تستفرد قسم من الشعب الفلسطيني أو بعض المناطق الفلسطينية وتكون المناطق الأخرى بعيدة عن الاهتمام بل العنوان الأساس الذي برز هو القدس غزة يعني هذا الترابط الكبير في الدفاع عن القدس من غزة كي لا تكون غزة وحدها ولا تكون القدس وحدها و إنما كل فلسطين كتلة واحدة وهذا شكل ردع حقيقي عند الإسرائيلي ستنتج عنه أثار مستقبلية سنراها بشكل واضح من أثارها مثلاً أن مسيرة الأعلام تأجلت ثم تغير مسارها خشية من إسرائيل أن تقصف المقاومة من غزة نصرة للقدس ضد مسيرة الأعلام التي تستفز الفلسطينيين، هذا يعتبر إنجاز أصبح الإسرائيلي لا يتمكن من القيام بما يريد من دون أن يأخذ بعين الاعتبار رد الفعل الفلسطيني والتوجه الفلسطيني، الأمر الثالث هذه أول معركة تحصل مع إسرائيل بمبادرة من المقاومة هي معركة دفاعية لكن مبادرتها من المقاومة وليس رد فعل على عدوان إسرائيلي وهذه نقطة مهمة جداً، رابعاً اضطرت إسرائيل أن تغير برنامجها بما يتعلق بالمناورات بسبب هذه العملية وأخرت مناوراتها لسنة تقريباً بسبب سيف القدس، إذاً نحن أمام منعطف حقيقي أبرز بأن العالم كله بأحراره ومناصريه للقضية الفلسطينية لازال ملتفاً وقوياً حول القضية الفلسطينية التي عادت لها حيويتها الاستثنائية وبالتالي اليوم يمكن أن نقول كنتيجة مباشرة انتهت صفقة القرن وسقط مشروع التطبيع العربي وعدنا إلى ملف المقاومة كخيار مؤثر وحاضر في الساحة.

وبين الشيخ نعيم قاسم أن معادلة القدس مقابل حرب إقليمية تحتاج إلى مقدمات توصل إليها، وبالتالي أصبح الجميع يعلم بأن العدوان المفتوح على القدس أو العنوان الذي يستهدف مصادرة القدس هو باب لفتح معركة كبيرة جداً في المنطقة وعلى إسرائيل أن تأخذ الدروس والعبر وأمريكا أيضاً عليها أن تحسب حساباتها لأن المسألة لم تعد محصورة في إطار الاعتراض النظري والسياسي وإنما قد يترجم بأشياء عملية بحسب طبيعة العدوان وظروف العدوان هذا برسم أمريكا وإسرائيل.

وشدد الشيخ نعيم قاسم: بالتأكيد المقاومة الفلسطينية الآن انتصرت في سيف القدس، والمقاومة في لبنان انتصرت من خلال حزب الله في التحرير وفي انتصار سنة 2006 وفي مواجهة التكفيريين، كذلك سورية انتصرت بما أنجزته بمنع سقوط سورية بيد التكفيريين وبيد إسرائيل، وانتصرت إيران أيضاً لأنها استطاعت أن تدعم محور المقاومة وأن تقويه على واقعه، وانتصرت في العراق من خلال الدعم الكبير الذي حصل للحشد الشعبي، وانتصرت أيضاً في اليمن بدعم اليمن من أجل الصمود أمام العدوان السعودي الأمريكي، هذه الانتصارات المختلفة للمقاومة لم تكن لتحصل بهذا الشكل لولا التعاون بين أطراف هذا المحور والدعم اللوجستي والتعبوي والتدريبي والعسكري والمالي، وبالتالي المقاومة الفلسطينية اليوم تستطيع أن تفخر أمام العالم أنها ليست وحدها، قوتها أن تكون مقاومة مدعومة من محور المقاومة وإعادة كل مقاومات العالم تحتاج إلى ما يدعمها وإلى من يناصرها من أجل أن تسد ثغرة القلة والعدة وثغرة الإمكانيات المالية وثغرات أخرى، إذاً ليس السؤال هل تستطيع المقاومة الفلسطينية أن تصمد وحدها بل السؤال هل يمكن بعد اليوم أن يعتدي أحد على المقاومة الفلسطينية وفي ذهنه أنها متروكة وحدها لا المقاومة الفلسطينية ليست وحدها لا هي تريد أن تكون وحدها ولا محور المقاومة يتخلى على أن يقف معها و إلى جانبها كرأس حربة في مواجهة إسرائيل.

 

المصدر: وكالة تسنيم