أعربت معظم دول العالم عن أسفها لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فيما وقفت ثلاث دول عربية وهي السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب حليفهم الكيان الصهيوني مؤيدة لهذا الانتهاك الصارخ للقوانين الدولية. 

محمد شربو:

حملت الأشهر الأخيرة في المجتمع الدولي تحذيرات مختلفة صدرت عن العديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي حول خطورة خرق الاتفاق النووي وما سيحمل من تبعات سلبية على مختلف الأصعدة.

حذر البعض أمريكا من مغبة الانسحاب من الاتفاق النووي وانتهاك القوانين الدولية وأكد آخرون تمسكهم بالاتفاق النووي مع إيران، بينما قدمت في الآونة الأخيرة الكثير من التقارير التي تثبت التزام الطرف الإيراني بالاتفاق النووي، وفي نفس الوقت رأى محللون سياسيون أن الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة ترامب لا تحترم القانون الدولي ولا تعهدات الحكومة الأمريكية تجاه دول العالم.

أضف إلى ذلك فإن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ بصفتها اتفاقية دولية تخص البيئة والطبيعة والإنسانية، وعدم التزامها بوعود الحكومات السابقة لواشنطن يجعل من انسحابها من الاتفاق النووي أمر متوقع.

ترامب "راعي البقر" كما يصفه الكثيرون يجمع الأموال من السعودية واصفاً إياها "بالبقرة الحلوب" ليقدم لبلاده استثمارات اقتصادية ربما تزيد من عدد مؤيديه هنا وهناك، بالطبع راعي البقر لا يتصرف هكذا رغبة بتغيير الصورة السائدة لبلاده بل كل ما يقوم به هو تصرف تاجر لا يمت للسياسة بصلة.

ترامب وانسحابه من الاتفاق النووي والإدانات العالمية لسياسته الخاطئة، لا تخرج عن التوقعات لكن الموقف النصف عربي المؤيد لهذا الانسحاب يفتح أسئلة كثيرة لماذا تقف ثلاثة دول عربية "السعودية والإمارات والبحرين" إلى جانب الكيان الصهيوني خلف ترامب وقراره الأحمق؟

لماذا تتوارى الدول النصف عربية وراء سياسات مدمرة لا تبني مستقبلاً لها في العالم، لماذا تحاول هذه الأنظمة اتخاذ موقف الكيانات المافيوية التي لا تحمل شرعية دولية.

لا يخفى على احد أن المملكة السعودية مولت الإرهاب في المنطقة وجندت مجموعات تخريبية في دول الجوار وقدمت استعراضاً بطولياً فشل من اللحظات الأولى في اليمن وقطعت علاقاتها مع من لا يمتثل بأمرها، كل هذا لإظهار قوتها المصطنعة بالبترول لكنها لم تنجح بأي محاولة وها هي الآن تقف خلف قرار ترامب مع الكيان الصهيوني وأتباعها في البحرين والإمارات ليشكلوا معاً فريق التشجيع للاعب ضعيف أدانه المجتمع الدولي.

تعتقد السعودية أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي انتصار لها، ربما تحليلها السياسي قائم على أبعاد غير حضارية اشتهر بها أعراب البادية الذين وصفهم القرآن الكريم بأنهم "أشد كفرا ونفاقا؟" والمقصود بهذا الوصف أنهم أبعد عن معرفة السنّن، أي القوانين.

وفسر البعض ومنهم القرطبي هذه الآية قائلاً: إن شهادة أهل البادية على أهل الحضر تسقط ولا تُقبل، وأجازها أبو حنيفة، كما أجازها الشافعي ...

ومنه يمكن فهم موقف أعراب السعودية وأتباعهم من القوانين الدولية ومجاراتهم لراعي البقر ترامب والصهيونية العالمية التي ترفض أن يسن أيّ قانون في العالم بعيداً عن هواها، هذا الموقف الذي يدرج ضمن إطار فكري ضيق تعيشه السعودية بعيداً عن قانون المجتمع الدولي، ويفسر تأييدها لنقض ترامب الاتفاق النووي، فهي طالما عاشت في قوانين بدائية لم تتمكن بعد من تطور حقيقي أو مجاراة الدول الأخرى.

 

وكالة مهر للأنباء