سؤال: هل أن انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس الشورى الإسلامي ـ باعتبار إجرائها وفق تصويت الشعب المباشر ـ أكثر أهمية واعتباراً؟

جوابه: للإجابة عن هذا التساؤل ينبغي التطرق لمناط الأهمية والاعتبار، الذي تتميز به المؤسسات والأشخاص في ظل النظام السياسي في الإسلام.

إن معيار الاعتبار والشرعية في النظام السياسي في الإسلام هو الانتساب إلى الله سبحانه؛ وهذا الانتساب إنما يتحقق في عصر الغيبة بتأييد وإمضاء الولي الفقيه؛ من هنا فإن تساوى ميزان من يتم انتخابهم في الانتساب إلى الله تساوَوا في الاعتبار والشأن.

إذا كان المراد من السؤال أفضلية الانتخاب المباشر لانتخاب الأصلح، وإحراز المزيد من الاطمئنان في سلامة تشخيصه؛ فلا صحة لهذا التصور؛ لأن الانتخاب غير المباشر أكثر أماناً، فيما يتعلق بانتخاب القائد على أقل تقدير، حيث تصوّت الأمة لصالحه وتنتخبه عن طريق طائفة من الفقهاء ـ الخبراء ـ المتميزين بفقاهتهم ومعرفتهم بالصالحين من الناس، وهذا الانتخاب يفوق الانتخاب المباشر دقّة واطمئناناً.

 

المنهج العقلائي في معرفة ذي الاختصاص

حينما يقدم الناس على اتخاذ قرار بشأن أمر مهم على صعيد حياتهم اليومية أو المبادرة لانتخاب ما؛ فإنهم ـ وللمزيد من الاطمئنان حول صلاحية مَنْ يقع عليه الاختيار ـ يتخذون وسطاء يستشيرونهم بشأن هذا الانتخاب، لاسيما إذا ما أرادوا انتخاب المتخصص الأفضل.

وفي نظام الجمهورية الإسلامية حيث الهدف فيه إدارة المجتمع في ضوء القوانين الإسلامية؛ فإن إسلامية النظام إنما يتم ضمانها من خلال الولي الفقيه وحسب، والطريق المعقول الموثوق به لانتخاب أفضل فقيه يتحلى بمواصفات القيادة هو الانتخاب عبر الفقهاء العارفين بالفقهاء.

مما لا شك فيه أن اختيار أفضل القضاة إنما يتيسّر من قبل القضاة؛ وكذا بالنسبة لأساتذة الجامعة؛ إذ بمقدورهم تشخيص أفضل الأساتذة، كما أننا لا نستفسر من عامة الناس لاختيار أفضل متخصص في جراحة القلب، بل أننا نعتبر السؤال من المتخصصين أفضل سبل الانتخاب؛ فتشخيص المتخصصين أكثر واقعية وهو الأجدر بالثقة. بناءً على هذا ـ وللمزيد من الاطمئنان لإحراز صلاحية القائد ـ فإن انتخابه من قبل الخبراء يتميز باعتبار مضاعف؛ بالإضافة إلى أن الفقهاء الأعضاء في مجلس الخبراء قليلا ما يتأثرون بالدعايات والإشاعات، وبالتالي فإنهم يكشفون عن الولي الفقيه في ظل جوٍّ من الهدوء، ومن ثم يعلنون عنه أمام الملأ.