قال القائد العام لحرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي أن الثار لقائد فيلق القدس في حرس الثورة الإسلامية الشهيد قاسم سليماني أصبح اليوم إستراتيجية وأمنية ومبدأ ونقطة انطلاق".

 

وفي مقابلة مع مكتب حفظ ونشر نتاجات قائد الثورة الإسلامية قال اللواء حسين سلامي القائد العام لحرس الثورة الإسلامية حول ما دواعي تحول الشهيد سليماني إلى نموذج للعالم الإسلامي وللأحرار في العالم : انه تتلمذ في مدرسة الإمام الخميني قدس سره وقائد الثورة الإسلامية، وتلقى تعليمه هناك، وتخلق بالأخلاق والمعرفة الإلهية ، وتلقى على مدى نحو 32 عامًا في مدرسة قائد الثورة الإسلامية، دروس الجهاد وتعلم المعرفة والمقومات الأساسية للتربية الإسلامية والإلهية، وطبقها ونفذها في ميدان العمل. لهذا السبب ربما لا يستطيع أحد وصف أبعاد شخصية الجنرال سليماني مثل قائد الثورة الإسلامية آية الله الخامنئي.

 

لقد كان لقائد الثورة تأثير عميق في شخصيته وارتباط روحي قوي بقلب قاسم وعقله. بعبارة أخرى، كان قاسم المظهر الجهادي لآية الله الخامنئي ويمكن اعتبار قاسم سليماني تجسيدًا للبعد الجهادي لشخصية قائد الثورة الإسلامية. أي، إذا أردنا محاكاة البعد الجهادي لسماحته، فإن الشهيد قاسم سليماني كان تجسيدا للبعد الجهادي لقائد الثورة لذلك، عندما يتحدث قائد الثورة الإسلامية عن الشهيد سليماني، فإن كلامه يستند إلى معرفة دقيقة وعميقة وحقيقية وصحيحة لشخصية الحاج قاسم سليماني.

 

وأعتبر اللواء سلامي الحاج قاسم القائد العسكري الأكثر خبرة بين المجاهدين في سبيل الله في ميدان الثورة الإسلامية ، لأنه لم يكن أيا من زملائه والمجاهدين في تماس مباشر مع سوح الجهاد مثل الحاج قاسم . طبعا بعض قادتنا ومسؤولينا كانوا يتناوبون في هذا الصدد ولكن ليس لدينا قائد مثل سليماني سجل تواجده بشكل مباشر في سوح الجهاد من البداية حتى النهاية . هذه نقطة مهمة. ومن هنا، كان أحد القادة العسكريين الأكثر خبرة ومعرفة في العالم، وقد كان فريدا على مر التاريخ .

 

وأوضح أن المجالات التي شارك فيها كانت وطنية ومحلية وإقليمية وعالمية. أي أن درجات سلم شخصية الحاج قاسم الجهادية هذه، أو الدرجات التي صعد منها الحاج قاسم وتسنمها، غطت كل هذه المستويات بشكل مستمر. أعتقد أنني رايت سليماني لاول مرة في عام 1981. لا تزال صورة الحاج قاسم ذلك الشاب المتحمس والقوي عالقة في ذهني. كان لديه مظهر جذاب وجيد للغاية وقوي في نفس الوقت. في ذلك الوقت، عبأ ابناء محافظات كرمان وسيستان وبلوشستان وهرمزكان للحرب وشكل لواء ثار الله وتولى قيادة هذا اللواء بنفسه في الميدان. وفي وقت لاحق، تحول اللواء إلى الفرقة 41 لثار الله وأصبح أحد أكثر الفرق عملانية وقوة وخطورة في الحرس الثوري الإيراني، وحقق نجاحات جديرة بالاشادة خلال عمليات ( طريق القدس والفتح المبين وبيت المقدس ورمضان وخيبر وبدر والفجر 8 وكربلاء 4 وكربلاء 5و...)

 

وقال: التأثير الروحي للحاج قاسم بين منتسبي فرقة ثار الله هو بحد ذاته تاريخ. عندما انتهت الحرب، لم يكن عمله قد انتهى. وعاود من جديد ولبضع سنوات نشاطه في منطقة سيستان وبلوشستان حيث كانت الاوضاع غير الآمنة هناك في ذلك الوقت وكانت الاعمال الشريرة في ذروتها، فأسس مقر القدس للحرس الثوري الإيراني وتولى مسؤوليتة. وبنى جسور المحبة والود مع ابناء المنطقة بمساعدة المواطنين المحليين في المنطقة وفرقة 41 ثار الله والوحدات المتواجدة هناك وصنعت منه هذه الأشياء شخصية يثق بها الجميع. ونفذ عمليات واسعة النطاق في منطقة سيستان وبلوشستان وأخمد فتنة الشر بعمليات معقدة وخطيرة للغاية.

 

وتابع قائلا: الشخص الذي يعرف التكتيكات وكذلك العمليات والاستراتيجية بشكل جيد هو مثالي للقيادة ويمكنه تحمل مسؤوليات كبيرة. لهذا السبب اقترح اللواء الصفوي على القائد العام للقوات المسلحة ان يتصدى سليماني لقيادة فيلق القدس، وهو الذي عرف وأحب الحاج قاسم من زمن الحرب وما بعدها، اصدر امرا بتعيين الحاج قاسم سليماني قائدًا لقوة القدس في عام 1997. فكان الحاج قاسم يعرف حقيقة معاني ومفاهيم الجغرافيا السياسية وجغرافيا العالم الإسلامي ومفاهيمه، وكان مطلعاً على موضوع حركات التحرر. كما أنه يعرف فن التواصل الشخصي والاجتماعي جيدًا ؛ وهذا يعني أنه سرعان ما استقطب الناس إلى شخصيته.

 

واشار الى أن: بدأ نجم الحاج قاسم يصطع على صعيد الامة الاسلامية بعد ان دخل ساحة الحركات . أي أنه وجد كل ما يصبوا اليه على صعيد الجهاد وحب الشهادة والخدمة لرفع راية الاسلام في جغرافيا العالم الاسلامي. في ذلك الوقت، كنت حينها مساعد قائد حرس الثورة الاسلامية لشؤون العمليات، وسافرت كثيرًا مع الحاج قاسم إلى أجزاء مختلفة من العالم وبسبب العلاقة الوثيقة والشخصية التي كانت تربطنا ببعضنا البعض، أحببته وأحبني.

 

وقال: قاسم كان يشكل حرسا للثورة الإسلامية في كل منطقة تطأها قدمه. ففي لبنان، وبمساعدة السيد حسن نصر الله والحماسة الجهادية للمجاهدين اللبنانيين، اتخذ حزب الله القوي شكلاً جديدًا يوما بعد يوم، وارتفعت مكانته ورايته يومًا بعد يوم، ووصلت قوته إلى هذا الحد. لدرجة أنها أصبحت قوة مؤثرة في جميع المعادلات السياسية والأمنية لمنطقة الشرق الأوسط​​، إلى درجة اجبر الكيان الصهيوني على الهروب من جنوب لبنان في عام 2000 وهزيمة الجيش الصهيوني في حرب تموز وتكبيده هزيمة ثقيلة ومذلة جدا ولا تطاق لا يمكن تداركها بالنسبة للصهاينة . فلم يكن هذا تاريخًا وحدثًا تاريخيًا، بل كان تيارا تم إيجاده وأظهر الهيمنة الروحية للمقاومة.

 

وفيما يتعلق بالسحة الفلسطينية اشار قائلا: أدرك الفلسطينيون أنه يمكن هزيمة إسرائيل. وواصل الحاج قاسم نشاطه وسلح فلسطين في ذروة الحصار. أي انه حيث كان يستحيل نظرياً تهريب رصاصة، تمكن الفلسطينيون من امتلاك الصواريخ والقذائف الصاروخية. فأولئك الذين كانوا يحاربون بالحجارة، تم تجهيزهم بالأسلحة بمرور الوقت. وهذا هو دور قاسم على صعيد الأمة الإسلامية الذي اشار اليه قائد الثورة الاسلامية . وفي ظل جهاد الحاج قاسم، تحولت فلسطين تحمل هوية المقاومة والاقتدار وبرهنت معركة سيف القدس، الحرب الأخيرة بين الفلسطينيين والصهاينة، ظهور فلسطين جديدة. من أين أتت هذه القوة؟ كان الحاج قاسم هو الذي لعب دورًا في تحويل روح الجهاد عند الفلسطينيين إلى هيكل قوة.

 

وتساءل، لكن لماذا لعب الحاج قاسم مثل هذا الدور؟ لأن الحاج قاسم اعتبر العالم الإسلامي كله ركاب سفينة واحدة. أي أنه كان يعتقد أن العالم الإسلامي هويتة موحدة وأن مصير المسلمين مترابط ومتشابك. لم يكن قاسم يفكر انه ينبغي التضحية بمكان من اجل مكان اخر . كان تصوره أنه عندما ترتبط هذه الجبهات ببعضها البعض، لا يستطيع العدو هزيمة أحد ، وإذا انفصلت هذه الجبهات ، فإن العدو سيهزم الجميع. وهكذا كان قاسم همزة الوصل بين كل جبهات العالم الإسلامي ، وبنى الجيوش والفيالق والقوات المسلحة في كل مكان.

 

وشدد على أن جميع المناطق التي كان لدى الجنرال سليماني مهمة ويقدم الدعم فيها، كان لدى الأمريكيين استراتيجية هناك، وكانت استراتيجيتهم آيلة الى الهزيمة والفشل، وعندما تفشل استراتيجية قوة عالمية، فإن المهمة التي تقوم بها تاخذ بعدا عالميا ولهذا السبب عمل قاسم بشكل عالمي .

 

وعن سمات شخصية الحاج قاسم التي لاتعرف الكلل. كما أشار قائد الثورة إلى هذه المسألة. قال اللواء سلامي: ان ابداع قاسم كان في أنه يعمل على صنع القوة أثناء الحرب. أي هناك حرب والعدو متواجد على الأرض ، وهنا يجب بناء القوات المسلحة وصنع القوة وهذا يتطلب الكثير من الجهد. في الواقع ، بينما ينتشر العدو في كل مكان ويشعر أنه يتخذ الخطوات الأخيرة لحسم المعركة، يجب عليك فجأة تغيير المشهد وبناء الثقة بالنفس وبناء هيكل قوي حتى تتمكن من قلب المشهد. لم يكن هذا مجرد مشهد، فقد تم تنشيط كل الميادين (لبنان ، سوريا ، العراق ، اليمن ، إلخ) في نفس الوقت. من الصعب حقًا إدارة كل هذه الساحات معًا! كان الحاج قاسم يعمل ليل نهار وكان يهاجر باستمرار من أرض إلى أخرى.

 

وقال: كان الشهيد في المستويات العليا من الصفات الاخلاقية والعمل الدؤوب، لأنه إذا لم يكن كذلك فسوف يتخلف عن المسرح وما كان بامكانه أن ينجز الاعمال . عزز الحاج قاسم عدة دفاعات خلال سنوات قليلة واثناء الحرب. وكانت قوة القدس ، تعمل بالتزامن من اجل الشعب الايراني وفي نفس الوقت من اجل الامة الاسلامة فهو حقيقة كان كذلك.

 

وحول أبرز صفاته أكد اللواء سلامي ان قاسم كان رجلا عاطفيا لكنه يسيطر على عواطفة .فهو كان يغضب في بعض الأحيان ويكظم غيضه في احيان اخرى . كان كثير التفكير ، ويحسب ويقدر ، لكنه لم يكن خائفًا. لم يكن يتخذ احتياطات غير ضرورية ، ويخاف بلا داعٍ من أي شيء ، انه لايعرف شيئا اسمه الطريق المسدود .

 

وتابع قائلا: خلال العمليات التي نفذها ابان الدفاع المقدس ، كان يصمم ويستخدم الادوات . على سبيل المثال ، عندما أراد عبور نهر أروند ، أجرى كل حسابات الوقت المتعلقة بمد النهر للحصول على أفضل وقت لعبوره الغواصين. لقد تطلب الأمر عشرات الحسابات لإنقاذ الأرواح وتقليل الخسائر. لقد فكر حقًا ثم وضع وحدته موضع التنفيذ حتى تواجه القوات أضرارا أقل وتفاجئ العدو. لذلك ، في عملية والفجر 8 ، لم يفهم العدو على الإطلاق كيف تصرف هو والوحدات المجاورة له.

 

واشار الى ان مفاجأة العدو تتطلب حسابات وتصميمات مفاجئة ودقيقة للغاية. في نفس العملية ، عبر الحاج قاسم بسرعة نهر أروند إلى مصب عبد الله وكان مبتهجًا للغاية وكان حريصًا على الطعام الذي يجب أن يقدمه للقوات وكيفية إعدادهم عقليًا ونفسيًا في حالة وقوع هجوم. كانت لديه خطة لجميع أعماله ويتابع كل القضايا مباشرة بنفسه. لن يفعل أي شيء حتى يقتنع. لهذا السبب تمكن من الصمود وواصل الذين معه العمل معه الى النهاية. لأنهم آمنوا بعقله. كانوا يعلمون أن قاسم لن يقوم بعمل من دون محاسبة ولن يعرض أحدًا للخطر عبثًا. في الأساس ، كلما أصبحت هذه الشخصية أكثر نضجًا وكمالًا ، تجلت أبعاد أكثر في كينونته.

 

وأوضح قائلا: الحرب على جبهات المقاومة تختلف عن الحرب في الدفاع المقدس. في الدفاع المقدس ، عليك أن تقاتل الجيش العراقي الكلاسيكي ، الذي كان يتمتع بقوة النار والخطوط الدفاعية وجغرافيا محددة ؛ لكن في مجال حركات المقاومة الوضع جديد. لأن حرب العصابات وحرب الشوارع والحرب في الصحاري بدون خطوط ثابتة وعليك القتال بالقوات والأدوات الانتحارية. سارع الحاج قاسم في هذه الحروب إلى تكييف عقله مع الظروف الجديدة وجلب حقائق جديدة بسرعة إلى المشهد. لهذا السبب تمكن من تحقيق نجاح كبير في تلك المجالات عالية المخاطر. في العمليات المختلفة التي نفذها بالفعل في سوريا أو العراق ، مع التقدم الذي حققه العدو في أدوات استخباراتية مختلفة ، وتمكن من اكتشاف التحركات وتركيز قدر كبير من المعلومات الاستخبارية ، لكن قاسم بقي يفاجئ العدو. لقد خاض بالفعل معارك كبيرة بأقل عدد من الضحايا وتكيف بسرعة مع التغيير واستخدم كل قدراته واستخدم الجميع وفقًا لثقافته الخاصة.

 

ورد على سؤال، مالذي يجعل الشهيد سليماني اليوم أخطر على العدو من وما الذي جعله يحقق تلك النجاحات؟ بالقول: قاسم ، عندما كان على قيد الحياة ، كنا نعرف الجنرال سليماني ؛ ولكن بعد استشهاده يتحدث الجميع الان عن الانتقام. حسنًا ، لقد أصبح الأمر أكثر خطورة. الآن ، أصبح الانتقام استراتيجية وأمنية ومبدا ونقطة انطلاق. في الأساس ، ازداد ميل الشباب إلى الجهاد بعد استشهاد قاسم. هذا يشكل خطرا على العدو. فنحن عندما لا نخاف من الموت نصبح خطيرين اكثر.

 

وقال: سر نجاح الحاج قاسم أنه اعتبر نفسه في الميدان بانه جندي الولاية . فنجاحات الحاج قاسم قبل استشهاده وتكريمه بعد استشهاده كانت نتيجة طاعته للولي الفقيه . إذا أردت أن أقول بكلمة واحدة عن كيف ينبغي أن يكون مسؤولونا مثل الحاج قاسم وكيف انهم يطيعيون الولي الفقيه ، فعليهم أن يفعلوا ما يقوله قائد الثورة. فبالتاكيد أن كل منهم سيجد مصير الحاج قاسم. هذا هو السر.