أعلن قائد حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، عن موعد التغييرات الجذرية التي سيتم إحداثها في هيكل الدولة وحكومة الإنقاذ الوطني.

 

وقال السيد الحوثي، في خطاب له بمناسبة الذكرى الـ9 لثورة الـ21 من سبتمبر، إن المرحلة الأولى للتغير الجذري التي ستوفر أرضية صلبة ومنطلقا ثابتا وسليما، سنعلن عنها في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، أي يوم الأربعاء القادم.

 

وأوضح، أن الأسس والمنطلقات التي سيتم الاعتماد عليها في التغيير الجذري هي الهوية الإيمانية للشعب اليمني، وبرؤية جامعة في إطار القواسم المشتركة والشراكة الوطنية وتحقيق الاستقلال للبلاد.

 

وأضاف أن التغيير الجذري في مؤسسات الدولة يؤسس لمرحلة جديدة تؤدي فيها دورها في خدمة الشعب بمسؤولية وأخلاق ورقابة صارمة وتستفيد من التقنيات الحديثة في سرعة إنجاز المعاملات.

 

وأشار إلى أن حجم الاختلالات في الوضع الرسمي يتطلب تغييرا جذريا يعيد للشعب الأمل والانتعاش.

 

وبحسب السيد ، فإن المرحلة الجديدة في مؤسسات الدولة "تحول بلدنا إلى منتج وليس لمعتمد على الاستيراد في كل شيء".

 

وأوضح السيد أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر هي من أهم نعم الله على شعبنا، ومن أهم الإنجازات التي وفق الله شعبنا لتحقيقها، فهي ثورة أنقذت وحررت شعبنا من الوصاية، التي كانت معلنة ومكشوفة.

 

التدخل الأمريكي في البلد

 

وأكد السيد الحوثي أن ما قبل 21 سبتمبر التقت رغبة الطامعين بالسيطرة على البلد مع التوجه الخاطئ لبعض الأشخاص والأحزاب للحصول على المناصب بالارتهان للخارج وقبل الثورة فرض الأمريكيون سياسات عدائية تتجه بالبلد نحو الانهيار التام في كل المجالات، فاستغلوا الخلافات السياسية لتحويل الحالة إلى تنافس في خدمته وتمكينه، كما شهد البلد قبل الثورة انهيارا أمنيا تاما فتحولت صنعاء إلى مسرح مفتوح للمجرمين والاغتيالات والتفجيرات وتمكين التكفيريين من الانتشار في معظم المحافظات.

 

وقال: “كان الاقتصاد قبل الثورة منهارا دون حرب ولا حصار وفي وقت كانت فيه الموارد السيادية من نفط وغاز في كل أرجاء الوطن تحت تصرف السلطة، وكانت المشاكل والنزاعات تتفاقم قبل الثورة وكانت الروابط تتفكك والولاءات السياسية تفرق الشمل حتى على مستوى الأسرة الواحدة، كما كان هناك قبل الثورة حملة إعلامية تسيء للقبيلة اليمنية وتثير الأحقاد والنعرات العنصرية والمناطقية والمذهبية بشكل مكثف لتمزيق النسيج الاجتماعي.

 

وأضاف السيد أن الانحدار الذي شهدته قطاعات التعليم والصحة قبل الثورة اتجه بأبناء اليمن نحو الإحباط واليأس وانعدام الأمل ولم يكن هناك أي توجه للنظام السابق من أجل بناء البلد وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحولت مهمة الجيش للاقتتال الداخلي وتدمير قدراته التي لها علاقة بالتصدي للعدوان الخارجي.

 

وتابع السيد: من المؤسف جدا أن الأمريكي كان يدفع بالقادة والمسؤولين والجهات المعنية لتنفذ هي تلك السياسات التدميرية، ويريد لليمنيين أن يكونوا هم بأنفسهم من يخربون وطنهم، ويهدمون بنيانهم، ويفسدون حياتهم، ويخسرون استقلالهم، وعزتهم، وكرامتهم، ومستقبلهم، بأيديهم وإملاءاته، في مهزلةٍ مخزيةٍ ومأساوية.

 

وأكد أن شعبنا العزيز بهويته الإيمانية، وحريته المتجذرة، وكرامته الأصيلة، كان لهم بالمرصاد، فثار ثورته المباركة لوضع حدٍ لتلك الكارثة.

 

ولفت السيد إلى أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر تميزت بـ الفاعلية، والأخلاق، والقيم الراقية، والحكمة، والتسامح، والحرص الكبير جدا على السلم والشراكة.

 

العدوان على اليمن

 

وأوضح أن شعبنا كان حريصا على السلم والشراكة في ثورته، لكن قوى الشر استمرت في مؤامراتها ضد شعبنا العزيز وبعد فشل خططهم في احتواء الثورة قام الأمريكيون والبريطانيون وبتحريض إسرائيلي بتوريط قوى إقليمية على رأسها النظام السعودي والإماراتي بشن عدوان غادر على شعبنا.

 

ولفت إلى أن العدوان الإجرامي قتل عشرات الآلاف من أبناء شعبنا وارتكب جرائم الإبادة الجماعية واستهدف كل شيء بما يكشف عن طبيعته وأهدافه الحقيقية.. وأضاف الحصار الخانق حول الحصول على الغذاء والدواء إلى معضلة وبتكاليف مرهقة ما زاد معاناة شعبنا العزيز، ومع العدوان والحصار قام التحالف باحتلال أجزاء واسعة من بلدنا وواصل سياسته العدائية في تمزيق النسيج الوطني وتجييش التكفيريين والمرتزقة ضد شعبهم وقبائلهم.

 

وقال السيد: شن العدو حربا تضليلية واقتصادية وإفسادية لتحويل الأنظار عن أفعاله الشنيعة وعن الأولويات الإنسانية والوطنية في التصدي لعدوانه ومؤامراته على بلدنا.. مؤكدا أن شعبنا العزيز تصدى للعدوان باستبسال وصبر ووعي وثبات مستعينا بالله ومتوكلا عليه وتجلى في صموده العظيم مصداق قول رسول الله “الإيمان يمان والحكمة يمانية”.

 

بناء القدرات العسكرية

 

وأكد السيد الحوثي أن أحرار هذا الوطن، من مجاهديه الأعزاء، وجيشه الوفي، اتجهوا إلى بناء القدرات العسكرية، وتصنيع قوة الردع، التي تضرب المنشآت الحساسة في عمق المعتدين، كالقواعد الجوية، والمنشآت النفطية، والأهداف العسكرية، فامتلك بلدنا- بتوفيق الله تعالى ومعونته- التقنية الصاروخية.

 

وأوضح السيد أن القوة الصاروخية صنعت في تطورٍ تصاعدي أنواع الصواريخ بالمديات المتنوعة: من قصيرة المدى، ومتوسطة المدى، وبعيدة المدى، وباليستية، ومجنحة، وبدقةٍ تامة، وكذلك قسم الطيران المسير، الذي صنع أنواع الطائرات المسيرة بمديات ومسافات متنوعة، والقوات البحرية الباسلة التي صنعت أنواعا مختلفة من سلاح البحرية، وكذلك في القوات الجوية، وسلاح الدفاع الجوي.

 

وقال السيد ” مع الحصار الشديد كان التوجه نحو التصنيع لكل أنواع السلاح والمتطلبات العسكرية: من المدفعية وقذائفها، والقناصات… وغيرها، والخلاصة: من المسدس إلى الصاروخ، وهذا إنجاز عظيم، ونتيجة معاكسة لأهداف تحالف العدوان، الذين كان من أول أهدافهم المعلنة: تدمير القدرات العسكرية لبلدنا.

 

وأوضح أنه تم العمل لإعادة بناء الجيش في المناطق العسكرية والمحاور، وبناء قدراته، ورفع مستوى الأداء القتالي، وترسيخ العقيدة القتالية المنبثقة من انتمائه الإيماني.

 

وأكد أن فاعلية وقدرة الجانب العسكري، ظهرت في العمليات القتالية، والضربات المدمرة، والإصابات الدقيقة، وكذلك تم عرض نماذج منها في العروض العسكرية، وكان منها ما تم عرضه اليوم…موضحا أن الجهود تكللت بالنجاح الباهر، في إعادة بناء الأجهزة الأمنية، وبتوفيق الله تعالى نجحت في التصدي لمؤامرات الأعداء، حيث كانوا يحاولون فتح حربٍ تخريبيةٍ إجراميةٍ فظيعة: بالاغتيالات، والتفجيرات، على غرار ما فعلوه في العراق وأسوأ، ففشلوا في ذلك إلى حدٍ كبير، واعتقلت الأجهزة الأمنية عشرات الخلايا الإجرامية.

 

جهود الأجهزة الرسمية

 

وأوضح السيد أن الإخوة المعنيون في الجهات الرسمية، واللجنة الاقتصادية، بذلوا جهدا كبيرا في التصدي لمؤامرات الأعداء، ووفقهم الله في فشل العدو في الانهيار للعملة، حيث كانت خطط العدو تنجح فقط في المحافظات المحتلة، وتفشل في المحافظات الحرة.

 

وقال السيد” في المجال الاقتصادي: كانت مؤامرات الأعداء دنيئة جدا، وفي غاية الظلم والقسوة والتوحش، فلم يكتفوا بالحصار الشديد، وتدمير المتاجر، والمزارع، والمصانع، والسيطرة على النفط والغاز، وحرمان الشعب من عائداتها كثروةٍ وطنيةٍ أساسية، وإصابة الوضع الاقتصادي بالشلل؛ من أجل تعطيل الأعمال، بل كانوا يستهدفون العملة الوطنية، ويحاولون أن يصلوا بها إلى الانهيار؛ لتوجيه ضربةٍ أخيرة تقضي على ما بقي من تماسكٍ اقتصادي، وكان لهم مؤامرات أخرى من هذا القبيل، بدؤها باستهدافهم البنك المركزي”.

 

وتابع قائلا” شعبنا العزيز: لقد كان من الطبيعي أن تكون الأولوية الأولى والكبرى هي التصدي للعدوان؛ إذ هي أولوية بكل الاعتبارات: الإنسانية، والأخلاقية، والدينية، والوطنية، ولا تزال أولوية، حتى يتم إنهاء العدوان والحصار والاحتلال، ولكننا لن نتجاهل الأولوية الأخرى، في تصحيح الوضع في مؤسسات الدولة، كهدفٍ أساسيٍ من أهداف ثورتنا المباركة، ومطلبٍ شعبيٍ نعمل على تلبيته”.

 

اشكالات العمل الرسمي

 

وأوضح السيد أنه وبالرغم مما يبذله الأحرار الصابرون المخلصون من مسؤولي الدولة، من جهدٍ في كل المجالات، في ظل الظروف الصعبة جدا، والاستهداف العدائي من التحالف، فإن كثيرا من الإشكالات الموروثة من الماضي، في: الأنظمة، والسياسات، والقوانين، والإجراءات، مع وجود بعضٍ من المدسوسين في مرافق المؤسسات، الذين بقيت لهم ارتباطاتهم بالأعداء، ووجود البعض من المسؤولين المقصرين، والبعض من منعدمي الكفاءة؛ كل ذلك كان له تأثيره السلبي في أداء مؤسسات الدولة.

 

وأكد أن المؤسسات الرسمية مع وجود مسؤولين مخلصين وجادين، وصبر الآلاف من الموظفين على انعدام الراتب، ومحدودية النفقات التشغيلية، تعاني أيضا من تلك الاختلالات والأمراض المزمنة، من: وجود أسلوب الابتزاز المالي من بعض المسؤولين، والروتين الرسمي البطيء جدا في إنجاز المعاملات.

 

وأضاف أن تلك الإشكالات كان لها تأثيرها السلبي على القضاء، بالرغم من الجهود المضنية للمخلصين الصادقين من كوادره الأوفياء، لكن حجم الاختراق، والظواهر السلبية، والأنظمة الفاشلة الموروثة من الماضي، أثرت على أدائه تأثيرا مؤسفا.

 

العدوان يأخذ حيزا من الوضع المزري

 

وأكد السيد أن حجم العدوان، والحصار، والمؤامرات العدائية، يأخذ حيزا أكبر في الوضع المزري لبعض مؤسسات الدولة، ومحدودية الإمكانات، وهو السبب الرئيسي في توقف الراتب، الذي كان مصدره الأساسي هو عائدات النفط والغاز، وإضافة إليه: موروث الماضي، في الاختلالات السلبية المعتادة في أداء بعض الموظفين، وفي الأنظمة والقوانين التي تحتاج إلى إصلاح، ومضافا إليه: من لا يمتلكون الرؤية الصحيحة، أو الكفاءة بحجم المسؤولية.

 

ولفت إلى أنه ومع التدمير الممنهج للطرق والمنشآت الخدمية، سعت الجهات الرسمية لمواصلة تقديم الخدمات وترميم الطرقات وتشغيل الكهرباء ومشاريع أخرى.. مضيا” كان من الطبيعي أن تكون الأولوية الأولى والكبرى التصدي للعدوان، فهي أولوية كبرى بكل الاعتبارات وستبقى كذلك حتى إنهاء العدوان والحصار والاحتلال.. مؤكدا أنه ومع أولوية مواجهة العدوان فلن نتجاهل الأولوية الأخرى في تصحيح الوضع في مؤسسات الدولة كهدف أساسي لثورتنا وكمطلب شعبي نعمل على تلبيته.

 

وأكد السيد أن العمل على إصلاح وضع مؤسسات الدولة هو ضرورة وطنية، ومطلب شعبي، وأساس مهم لصمود البلد في وجه الأعداء ومؤامراتهم، وتحويل التحدي إلى فرصة، والعمل وفق رؤيةٍ صحيحة، تؤدي فيها مؤسسات الدولة دورها في توفير البيئة، والظروف المناسبة لنهضة الشعب، وحركته الاقتصادية، وإدارة وتنمية الموارد؛ بحيث تكون السياسة الاقتصادية معتمدة على تنمية الموارد؛ لتنمية الإيرادات، بدلا عن الاعتماد كليا على الجباية المالية المرهقة للمواطنين.

 

أسس التغيير الجذري

 

وأكد السيد أن حجم الاختلالات في الوضع الرسمي يتطلب تغييرا جذريا، يعيد للشعب الأمل والانتعاش، ويؤسس لمرحلةٍ جديدة، تؤدي فيها مؤسسات الدولة دورها في خدمة الشعب، بمسؤولية، وأخلاق، وقيم، ورقابةٍ صارمة، وبسياساتٍ صحيحةٍ وسليمةٍ ومثمرة، وتستفيد أيضا من التقنيات الحديثة، في اختصار الإجراءات، وسرعة إنجاز المعاملات، وتحديث الإدارة، وتنطلق من رؤيةٍ صحيحة في البناء الحضاري والاقتصادي، تحول بلدنا إلى منْتج، وليس معتمدا كليا على الاستيراد لكل شيء، حتى لأبسط متطلباته.

 

وأوضح السيد أن الأسس والمنطلقات التي سوف نعتمد عليها في التغيير الجذري هي: الهوية الإيمانية لشعبنا يمن الإيمان والحكمة، وبرؤيةٍ جامعة، في إطار القواسم المشتركة، وكذلك الشراكة الوطنية التي نسعى لتعزيزها وترسيخها، وتحقيق الاستقلال والحرية لبلدنا، واستعادة اللحمة الوطنية، والبناء الحضاري.

 

وقال : المرحلة الأولى للتغيير الجذري، والتي سوف توفر أرضية صلبة، ورؤية صحيحة، ومنطلقا ثابتا وسليما، سنعلن عنها- إن شاء الله تعالى- في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.