{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون}.

 

ولد الشهيد كمال بفرنسا من أب تونسي وأم فرنسية، وكان فراقه عن أبيه وفراق أمه عنه، بالاضافة إلى ما يتمتع به من روح صافية تبحث عن الحق، العاملان الأساسيان في اعتناقه للإسلام دين أبيه ورفضه للمسيحية ديانة أمه.

 

وقد ثبت على إسلامه تمام الثبات في بلاده الكافرة ذات الأعراف المتغايرة تمام التغاير مع روح الإسلام من الجهة الاجتماعية والأخلاقية.

 

فقد حاربه أقربائه لأمه وأخذوا يسخرون منه ويتهمونه بالجنون، وحتى التلاميذ في المدرسة كانوا يسعون لإيقاعه بالمفسدة إلا أن الروح الصافية التي تتحلى بالأخلاق الحسنة أبت ذلك… ومع صغر سنه في تلك الفترة لم يتوه بل كان يشعر بنقص كبير في معتقده، وظل على تلك الحالة إلى أن شع نور الإسلام من إيران ليصل إلى بقاع العالم المظلم، ووصل ذلك النور إلى القلب المؤمن ليزيده نوراً على نور ليكون مصداقاً للآية الشريفة {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور}.

 

فعندئذ هشت نفسه وبشت لوجدانها إلى الضالة المفقودة ألا وهو الفكر والمعتقد الشيعي الرافض لكل ألوان الظلم بداية من المعتقد، فالله واحد لا ثالث ثلاثة، والنبي محمد (ص) نبي الإنسانية، وبعد النبي أوصياء معصومون إلى يومنا هذا، ونهاية بالرفض لكل ألوان الظلم الاجتماعي.

 

ولقد بذل كل ما يملك من طاقة معاوناً إخوانه الإيرانيين في باريس على صعيد السفارة والمركز الثقافي الايراني، وقد كانت تلك الفترة التي عاش في فرنسا بعد تشيّعه فترة اعداد الهي وتثبيت لمعتقده وتهيئة لرحلة للعروج إلى سماء الكمال والتكامل الإلهي والتي بدأت بالهجرة إلى إيران الإسلام، وبدأت مرحلة جهاد النفس من خلال الدروس التي كان يتلقاها في الحوزة العلمية وقراءته للقرآن والأدعية التي لم يكن ينقطع عنها وزيارته للمقامات الشريفة، ومن ذكائه الفريد تعلمه لعدة لغات في وقت واحد واتقانه لها كالعربية والفارسية والإنكليزية. وبعد تهذيب النفس بدأ يفكر بتطهيرها من خلال تقديمها قرباناً عن الإسلام للباري عز وجل؛ فقصد الجبهات ونال شرف قتال أعداء الإسلام لمرات عديدة. كان آخرها السفر المقدس إلى موطن عرسه الأقدس ليقاتل أعداء الله المتمثلين بالمنافقين الذين دخلوا أرض الإسلام مدعومين من الشيطان الأكبر وربيبه صدام الكافر.

 

وقبل شهادة كمال في عمليات المرصاد المظفرة لاحظ الكثير من الإخوة من أصدقائه في المدرسة وفي الجبهة كذلك النور في البهاء الإلهي الذي أضافه على وجهه وسريرته فعلته، نفحة إلهية وجاء رباني، كأن تلك النفحة كانت بمثابة الخاطبة له في محفل العرس الملكوتي.

 

وهناك وعلى رمضاء كربلاء إسلام آباد، شرب الشهيد كمال كأس الشهادة الذي انتظره لساعات طويلة ظمآناً، ينتظر اللقاء الموعود وهو يردد لبيك يا حسين.. لبيك يا خميني..

 

ينتقل أحد الأصدقاء أنه رأى في عالم الرؤية الشهيد كمال وهو داخل من باب المدرسة حياً، فتعجب الأخ قائلاً له: كمال.. أنت حي. قال: نعم، لا تعجب إنني من أصحاب الحجة بن الحسن (ع).

 

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.