كشف قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي عن أن حرس الثورة الإسلامية كان على وشك أسر الدكتاتور العراقي المعدوم صدام حسين في إحدى فترات الحرب التي فرضها على الجمهورية الإسلامية، وقال سماحة قائد الثورة ان قوات الحرس الثوري وصلت إلى موقع وجود صدام ألذي أجرى مقابلة مع الإعلام قرب مدينة إيلام غربي إيران أثناء عمليات "الفتح المبين" ولو وصلوا أسرع بنصف ساعة لقُبض عليه، لكنه كان محظوظاً، وتمكن من الهرب، فما تفاصيل هذه الحادثة أثناء تلك العمليات التي جرت في شهر مارس عام 1982؟

 

يروي الباحث "أمير رزاق زاده" وهو من رواة أحداث الحرب التي فرضها النظام العراقي السابق على إيران في مركز أبحاث ووثائق الدفاع المقدس (تسمية الحرب الصدامية على إيران) انه في شهر مارس عام 1982 وأثناء المرحلة الثانية لعمليات "الفتح المبين" الكبيرة التي شنتها القوات المسلحة الإيرانية في غرب مدينة دزفول في محافظة خوزستان، شهدت العمليات امدادا غيبيا للقوات المجاهدة الإيرانية أدى إلى تسجيل نجاحات أكبر في سير هذه العملية العسكرية الواسعة، فحينما توجهت الدبابات والمدرعات العراقية من جانب مدينة شوش الإيرانية نحو منطقة الرقابية لفتح طريق يربط بين القوات العراقية المتواجدة في المنطقة وخطوطهم الخلفية، هطلت أمطار غزيرة على تلك المنطقة وتوجهت المياه الفائضة من نهر "لخضير" نحو منطقة عبور الدبابات والمدرعات العراقية وتسببت بوجود مستنقعات واسعة وكبيرة في تلك المنطقة حيث تعطلت حركة ارتال الدبابات والمدرعات العراقية وباتت غير قادرة على الحركة وعالقة في المستنقعات المائية في تلك المنطقة الواسعة، وكان عدد تلك الدبابات والمدرعات كبيرا جدا ومن كان ينظر إلى تلك المنطقة عن بعد كان يراها أسود اللون لكثرة عدد الدبابات والمدرعات العالقة في المستنقعات، وحينئذ بادرت القوات الإيرانية إلى مهاجمة تلك الأرتال الكبيرة من المجنزرات العراقية وعندما رأت القوات العراقية هجوم واقتراب المقاتلين الإيرانيين منها خرج الجنود العراقيون من داخل الدبابات والمدرعات ووقفوا فوقها رافعي أيديهم للاستسلام وسرعان ما ملئت تلك المنطقة من تجمع الأسرى العراقيين.

 

ويضيف الباحث أمير رزاق زاده "ان القوات العراقية خططت لإخلاء منطقة العمليات والانسحاب منها في اليوم السادس من العمليات الإيرانية ولم يعلم القادة العسكريون الإيرانيون بوجود "صدام حسين" في تلك المنطقة في اليوم الخامس من عمليات "الفتح المبين"، وينقل هذا الباحث الإيراني أن العميد مرتضى قرباني ( من كبار قادة الحرس الثوري في فترة الحرب الإيرانية العراقية ) يروي بحسرة كبيرة أحداث ذلك اليوم قائلا "لو وصلنا أنا والقوات التي كنت أقودها إلى المنطقة التي كلفنا بتحريرها قبل الموعد المقرر وبسرعة اكبر مما كان مقررا في اليوم الخامس من تلك العملية، لكنا استطعنا أسر صدام حسين".

 

وكان رئيس جهاز استخبارات الجيش العراقي المنشق وفيق السامرائي قد ذكر أيضا في كتابه "حطام البوابة الشرقية" إن صدام قال لهم هناك "إذا تم أسري فإنني سأنتحر وأنتم أيضا انتحروا" .

كيف تمكن صدام من الهرب؟

يروي ضابط الأركان السابق في وزارة الدفاع العراقية "خالد حسين نقيب" : أثناء العمليات الإيرانية وتقدم القوات الإيرانية قام قائد الفيلق الرابع في الجيش العراقي "هشام صباح فخري" بطمأنة صدام حسين بأن القوات العراقية تتصدى للقوات الإيرانية ولا يوجد خطر يهدد صدام ومرافقيه، واستمع صدام حسين الذي كان يتفقد القوات العراقية في منطقة فكة راجلا، لهذا الكلام وهو مطمئن لذلك، وفي هذه الأثناء شهد صدام كتيبة من وحدات المدفعية وهي كانت تعبر المنطقة وتنسحب نحو الخطوط الخلفية وعندما سأل صدام قائد تلك الكتيبة عن سبب الانسحاب والتراجع نحو الخلف أجابه الضابط "سيدي، القوات الإيرانية لا تبعد عن موقعكم سوى بضع كيلومترات وانأ أوصيكم أيضا بالانسحاب وفي غير هذه الحالة سيتم أسركم!" وهكذا أنقذ هذا الضابط صدام من الوقوع في قبضة القوات الإيرانية.   

 

هذا وقد حررت القوات الإيرانية في تلك العمليات التي استمرت 8 أيام قرب مدينتي شوش ودزفول الإيرانيتين،  2400 كيلومتر مربع من الأراضي الإيرانية المحتلة وقتل في تلك العمليات 25 ألف جندي عراقي وتم أسر 17 ألف منهم كما أسقطت القوات الإيرانية في عمليات "الفتح المبين" 18 طائرة حربية عراقية ودمروا 361 دبابة ومدرعة و300 آلية عسكرية و50 مدفعا، وغنمت القوات الإيرانية أيضا أكثر من 320 دبابة ومدرعة و 500 آلية عسكرية و165 مدفعا و50 جرافة وحجما كبيرا من الأسلحة والمعدات.