قال الكاتب والمحلل السياسي، حسان الزين، انه نرى وبوضوح فكر الإمام الخميني (ره) وظل الثورة الإسلامية في جميع الانتصارات الفلسطينية والتي كان آخرها منذ عدة أيام، فإيران كانت ومازالت الحاضنة الأساسية للقضية الفلسطينية.

يصادف يوم السبت( 6 يونيو/حزيران) ذكرى رحيل الإمام الخميني (ره)، أكبر قائد وأهم ظاهرة في القرن العشرين؛ القائد الذي أعاد الحياة إلى الإسلام؛ الإسلام المناهض للاستبداد والاستعمار والداعي للإصلاح من خلال الرجوع إلى الدين الأصيل.

فقد كانت المخاطر التي تتهدد الثورة الإسلامية الفتية كثيرة ومعقدة بيد أن الإمام الخميني (طاب ثراه) تمكن من إخمادها وإجهاضها وحوّل الكم الهائل منها إلى فرص استثمرها أبناء الشعب الإيراني المجاهد لتقويض ركائز الاستكبار الأميركي وإنزال الهزائم المذلة به وبصنيعته "إسرائيل" الغاصبة.

فبعدما كانت إيران قاعدة امبريالية ضد شعوب المنطقة تحولت بفضل قيادة الإمام الراحل إلى قاعدة لمقارعة المستكبرين والى حليف استراتيجي لدعم قوى محور المقاومة بوجه المشروع الأميركي ـ الصهيوني في منطقة غرب آسيا.

وبفضل القيادة الربانية للإمام الخميني انطلقت الصحوة الإسلامية المباركة في أرجاء الأرض والتي عملت على لجم العربدة الأميركية ـ الأوروبية ـ الإسرائيلية في الشرق الأوسط وأنحاء العالم .. الصحوة التي عززت أيضا مواقع المجاهدين والمقاومين في لبنان وفلسطين وسوريا واليمن والعراق ، وجعلت منها أرقاما صعبة ومؤثرة جدا في المعادلات الدولية.

فلم تشغل قضية ذلك الحيّز في وجدان الإمام الخميني قدس سره واهتماماته كالذي شغلته قضية القدس وفلسطين، وقلما يجد الباحث في كلمات الامام الخميني قدس سره السياسية والتعبوية قضية حاضرة وفاعلة كقضية القدس وفلسطين ففي البداية كان الهدف الأساس الذي استوطن عقل الامام قدس سره ورافقه في درب الجهاد هو تحرير القدس وفلسطين.

وفي هذا الشأن أجرت وكالة مهر للأنباء، حوارا صحفيا مع الكاتب والمحلل السياسي "حسان الزين"، واتى نص الحوار على الشكل التالي:

 

*كيف كانت رمزية القدس في فكر الإمام الخميني (ره)، وكيف قام بتحويلها إلى قضية عالمية ؟

إن شخصية الإمام الخميني (ره) تنبع من أصالة مهمة عبر التاريخ أصالة دينية وثقافية واجتماعية ترتبط بالأنبياء والأئمة الأطهار، لا بُدّ لها أن تُتَرجَم، وان تعرض الأمور الإنسانية ليس على مستوى الجغرافيا ولا على مستوى التاريخ ولا المذهب ولا القومية ولا حتى على مستوى إطار الدولة المتعارف عليها في حاضرنا.

الإمام الخميني كان يعتبر أن كل وجودنا هو من عاشوراء وكل ما لدينا الآن هو من عاشوراء، وبالتالي أي موقف لديه يجب أن ينظر إلى هذا الفكر الحسيني المهم الذي يعطي لكل قائد على مستوى التاريخ قوة دفع وقوة انتفاضة ورؤية مهمة جدا للأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية وغيرها.

إذا الثقافة الدينية التي يتمتع بها الإمام الخميني (ره) كمفكر إسلامي مهمة جدا، واهم مفكر إسلامي على المستوى التاريخ المعاصر وفي القرون المتأخرة بعد أئمة أهل البيت سلام الله عليهم كان انطلاقا لمشروعه "يوم القدس العالمي" الذي أتى مباشرة بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية.

القدس هي ملتقى ديني حضاري، القدس هي مرسى الأنبياء جميعا، القدس تُمثّل الوعي الإسلامي الذي بُني على أساس ومبدأ نصرة المظلومين والمستضعفين

إن إعلان هذا الموقف يعتبر نسخة مهمة جدا من أن إنسانية المشروع المهدوي والفكر الحسيني الذي يتميز به هذا القائد والذي يتبعه خطوة بخطوة احد أهم مصادقة ظهرت في يوم القدس العالمي. القدس تعني ما تعنيه من رمزية مهمة للأديان الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية) إذا القدس هي ملتقى ديني وملتقى حضاري وملتقى الأنبياء، فهي مرسى الأنبياء جميعا. القدس تُمثّل في الوعي الإسلامي عملية انتشار للمنظومة الإسلامية التي بُنيت على أساس ومبدأ نصرة المظلومين والمستضعفين.

بالطبع أن الإمام الخميني (ره) أعلن يوم القدس يوما عالميا من هذا الباب على انه احد مصاديق واحد امتحانات العقل البشري والضمير الإنساني والاممي. إن كنتم تريدون أن تبقوا أحرارا فانظروا إلى ما يمكن أن تقدمونه للقدس.

بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران كان يتوجب على الإمام وعلى القادة الروحانيين أن يوجهوا هذه الرسالة المهمة إلى العالم الإسلامي، تحرير الشعوب من نيران الأمريكي والغربي.

إن إخراج الأمريكي من المنطقة بشكل عام وإنهاء فترة الاستعمار الأمريكي على يد الشعب الإيراني، هي واحد أوجه أهم المصاديق الموجودة في منطقتنا هي ضرورة طرد الصهاينة الذين احتلوا الأراضي الفلسطينية.

 

*كيف تقيم جهود الإمام الخميني ( قدس سره ) المبذولة في نصرة القضية الفلسطينية وإحياء حركات المقاومة وتعزيز فكرة تحرير فلسطين والتأكيد على ضرورة إزالة الكيان الصهيوني ؟

الإمام الخميني (ره) منذ اللحظات الأولى للثورة الإسلامية وتحرير إيران من السيطرة الأمريكية مباشرة أقدم على تهشيم وتحطيم العلم الصهيوني واستبداله بالعلم الفلسطيني، وكانت هذه هي أهم خطوة عملية على المستوى الدولي لانها كانت اول دولة في العالم تعلن ذلك.

فهذا يعتبر احتضان على مستوى الشعار وعلى مستوى اخر، حيث كان هذا العمل بمثابة احتضان للمنظمات الفلسطينية المتعددة، فكانت الزيارات منذ البدايات الأولى (منذ انتصار الثورة الإسلامية) بحيث اصدر الإمام الخميني فتوى بالنسبة إلى الخُمس لسهم الإمام وأمر بإعطاء الثلث للقضية الفلسطينية.

وبالتالي هو امر مهم من المعاملات على المستوى المالي وعلى المستوى التنظيمي وعلى المستوى الرعاية السياسية والدينية، وهذا حينما أفتوا سائر المراجع بمحاربة الصهيونية وتحرير فلسطين ودعم منظمات التحرير الفلسطينية، ولكن يختلف بالنقطة الأساسية عن الإمام الخميني (ره) بأنه يمتلك منظومة على مستوى الدولة ومشروع نظام موجود على مستوى جغرافيا كبيرة جدا تمتلك مقومات وقدرات جبارة، استطاع الإمام الخميني (ره) بتحويل هذه المقدرات في خدمة الشعب الفلسطيني.

إيران كانت ومازالت الحاضنة الاساسية للقضية الفلسطينية.

إن تحرير فلسطين هو أمل كل إنسان قائد وأمل كل إنسان حر وثوري، ويقول الدكتور شمران "أملي أن أحرر القدس "، وهذا يعد من مفاهيم الثقة بالله.

وتابعت الجمهورية الاسلامية بقياداتها نفس الطريق والمسيرة حيث نرى وبوضوح ظل الثورة الاسلامية في جميع المعارك التي تمت والتي كان آخرها منذ عدة أيام. فإيران كانت ومازالت الحاضنة الاساسية للقضية الفلسطينية.

ولولا يوم القدس العالمي الذي كان راية عالية للمسلمين وللعالم الحر لما بقي للقضية الفلسطينية أي داعم أو محتضن لهذه القضية.

 

*قبل الثورة الإسلامية كانت بعض الدول العربية تقيم علاقات قوية مع نظام الشاه، ما نلاحظه الآن أن هذه الدول نفسها هي التي قامت بالتطبيع مع الكيان الصهيوني؛ كيف ترى ذلك ؟

المنظومة الأمريكية والإمبراطورية الأمريكية هي في الأساس إمبراطورية سيطرة ومصالح ولها أهداف كبرى باستضعاف الشعوب كالخلل الأساسي والمفاجأة الكبرى للأمريكيين ولغير الأمريكيين بان قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ فكلمة جمهورية تعبر عن نظام ديمقراطي وكلمة إسلامية تعبر عن امتداد تاريخي ووجه حضاري للحضارة الإسلامية.

فكانت المفاجأة انه لا شرقية ولا غربية؛ هذا الفكر الاستقلالي المهم الذي أوجده الإمام الخميني لا بد ان ينعكس على المنطقة وهذا نموذج مختلف جدا عن الأنظمة الأخرى. وبالتالي عندما كان الشاه سلطانا أمريكيا كانت هذه الدول تابعة لهذا السلطان ولا تخرج عن هذا الاطار.

وعندما اصبح لايران قائد يحمل فكرا استراتيجيا تحرّريا لا شرقية ولا غربية، بدأت كل المشاريع تسعى لإضعاف هذه الجمهورية، وهذه الحرب التي قادها صدام حسين بمعاونة دول الخليج والدول الغربية ساعدته بهذا المشروع الأمريكي، التي تسعى دائما الولايات المتحدة الأمريكية لإضعاف هذه الشعوب وبث فيها روح التفرقة. لذلك كان الإمام الخميني (ره) عندما يتحدث عن رمزية القدس فقد كان يقصد رمزية مهمة لتوحيد الشعوب والأمة الإسلامية.

 

الإمام كان يؤكد دائما ان يوم القدس ليس حكرا على شعب بعينة ولا على طائفة بعينها بل انما القدس هي ملك لكل عربي واسلامي وحر

الامام كان يؤكد دائما ان يوم القدس ليس حكرا على شعب بعينة ولا على طائفة بعينها بل انما القدس هي ملك لكل عربي واسلامي وحر. فبعض الدول اقامت علاقات مع العدو الصهيوني ظنا منها ان هذا الامر سينقذهم من الكثير من المشاكل ويوفر لهم الحماية اللازمة وسیوفر لهم منظومة اقتصادية مهمة جدا وخاصة بعد التدهور الاقتصادي العالمي.

إن انتصار الشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية على العدو الصهيوني في معركة سيف القدس أودت بعمليات التطبيع إلى الفشل ودمرت كل استراتيجيات العدوة الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية.

وتذكيرا لان الشهيد قاسم سليماني كان احد اهم من وقف في وجه هذه الاستراتيجيات الأمريكية والمخططات الاستعمارية الغربية وبالتالي هو الرجل الميداني والجنرال العسكري لمعارك التحرير وطرد المحتلين والغزاة، وهذا مصداق مهم على ما قلناه أن الإمام الخميني (ره) كان يعلّم قادة الحرس وفصائل المقاومة فكان يرشدهم ويوجّههم ويوضح لهم على ان القدس هي وجهتنا وقبلتنا وصلاتنا وحياتنا ودعاؤنا، وهذا يعتبر أهم ما يمكن أن يتحدث عنه الإنسان حول قادة وشهداء ورجال عظام يعتبرون ان قضية القدس هي قضيتهم الأولى والأساسية.

لذلك القدس تعتبر للجميع بحد ذاتها هدف وطريق حق. اذا الفكر الذي كان يتمتع به الإمام الخميني (ره) هو فكر التحرر من العبودية الشيطانية والنفسية والعدوانية إلى العبودية الربانية. واحد أهم المصاديق هي مساعدة الشعب الفلسطيني، والقدس هيه احد المصاديق التحررية من هذه الشيطانية التي تتمثل بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية.

 

*هناك بعض الدول العربية والغربية تسعى إلى مجاملة الكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية وتسعى إلى إعطائه ارضا لا حق لهذا الكيان فيها، ما هي رسالتكم إلى هذه الدول ؟

أن قضية طرح الدولتين كان منذ عام "48 – 47" حينما لم يقبل العرب آنذاك بهذا الطرح، وطرحته الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تسعى بشكل أو بآخر إلى حفظ امن الكيان العبري.

الكيان الصهيوني منذ حروب عام 48 و67 كان يسعى في استراتيجية أن تكون هناك وصاية معينة من بعض الدول لاستكمال مشروعة الاحتلالي والتقرب شيئا فشيئا من هدفه الأكبر وهو تهويد القدس بشكل كامل، هذا كان المخطط وهذا ما عبر عنه "بن غوريوم" في صحيفة "معاريف".

 

الكيان الصهيوني يحاول إلى تزييف نصر الفصائل الفلسطينية وتفريغه من محتواه

باعتقادي أن حل الدولتين انتهى وتلاشى، الآن الكيان الصهيوني يحاول تزييف نصر الفصائل الفلسطينية وتفريغ النصر الأخير من محتواه، فهذه المحاولات ستسعى إليها الكثير من الدول عبر ما يمكن أن نسميه الاستغلال الإنساني.

وإنني أرى القدس ستتحرر قريبا ولعل الأيام والأشهر القادمة ستكون حاسمة لان ما طرحه السيد حسن نصر الله في خطابة الأخير وما طرحه السيد عبد الملك بأنهم يريدون بنك أهداف ليكون لديهم المشاركة الفعالة، ونضيف إلى ذلك ما طرحته الفصائل الفلسطينية، وما قام به عرب 48، فان كل ذلك سيؤدي إلى تحرير القدس وإلغاء حل الدولتين فان أوسلو قد انتهت بالفعل وتداعيت صفقة القرن.

إن انتصار بشار الأسد في الانتخابات السورية سيؤدي إلى طرح قضية الجولان المحتل وتحريرها وهذا ما سنشهده في الأيام والأشهر القادمة. فما تقوم به الدول الداعمة للكيان الصهيوني من حراك دبلوماسي هو فقط للحفاظ على امن الكيان ومنع هذا الكيان من الزوال والانهيار.