إننا تلك المادة الخام التي ما إن اشتغلنا على أنفسنا واستطعنا أن نحوّل هذه المادة إلى أشكال أسمى نكون قد أنجزنا ذلك العمل الضروري في الحياة... على المؤمن أن يعمل دائماً على نفسه. وإذا لم يكن بإمكاننا أن نراقب أنفسنا دائماً وأن ننكب على بنائها، فعلينا على الأقل أن نغتنم شهر رمضان.

 

إننا تلك المادة الخام التي ما إن اشتغلنا على أنفسنا واستطعنا أن نحوّل هذه المادة إلى أشكالٍ أسمى، نكون قد أنجزنا ذلك العمل الضروري في الحياة. وهذه هي غاية الحياة. الويل لمن لا يعملون على أنفسهم علماً وعملاً، ويخرجون من هذه الدنيا كما جاؤوا إليها مضافاً إلى كل ما يعتري الإنسان طوال حياته من اهتراء وتلف وخراب وفساد! يجب على المؤمن أن يعمل دائماً على نفسه، دائماً. ولا تخالوا أنّ قيد "دائماً" هذا إضافي أو غير ممكن. كلا! فكما هو ممكن هو غير إضافي أيضاً. فإذا راقب الإنسان نفسه وكان حريصاً على تجنب الأعمال الممنوعة والمحظورة، وطوى صراط الله المتعالي بجدية، فإنه سينجح. هذا هو البناء المستمر للذات، وبرنامج الإسلام يتناسب دائماً مع هذا البناء المستمر للذات. فلماذا هذه الصلوات الخمس – إقامة الصلاة خمس مرات – والذكر، وتكرار {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} (الفاتحة، 5)، والركوع والسجود، وتسبيح الله المتعالي وتحميده وتهليله؟ إنها من أجل أن ينكب الإنسان دائماً على بناء الذات. لكنِ المشاغل كثيرة وجميعنا لدينا مشاغل. مشاغل الحياة، مشاغل المعيشة، مشاغل الأمور الشخصية، مشاغل الأهل والأولاد... أنواع المشاغل الأخرى كافة التي تمنعنا من أن نهتّم بأنفسنا كما يجدر. لقد جعل الله المتعالي شهرَ رمضان، وهو فرصة مغتنمة، فلا تفرّطوا بهذا الشهر. هذا ما أرمي إليه. على المؤمن أن يعمل دائماً على نفسه. وإذا لم يكن بإمكاننا أن نراقب أنفسنا دائماً وأن ننكب على بنائها، فعلينا على الأقل أن نغتنم شهر رمضان.

 

الإمام الخامنئي 23/2/1993