بسم الله الرحمن الرحيم‏

(واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة اشد من القتل) «[1]»، (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ..) «[2]».

اليوم وبعد تمادي حكومة إسرائيل الغاصبة في إثارة الفتن وعدوانها المستمر على البلاد العربية واستمرارها في نهجها الظالم لأصحاب الحق واضرام نيران الحرب مرة اخرى نشاهد اخواننا المسلمين يقاتلون في ساحات القتال وميادين الشرف مضحّين بأنفسهم في سبيل استئصال بؤرة الفساد هذه وتحرير فلسطين.

في هذه الحالة يجب على حكومات الدول الإسلامية كلها والدول العربية خاصَّة ان تعبئ جميع طاقاتها وقواها بالتوكل على الله- تعالى- والاعتماد على قدرته اللامتناهية، وأن تسرع إلى إسناد الرجال المخلصين المضحّين بحياتهم في مجابهة العدوِّ عاقدين آمالهم على الأمة الإسلامية.

وعلى حكومات هذه الدول أن تشارك في تحرير فلسطين لاحياء المجد والشرف وعظمة الإسلام بهذا الجهاد المقدس، وان تنبذ الفرقة والنفاق اللذين يؤديان إلى الدمار والذل، وأن تمد يد الاخوة بعضها إلى البعض، وأن توحد صفوفها، وألا تهاب قوة حماة الصهيونية واسرائيل المزيفة وألا تغرها وعود القوى العظمى، ولا يخيفها وعيدها الواهي، وأن تتجنب الضعف والتقاعس والتساهل الذي سيجر عليها الهزيمة المخزية والنتائج الوخيمة.

وعلى رؤساء البلاد الإسلامية أن يدركوا أن هذه الغدة السرطانية التي زُرعت في قلب البلاد الإسلامية ليست أداة قمع للشعوب العربية فحسب، وانما تهدد بأخطارها وأضرارها جميع منطقة الشرق الأوسط. إن الخطة هي سيطرة الصهيونية واستيلاؤها على العالم الإسلامي ونهب أراضيه المليئة بالخير ونهب مصادر ثروات البلاد الإسلامية. ولا يمكن التخلص من هذا الكابوس الأسود الاستعماري، إلّا بالتضحية والثبات ووحدة الدول الإسلامية. وإذا تخلت دولة أو قصّرت في هذا الأمر الحيوي الذي حدث للاسلام، فعلى بقية الدول أن تعيدها إلى جمعها بالتوبيخ والتهديد تارة، وبقطع علاقاتها تارة أخرى.

وعلى الدول الإسلامية التي تمتلك البترول أن تستعمله مع إمكاناتها الأخرى سلاحاً على اسرائيل والمستعمرين، وان تمتنع من بيع البترول الى الدول المساندة لاسرائيل. وعلى الأمة الإسلامية ألّا تبخل ببذل الغالى والنفيس لاجتثاث ربيب الاستعمار هذا وذلك على اساس واجبها الإنساني والأخوي وطبقاً للمعايير العقلية والإسلامية، وان تقدم الدعم المادي والمعنوي لاخوانها في جبهات القتال بارسال الدم والأدوية والاسلحة والمؤن.

وعلى شعب ايران الكريم المسلم ألّا يقعد غير مكترث بالعدوان الإسرائيلي الوحشي والمصائب التي يعاني منها اخوانه العرب والمسلمون، وأن يدعم اخوانه المسلمين في تحرير فلسطين والقضاء على الصهيونية، وأن يجبر الحكومة الايرانية على الخروج من صمتها المطبق والوقوف في صفّ حكومات الدول الإسلامية لقتال إسرائيل.

وعلى جميع أحرار العالم أن يتجاوبوا مع الأمة الإسلامية، ويستنكروا عدوان اسرائيل اللاإنساني. وعلى الدول التي تقاتل اسرائيل الآن ان تكون راسخة وجادة وقوية الارادة في جهادها الإسلامي المقدس، وأن تستقيم وتثبت، وألا تغفل عن أمر الله- تعالى- بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر «[3]»، وألّا تلقي بالًا لأباطيل المؤسسات التابعة للقوى الاستعمارية التي تدعو إلى الهدنة، وأن تطمئن بأن النصر سيكون حليف الامة الإسلامية في ظل التحمّل والاستقامة والالتزام بالتعليمات الإسلامية- (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) «[4]» (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مؤمنين) ( «[5]»

). وختاماً أسأل الله- تعالى- نصرة المسلمين.

شهر رمضان المبارك عام 1393 ه-

روح الله الموسوي الخميني‏

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحيفة الإمام، ج‏3، ص: 9

التاريخ 16 مهر 1352 هـ. ش/ 10 رمضان 1393 هـ. ق‏

المكان: النجف الأشرف‏

الموضوع: دعوة مسلمي العالم للوقوف في وجه الصهيونية والتصدي لها

المناسبة: استمرار الحرب الثالثة بين العرب والاسرائيليين (حرب اكتوبر عام 1973 م الموافق لشهر رمضان 1393 هـ. ق)

المخاطب: حكام الدول الإسلامية وشعوبها

 

[1] البقرة: الآية 191.

[2] البقرة: الآية 193

[3] العصر: الآية 3( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).

[4] محمد، الآية: 7.

[5] آل عمران: الآية 139.