{الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله}.

 

السلام عليك أيها الشهيد الغريب أبو محمد الجزائري..

 

لقد قدم الشهيد نفسه فداء للإسلام لترفرف راية لا إله إلا الله على ربى البلاد الإسلامية جمعاء. فقد طوى مسافات زمنية ومكانية طويلة إلى أن وصل إلى التكامل الذي يعني الشهادة..

 

لقد هاجر أبو محمد من بلاده قاصداً الجهاد في سبيل الله. فعاش في قلب عاصمة الكفر سنوات لم يتزلزل أنملة، وبقي على التزامه، وبتوفيق من الله أبصر نور أهل البيت (ع) وهو يسكن قعر الظلمات، وهذا دليل واضح على العناية الربانية التي شملته في تلك الفترة لتدفعه إلى الأمام لإكمال المسيرة التي بدأ فيها.

 

وبعد أن تمسك قلبه بمصباح الهي حمله شعاراً وصار يطوف به في شوارع باريس بفرنسا المظلمة مع جمع من المؤمنين هناك إلى أن جاءته شياطين الظلمة وزجّته في السجن مرتين بتهمة أنه كان يكشف بالنور الذي يحمله عبارة الموت للشيطان الأكبر وربائبه.

 

ويشتد الكفر غيظاً منه فيقرر أن يطفأ هذه الشمعة ويخرجه من حدود الظلمة الاوربية، فأخرج الشهيد إلى بلد عربي ظن انه الحرية إلا أن العروج به قد سجنت في قفص غيره.

 

ومرة أخرى يجبر الشهيد على الخروج ويهاجر، لكن إلى أين؟

 

قصد هذه المرة موطنه الأصل ومسكنه الأبدي الذي كان يحن إليه منذ صباه.

 

منذ أن عرف قبلة الصلاة وأجهر بالبسملة وبدل السجادة بالتربة الحسينية، منذ أن عشق قلبه جدته الزهراء (ع) وعرف أن الجهاد هو هدف مقدس يحتاج إلى مسيرة تكاملية يضيئها أربعة عشر نوراً من نور الله.

 

{ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور}.

 

وتتحرك هذه الشمعة التي كانت تتقطر بدموع الشوق إلى الشهادة ولقاء النور مع جمع من شموع طالما أنارت جبهات الحق ضد الباطل.

 

وهناك انطفأت الشمعة حين أضائت وأضاءت حين انطفأت وشمخت روح أبو محمد الجزائري إلى باريها على ربى شاخ شميران

 

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.