سؤال: لماذا تعتقدون بقدسية الولي الفقيه بالرغم من عدم عصمته؟

جوابه: القداسة هي المحبّة المقترنة بالاحترام الشديد، فالمرء ونظراً لما يلمسه من كمال لدى شخص معيّن فإنه يكنُّ له المحبة ويوليه احتراماً خاصاً، ونظراً لعدم تساوي الناس بالكمالات، لذلك فإن من كان متميزاً واستثنائياً في حيازته للكمالات هو الذي يحظى بالمزيد من المحبة والاحترام.

والقداسة شأنها كالمحبة تسري بشكل طبيعي، من الشخص المحبوب إلى سائر الأمور المنسوبة له، بنحو لو أننا أحببنا شخصاً فإننا سنحبّ ذويه وأقاربه أيضاً، فلو أننا ـ على سبيل المثال ـ أحببنا الأستاذ فإننا نحب أبناءه بل وحتى لوازمه الشخصية أيضاً؛ لذا فإن شعبنا يكنّ المحبة لأسرة الإمام(قدس سره) وداره ولحسينيته ومرقده، ويُبدي عشقه لها.

 

القداسة روح الدين

إن القداسة هي التي تؤلف روح الدين إلى الحد الذي تؤكد الأديان السماوية بأجمعها على تجليل الله سبحانه وما يُنسب إليه، وحتى الأديان الضالة تقدّس الأصنام والأرباب، وما بحوزتنا من روايات يؤكد على هذا الأمر «هل الإيمان إلا الحب»[1] بناءً على هذا فإن أعلى مرتبة من القداسة في الإسلام إنما هي لله تبارك وتعالى، ويليها في المراتب اللاحقة من كان أكثر قرباً منه وارتباطاً به. ونظراً لأن الله سبحانه له الوجود المطلق والكمال المطلق... الخ فإن له الكبرياء الذي لا يضاهيه فيه أحد، ومن الطبيعي أن يكون الأكثر محبوبية من غيره إلى الحد الذي يجب السجود أمامه، وتمريغ الجباه بالتراب من أجله، وهذا السجود إنما يأتي بسبب تلك القداسة.

ويأتي النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) بالمرتبة اللاحقة حيث يتمتع بالمزيد من القداسة والاحترام لشدة ارتباطه بالله سبحانه إلى المستوى الذي يصلّي الله بنفسه عليه ويدعو المؤمنين للصلاة عليه أيضاً،[2] فيما يحرّم الشرع المقدس مسَّ اسمه(صلى الله عليه وآله)دون وضوء.

وهذه القداسة تسري من الله سبحانه إلى النبي(صلى الله عليه وآله) وخلفائه وهم الأئمة المعصومون المنصوبون من قبل الله تعالى، فتقبيل أضرحة الأئمة(عليهم السلام) وزيارة مراقدهم إنما مصدرها تلك القداسة.

وفي المراتب التالية لمراتب الأئمة(عليهم السلام) تسري هذه القداسة لمن انتسب إليهم بأي نحو كان، من قبيل السادة والمراجع وعلماء الدين؛ وبالرغم من ذم الإسلام لتقبيل اليد والخضوع المفرط لغير الله، لكن ذلك قد استثني في حالات خاصة منها: «أنه مَنْ أريد به رسول الله»[3]؛ أي أن هذا الشخص له من العظمة بحيث تُقبَّل يده بدلا عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والولي الفقيه بالرغم من عدم عصمته إلاّ أنه يتمتع بدرجات من هذه القداسة، بسبب انتسابه للإمام المعصوم(عليه السلام)ونيابته له، وهل لأحد أن يحب الله ولا يحب رسوله؟ أوَ يصح أن يحب المرء رسول الله ولا يحب خلفاءه ـ الأئمة ـ؟ وهل بالوسع إبداء الحب للإمام المعصوم(عليه السلام) دون محبة نائبه؟

[1]الكافي: 2/125، الرواية 5.

 

[2]مفاد الآية 56 من سورة الأحزاب.

 

[3]بحار الأنوار: 26: الباب 26، الرواية 25.