سؤال: إذا كان نظام ولاية الفقيه هو الأفضل، فلماذا لم تعالج بعض المشاكل في مجتمعنا ولم نحقق المجتمع المتقدم؟

جوابه: هذا التساؤل يثار أيضاً بحق حكومة أمير المؤمنين(عليه السلام) المعصوم والمصرّح به ـ استناداً لما نعتقد به ـ بولايته على الأمة[1] وصنويته للنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)[2].

تأسيساً على هذا ليس ثمة شك أو شبهة بين أوساط الفرق الإسلامية على اختلافها بشأن حقانية حكومة الإمام علي(عليه السلام) وشرعيتها؛ وقد عدَّ القرآن الكريم إبلاغ ولايته(عليه السلام) من قبل النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) إكمالا للدين وإتماماً للنعمة ورضىً من الله بالدين الإسلامي[3]، وبالرغم من كل ما تقدّم فإن نظرة إجمالية لتاريخ السنوات الخمس من حكم مولى المتقين، والظروف الاجتماعية التي كانت سائدة يومذاك، تُنبئنا عن مستوى النجاح الذي حقّقه(عليه السلام) لإقامة المجتمع النموذجي.

لقد أسهمت الحروب الداخلية من قبيل صفّين والجمل والنهروان، وتهديدات الأعداء من الخارج، والشحّة في القوى الإنسانية المقتدرة المخلصة، وكثرة المشاكل وسراية البدع والسنن الفاسدة والأمراض الاجتماعية المزمنة، والتغيير الذي طال تركيبة النظام القِيَمي، كلها ساهمت في التمهيد لهذا الوضع.

في تلك الأثناء كان علي(عليه السلام) أصلح الناس للحكم، والإمساك بزمام الأمة الإسلامية في تلك الظروف التي كانت سائدة يومذاك، وهذه الصعوبات ليس من شأنها إثارة أي شك في أصل شرعية ولايته(عليه السلام).

 

إشارة لبعض المشاكل التي يعاني منها النظام

واليوم يبرز الكثير من المشاكل التي يعاني منها نظام الجمهورية الإسلامية. منها ـ مثلاً ـ المشاكل الاقتصادية الناجمة عن عوامل شتى، وإصدار الحكم على مدى نجاح النظام الإسلامي يتوقف على دراسة تلك العوامل. وللإيضاح نقول: إن تضاعف النمو السكاني في إيران إلى مستوى الضعفين منذ انتصار الثورة حتى يومنا هذا؛ وارتفاع الأسعار عالمياً بما يتناسب مع التضخم العالمي، في حين هبطت أسعار النفط، الذي يعتبر أهم مصادر الدخل إلى أقل من الثلث، منذ عام 1357 هـ ش وحتى الآن؛ بالإضافة إلى التغير الكبير الذي طرأ على ثقافة الاستهلاك في المجتمع، واضطراد مستوى الطموحات بنحو ملفت للنظر؛ المقاطعة الاقتصادية والحرب والدمار الواسع الذي فُرض على بلادنا بسبب تمسكنا بالقيم الإسلامية؛ والحوادث الطبيعية الجمّة... الخ، كل ذلك كان له الدور في ظهور هذه المشاكل.

وكذا الحال بالنسبة للأزمات الثقافية، فلقد كان الكثير من علماء الإسلام والمربّين الدينيين، إما يخوضون معترك الجهاد، أو يقبعون في معتقلات النظام الطاغوتي قبل انتصار الثورة، وانشغالهم بالأعمال التنفيذية بعد انتصار الثورة لشدة حاجة النظام إليهم، وكذلك استشهاد طائفة من أفضل مَنْ ترعرعوا في كنف الشريعة الإسلامية أثناء الأحداث التي طرأت في بداية انتصار الثورة على ايدي الخونة من أعداء الإسلام، منهم على سبيل المثال الشهداء بهشتي ومطهري وباهنر ورجائي وشهداء المحراب... الخ الذين كان كل واحد منهم يعدّ ثروة لا تضاهى بالنسبة للنظام والإسلام.

أضف إلى ذلك التأثير العميق الذي خلّفه تدخّل الأعداء في إشاعة جوٍّ ثقافي مسموم، أمام جيل الشباب وفي افتعال المشاكل الثقافية.

وبالرغم من ذلك كلّه فقد كان النظام الإسلامي مدعاة رفعة وعزة لإيران على المستوى العالمي، وشموخ للأمة الإسلامية بوجه الطواغيت والمستكبرين في العالم؛ فهو الذي حفَّز المسلمين للاتحاد والتحرك، والحركات الإسلامية التي انبثقت في البوسنة والهرسك والشيشان والجزائر ولبنان ومصر وتونس والسودان بل وحتى في بلدان أوربا الغربية وأمريكا؛ مستلهمةً من النهضة الدينية والإلهية التي قام بها الشعب الإيراني؛ إنما تعدّ من بركات التوجه نحو دين الله وولايته.

ليس هنالك من يدّعي تطبيق القوانين الإسلامية برمّتها في البلاد بعد انتصار الثورة، بل ـ وكما صرّح بذلك قائد الثورة ـ أمامنا طريق طويل لتطبيق ما رسمه الدين للمجتمع؛ وهذه المشكلات والمصاعب ليس من شأنها التشكيك بشرعية النظام.

[1] «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ» المائدة: 55.

[2]  جرى بيان هذه القضية في آية المباهلة (آل عمران: 61).

[3]  وهو مفاد الآية الثالثة في سورة المائدة.