شخصية جمعت بين القائد النوراني ورجل الدين العرفاني والمصلح الاجتماعي الرباني، فكانت منارة يشع نورها على كل مستضعفي هذه البسيطة،  وبوصلة فكرية وثقافية لكل الأحرار والشرفاء في العالم، والداعم الرئيس والأساس لكل ثورة ونهضة في وجه المستكبرين والظالمين.

شخصية جمعت بين القائد النوراني ورجل الدين العرفاني والمصلح الاجتماعي الرباني، فكانت منارة يشع نورها على كل مستضعفي هذه البسيطة، وبوصلة فكرية وثقافية لكل الأحرار والشرفاء في العالم، والداعم الرئيس والأساس لكل ثورة ونهضة في وجه المستكبرين والظالمين.

لعل أبلغ وصف عن هذه الشخصية العظيمة ما قاله البطريرك المقاوم الراحل كابوتشي (رحمه الله):" كان الإمام ابًا لمستضعفي العالم، انه زعيم روحي، وقائد سياسي ديني عظيم... لقد كان انتصار إيران على القوى العظمى في العالم، نتيجة للإيمان القوي للشعب بالله وبقيادة الإمام الخميني (قده)".

 

ما قام به روح الله الموسوي الخميني (قده) من ثورة مجيدة مباركة حطمت طواغيت العصر جعلته محط أنظار العالم

ما قام به روح الله الموسوي الخميني (قده) من ثورة مجيدة مباركة حطمت طواغيت العصر جعلته محط أنظار العالم، أضف إلى ذلك أن الطروحات التي قدمها الإمام كانت من صلب ومن جوهر الرسالة المحمدية الأصيلة، تحمل أفكار ومبادئ إنسانية أخلاقية، بنا من خلالها عقد اجتماعي ناجح قائم على المساواة والعدالة والحرية المستقاة من الدستور الإلهي، فلفت القلوب والعقول، وجعل أبناء الجمهورية الإسلامية يلتفون حوله بشيبهم وشبابهم وأطفالهم ونسائهم ورجالهم.

ما قدمه وبقراءة نفس اجتماعية لم يكن عاديًا سيما في تلك الفترة التي كانت تسيطر عليها المذاهب والمبادئ الشيوعية والرأسمالية والاشتراكية والتي كانت تنتشر كالنار في الهشيم بعقول الشباب، فأتى بخطاب عقلاني روحاني منطقي إيماني وبلغة لطيفة محقة غير من خلال هذا الخطاب توجهات الشباب العقائدية، واستطاع بعباءته وعمامته أن يطفئ هذه النار ويجعلها نورا عبر إعادته البوصلة إلى اتجاهها الصحيح. 

وتبعا لرؤيته الاستراتيجية فعالج كل الاتهامات الضالة التي كانت تعمل على تشويه الإسلام وتشويه ما قدمه، وهذا ما دفع بالصحفي والكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل أن يقول:" هو رجل عظيم جاء من زمن آخر، الخميني رصاصة انطلقت من القرن السابع الميلادي لتستقر في قلب القرن العشرين" لا بل نضيف استقر في قلب القرن الواحد والعشرين، والى حين ظهور الإمام الحجة (عج).

قدم الإمام تصورات وحولها إلى أفعال ولم يكتف فقط بالقول بل ربطه بالفعل، تماما كما قدم نظرته للإنسان بأنه من خلال قدراته وطاقاته وما يملكه من نقاط قوة يستطيع ان يصنع المستحيل، وهذا ما عمل عليه وعززه، فبنى مجتمعا قويا متماسكا يعتمد على الاكتفاء الذاتي وعلى الاقتصاد المقاوم، وما زرعه روح الله منذ عقود تحصده الجمهورية خاصة في هذه الفترة التي تشهد عقوبات قصوى من قوى الشر وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. 

وبالعودة لنظرة الإمام إلى الإنسان يقول:" لا يوجد في العالم كله كائن يضاهي الإنسان الذي يملك ادراكات وطاقات ومؤهلات تربوية لا متناهية" فهو ينظر للإنسان على انه لديه نزعة فطرية نحو الكمال اي الكمال الذي لا نقص فيه، وذلك ما تجسد في الخالق سبحانه وتعالى.

ولأنه آمن بالإنسان دون أي تمييز بين ذكر وأنثى ويكفينا فخرا وشرفا وعزة ما قاله عن المرأة أنها كالقرآن:"المرأة كالقرآن كلاهما أوكل إليه صنع الإنسان". وهذا يلخص الكثير الكثير... إذن لأنه آمن بالإنسان وعمل على استنهاض هذه الهمم نجحت إيران بإشراف وتوجيهات الإمام السيد الخامنئي أن تصل إلى ما وصلت إليه في أيامنا الحالية من تطور وتقدم على كافة الصعد.

 

شدد الإمام الخميني (قده) على الوصول لصناعة الإنسان الرسالي المؤمن المنتج

لقد شدد الإمام الخميني (قده) على الوصول لصناعة الإنسان الرسالي المؤمن المنتج وليس فقط المستهلك، وركز على دور الأسرة في ذلك، فقد قدم طروحات اجتماعية ملفتة، وهي منظومة قيمية أسرية بالغة الأهمية، فأشار إلى الأدوار المنوطة بكلال الوالدين فيقول: "على الإباء والأمهات أن يدركوا بأنهم أكثر قدرة وتأثيرًا من غيرهم على إنقاذ أبنائهم من مستنقع الجهل والفساد، ويفترض بهم ان يكونوا عونًا لهم وأن يرسوا أسس أسرة حقيقية وينقذوا المجتمع من الشر".

ولذلك كان يشدد (قده) على حُسن اختيار الشريك قبل الزواج، وعلى المحبة والحوار والمودة بين الشريكين، لما لهذا التفاعل بين الوالدين من آثار ايجابية على الطفل، فهو يصر على ضرورة ان يكون الإباء والأمهات أساتذة في الأخلاق والعلم والتهذيب لتتحقق الفائدة المرجوة، وهذا الأمر عند الإمام (رض) له شأن خاص لا بل يعتبره تكليفًا عظيمًا فيقول:" إذا أنشأتم طفلًا صالحًا فلكم الشرف بمنزلة المصلحين، وإذا أنشأتم طفلًا سيئًا فمن المحتمل ان يفسد هذا الطفل مجتمعًا والأهل هم المسؤولون".

والحديث عن الاسرة والمدرسة في فكر روح الله الموسوي الخميني الكثير من المعطيات الفكرية والروحية والتربوية والتي تعمل على إحداث تغييرات جذرية في مسيرة الإصلاح الاجتماعي، والتي تنعكس تطورًا وتقدمًا ورقيًا على المستقبل القادم، هي معطيات لا يسعنا حصرها بهذه المقالة، إلا انها تشكل باختصار دروعًا في ساحة مواجهة التحديات الصعبة.

 

الامام (قده) خصص مساحات كبيرة وكثيرة للحديث عن الشباب

ولا ننسى ان الإمام (قده) خصص مساحات كبيرة وكثيرة للحديث عن الشباب، هذه الفئة التي تتميز بالحيوية والقدرة على التغيير، فكان الأب الرؤوف لهم والقائد القدوة، فنصحهم وأوصاهم سيما المقاومين منهم: "أراكم تنشطون لأجل الإسلام بصدق وبسلامة روح، وتضعون أنفسكم في معرض الموت، أتباهى وافتخر أن بين المسلمين هكذا شباب راشدين وملتزمين، لا ينبغي ان نخاف من القوى التي ليس لديها توكل على الله وتتوكل على الرشاش".

وبالفعل بالتوكل على الله وبالحصانة الإيمانية والكفاءة العلمية والفكرية والإرادة العلوية والعزيمة المحمدية استطاعت الجمهورية بفضل شبابها وقادتها ان تؤسس وتبني محورًا للمقاومة تلحق من خلاله الهزائم الواحدة تلو الأخرى بأعداء الله وأعداء الخير والحق.

لقد أسس الإمام الخميني لقواعد اشتباك جديدة ليس فقط على صعيد الجانب العسكري، بل على الصعيد النفسي والروحي والفكري والثقافي والدبلوماسي والسياسي، وها نحن بعد تقريبًا ثلاثة عقود ونيف من رحيله نحصد ما زرعه، وما تم تعزيزه وتطويره على يد سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله).

 

المصدر: وكالة مهر للأنباء