تُستأنف المفاوضات النووية بين الجمهورية الإسلامية ودول 4+1والتي ستكون جولتها السابعة غداّ في فيينا للبحث حول الاتفاق النووي بشروط جديدة فرضتها التغيرات الاستراتيجية وبعد الانسحاب المتسرّع للرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018 من الاتفاق السابق الموقّع بين الطرفين عام 2015 أثناء ولاية الرئيس باراك أوباما.

 

وتتزامن أجواء المفاوضات مع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال العالم النووي الإيراني الشهيد محسن فخري زاده في السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 2020. وقد أحيت إيران المناسبة من خلال قرار بلدية مدينة "قم" تحويل منزل والد العالم إلى متحف "حفاظاً على القيم الثمينة للشهيد وتعريف الأجيال القادمة بهذه الشخصية العلمية الشامخة".

 

فمن هو الشهيد محسن فخري زاده؟

ولد في "قم" عام 1958، والتحق بحرس الثورة الإسلامية بعد الثورة عام 1979 وتدرّج لمستوى ضابط، حصل على بكالوريوس في الفيزياء النووية من جامعة الشهيد بهشتي في عام 1987، درس الماجستير في جامعة أصفهان للتكنولوجيا، ونال الدكتوراه في الإشعاع النووي والأشعة الكونية.

 

ابتداءً من عام 1991، كان فخري زاده أستاذًا للفيزياء في جامعة الإمام الحسين(ع). يُعتبر من علماء الصف الأول، ورئيس منظمة البحث والتطوير في وزارة الدفاع الإيرانية (المعنية بتطوير الاسلحة)، أسس وقاد منظمة الابتكار والبحث الدفاعي التي أجرت أبحاثًا حول الأسلحة النووية.

 

يصف بعض من عايش مراحل بحثه ودراسته انه برع وتفوّق في العلوم الفيزيائية والتكنولوجية، وانفرد بميزات علمية خاصة حتى صار مصدراً للخدمات طوال أعوام بصفته حلقة مركزيّة للعديد من الأنشطة العلميّة النوويّة والدفاعيّة، بحيث كان يدعو دائماً لعقد حلقات النقاش حول البحوث والدراسات، كما أن تعمّقه في النظريات والتدقيق فيها وعدم الاقتناع بسطحية بعض الأبحاث، كل ذلك جعل منه عالماً.

 

فخري زاده بعيون "أعداء" إيران

ويذكر اسم محسن فخري زاده من بين 5 شخصيات إيرانية ضمن قائمة أقوى 500 شخصية في العالم وفق مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، وأدرج اسمه منذ عام 2006 على ما يسمى "لوائح العقوبات" على خلفيّة اعتباره "رأس البرنامج النووي".

 

وجرى تصنيف فخري زاده في الرابع والعشرين من آذار عام 2007 على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد إيران، وهو العالم الإيراني الوحيد الذي سمّاه بالاسم مباشرة رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو خلال عام 2018، زاعماً انه كان يعمل في برنامج أسلحة نووية.

 

وفي آذار عام2018 قالت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية عن فخري زاده أنه ضابط رفيع المستوى في حرس الثورة الإسلامية برز على أنه "أبُ البرنامج النووي "، فيما سعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مقابلته بشأن برنامج إيران النووي الأمر الذي رفضته طهران.

 

الاغتيال والشهادة

مع بروز الجمهورية الإسلامية كقوّة نوويّة عالمية رادعة "لأعدائها" وما تمثّله بالنسبة لهم من تهديد حقيقي، بفضل جهد كوادرها في تطوير البرنامج النووي رغم الحصار والعقوبات، وبفضل جرأة وشجاعة قادتها متجاوزين الضغوطات والعقوبات الأمريكية، كان لا بدّ من وضع كل عالم نووي على رأس الاستهدافات الأمنية. وتعرض فخري زاده لكمين أثناء سفره في سيارة كان يقودها برفقة زوجته على طريق ريفي في مدينة "أب سرد"، بالقرب من طهران، وأعلنت الجمهورية الإسلامية بعد أيام أن الكيان الإسرائيلي بجهازه الاستخباراتي "الموساد" مسؤول عن تنفيذ الاغتيال بأسلحة رشاش تعمل عن بُعد بتقنيات متطوّرة.

 

مصدر : الخنادق