احترام شهر رمضان

2007-08-23

وأؤكد هنا ان الدعايات الكاذبة، والحمقاء والخبيثة أحياناً، تريد الايحاء إلى ان الناس كانوا في السابق أكثر تديّناً وتمسكاً بالاخلاق ممّا هم عليه الآن. وهذا كذب. ما المقصود من الزمن السابق؟ أقبل مائتي سنة؟ نعم ربّما كان ذلك، وهذا ما سمعناه ولم نشهده بأعيننا. أما إذا كان المراد بالسابق قبل خمسين أو أربعين أو ثلاثين سنة، فمدينة طهران هذه كان الداخل إليها لا يستشعر فيها وجود الصوم في شهر رمضان؛ الناس يدخنون ويتناولون الطعام. وفي مشهد التي تعتبر مدينة مقدسة كان إفطار الصوم أمراً سهلاً وجهاراً، حتى ان بعض مناطق المدينة لا يبدو عليها حلول شهر رمضان.

حينما كنا ندخل ظهراً إلى المساجد في أيام شهر رمضان، لم نكن نجد في كل مسجد أكثر من 50 إلى 60 أو 100 شخص على أكثر الاحتمالات إلا في المساجد التي كان يوجد فيها خطيب بارع.

 

الصوم أفضل الاعمال

الصوم من أفضل الأعمال. ومع انه ظاهرياً لا ينطوي على أي اقدام، إلا انه في الباطن اقدام، وعمل ايجابي، وسبب ذلك هو انعقاد النيّة على أداء هذا العمل. وهذا هو ما يجعلك أيّها الإنسان في حالة عبادة منذ لحظة الصيام الأولى من طلوع الفجر وعلى مدى النهار حتّى وان كنت نائماً أو كنت ماشياً. وهذا هو ما نقل عن رسول اللّه (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) انه قال: «أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة». ولكن كيف يكون النوم عبادة، والتنفس تسبيح؟ وذلك لأن الإنسان يدخل إلى هذا الوادي بهذه النيّة، حتى وان كان لا يؤدي أي عمل فهو في حالة عبادة مستمرّة.

 

صوم الجوارح

الإنسان الذي يصوم شهر رمضان من خلال كفّ نفسه عن الطعام والشراب والمشتهيات النفسية والجنسية يجب عليه أيضاً أن يصوم بصره وسمعه وكل أعضائه وجوارحه، وان يعتبر نفسه ماثلاً بين يدي ربّه، وهاجراً للذنوب والمعاصي.

وجاء في تتمة الرواية: «ولا يكون يوم صومك كيوم فطرك».

وانطلاقاً من ضرورة تربية أنفسنا، يجب علينا اغتنام هذه الفرصة.

وجاء في رواية أُخرى عن أميرالمؤمنين (عليه الصلاة والسلام) ان صوم النفس غير صوم الجسم، فـ: «صوم النفس امساك الحواس الخمسة عن سائر المآثم، وخلو القلب من جميع أسباب الشر». أي ان نطهر القلب من كلّ غل وغش للّه ولعباده. كما توجد روايات كثيرة أُخرى في هذا المضمار.

 

الصوم  رياضة

الصوم واحد من تلك الرياضات، والصوم لا يتلخص بالامتناع عن الطعام والشراب. فلابدّ أن يكون الامتناع عن الطعام والشراب صادراً عن نيّة، وإلاّ فقد تعرض للإنسان مشاغل أحياناً تلهيه عن الطعام والشراب 12 ساعة أو 15 ساعة، لا ينال عن ذلك أي ثواب. أما إذا كان الامساك عن نيّة، «اجعلنا ممّن نوى فعمل» أي ان ينوي ويعمل في أعقاب النيّة، فهذا هو الجوهر الوضّاء الذي يضفي عليكم الجلال ويزيّن أرواحكم بالكرامة.

 

كبح جناح الشهوة بالصوم

كل دعوة تحث الإنسان على ارخاء الزمام لنفسه في منحدرات اللذة ومشتهيات الحياة؛ فهي دعوة له إلى النار، وإلى الشقاء والهلكة. أما دعوات الأنبياء والحكماء فهي تدعوا الإنسان إلى كبح جماح نفسه عن اللذائذ. والصوم يدخل في هذا العداد.

 

شهر رمضان بركة للجميع

انّ لهذا الشهر ثلاثة أعمال ووظائف رئيسية، وإن كانت لجميع الأعمال الحسنة المقرّبة الى اللّه فضيلة كبيرة، فقد ورد انّ «أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة»، انظروا كم هي فضيلة هذا الشهر، وهذا لا يختصّ بالصائمين فقط، بل يشمل الذين تعذّر عليهم الصيام أيضاً، فهم خسروا الصيام ولم يخسروا شهر رمضان، فالجميع يستفيد من شهر رمضان حتّى المعذور لسفر أو مرض أو شيء آخر.