يا ساقي العشاق.. 

للشاعر حبيب علي.. 

أَدِرْ يا ساقيَ العشاق كأساً وارْوني عشقا 

وخلِّي القلب يلقى فيه ما يلقى 

وروِّي الروح إنْ ظمأتْ

إلامَ تظل في طغيانه تشقى 

أدِرْها علَّني أسْتَنطق الإلهام في شفتيهِ

أو أستلهمُ النطقا 

لعلَّ فؤاديَ المكلومَ

يشفى بابتسامتهِ ،

لعل جبينه الوقَّاد يُطفي حرَّ آهتهِ

لعل المدَّ في عيْنيهِ يُنسي جرحيَ الدفقا 

أدِرْ كأساً لعلي أبلغ الأسرارْ

لعلي أبتغي سراً به فُتِقتْ هناك النارْ

وما كانت سوى رتقا 

أدِرْها علني أستقرأُ المكتوب في كفَّيْهْ 

فما سرُّ اللَّهيب على شفا عيْنيهْ 

به يصلى حشا عشاقه الحرقا .

وما سرُّ اصطفاف المزن في خديهْ 

منها الغيث يستسقى 

وماذا كان حجم البوح في شفتيهْ 

حتى أخرس الأفلاكَ

حتى أذهل الأملاكَ 

حتى أعجز الخلقا 

أ إنسٌ كان ؟ 

كيف اجتاز إنسٌ ذلك السورا ؟

ومِن أيِّ الشموس استلهم النورا ؟ 

وقبلاً كانت الدنيا بعين الخلق ديجورا 

إلى أن أشرقتْ شرقا 

أ أعطاه الإله عصى ليُلقيها 

كما موسى كليم الله أُعطيها 

وقد ألقى 

وشقَّ بها جبينَ البحرِ كي يجتازَه شقا 

وطاف بها اضطراب الموجِ 

ساعٍ ينقذ الغرقى 

وهل أعطاه عيسى سرَّهُ حتى 

غدتْ يمناه تحيي العظم والعِرقا ؟ 

إذا ما لوَّحت غرباً 

إذا ما لوحت شرقا

وسبحته ترى من أين جاء بها فأبداها 

ومن ذاك الذي أعطاه إيَّاها 

أكانتْ سبحة الزهراء أم كانت لَدى طه ؟

فقد صعقتْ عروش الأدعيا صعقا 

وقد دقَّتْ جبين الظلمِ في صخر الإبا دقَّا 

تموجُ قوافل العشَّاق في تسبيحها موجاً 

لتستوحي الإبا عزماً

وتستسقي الفدا عشقاً 

وتسترجي الردى شوْقا 

تُرى مِن أين هذا الفيض جاء به ؟ 

يُحيلُ المستحيل بطرْفه صدقا

ولو شاءت لحاظ العين 

لأمسى كل ما في الكون بين يديهِ 

حتى الغول والعنقا !.

غريب أمر هذا الطاعن التسعينْ

غريب أمر روح الله 

غريب أمره حقا . . .

1419هـ