ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي ترجمة الحوار الذي أُجري مع الإمام الخامنئي في 30/4/1984 مع حلول الذكرى الخامسة لاستشهاد الأستاذ الشيخ مرتضى مطهّري وتمّ فيه تناول أبعاد الشخصيّة الشاملة لسماحته والتي جمعت الحوزة والفقه والفلسفة والجامعة والخطابة والكتابة والتأليف معاً، ودوره في إحياء الفكر الإسلامي والجمع بين الجامعيين والحوزويّين والإجابة على شبهات طلاب الجامعات وأسئلتهم، وغيرها من الأمور الأخرى.

 

حداد عادل: بسم الله الرحمن الرحيم

 

سماحة السيد الخامنئي، نمر اليوم في ذكرى استشهاد الأستاذ العظيم سماحة الشيخ مطهّري. لقد مرّ أكثر من خمس سنوات على الثورة الإسلامية وخمسٌ بالضبط على استشهاد هذا الشيخ العظيم. في هذه السنوات الخمس، شهدت جمهوريتنا الإسلامية تطوّرات مختلفة. حدث عدد من التجارب الجديدة واختُبرت أفكار كثيرة في الميدان العمليّ ومرّ عدد من الأشخاص والأحزاب بمد وجزر، وربما وفرت هذه السنوات الخمس للقائمين على النظام ما يصل إلى خمسين عاماً من الخبرة العملية والثقافية والفكرية. في هذه الذكرى الخامسة لاستشهاد الأستاذ مطهري، اقترُح إجراء هذا الحوار مع سماحتكم خاصة في ضوء تجربتكم التي استمرت خمس سنوات في منصب رئاسة الجمهورية وغيرها من المناصب، ومع ما لديكم من إلمام بالقضايا أثناءها، وهو ما يمنح نظرة متجددة عن حياة الأستاذ مطهري وشخصيته. هلّا تتفضلون بالسماح لنا بطرح بعض الأسئلة والإفادة من بيانكم.

 

الإمام الخامنئي: بسم ‌الله‌ الرّحمن ‌الرّحيم،

 

بالنسبة إليّ هذا الحوار محبّذ ومحبب من ناحيتين: أولاً لأن استحضار الذكرى لهذا الشهيد العظيم يشعرني بالسعادة، إذ إن ذكراه تشغل حيزاً كبيراً في ذهني، وثانياً كما أشرت في سؤالك، وهو صحيح تماماً، أنه في ضوء تجارب السنوات الماضية، يمكننا أن نرى شخصية هذا المعلم العظيم بوضوح أكثر من أي وقت مضى، وهذه فرصة لإعادة النظر والتأمل في هذه الشخصية الإسلامية القيمة، خاصة أنك من يُدير هذا الحوار، فأنت من الذين عرفوا الشهيد مطهري بالمعنى الحقيقي للكلمة. لا بأس أن أذكّر بهذا. لا أعرف هل أخبرتك من قبل أنني سمعت اسمك للمرة الأولى من الشهيد مطهري بمناسبة [نشر] المقالة التي كتبتها في مدونة العلامة الأميني – كانت جيدة جداً - كما أنك بين أولئك الذين لم يكتفوا بارتداء السواد عند استشهاد الأستاذ، بل كنت في حداد حقيقيّ ككثير من أحبائه ومعارفه. أساساً أنت تعرف كثيراً عن هذا الرجل العظيم لأنك كنت قريباً منه. من الجيد جداً إجراء هذا الحوار لعله يكون مقدمة لإعادة دراسة شخصية هذا الأستاذ العزيز فيُصار إلى تدوين شخصية واقعية وصحيحة له بدقة وموضوعية بالاستفادة من الذكريات المتعلقة به والكتب.

 

سماحتكم، تعلمون أن الشيخ مطهري كان شخصيةً شاملة وذات أبعاد مختلفة. كان معروفاً في المقام الأول بصفته حوزويّاً - حوزويّاً مناضلاً - وفقيهاً وفيلسوفاً وأستاذاً جامعياً وكاتباً وخطيباً منبريّاً. اسمح لي أن أغتنم الفرصة كي أعرف رأيكم: أي بعد من الأبعاد السابقة لشخصيته هو الأكثر تأثيراً في مجتمعنا، وعندما يراودكم اسم الشيخ مطهري، أي جانب من جوانب شخصيته يراود ذهنكم أولاً؟

 

أتصور أنه يجب أن يُنظر إلى المرحوم آية الله مطهري - رضوان الله عليه – بصفته واحداً من الشخصيات التي كان لها الدور الأكبر في إحياء الفكر الإسلاميّ، وأحد المنادين بهذه الرؤية الإسلامية الجديدة، وبإعادة تقديم الإسلام في الثقافة المعاصرة إلى العالم. كما نعلم، منذ مئة وعشرين عاماً أو مئة وثلاثين أو مئة وأربعين إلى يومنا، ظهر مفكرون عملوا على إعادة تقديم الإسلام والتعاليم الإسلامية وسط الضجيج الإعلاميّ الكبير للثقافة الغربية – كانت تُعدّ ثقافة جديدة وعصرية - وبرزت في هذا الإطار شخصيات معروفة مثل السيد جمال الدين [الأفغاني]. تنظر أجيال اليوم إلى هؤلاء بصفتهم مصلحين اجتماعيين ومناضلين كباراً وشخصيات فكرية وسياسية وثورية للإسلام، فترى هذه الميزات كلها في السيد جمال. إبداعه لم يكن في نضاله السياسيّ بل في إعادة تقديم الإسلام بصفته ديناً حيّاً ووسيلةً للحياة ومذهباً له نظامه الاجتماعي. جهد السيد جمال وحركته كلها في آفاق الإسلام من الشرق إلى الغرب كانا بسبب رغبته في إحياء هذه النظرة المتجددة للإسلام في المجتمعات الإسلامية وإنهاء تلك الحالة – حالة الخمول الإسلامي - التي كانت مسيطرة لسنوات طويلة على أفكار المفكرين الإسلاميين. كانت لدينا شخصيات من المفكرين الإيرانيين وغيرهم – سواء أكانوا عرباً أم هنوداً أم أتراكاً – ممن اتبعوا هذا التيار. كذلك في وقتنا الحالي هنالك شخصيات مشهورة مثل بعض المؤلفين والشعراء والفلاسفة من هذا القبيل. عندما أنظر إلى هذه الشخصيات المعروفة في هذا الخط والطريق، أرى أن المرحوم الشهيد مطهري من أفضلهم والسبب هو الشمولية التي أشرت إليها. لقد كان هذا الرجل فقيهاً، فعندما كان يريد توضيح الإسلام والقضايا الإسلامية لم يكن يأتي بشيء من عنده، إذ كان على دراية بالإسلام وملمّاً بالفقه الإسلاميّ، وكما تعلم، الأخير يعني طريقة استنباط الأحكام من مصادر الإسلام الأساسية - الكتاب والسنة - والفقيه هو الذي يلمّ بطريقة الاستنباط. ما يُدرس في الفقه في الحوزات هو في الواقع التعريف بهذه الطريقة. المرحوم مطهري كان مجتهداً، فكان يلمّ بهذه الطريقة جيداً. لذلك، لم يكن ممن يقع في فخ المعتقدات الانتقائية الشرقية منها أو الغربية كالتي وقع فيها عدد من المفكرين المصلحين ومؤيدي تيار إحياء الإسلام. لقد كان فيلسوفاً وعلى دراية بالتعاليم العميقة والمنطق الاستدلالي للإسلام وخطيباً، فكان قادراً على التعبير عما يعرفه كله، وكان كاتباً جيداً جداً وقادراً أن يدون هذا كله. هذه الجوانب كلها التي تفضلت بها تبين أنه كان فعلاً شخصية بارزة ورفيعة، ويمكن عدّه من أبرز المفكرين وحاملي راية إحياء الفكر الإسلاميّ.

 

أي سماحتكم تعدون هذا كله مع بعضه بعضاً يخدم إحياء الفكر الإسلامي. إذاً كالشكل الهندسي المتعدد السطوح الذي في وجوهه كلها هو إحياء الفكر الإسلاميّ، أليس كذلك؟

 

يعني، تلك الشخصيّة التي يمكن النظر إليها بصفتها مصلحةً ومفكّرة ومجددّة ولا بدّ أن تشتمل على هذه الأبعاد طبعاً. حسناً، أنتم على دراية كاملة بالوجوه المجدّدة المعروفة في العالم الإسلاميّ وتعلمون أنّ هؤلاء غالباً ما أخطؤوا في مكان ما ولم يفهموا المعارف الإسلاميّة. وقع بعضهم في فخ الأفكار اليساريّة وبعضهم في الأفكار الغربيّة وبعضهم في فخ تفسير الإسلام بالرأي. حسناً، بعض المفكّرين الهنود – كما تعلمون – كان تفسيرهم على نحو دفع السيّد جمال الدين الأفغاني إلى مواجهته والوقوف في وجهه. هذه الأمور كلّها سببها قلة معرفة المعارف الإسلاميّة.

 

ذلك العظيم كان يمتلك تمام هذه المعرفة. خطؤهم كان سببه قلة المعرفة. نعم، وهو امتلكها بصورة كاملة، سواء في الجانب الفقهي أو المعارف الإسلاميّة.

 

نعم. أحياناً كنت أشبّه الشيخ مطهري بمستطلع جبهة الإسلام العقدية نظراً إلى بعض الخصوصيّات التي كان يمتلكها، إذ إنّ عمل المستطلع في الجبهة هو أن يرى المخاطر ويحددها قبل الآخرين، وأنا كنت أعتقد أنّه كان متخصصّاً في تحديد المخاطر، ومن جملة التصريحات التي...

 

تحذيراً!

 

نعم، نعم.

 

لقد حَذّر تحذيراً صريحاً ولكنّهم لم يلاحظوا.

 

نعم، وبجرأة كبيرة. من بين الأمور التي سمعتها منه شفاهياً ولم أرها مدوّنة في أي مكان هذا الأمر، إذ كان يقول إنّ المدة الفاصلة بين الثورة الدستوريّة[1] وشهريور 1320 (1941) هي أخطر حقبة على الإسلام في إيران منذ دخلها إلى اليوم. كان يعتقد أنّه لم يكن هناك أي حقبة أكثر خطراً على الإسلام في إيران من هذه الحقبة. أردت أن أعرف رأيكم في خصوص هذا الأمر، وإن كنتم تعتقدون ذلك، فبيّنوه لنا، يعني حلّلوا لماذا كان لدى الشهيد مطهري مثل هذا الاعتقاد؟

 

نعم. طبعاً، الشهيد مطهري كان يعرف التاريخ جيّداً، وحتماً اطّلع على الحقب التاريخيّة المختلفة للبلاد بعد الإسلام وكان يعرفها. لم يكن ممن يتكلّم دون مبالاة أو اطّلاع. أريد أن آخذ هذا بصفته قرينة على أنّه عندما كان يقول هذا الكلام، كان على سبيل المثال ملتفتاً إلى عصر المغول. حقبة المغول واحدة من الحقب الصعبة للغاية على العالم الإسلاميّ، وتعلمون أنّ ما خسره فيها ليس شيئاً يمكن أن يستعيده في قرن أو اثنين أو ثلاثة. أشكّ أنّه إلى اليوم، وفي ما يخص الحصول على المصادر الأصيلة للفكر الإسلامي التي خسرناها أثناء حملة المغول، هل وفقّنا للتعويض عنها على نحو ما أو لا؟ ربما لو لم تحدث هجمة المغول ولم نخسر هذه المكتبات وهؤلاء العلماء وهذه الكتب كلها، لكان لدينا شيء اليوم من شأنه التأثير في مصير العالم والحضارة الإسلاميّين. أرى أنّ سبب تعبير الشهيد مطهري - رضوان الله عليه - مع التفاته إلى حقبة المغول وما فيها من ضرر هو أنّ المهاجمين أثناءها كانوا أناساً لا يملكون أي هدف سوى توسيع الملك بصورته تلك نصف المتوحّشة، فكانوا يريدون أن يأتوا ويستولوا على الأراضي ولم يكن لديهم نيّة للقضاء على الثقافة في هذا البلد وتدميرها، والدليل على ذلك أنّهم آخر الأمر ألحقوا أنفسهم بها. أسلموا وتشيّع بعضهم ونحن نعلم الآثار الثقافيّة لأولجايتو وجوهرشاد وبقايا عائلة المغول وتيمور في إيران الآن، وكذلك السلطانيّة وقبة السلطانيّة وسائر الأماكن الأخرى. هم جاؤوا إلى هنا للسيطرة على الماء والتراب، ولذلك، كان هناك قتل وسفك للدماء وتدمير للثقافة وقضاء على المثقّفين. كذلك المهاجمون الغربيّون منذ انطلقت الثورة الدستوريّة في إيران، ولا بدّ أن يقال: منذ إخفاق الثورة الدستوريّة فيها - إنّ رأي الشهيد مطهري لم يكن انطلاق الثورة الدستوريّة قطعاً، بل منذ بدأت «الدستوريّة» تخفق، فمن تلك اللحظة علم أنّها كانت فخاً لهذه الأمّة لا نهضةً ثوريّة – حتى شهريور من سنة 1320 (1941)، حين كانت ذروة هيمنة الفكر الغربيّ وثقافته وحضارته التي أتت بإيعاز وبقصد هدم الحضارة وكانت تدمر وتهدم أثمن الأشياء وتنهبها. الفرق بين المغول وبين مهاجمي القرن العشرين هؤلاء هو نفسه بين قوم كانوا يدخلون مربكين وغافلين على سبيل المثال، وبين أناس دخلوا بوعي ويقظة قاصدين تدمير المراكز الرئيسيّة. طبعاً قلت إنّه قال إلى العشرين من شهريور؟ أتصوّر أن ما بعده يجب أن يُنظر إليه على أنّه واحد من الفصول المهمّة لهذه الحقبة. فمع أنّ عصر رضا خان في هذا البلد كان بمنزلة الجرّافة التي تقضي على ما هو جميل والمقدّرات كافة كذلك بكل تهور، ولكن من أجل قلع جذور الاعتقاد – كانت بعد عصر رضا خان لا تزال ممتدّة تحت الأرض – كان لا بدّ من خطوة ألطف ابتدأت بالتدريج بعد نيف وثلاثين سنة أو خمس وثلاثين أو ست وثلاثين من 1320، وهنا كانت تقتلع فعلاً بذور الاعتقاد والثقافة والمعرفة – كانت لا تزال باقية بعد القضاء على رضا خان – واحدة بعد أخرى من الأرض وتتخلّص منها وتقضي عليها. عليه، هذا القسم لا بدّ أن يُحسب من تلك الحقبة.

 

الآن أنا أتصوّر أن السبب وراء قول الشيخ مطهري: «إلى عشرين شهريور» لم يكن بسبب اختلاف تلك النيّة والقصد لدى الغرب والشرق والغربيين والشرقيين وحتّى السلطة الحاكمة في مواجهة الإسلام بعد العشرين من شهريور، بل لعلّه بحسبان أنّه بعد هذا اليوم وُجدت بين المسلمين ومفكّريهم موجة جديدة لمجابهة الانبهار بالغرب والشرق، التي لم يكن من الممكن أن توجد لولا التحوّلات السياسيّة بعده. مثلاً، لعل الشيخ مطهري لو نظر إلى مفكّرٍ ما لديه ما يقوله عام 1317 (1938) و1323 (1944)، فإنّه في 1323 كان أقدر على دفع هجوم منه في 1317 بسبب تلك الحوادث السياسيّة، أي لم يكن هذا الكلام بناءً على الجوانب الفكريّة والثقافيّة فحسب، وإنّما كان مبنيّاً على أساس إمكانيّة المجابهة أيضاً – كانت أقل قبل العشرين من شهريور وزادت بعده – ولعلّه كان ناظراً إلى...

 

ممكن... أي من المتيقّن أن نظره كان إلى قسم من الفوارق بين ما قبل 1320 وما بعده. لا شكّ أنّه كان عصر اختناق، ولعلّه لهذا شهد عصرُ رضا خان هدماً وتدميراً ولم يكن ممكناً الإقدام على تلك الخطوة لولا ذاك البطش والحزم في اتباع الضلال. فلو أريد تطبيق سياسات ما بعد 1320 قبل هذا التاريخ، لكانت ستحتاج إلى خمسين سنة لتترك أثر ما أنجزه رضا خان، فهو جاء وأدى البطش كله بالقضاء على ما يمكن تسميته المباني الثقافيّة والأخلاقيّة والاعتقاديّة كافة. دمّرها طبعاً. هذا الاختلاف قد يكون موجوداً. طبعاً، نذكر جميعنا أنّ شعلة المجابهة في عهد رضا خان لم تكن أقل اتقاداً منها بعده، أي لدينا في عهده نهضتا مسجد جوهرشاد العظيمة ومدرّس، ولدينا المرحوم الحاج السيّد حسين القمّي والحركات التي كانت في قم. لدينا هذه الأمور، أي كانت النهضات الإسلاميّة وغير الإسلاميّة في زمانه إلى حد ما. على أي حال، أريد الآن في ما يخص تسويغ رأي المرحوم الشهيد مطهري أن أتّكئ على أنّ حقبة الهجوم الثقافي الغربي – صاحَبها هجوم سياسي واقتصادي وطبعاً هناك هجوم ثقافيّ – كانت أخطر من حقبة المغول لكون المهاجمين أكثر ذكاءً ووعياً وتجهيزاً بالأسلحة اللازمة، وعليه: هذا التفكير صحيح. حسناً، الحمد لله أنّه وسط مساعي هذه الشخصيّة العزيزة والشخصيّات الأخرى من قبيلها ووسط التحرّك العظيم لهذه الثورة التي أُنجزت قُطع - بحمد الله - مسيرُ مئة عام من مجابهة هذا الهجوم في مدّة زمنيّة قصيرة.

 

الحمد لله. أودّ أن أقول أمراً في ما يخصّ تعبير الشيخ مطهري هذا. الشيخ مطهري كما أذكر لم يكن ناظراً إلى المجابهة السياسيّة بل إلى تلك الجوانب الثقافيّة، ولعل سبب اقتصاره على حقبة ما قبل العشرين من شهريور – أقل بقليل أو أكثر، لأنّه في التاريخ لا يمكن رسم مثل هذا الخط وعدّ يوم محدّد مبدأً تحوّل حقيقي، ولكن سبب اقتصاره على تلك الحقبة أن في ما بعدها قل الخطر، في رأيه – أنّه في تلك المدة الزمنيّة اعتقد مفكّرون إسلاميون كثيرون، بمشاهدتهم هذه التيارات الشرقيّة والغربيّة والسموم الثقافيّة التي كانت تدخل إلى هذا البدن بطرق مختلفة، أنّ عليهم أن يقولوا كلاماً جديداً... أن يُحيا وفق قولكم الفكرُ الإسلاميّ. انعكاس هذا التأثير قد أثمر بعد العشرين من شهريور. سبب صيرورته أقل فانخفاض الخطر بعده أنّ ذلك الخطر جاء في ابتداء الأمر ودفع المصلحين والمفكّرين إلى التفكير في حل ما.

 

غالباً ما يكون لهذه الهجمات فائدة هي أنّها تضع الإنسان موضع المعالج.

 

من الأسئلة التي يمكن طرحها في هذه الفرصة عن دور الشهيد مطهري في إفشال هذه المؤامرة الخطرة للفصل بين الحوزويين والشباب الجامعيين. جنابكم، تعلمون أنّ واحداً من الأسس التي عمل عليها رضا خان بالقمع والقلع هي الفصل بين هاتين الفئتين. هذه الفكرة نفسها التي أكّدها إمامنا العظيم الشأن من اليوم الأوّل ودائماً ما كان يفعل ذلك. إذا ما قرأ أحدهم تاريخ هذه السنوات الخمسين الأخيرة، فسيرى أنّ من فِخاخ رضا خان القويّة جعل هاتين الفئتين تسيئان الظن في بعضهما بعضاً وقد نجح في ذلك إلى حد كبير، للأسف. أنا – كنت طالباً جامعيّاً – منذ اليوم الأوّل الذي دخلت فيه إلى الجامعة بل حتّى قبل أن أدخل إليها، وكلّما أردت الهرب من تلك الأجواء التي كانت تبعدنا عن الإسلام واللجوء إليه والتوجّه إلى الحوزويين، كان أوّل من ألتجئ إليه هو الشهيد مطهري. مثلي كان آلاف الغرباء في تلك الديار يأتون إلى الشهيد مطهري، وكان معروفاً لدى الطلّاب الجامعيين أكثر من غيره. في الحقيقة، كان يشقّ الطريق ويحتضننا. ما رأي سماحتكم في دور الشهيد مطهري في إحباط هذه المؤامرة؟ ما الذي فعله في مواجهته هذه المؤامرة وكيف تقيّمون ما فعله؟

 

نعم، هذه إحدى النقاط البارزة في شخصيّة الشهيد مطهري، رضوان الله المتعالي عليه. في رأيي، استطاع المرحوم مطهري بأداتين وبوسيلتين أن يوجد تفاهماً وتقارباً بين طبقة الحوزويين والطّلاب الجامعيين الجدد: إحداهما جهده العملي والأخرى شخصيّته الغنيّة. في ما يتعلّق بجهده العملي - حسناً - هو درس في الجامعة واستأنس بالطلّاب الجامعيين وشارك في محافلهم ومحافل المهندسين والأطبّاء، فصار للطلّاب الجدد بمنزلة القطب والملجأ والمأوى، على النحو الذي بيّنتم فيه ما كنتم تشعرون به. نعم، حقّاً كان الأمر كذلك في تلك الأزمنة. الآلاف من الجامعيين والخرّيجين الذين درسوا القضايا الثقافيّة الجديدة وحصّلوها كانوا ينظرون إلى الشهيد مطهري بصفته ملجأً ومأوى وملاذاً لهم وشخصاً يفهم كلامهم ويستطيع معالجة آلامهم والإجابة عن أسئلتهم.

 

كتاباته ومحاضراته في الإذاعة في تلك السنوات الأولى، ثمّ محاضراته المتنوّعة في الجامعات المختلفة في أنحاء البلاد، كانت جميعها ضمن هذا المسار. ربما أستطيع أن أقول إنّه كان أكثر شخصيّة حوزويّة ناجحة في الأوساط الثقافيّة الجديدة، أي في الجامعات ومن يدورون في فلكها من الطلّاب والخرّيجين. كان أنجح شخصيّة، فهو من هذه الشخصيّات التي تعمل على التقريب بين الحوزة والجامعة لكنها لم تنجح في ذلك بمقدار ما نجح هو، ولم تستطع أن تجذب أولئك الطلّاب الجدد إلى الإيمان مثله. ثانياً: شخصيّته الغنيّة. تعلمون أنّ من الأمور التي تباعد بين هاتين الفئتين أنّهما لم تكونا تؤمنان الواحدة بالأخرى. الطلّاب الجامعيّون الجدد كانوا ينظرون إلى خريجي الحوزة العلميّة على أنّهم جهَلة. أساساً تلك الأمور التي كان [طلاب الحوزة] يعلمونها لم يعدوها علماً ولا ذات قيمة. الحوزويّ كان في نظر مجموعة من الطلّاب الجامعيين الجدد المتأثّرين بالعرف والثقافة الغربيّة شخصاً جاهلاً ومدّعياً ويتراءى لهم أنّ من تضييع الوقت أن يجالسه أحدهم ويتحدّث إليه أو يتقرّب منه، فلم يروه لائقاً بذلك. كذلك الحوزويّون كانوا ينظرون بالعين نفسها إلى طلاب الجامعات. بالإضافة إلى أنّهم كانوا يعدّونهم بلا دين، كانوا يرونهم جهلةً وعامّيين، فأهل العلم والعوام كان تقسيماً في الحوزات العلميّة، إذ إنّ الناس في العالم قسمين: قسم أهل العلم، وقسم العوام، وأهل العلم هم أولئك الذين درسوا في الحوزة، والعوام هم الذين لم يدرسوا فيها بغض النظر عن المكان الذي درسوا فيه. فئتان من أهل العلم والدرس، وكلتاهما تمتلك عقلاً وفكراً وتعقّلاً وكل منهما ترى الأخرى جاهلة. من الطبيعيّ أن تفترضوا أنه لن يحدث تقارب بينهما ولن يتعرّفوا إلى بعضهم بعضاً. المرحوم مطهري كان ضمن الشخصيّات ورواد قافلة التقريب بين الحوزة والجامعة، وكان بصلابة شخصيّته العلميّة يُجبر مخاطبيه على التواضع أمامه، فحين دخل سماحته الجامعة والتقاه أشخاص من الاختصاصات المختلفة التي تتناسب مع شخصيّته، وعندما كانوا يوجّهون إليه الأسئلة ويبحثون معه قضيّة ما، كانوا يرون عقلاً كبيراً وفكراً عميقاً وذهناً منفتحاً. رجل مفكّر وصاحب رأي – كان متخصّصاً في الفلسفة والفقه لكّنه طالع في ما بعد علم الاجتماع والاقتصاد والفلسفة الأوروبيّة وجذب إليه المتخصصّين وأصحاب الرأي والنظر في هذه الاختصاصات – وكان لديه في هذه الأيام الأخيرة درس في علم الاجتماع الإسلاميّ أو...  فلسفة التاريخ، نعم، كان لديه درس في فلسفة تاريخ. بطبيعة الحال، كان يحضر درسه مجموعة من أصحاب الرأي وأساتذة الفن. الأساتذة، على أي حال، كانوا يشاركون في درسه، وقد نقل إليّ بنفسه أنّه كان لديه درسان أحدهما كان يشارك فيه الطلّاب والآخر الأساتذة، وهذا كان درساً يشارك فيه الأساتذة. على سبيل المثال، لقد هضم فلسفة هيغل جيّداً وبقوة وأحاط بها بالقوّة العلميّة التي كان يمتلكها، إذ إنّ الذين كانوا يعملون في هذه الاختصاصات والمعقولات يدركون شخصيّته وقيمته. إذاً، الشخصيّة العلميّة والقويّة للشهيد مطهري كان لها أكثر الأثر في التقريب بين هاتين الفئتين. فعندما كان ينظر خريجو الجامعة، كانوا يرون أمامهم حوزويّاً عالماً ومفكّراً فاضلاً مثل الشهيد الشيخ مطهري. على المقلب الآخر، حينما كانوا يرون في الحوزات العلميّة – طبعاً شخصيّة الشيخ مطهري كانت واضحة لأكثر الأفراد في الحوزات – أنّه استطاع أن يحتل مكاناً في قلوب الجامعيين وأنّه كانت له أنشطة معهم، كان ذلك يخلق لديهم حالة من التفاهم والتقارب. بذلك، لم يستطع الشيخ مطهري أن يوجِد هذا التقارب بالأدوات والطروحات أو كما يقال بابتكاره وحسن تدبيره فحسب، بل كان لشخصيّته الحصّة الكبرى والأكثر نفعاً في هذا الصدد.

 

هذا الذي ذكرتموه، أن أساتذة الجامعات كانوا ينجذبون إلى ذلك الذهن القوي، ذكّرني بقصة. في درس الفلسفة ذاك الذي كان يشارك فيه الأساتذة، وُفّقت أن أكون في خدمة [الشهيد مطهري]. ذات مرّة، كان الكلام حول فلسفة هيغل ومترجم فلسفته – كان من أساتذة الجامعة الجيّدين ويحبّه – وكان حاضراً في الدرس. قال الشيخ مطهري: أظّن أنّ الخطأ الذي ارتكبه هيغل في مسألة الحركة والأصل في مسألة أصل امتناع التناقض سببه أنه بنى فلسفته على أصالة الماهيّة. سأله ذاك الأستاذ الجامعيّ: من أين استنتجت هذا الأمر؟ قال الشيخ مطهري مباشرة وفي غاية الصراحة: جئت بهذا المطلب من كتابك. قال: من أين في كتابي يمكن استخراج مثل هذا المطلب؟ قال له مباشرة: هنا حيث كذلك ترجمته. كذلك ترجمته وهذه نتيجته. ذاك الأستاذ كان رجلاً منصفاً للغاية. تعجّب وقال: نعم، حسناً لقد فهمتم شيئاً لم نفهمه. قال له بدوره ممازحاً وهو يضحك: ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه. نعم، بعد ذلك نقل قصّة، ولهذا كان أساتذة الجامعة هؤلاء – كان بعضهم أكبر سنّاً منه وحاضرين في ذلك المجلس – مفتونين بعمق تفكيره وكذلك بسعة صدره.

 

طبعاً، الشيخ مطهري كان يكنّ لهذا الأستاذ المودّة. تتحدّثون عن الدكتور عنايت؟ نعم، كان يشيد به ويقول إنّه رجل فاضل وقوي وجيّد.

 

نعم، المرحوم عنايت أهدى هذا الكتاب الذي ترجمه أخيراً إلى الشيخ مطهري، وقال إنّ الأستاذ مطهري حفّزني على كتابة هذا الكتاب – الفكر السياسيّ الحديث في الإسلام – وكان يرى نفسه مديناً له. أرغب في إضافة أمر عن الدور الذي لعبه [الشهيد مطهري] في خصوص الحوزويّين والتقريب بينهم وبين الجامعيين، وهو أنّ كثيرين أرادوا تأدية هذا العمل ولكنّ عدداً منهم لم يوفّقوا، والسبب أنّهم لم يستطيعوا تشخيص مكمن الإشكال الأساسيّ. عندما جاء بعضهم من الحوزة إلى الشباب ربّما خدش بعضهم بعض أصوله من أجل إيجاد هذا التقريب. مثلاً، كان هناك شخصيّات يذكّر عملها الإنسان بهذا الشعر إلى حدّ معيّن:

 

شد غلامی که آب جوی آرد *** آب جوی آمد و غلام بِبُرد

 

(وردَ النهرَ يطلب الوِرْدَ طفلٌ * * * فطغى ماؤه فنال الهلاكا)[2]

 

فبعض الإشكالات كان يوجّهها الجامعيّون إلى الحوزة. هؤلاء لم يستطيعوا أن يحللوا أين مكمن المشكلة وأنا أتصوّر أنّ كثيراً ممن كانوا يفكّرون في هذا التباعد بين الحوزويين والجامعيين لم يستطيعوا التمييز بين مكمنَي الإشكال الأساسيّ والفرعيّ. مثلاً، كان الشباب يوجّهون كثيراً من الانتقادات إلى الحوزويين. حسناً، بعض هذه الانتقادات كانت ترد عليهم، وكثير منها لم تكن واردة، ولكنّ المهم أن يروا الحوزة بصفتها أصلاً سالماً، ويروا العيوب جزئيّة وفرعيّة وعرضيّة، وأن يسعوا إلى التعرّف إلى ذاك الأصل. ربما هذا في الحقيقة كان إنجاز الشيخ مطهري في هذه المسألة.

 

نعم، هذا صحيح، فاعتقاد المرحوم مطهري - رضوان الله عليه - بدور المؤسسة الدينيّة الخالي من الأخطاء التي من الممكن أن يرتكبها حوزويٌّ هنا أو هناك كان من خصوصيّات هذا العظيم. هذه الجملة: «الإسلام دون حوزويين»، التي قُضي عليها ومُحيت من أذهان الذين كانوا قد اشتبهوا، كان هذا فضلُ عمل الشيخ مطهري على هذه المسألة. أولاً أدرك أنّ هدف الذين كانوا يقولون بعض الأمور هو هذا: «الإسلام دون علماء الدين»، فأرادوا أن يوجد الإسلام دون مفسّر وعالم مختص به حتى يُفتح طريق التفسير والتسويغ، بالإضافة إلى أنّ الشجاعة والصراحة في الطرح والرد من خصوصيّات المرحوم مطهري أيضاً.

 

نعم. لعل هذا هو الموضع المناسب لأطرح هذا السؤال: في رأيكم – مع أنّ الإجابة عن هذا السؤال قد تكون اتّضحت إلى الآن – لماذا اختار المناوئون للثورة في بدايات الانتصار الأستاذ مطهري ليكون الشخصيّة العلمائيّة الأولى التي يغتالونها؟

 

طبعاً، لا أستطيع أن أكون متأكّداً من أن مناوئي الثورة اتّخذوا هذا الخيار عن معرفة كاملة منهم وأنّهم أنجزوا هذا الأمر بصورة مدروسة. حسناً، في ذاك اليوم، من المتيقّن أنّهم كانوا لينفّذوا هذا بحق أي شخصيّة علمائيّة معروفة ومؤثّرة تطاولها أيديهم، ولكن لو كانوا قد ذهبوا عن وعي منهم إلى هذا الاختيار، فإنّه في الحقيقة يجب أن يقال إنّهم أدركوا الأمر بصورة صحيحة. المرحوم الشهيد مطهري كان عنصراً مؤثّراً في حفظ الاستمراريّة لخط الإسلام وغلبته على هذه الثورة. منذ بدأت هذه الثورة تنتصر – حتّى قبل تحقق الانتصار – كان يريد بعضهم أن ينزعوا عن هذه الثورة صفة الإسلاميّة وكان مصرين على ذلك، وبعدما انتصرت الثورة، منذ اللحظات الأولى كان هناك أفراد يتحرّكون في هذا الخط، وأولئك الّذين يحملون هذا الفكر لم يكونوا جميعاً من المجاهرين بالكفر والإلحاد، بل هناك مسلمون في الظاهر ولم يكن لديهم أي دعاوى ضد الإسلام، ولكن في الباطن لم يكن في إمكانهم بأي وجه أن يتحمّلوا الفكر الإسلامي والفقهي الإسلامي، فكان طبيعياً أن يشكّل الشيخ مطهري [خطراً] بحساسيّته ووعيه وصيرته وعلمه الغزير وبتلك الحالة الخاصّة التي عبّرتَ عنها بالسدّ المنيع في وجه المؤامرات. مثلاً: الحركات الخبيثة المعاديّة للإسلام. فبحساسيّته اتجاه الالتقاط والحركات الانتقائيّة، إذ كانت من أخطر الحركات في مثل هذه المواضع، أي حين تنتصر النهضة، يصل الدور إلى التفسيرات والتسويغات التي هي إسلاميّة الظاهر وغير إسلاميّة الباطن، وهذا معنى الانتقاء، وبهذه الخصوصيّات التي امتلكها، شكّل خطراً كبيراً على هذه الأجنحة جميعها. هذه الجبهات المتحدّة من الكفر والنفاق والإلحاد والاستكبار وما شابهها، إذا أراد أفرادها أن يجدوا شخصاً يُعد عائقاً كبيراً قبالتهم ويمكن لأيديهم أن تطاوله بسهولة، لكان الشهيد مطهري، رضوان الله تعالى عليه. في ما يتعلّق بأبعاد شخصيّة هذا العظيم لا بدّ من طرح تلك الجنبة العرفانيّة والأخلاقيّة للشهيد مطهري، إذ حقاً هناك في حياة هذا الشهيد العزيز كثير من الفصول الحماسيّة، إذ لا بأس في التحدّث عن هذا القسم. الآن، إمّا أن تذكروا ذكرى ما، وإمّا أن أقول شيئاً من المناسب أن أذكره.

 

نعم، تفضّلوا سماحتكم، وأنا سأستفيد أيضاً.

 

المرحوم مطهري كان إنساناً. مع أنّ هذه الرقّة واللطافة لم تكن لتظهر عليه كثيراً في حال استدلاله ومثلاً في تعامله المنطقي مع القضايا، ولم يكن أحدهم ليتصوّر امتلاكه باطناً رقيقاً ولطيفاً، لكن في زمان ما - حدود عام... لا أعلم، لعلّه 52 أو 53 (1973 و1974)، في ذاك الزمان - كان يقول في مناسبة ما إنّي أرغب في أن أجد الفرصة وأترك العمل الجامعي والدراسي وهذه الأمور وأذهب إلى قم وهناك - التعبير الذي استخدمه لعلّه كان هذا مثلاً: «أرى الله أو الحق»، أو مثلاً: «أذهب للقاء الحق». كان تعبيراً من هذا القبيل. كان مراده أن يذهب إلى هناك ويؤدي عملاً ثقافيّاً وفكريّاً من هذا القبيل ويكون متوائماً مع الخلوة المناسبة للعبادة والرياضة والتوجّه وهذه الأمور. كان يمتلك روحاً من هذا القبيل. كان رجلاً في غاية الرقّة والظرافة. كان متأثّراً شديداً في المشاعر العرفانيّة والمعنويّة. كان لديه أنس بـديوان حافظ والأشعار العرفانيّة. كان يأنس كثيراً بـالقرآن. أتصوّر أنّه كان إذا لم يقرأ كل ليلة مقداراً محدّداً من القرآن، فلم يكن لينام. رأيت هذا الأمر في أسفار عدة له إلى مشهد. كنّا نذهب معاً إلى فريمان أو كنّا معه في مشهد، ورأيت – كنّا نقضي الليل معاً – أنّه قبل أن ينام كان لا بدّ أن يقرأ القرآن ثمّ ينام. كان من أهل التهجّد. كان يصلّي صلاة الليل بروحيّة. في ليلة ما، كان في منزلنا، وفي منتصف الليل، أيقظ صوت بكائه عائلتي. في بادئ الأمر، لم تلتفت إلى ماهيّة هذا الصوت، ثم أدركت أنّه صوت الشيخ مطهري إذ كان في منتصف الليل يصلّي صلاة الليل وهو يبكي بصوت كان مثلاً في إمكانك أن تسمعه من تلك الغرفة. كان يمتلك مثل هذه الحال. واقعاً، كان هناك نقاءٌ يحكم عائلته وصفاء وروحيّة ما تحكم أجواءها، وسبب هذا حالته المعنويّة هذه. عائلته وزوجته المحترمة وأبناؤه يمتلكون جميعهم حالة معنويّة وتوجّهاً عرفانيّاً وروحانيّاً، هذه هي أجواء عائلته أساساً. هذا سببه توجيهات هذا الشخص العظيم. أظن أن كثيراً من توفيقات المرحوم مطهّري - رضوان الله عليه - كان سببها هذه الحالات، إذ إنّ البركات المعنويّة وتلك الحالة والتوجّه والعبادة والعرفان وهذه الأمور كانت سبباً في توفيقه. من جملة الخصوصيّات التي لاحظتها فيه في هذا الصدد – كانت لافتة جداً بالنسبة إليّ – الاحترام العجيب الذي كان يكنّه لوالده. والده كان حوزويّاً محترماً في فريمان. لا أعلم هل رأيتموه أو لا؟ كان رجلاً كبيراً في السن. رأيتم والده؟... نعم، كان رجلاً محترماً وشخصاً صالحاً لكنّه كان صامتاً. مع أنّي مثلاً ربّما جالسته في مجلس واحد ساعات متماديّة طوال هذه الأزمنة في منزل المرحوم آية الله مطهري - رضوان الله عليه - وفي مشهد مثلاً، وحينما كان يأتي، كنّا نرى والده في الذهاب والإياب والاجتماعات وهذه الأمور، ومع هذا، لم أره يتكلّم قط، إذ أكون قد استفدت منه مثلاً، ولكنّ المرحوم مطهري كان يحترمه احتراماً عجيباً. مع أنه من المُسلّم به أنّ المستوى الفكري للمرحوم مطهري - رضوان الله عليه - كان أعلى وربّما لم يكن هناك مجال للمقارنة بين الشخصين، ولكنّه كان متواضعاً أمام هذا الأب تواضعاً غير محدود. سبب ذلك أنّه كان يقول إنّ أول من أرشده ووجهه إلى المسائل المعنويّة والروحيّة والعباديّة وهذه الأمور هو والده.

 

لقد دوّنوا هذا الأمر في مكان ما.

 

عجيب! لست أذكر هذا الآن. نعم، ذكروا قراءة القرآن مثلاً. كانوا يقولون إن والده حثّه في أيام صباه وشبابه على قراءة القرآن وهذه الأمور. تربية الرجال الروحانيّين التي كان لها تأثير فيه كانت لافتة جدّاً له، مثل المرحوم الحاج الميرزا علي الشيرازي. نعم، كان يضع صورته في غرفته. هناك أيضاً كان يتحدّث بروحيّة عنه. كان محظوظاً فعلاً. أنا أغبط حال الشيخ مطهري، فلطف الله بحقّه كان عجيباً. حسناً، مثلاً في قم حيث كان يذهب، وجد منذ بداية الأمر أستاذاً مثل الإمام الخميني. حسناً، قليلون الذين استطاعوا في تلك المرحلة الاستفادة من هذا النبع الموّاج بالصفاء وبالمعنوية والعرفان والحكمة كما المرحوم الشهيد مطهري - رضوان الله عليه - الذي كان يبيّن شرحه بنفسه، وكذا سماحة آية الله منتظري الذي كان زميل دراسة وشريكاً وزميلاً له في غرفة.

 

زميل دراسة مثل الشيخ منتظري أيضاً.

 

نعم، هذه إحدى خصوصيّاته الأخرى. نعم، زميل دراسة مثل آية الله منتظري، وكذلك كان يحضر درس المرحوم الطباطبائي وكان لديه أُنس معه – أنس طويل – إضافة إلى الاستفادة من المرحوم علي الشيرازي ومن المرحوم القوجاني، من كان؟... السيّد نجفي، نعم، المرحوم السيّد نجفي هو...

 

لم أكن أعلم أنّ الشيخ مطهري...

 

نعم، كان السيد نجفي. كان هناك كلام حول السيّد نجفي وكان أوّل من عرّفني إلى كتاب سياحة في الغرب. لأنّ المرحوم السيّد نجفي كتب سياحة في الشرق الذي يتحدّث فيه عن حياته، وكتابه سياحة في الغرب كان مبنيّاً على اصطلاحات العرفاء، وكان يتحدّث عن تصوّرات عالم ما بعد الموت والبرزخ وهذه الأمور التي يذكرونها. كان [الشهيد مطهري] يعتقد أنّ المرحوم السيّد نجفي لم يكتب سياحة في الغرب اعتماداً على تخيّلاته، بل على المكاشفة. هو رآه. كان المرحوم السيّد نجفي يذهب إلى قم ويقيم معه في حجرة واحدة. كان قد ذهب لتوه إلى قم. الظاهر أنّ عمره كان ستة عشر عاماً أو ثمانيّة عشر عندما كان يذهب إليها. يبدو أنّه كان عام 1316 أو 1318 (1937 أو 1938). لست متأكّداً من هذا. كان يذهب إليها، وفي هذه السنوات، يقول إنّه مع حلول شهر رمضان – عادةً في شهر رمضان يكون أهل العلم في مدنهم ويصعدون المنابر ويؤدون صلوات الجماعة ويتوجّه الناس إليهم –، كان مع تلك الوجاهة والمكانة التي يملكها في قوجان، وما إن يحل شهر رمضان، حتى يغادرها قادماً إلى قم. كان [الشهيد مطهري] يقول إنّه كان يأتي إلى مدرسة دار الشفاء وينزل في حجرة الشيخ مطهري، والآن من الممكن أن يكون منزله في حجرة قريبة منه مثلاً. أعتقد أنّه كان في حجرة الشيخ مطهري. في ذلك الوقت، كان يقول إن أعاظم قم في ذلك الزمان، مثل المرحوم الخوانساري والمرحوم الصدر وهؤلاء، كانوا يأتون لرؤيته ويحترمونه ويطلبون منه أن يصعد إلى المنبر من أجلهم ويسألونه أن يؤدي الصلاة ولكنّه لم يقبل. كان يقول: تركت قوجان وجئت إلى هنا، فهل أؤدي هنا صلاة الجماعة؟ لن أفعل. في ذلك الوقت، كان يقول إنّ السيّد نجفي من بين هؤلاء وكان صديق الجميع، ولكن كان لديه التزام اتجاه المرحوم الخوانساري، فكان يذهب إلى صلاته ويشارك فيها.

 

هذا أمر لافتٌ جدّاً بالنسبة إليّ، إذ أسمع للمرّة الأولى عن هذه العلاقة بين السيّد نجفي والشيخ مطهري. في أيّام العيد هذه السنة، سنحت لي الفرصة فقرأت كتاب «سياحة في الشرق» هذا، وقرأته بدقّة. كنت أقول لنفسي: ليت الفرصة سنحت لي لرؤيّة السيّد نجفي بشخصيّته اللطفية والدقيقة، وأحياناً: يا ليتني سألت الشهيد مطهري يوماً هل رأى هذا الشخص أم لا! لأنّني أعتقد أنّه كان سيكون شخصاً جذّاباً للغاية بالنسبة إليه.

 

سأقول لك شيئاً لافتاً أكثر: المرحوم السيّد نجفي يذكر في هذا الكتاب رفيقاً له وكان لديه أصدقاء عدّة، ربّما صديق أصفهاني... لا، غير اليزدي، في... لا، كان قريباً منه مثلاً سرخسي. لا أعلم شيئاً من هذا القبيل شبيهاً بهذا – لا أذكره الآن تماماً – والشيخ مطهري كان يقول إنّ من المحتمل أنّ صديقه هذا هو «والدي»، أي والد الشيخ مطهري، نعم. طبعاً، لم يكن متيقّناً وكان يقول: من المحتمل. لا أعلم، ربّما كان سرخسيّاً أو محوّلاتياً أو شيئاً من هذا القبيل. كان يقول: من المحتمل أنّ يكون ذاك الصديق في الموضع الفلاني هو والدي الذي عاشره وكان صديقاً له.

 

هؤلاء رآهم كلّهم؟

 

نعم، لقد رآهم. الشيخ مطهري [التقى] شخصاً مثل الميرزا علي وكان محظوظاً فعلاً. لقد كان من لطف الله به أن يجد مثل هؤلاء الأساتذة والأعاظم، إذ نادراً ما يرى الإنسان مثل هذه الشخصيّات أو يلتقي واحداً أو اثنين منها طوال سنين حياته. هو التقى هؤلاء جميعاً، والحمد لله، كانت التوفيقات الإلهيّة من الجهات جميعها من نصيب هذا العظيم.

 

هذا الذي ذكرتموه بشأن حالاته الروحيّة والمعنويّة، لعلّ كثيراً من أولئك الذين إمّا رأوه في الصف فقط وإمّا عرفوه من بعض كتاباته لم يكونوا ليتصوّروا كم كان رقيقاً وعاطفياً، ومن الناحية الروحيّة لطيفاً. أحياناً كنت أعرّف الشيخ مطهري إلى الأصدقاء كذلك، فكنت أقول إنه يشبه المنطق من بعيد – جامد للغاية – ومن نصف الطريق كان يصير شبيهاً بالفلسفة والحكمة. أمّا عن قرب، فكان عين العرفان. نعم، واقعاً بالنسبة إلى الإنسان إنّه أمر مثير للانتباه أن يتصوّر وجود شخص يضرب دقائق فلسفة هيغل بمطرقة المنطق وبتلك القسوة ويصعد على المنبر أيضاً ثمّ يقرأ عزاء الإمام الحسين (ع) ويشرع على المنبر وهو أستاذ جامعة، ولعل بعض الطلّاب يجلسون تحت منبره، في البكاء والنحيب. كان يقرأ عزاء القاسم وبعده يقرأ وسط العزاء:

 

 بر فَرَس تندرو هر که تو را دید گفت * * * برگ گل سرخ را باد کجا می‌برد؟

 

(قال مَن رآك على الفرس الهَرِعة * * * أين تأخذ الريح أوراق الورد الأحمر؟)

 

ثمّ يشرع في البكاء والنحيب. هذا البعد لعلّه، كما تقولون، النبع الأساسيّ لمفتاح نجاحه.

 

نعم. على أي حال، كان للإنصاف شخصيّة جامعة وكاملة ومن الشخصيّات النادرة التي - بحمد الله - جُمعت فيها هذه الأبعاد المختلفة جميعها.

 

الآن وقد ذكرتم هذا، لا بأس أن أسأل جنابكم: لو قدّر ألا ينال الشيخ مطهري الشهادة في تلك الحالة، ففي رأيكم، وبناءً على تجربتكم والمعرفة التي تمتلكونها عن الجمهوريّة الإسلاميّة والثورة، ما أكثر مسؤوليّة تناسبه في الجمهوريّة الإسلاميّة؟

 

أوّلاً، أوّل ما يتبادر إلى الذهن عن الشهيد مطهري - رحمة الله عليه - هو الأبعاد الثقافيّة لشخصيّته. حسناً، لو بقي، لكان مفتاح كنوز الثقافة الإسلاميّة. كان في إمكانه وضع السياسات وتحديد الخطوط وأن يكون مسؤولاً عن قسم كبير من ثقافة هذا المجتمع الإسلاميّة وهذه الأمور. لكن في الحقيقة كنت دائماً ما أفكر في هذه المسألة مع نفسي: لو كان الشيخ مطهري موجوداً اليوم، ففي أي الأماكن كان سيصلح. رأيت أنه لو كان موجوداً، فكان سيكون رئيساً جيّداً للجمهوريّة ومناسباً لهذا الاجتماع. هذه هي الحقيقة: ثورة كثورتنا تأتي بأبعاد فكريّة وثقافيّة عميقة وقويّة وبرسالة معنويّة وفلسفية وتظهر الأخلاق في المجتمعات وفيها، وعلى رأس هذا النظام لا بد من شخصيّة مثل الشيخ مطهري. طبعاً، عندما نقول «على رأسها» يعني ضمن إطار العمل الحكومي، وإلّا على رأسها هناك الإمام [الخميني] طبعاً، إذ إنّ قائد الثورة دائماً ما يكون شخصيّة معنويّة أخرى. بطبيعة الحال، كذلك القانون، وإن شاء الله، يحفظ الله الوجود المبارك والشريف لإمامنا العزيز – هو في الأقسام كلها التي تحدّثنا عنها فوق المقول، والنبع والمثل الأعلى – ويحفظه لهذه الثورة وللإسلام والقرآن، إن شاء الله. على أي حال، لو كان الشهيد مطهري اليوم، أعتقد أنّ أكثر مكان يناسبه هو رئاسة الجمهوريّة، إذ كان بأبعاد شخصيّته العظيمة تلك حكيماً وفيلسوفاً وفقيهاً ليصير رئيس جمهوريّة لنظام، وهذا بالنسبة إلى الأخير أمر قيّم للغاية، ولاستطعنا بوجوده أن نفخر في العالم. حقّاً كان في استطاعته أن يكون وجهاً جيّداً لهذا النظام هذا العظيم لو بقي على قيد الحياة.

 

لعلّنا لو تكلّمنا لساعات حول الشيخ مطهري، لكان الأمر كما كان الشيخ مطهري يقول: «إنّ في عشب كل ورقة من أوراق الدفتر حالة مختلفة»، وستظهر جوانب أخرى من شخصيّته تباعاً. أحب أن نتحدّث بمقدار عن دوره السياسيّ والاجتماعيّ والنضاليّ خصوصاً في تلك السنة التي انتهت بانتصار الثورة – عام 1357 (1979) – ولا سيّما أن سماحتك لعلّك في تلك السنوات كنت طوال أشهر على اتّصال به أكثر من السابق في قضيّة المواجهة. لعلّ من المناسب لو هناك فرصة أن نتكلّم في هذا الخصوص بعد ذاك البعد العرفانيّ؟

 

نعم، المرحوم الشهيد مطهري كان بلا شك واحداً من أركان المواجهة عندما كانت في ذروتها في طهران. هو أحد شخصين أو ثلاثة كان الإمام يثق بهم غاية الثقة ويعتمد عليهم تمام الاعتماد لإدارة قضايا إيران وطهران. كانت الأخيرة مركز القضايا كلها. طبعاً بعد عودتي من النفي جئت إليها ثمّ ذهبت إلى مشهد، وبعد ذلك بمدّة قصيرة عدت إليها، وكنت كما تفضّلت على تواصل معه في غالبية الأحيان. نعم، كنّا نتواصل كثيراً إلى أن تشكّل مجلس الثورة خلال الأسابيع الأخيرة قبل انتصار الثورة وأبلغني هو بالأمر. كنت في مشهد ولم أكن أعلم، إذ إنّي ذهبت إليها من أجل محرّم وطال الأمر قليلاً: بضع أسابيع. امتد الأمر أسبوعين أو ثلاثة. كنت أرغب في العودة قبل ذلك لكن لم أتمكن. راسلني وأخبرني بأن أعود إلى طهران فوراً وقال إنّهم يريدونني في أمر ما، ولأنّه كان هناك تأخير ليوم أو اثنين أو ثلاثة، راسلني مجدّداً مرّة واثنتين وطلب منّي ملحّاً أن أقدم. ما إن وصلت إلى طهران، حتّى أخبرني أنّ الإمام أمر بأن أكون عضواً في مجلس الثورة. في هذه المدة، كان شخصيّةً سياسيّة ويمارس الأنشطة السياسيّة ويفكّر. من جملة خصوصيّاته التي لا أنساها صلابته وعزيمته في مواجهة التحرّك الخبيث الذي كان يفعله الليبراليّون المعتدلون في الأيّام الأولى لانتصار الثورة بهدف القضاء على الصورة الإسلاميّة للثورة. في ذلك الوقت، اقترح بختيار أن يذهب إلى الإمام وقدّم شرحاً إلى أحد المنتمين إلى «الجبهة الوطنيّة» ليأتي على ذكره في ذاك الجمع حيث كنّا – مجلس الثورة – نجتمع دائماً مع بعضنا بعضاً ويعلن أنّه يرغب في إصدار هذا الإعلان إذا كنتم موافقين وإذا قبل الإمام، إذ إنّ هذا الإعلان كان في إمكانه أن يحسّن صورة بختيار ويؤخّر سير الأحداث. شخصان في ذلك الجمع عارضا الأمر شديداً أحدهما المرحوم الشهيد مطهري والآخر المرحوم الشهيد بهشتي، فهذان الاثنان قدّم كل منهما فكرة ما بصفتها إشكالاً على هذا الإعلان، ولو أصلحت تلك الفكرة، لم يكن بختيار ليرضى. لذا لمّا ذكر هذان الإصلاحات التي يطلبانها وعاد الإعلان، لم يرغب بختيار في نشره ولم يفعل شيئاً. لم يكن مفيداً. فأحدهما، هو والآخر المرحوم الشهيد بهشتي، وضع هذان أصابعهما على نقطتين أساسيّتين. على أي حال، كان يمتلك رؤية سياسيّة عميقة، فالعمق الطبيعيّ والفكريّ للشهيد مطهري كان يتّضح في ميدان السياسة. لعلّ هذه هي الأسباب، أو على الأقل أحدها - عمقه وأمانته - كانت وراء أنّ الإمام - في رأيي - يثق به أكثر من الجميع في تقديم الأفراد ومعرفتهم. ولعلّ عدداً من الذين عيّنوا في مجلس الثورة أو بعض المسؤوليّات الأخرى عيّنهم الإمام بناء على اقتراح الشيخ مطهري وثقته به. كان للإنصاف محقاً. أرى أنّه كما كان تلميذاً جيّداً للإمام ويعرف قدره حقّاً ويعرفه، كان الإمام يعرف فعلاً هذا التلميذ الجيّد والممتاز وقدره وشأنه أفضل وأكثر منّا جميعاً.

 

كما سبق وذكرت، يرغب الإنسان في الحديث مفصّلاً عن الشهيد مطهري ولكنّ الوقت ضيّق. حسناً، علينا اليوم أن نكون شاكرين أنّه، وبحمد الله، يظلّل وجود الإمام رؤوسنا وتلك الشجرة المثمرة الأبيّة التي أينعت ثماراً من أمثال الأستاذ مطهري لا تزال تلقي بظلالها على إيران. إن شاء الله، مع هذه الجمهوريّة الإسلاميّة، فستتحقّق تلك الأماني التي حملها الشيخ مطهري على مدى أعوام خمسين وأربعين في قلبه بتمامها وكمالها، وأن يكون الوصول إلى أهدافه عزاء القلوب الثكلى لشهادته جميعها، إن شاء الله. 

إن شاء الله.

 

[1] من 1905 إلى 1911.

[2] روضة الورد (گلستان)، سعدي الشيرازي، ترجمة محمد الفراتي، ص. 169.