المسألة الثانية: هل الحكم بأنّ نصف الخمس لوليّ الأمر عامٌ لجميع ما يجب فيه الخمس؟ أو يستثنى منها الكنز والمعدن فيكون كلّ خمسهما لوليّ الأمر؟

قال الشيخ في كتاب الزكاة من الخلاف: مصرف الخمس من الركاز والمعدن مصرف الفيء، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي وأكثر أصحابه: مصرفها مصرف الزكاة وبه قال مالك والليث بن سعد، وقال المزني وابن الوكيل من أصحاب الشافعي: مصرف الواجب في المعدن مصرف الصدقات، وأمّا مصرف حقّ الركاز فمصرف الفيء. دليلنا عموم الظاهر، والأخبار الواردة في مستحقّ الخمس، وعليه إجماع الطائفة[1].

وقال (قدس سرّه) في كتاب الفيء وقسمة الغنائم منه: الفيء كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصّة، وهو لمن قام مقامه من الأئمّة وبه قال عليّ (عليه السلام) وابن عبّاس وعمر ولم نعرف لهم مخالفاً [ولم يعرف لهم مخالف ـ خ ل] ـ ثُمّ ذكر خلاف الشافعي وأبي حنيفة ثُمّ قال: وعندنا كان يستحقّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الفيء إلاّ الخمس، وعند الشافعي أربعة أخماس الفيء وخمس ما بقي من الفيء. دليلنا: إجماع الفرقة وروى ـ فذكر رواية ملك النبي لأموال بني النضير الّتي كانت منه الأنفال ـ[2].

وقال أيضاً حكم الفيء بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حكمه في أيّامه في أنّه خاصّ بمن قام مقامه... دليلنا ما قدّمناه من إجماع الفرقة، وروى أبو بكر أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ما أطعم الله نبياً طعمة إلاّ جعلها للذي بعده[3].

وهو كما ترى قد حكم في بحث الزكاة أنّ مصرف الخمس من الكنز والمعدن مصرف الفيء وادّعى عليه إجماع الطائفة، وفي بحث قسمة الفيء وقسمة الغنائم حكم بأنّ الفيء للنبي خاصّة وبعده لوليّ الأمر القائم مقامه خاصّة مدّعياً عليهما إجماع الفرقة، وذكر رواية أموال بني النظير الّتي كانت من الأنفال حيث إنّها ممّا جلا عنها أهلها ولم يوجف عليها بخيلٍ ولا ركاب دليلٌ واضح على أنّ مراده بالفيء هو ما كان من الأنفال فجعل مصرف خمس المعدن والركاز مصرف الأنفال وملكاً خاصّاً لوليّ الأمر فهو استثناء من الخمس الواجب في سائر الموضوعات.

وهذه المسألة وإن لم أقف على مَن تعرّض لها من القدماء إلى زمن المحقّق (قدس سرّه) في المعتبر وتعرّض لها بعده العلاّمة في التذكرة والمنتهى، إلاّ أنّ ظاهر عبارتهما اتفاق الأصحاب على أنّ مصرفه أيضاً مصرف الخمس الواجب في سائر الموضوعات وأنّه لا استثناء أصلاً.

1ـ فقد قال المحقّق في المعتبر ما نصّه: مصرف الخمس من الركاز والمعدن مصرف خمس الغنية وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: مصرف الزكوات. لنا أنّ ذلك غنيمة فيدخل تحت عموم الآية، وكذا بقية الأقسام الّتي يجب فيها الخمس، لعين ما ذكرنا من الدلالة[4].

وقال العلاّمة في التذكرة في فصل قسمة الخمس ومصرفه: مستحقّ الخمس من الركاز والمعادن هو المستحقّ له من الغنائم عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لأنّه غنيمة، وكذا البحث في جميع ما يجب فيه الخمس. وقال الشافعي: مصرفه مصرف الزكوات، وعن أحمد روايتان: لأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر صاحب الكنز أن يتصدّق به على المساكين. ويحتمل القسمة في المساكين من الذرّية...[5].

وقال في المنتهى: ومستحقّ الخمس من الركاز والمعادن هو المستحقّ له من الغنائم، ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: مصرفه مصرف الزكاة، ولأحمد روايتان. لنا أنّه غنيمة على ما تقدّم فيدخل تحت الغنائم فقد سلف، وكذا البحث في بعض الأصناف الّتي يجب فيها الخمس. الجواب ـ فذكر استدلالهم بأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) المذكور وأجاب عنه بالاحتمال المتقدّم ـ[6].

وأنت ترى أنّ العلامة نسب وحدة المستحقّ للخمس في جميع الموارد إلى علمائنا، وهو ظاهر عبارة المعتبر أيضاً بقرينة أنّه جعل المخالف للوحدة الشافعي من العامّة، وفيه دلالة على أنّه لا قائل بالخلاف من الأصحاب، وهذا لا يجتمع مع ما هو ظاهر الخلاف.

نعم لو أريد من الفيء المذكور في الخلاف في بحث الزكاة ما يتعلّق بالمصارف الخمسة من خمس الغنائم، وكان سرّ التعبير عنه به أنّ عنوان الفيء حمل على ما يأخذه الرسول منها في قوله تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾[7] وقد فسر بذلك أبو جعفر الباقر (عليه السلام) في صحيحة محمّد بن مسلم[8] كما مرّت إليه الإشارة في كلماتنا السابقة فإن فسّر الفيء بخمس المغانم كان كلام الشيخ (رحمه الله) موافقاً لكلام العلاّمة والتذكرة وصار استدلاله بعموم الظاهر والأخبار الواردة وإجماع الطائفة وجيهاً، إلاّ أنّه احتمال خلاف ظاهر تعبيراته في كتاب الفيء قسمة والغنائم كما مرّ.

وكيف كان، فمقتضى الأدلّة هو وحدة المستحقّ للخمس الواجب في الركاز والمعدن مع الواجب في سائر الموارد، وذلك لأنّ أدلّة التقسيم موضوعها إمّا خمس الغنائم ـ كما في الآية المباركة ـ فإنّ ما غنمتم هي نفس ما يفيده الإنسان في أي زمان فتعمّ جميع موضوعات يجب الخمس فيها، وإمّا الخمس الشامل بإطلاقه للخمس المأمور به في أيّ من الموارد، وأمّا خمس أشياء ذكر فيها الكنوز والمعادن كما في خبر حمّاد بن عيسى الماضي فلا ريب في شمول إطلاقات الأدلّة وتصريحاتها لخمس الكنوز والمعادن، ولا دليل خاصّ على الاستثناء بل ذهب إلى وحدة المستحقّ في جميع الموارد علماؤنا أجمع كما صرّح به العلاّمة وهو ظاهر المحقّق في المعتبر على ما عرفت، فاللازم هو الأخذ بمفاد الإطلاقات والتصريحات.

المسألة الثالثة: في أنّ الإمام وليّ الأمر إذا قسم نصف الخمس المتعلّق بالطوائف الثلاث فيهم بقدر مؤنتهم في السنة ـ بالنسبة إلى اليتامى والمساكين وبمقدار ما يحتاج إليه ابن السبيل في العود إلى وطنه ـ إن كان هنا ابن السبيل ـ فما زاد من حاجتهم كان للإمام (عليه السلام) وما نقص منها كان عليه أن يعطيه ممّا عنده.

فهذه المسألة بشرح ما ذكر قد مرّ في بعض العبارات المتقدمة عن الأصحاب (قدس سرّهم) وقد أفتى بها الشيخ المفيد في المقنعة، وشيخ الطائفة في النهاية والمبسوط، وسلاّر في المراسم، والقاضي ابن البرّاج في المهذب، والكيدري في إصباح الشيعة، والمحقّق في الشرائع والمختصر النافع والمعتبر، والعلاّمة في الإرشاد والتذكرة، والشهيد في الدروس. وتردّد فيها العلاّمة في التحرير والمختلف والمنتهى، ونقل عن ابن الجنيد الإسكافي إنكارها، وأنكرها ابن إدريس في السرائر.

والأقوال والفتاوى منهم بهذا التفصيل مستفاد ومذكور في العبارات السابقة التي نقلناها عنهم، فراجع.

وأمّا مقتضى الأدلّة فالّذي ينبغي أن يقال: إنّ مقتضى القواعد سيّما بملاحظة ما مرّ في المسألتين المتقدمتين أنّ نصف الخمس ملك للإمام فله أن يتصرّف فيه كيفما شاء، ولعلّه يجب عليه صرفه ـ بعد تأمين احتياجاته الشخصية واتفاق مَن تجب عليه نفقته ـ في المصالح العامّة للمسلمين، وأمّا الطوائف الثلاث إذا لم يكن فيهم مَن يجب إنفاقه عليه بحقّ النسب كالابن والأخ والأخت فلا تقتضي القاعدة تأمين حاجاتهم عليه خاصّة بل هو (عليه السلام) من هذه الجهة كواحد من المسلمين. نعم ربما وجب عليه أداء نفقتهم من بيت مال المسلمين ممّا لملّة الإسلام عامّة إلاّ أنّ وجوبها إنّما هو في ما لم يكن أمرٌ أهمّ وليس لتقديمها وجه كما لا تقتضي القاعدة أدلتها من مال نفسه. هذا بالنسبة إلى أحد الشقّين المذكورين في المسألة.

وأمّا الشقّ الآخر فمقتضى الأدلّة السابقة أنّ النصف الآخر من الخمس مختصّ وملك للطوائف الثلاث، فإذا زاد على حاجاتهم في سنتهم فلا يخرج عن اختصاصه بهم بل لا يجوز لأحد التصرّف فيه بدون إذنهم على ما هي القاعدة في أموال الناس، غاية الأمر أن يكون هذا المال تحت نظارة وليّ الأمر بمقتضى ولايته، فلا محالة مقتضى القاعدة أن لا يدخل في ملك الإمام.

وعليه فثبوت كلّ من الشقّين يحتاج إلى دليل خاصّ، وما قيل أو يتمكن الاستدلال به أمور:

1ـ منها خبر حمّاد بن عيسى الماضي عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (عليه السلام). فقال فيه في مقام الخمس: «وله ـ يعني للإمام ـ نصف الخمس كملاً، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهمٌ ليتاماهم، وسهمٌ لمساكينهم، وسهمٌ لأبناء سبيلهم، يقسّم بينهم على الكتاب والسنّة [على الكفاف والسعة ـ خ ل] ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شيء فهو للولي، وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به، وإنّما صار عليه أن يمونهم لأنّ له ما فضل عنهم[9].

فسند الخبر قد عرفت اعتباره لعمل الأصحاب به في موضوعات مختلفة منها هذه المسألة، ودلالته على المطلوب بكلا شقيّه واضحة، فإنّ قوله (عليه السلام) «فهو للوالي» ظاهر في الدلالة على الملكية ولو بمقتضى إطلاق الاختصاص المدلول عليه باللام، كما أنّ قوله في الشقّ الآخر: «كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به» دالّ بمقتضى ظهور لفظة «على» على كون الإنفاق المزبور بعهدته، وهو عبارة أخرى عن وجوبه عليه أو موضوع وعلّة تامّة لحكم وجوب أدائه. وقيد «من عنده» يدلّ على أن يكون المال الّذي ينفق عليهم منه عنده، ولعلّ إطلاقه شامل لأن يكون من أمواله المختصّة به المملوكة له أو أن يكون من بيت مال المسلمين الّذي عنده، إلاّ أنّ الجملة الأخيرة الّتي ذكرت بمنزلة التعليل وهي قوله: «وإنّما صار عليه أن يمونهم لأنّ له ما فضل عنهم» شاهدة على إرادة أن يكون الإنفاق من أمواله الشخصية، فإنّ حاصل مفادها أنّه كما أنّ له الغنم فعليه الغرم، فكما أنّ الفضل ملكٌ شخصيٌّ له (عليه السلام) فهكذا الاتفاق عليه من أمواله الشخصية.

2ـ ومنها ما رواه الشيخ بإسناده عن الصفّار عن أحمد بن محمّد قال: حدّثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال ـ بعد وجوب الخمس في موارده وذكر الأنفال وتقسيم الخمس ـ: والّذي للرسول هو لذي القربى والحجّة في زمانه، فالنصف له خاصّة، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) الّذين لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة، عوّضهم الله مكان ذلك بالخمس، فهو يعطيهم على قدر كفايتهم، فإن فضل منهم شيء فهو له، وإن نقص عنهم ولم يكفهم أئمّة لهم من عنده، كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان[10].

ودلالة الحديث تامّة وحدودها مثل خبر حمّاد بعين البيان الّذي مرّ فيه، إلاّ أنّ في اعتبار سنده كلاماً، فإنّ إسناد الشيخ إلى الصفّار وإن كان صحيحاً والصفّار وأحمد بن محمّد الّذي هو ابن عيسى ظاهراً وإن كانا عدلين إلاّ أنّ فيه رفعاًَ وإرسالاً عن بعض أصحابنا، وهذا البعض والّذي بينه وأحمد بن محمّد مجهولان، اللهمّ إلاّ أن يستأنس لتوثيقهم بُبعد أن يكونا ضعيفين لكون الراوي الرافع أحمد بن محمّد بن عيسى الّذي أخرج البرقي عن قم لروايته عن الضعفاء، فلا محالة هو نفسه لا يروي عن ضعيف. إلاّ أنّ الاستئناس المذكور لا يصل موضع الدلالة، فإنّ أحمد بن محمّد بن خالد البرقي قال فيه النجاشي: «كان ثقة في نفسه يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل»[11] والعبارة دالّة على أنّ دأبه عليهما فلا محالة يحدّث بروايات كثيرة عن الضعفاء وبمراسيل عديدة وكيف هو ونقل روايات أو رواية أحياناً عن غير الثقة، مضافاً إلى أنّه عن الخلاصة أنّ ابن عيسى أعاد البرقي إلى قم واعتذر إليه ولمّا توفّى مشى في جنازته حافياً حاسراً فليس في فعله دلالة أصلاًَ على أنّ نفسه لا يروي عن ضعيف. فلا طريق إلى إثبات صحّة السند إلاّ أن يعتمد على عمل أجلاّء الأصحاب الماضي ذكرهم بهذا الحديث في هذه المسألة ومسألة تقسيم الخمس وبحث الأنفال، لكنّه محلّ تأمّل لعدم انحصار الرواية فيه، بل قد دلّ عليه خبر حمّاد الّذي قد مرّ اعتبار سنده.

3ـ وقد يستدل للمطلوب بالآية المباركة الواردة في وجوب الخمس، قال شيخنا العلاّمة الأستاذ الحائري (قدس سرّه) في كتاب الخمس، ويمكن الاستدلال بالآية الشريفة لكلا الأمرين، وأمّا كون الفضل للإمام (عليه السلام) فلظهور الآية في التقسيم بالسويّة في فرض وجود الصنف الآخر هم المحتاجون من آل بيت هاشم، فكأنّه قال تعالى: «فإنّ الخمس للإمام وللمحتاج من قرابة الرسول على فرض وجودهم» أو قال: «إنّ الخمس كلّه للإمام إلاّ في صورة وجود المحتاج من قرابته (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو لهما». وأمّا كون النقص في سهم الإمام (عليه السلام) فلأنّ مقتضى التقسيم كون الخمس الموجود كائناً ما كان لهما، فلو لم يف النصف لهم فما حصل لهما، وأدلّة التنصيف تكون في مورد عدم الإعواز كما لا يخفى[12].

أقول: ولعلّه (قدس سرّه) أراد أبداء احتمال لبيان الاستدلال بالآية الشريفة على الأمرين، وإلاّ فالتصديق بشيء منهما غير ممكن.

أمّا الأوّل فلأنّ ظاهر الآية المباركة أنّ الخمس للموارد الستّة في عرضٍ واحد وليس فيها أية إشارة إلى أنّ كلّ الخمس للرسول أو لذي القربى حتّى يكون ملك المحتاج من القرابة استثناءاً فيسقط التقريب الثاني، فإذا كان الخمس للإمام وللقرابة المحتاج فليس ملك القرابة معلّقاً على فرض وجودهم بحيث يبقى ويكون الخمس كلّه للإمام إذا لم يكونوا موجودين، بل ربما يكون بين الإمام والأصناف الثلاثة اشتراكاً في كلّ الخمس ويحفظ سهم الأصناف تحت نظارة ولاية الأمر إلى أن يوجدوا ويعطي سهمهم إليهم. وبالجملة: فظاهر الآية الشريفة فعليه الاشتراك وإطلاقه كما لو كان مفادها أو مفاد دليل آخر شركة مال بين شخصين أو عنوانين.

وأمّا الثاني فلأنّ كون الخمس كائناً ما كان مشتركاً بينهما لا يقتضى بنفسه أن يفي الخمس تباين جميع حاجات كلّ مصداق وفرد من هؤلاء الأصناف الثلاثة كما أنّ الأمر ليس كذلك في سائر موارد الشركة فإنّ الشركة وإن كانت بالسويّة لا تقتضى أزيد من أن يكون للشريك حقّ في الشيء المشترك، فنفس الآية الشريفة لا تقتضي ازدياد سهم الأصناف على الشريك الآخر الّذي هو وليّ الأمر، وأمّا قوله (قدس سرّه): «وأدلّة التنصيف تكون في مورد عدم الإعواز» فلم تفهمه، وذلك أنّه إن لم يكن هذا المعنى المذكور في خصوص خبر حمّاد ومرفوعة أحمد بن محمّد كان مفاد صدر هذين الخبرين كغيرهما من أدلّة التنصيف مطلقاً وشاملاً لما إذا لم يف الخمس أو بعض مصاديقه تباين الحاجة السنوية لأفراد الأصناف الثلاثة. فالحاصل: أنّ تصديق الاستدلال المذكور لنا غير ممكن، وفي الخبرين سيّما الأوّل منها كفاية.

وقد مرّ عند نقل الأقوال ذيل كلام ابن إدريس أنّه أنكر الأمرين في مسألتنا هذه، إلاّ أنّه (قدس سرّه) وإن أطال البيان في توجيه إنكاره إلاّ أنّه لا يزيد على أنّ الخبرين من الآحاد مضافاً إلى ابتلائها بالإرسال، والخبر الواحد مطلقاً سيّما المرسل منه لا اعتبار له، وبعد ذلك فالقواعد مقتضية لبقاء ملك الأصناف على ملكيّتهم ولعدم جواز التصرّف في ملكهم، كما أنّ القواعد تقتضى أنّ لا يجب على الإمام إلاّ الاتفاق على عياله أيضاً كسائر المسلمين وليست الأصناف الثلاثة داخلة فيه فلا يجب عليه أداء ما نقص إليهم من ماله، وأمّا بيت مال المسلمين فهو لمصارفه المقرّرة، ولا محالة ليس لأحدٍ من أفراد هذه الأصناف فضل على غيره ولا على مصرف آخر.

إلاّ أنّك عرفت أنّا نعترف بأنّ الأمرين ليسا بمقتضى القواعد الأوّلية بل للخبرين اللذين قد عرفت اعتبار أوّلهما، فتذكّر.

المسألة الرابعة: الإمام إذا أخذ سهمه من الخمس ومات قبل أن يصرفه فهل ينتقل إلى الإمام الّذي بعده أو إلى ورثة نفسه؟

قد تعرّض من الأصحاب لهذا الفرع المحقّق في الشرائع في فصل قسمة الخمس قائلاً: «وما كان قبضة النبيّ أو الإمام ينتقل إلى وارثه» ولم أجد مَن تعرّض له قبله بل ولا بعده ـ وقد مرّت عبارات جمع كثير من الأصحاب وهي كما عرفت خالية عنه ـ بل ربما كان في عبارات العلاّمة (قدس سرّه) ما يشعر بالخلاف حيث قال في خمس التذكرة: سهم الله وسهم رسوله للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يصنع به في حياته ما شاء وبعده للإمام القائم مقامه لأنّه حقّ له باعتبار ولايته العامّة ليصرف بعضه في المحاويج فينتقل إلى مَن ينوبه في ذلك، وللروايات عن أهل البيت (عليهم السلام)[13]. فإن قوله في مقام الاستدلال: «لأنّه حقّ له باعتبار ولايته العامّة» يقتضي أنّ هذا الخمس حقّ مقام الولاية فإذا كان حقّ هذا المقام فبالأخذ لا ينقلب عمّا كان عليه فلا محالة ينتقل إلى الولي الّذي بعده، وهكذا.

وقريب منه بل لعلّه أولى بالإشعار أو الدلالة ما أفاده في المنتهى حيث استدلّ لنفس المدّعى المزبور بقوله: «لنا أنّه حقّ له جعله باعتبار ولايته على المسلمين يصرف بعضه في محاويجهم وبعضه في مصالحهم فينتقل إلى المتولّى بالنّص من قبله»[14] فإنّه مثل عبارة التذكرة ويزيد عليها قوله: «يصرف بعضه في محاويجهم وبعضه في مصالحهم» فإنه في معنى أنّ مصرفه محاويج المسلمين ومصالحهم فإذا كانت هذه الموارد مصرفه فلا معنى لانتقال المأخوذ منه إلى سائر الورثة ممّن ليس لهم إلاّ مصارف شخصية. وقد مرّت هاتان العبارتان أيضاً فيما سبق. هذا وصاحب الجواهر لمّا تعرّض لشرحه لم ينقل قولاً من سائر الأصحاب. نعم قد تعرّض له المحقّق الحائري (قدس سرّه) في كتاب الخمس بقوله: «الظاهر عندهم أنّ المقبوض من سهم الإمام ينتقل إلى وارثه (عليه السلام) بخلاف غير المقبوض وإن كان منطبقاً عليه في زمان حياته». وقال هو نفسه في الشرح: كما في الشرائع، وجرى على منواله في الجواهر وغيرها من دون الإشارة إلى شبهة وإشكال[15].

أقول: وأنا لم أجد هذا الغير المشار إليه بقوله: «وغيرها» وهو (قدس سرّه) عالم بما أفاد. فهذا موضع أقوال العلماء في المسألة.

وأمّا مقتضى الأدلّة فاستدلّ الجواهر على ما قاله المحقّق بأنّ ما أخذه النبيّ أو الإمام فهو ملك له وإن كان أخذه له بمقتضى ولايته إلاّ أنّه قد صار ملكاً له يقبضه فيدخل في عموم أدلّة الإرث الدالّة على أنّ ما تركه الميّت فهو لوارثه[16].

أقول: والأمر بمقتضى إطلاق أو عموم أدلّة الإرث ما أفاده إلاّ أن يقوم دليل على الخلاف. والظاهر قيام الدليل عليه، وذلك بوجوه:

الأوّل: أنّ مقتضى إطلاق الأدلّة الّتي مرّت الدالّة على أنّ نصف الخمس لوليّ الأمر أنّ ما كان مصداقاً للخمس فهو ملكٌ لوليّ الأمر فإنّها تدلّ على أنّ خمس الأموال ـ في الموارد الّتي يجب فيها الخمس ـ لله تعالى وللرسول ولذي القربى وللطوائف الثلاث الأخر، ولمّا كانت الثلاثة المذكورة أوّلاً من الأشخاص فالاختصاص المستفاد من اللام فيهم هو الاختصاص المطلق الّذي عبارته الأخرى هي الملكية وإن كان الاختصاص المذكور للطوائف الثلاث اختصاصاً غير ملكي وإنّما تكون الطوائف المزبورة مصارف لنصف الخمس كما في الطوائف السبع ـ غير العاملين ـ المذكورة في آية الصدقات، فلا محالة تدلّ آية الخمس والروايات المفسّرة لها دالّة على أنّ نصف الخمس من أوّل ما يجب فهو ملكٌ لله وللرسول ولوليّ الأمر، وقد أوضحت الأخبار الماضية أنّ هذا النصف كلّه لوليّ الأمر فالآية والأخبار دلّت على أنّ خمس الأموال من زمن وجوبه فهو ملك لولي الأمر إلاّ أنّه ملك مشاع، فإذا أخذه فالأخذ لا قيمة له إلاّ أنّه يفرز ذاك الملك المشاع في خصوص ما يأخذه لا أنّ الأخذ والقبض يوجب الملكية، فما أفاده في الجواهر «بأنّه قد صار ملكاً له بقبضه» منظورٌ فيه.

وكيف كان، فخمس الأموال ملكٌ لوليّ الأمر من دون فرق بين المقبوض وغيره، فموضوع المملوك هو خمس الأموال وعنوان المالك هو الإمام الّذي عبارة أخرى عن وليّ الأمر، فإذا مات إمام حيّ فالإمام ينطبق عنوانه على المعصوم الّذي جعله الله تعالى بعده فالخمس يصير ملكاً له، فكما أنّ غير المأخوذ الّذي قد صار ملكه ووجب أداؤه ولم يؤدّه المكلّف بعد يصير ملكاً للإمام الثاني فهكذا، أمّا قبضه فإنّ موضوع الملك هو الخمس ولا يخرج المأخوذ بأخذه عن هذا العنوان، فالأدلّة تقتضي أن يكون ملكاً للإمام الثاني نعم إن كان الإمام السابق قد أنفقه في مؤنة نفسه أو أدّاه إلى أشخاص أخر فقد خرج عن كونه خمساً وكونه للإمام ولا تعمّه الأدلّة، وأمّا إذا كان بعد باقياً ومشمولاً لا محالة  لعنوان الخمس فتشمله الأدلّة وكانت مقتضاها ما ذكرناه.

فبالجملة: أنّ أدلّة تعلّق نصف الخمس بالإمام كأدلّة تعلّق الأنفال به تدلّ على أنّ هذا المال ملكٌ للإمام، فكما أنّ أدلّة الأنفال بإطلاقها أو عمومها تدلّ على أنّ الأنفال ملكٌ للإمام وبعد فوته تصير بعينها ملكاً لوليّ الأمر والإمام بعده ولم يتوهّم أحد شمول أدلّة الإرث لها فهكذا الأمر في الخمس حرفاً بحرف، وواضحٌ أنّ أدلة الخمس موضوعها خمس تلك الأموال سواء قبض أو لم يقبض.

وبعبارة أخرى: أنّ المستفاد عرفاً من مثل هذه الأدلّة أنّ الخمس والأنفال أموال للإمام بما أنّه إمام لأن يدير بها مؤنة نفسه ومؤن المصالح والمحاويج الموجودة أو الحادثة للأمّة وللإسلام فمثل أموال كذائية لابدّ وأن تبقى لرفع حاجات الإسلام والأمّة ولأن تصرف في مثل توسعة البلاد الإسلامية وفي تحصيل الجهاز اللازم للجهاد وفي تهيئة المصانع اللازمة لعمران البلاد وترفيه أهلها ولغير ذلك ممّا يتعلّق بالأمّة الإسلامية  بل أو بأهل الكتاب الّذين يعيشون تحت لواء الإسلام وفي ذمتّه، وحينئذٍ فأدلّة الإرث منصرفة عن مثلها ومختصّة بالأموال الشخصية الّتي ليس لها هذا الشأن.

ومنه تعرف أنّا لو قلنا بأنّ الخمس والأنفال ليست ملكاً لشخص النبيّ والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين بل هي أموال جعلها الله تعالى لأن تصرف وتنفق في مصالح البلاد الإسلامية وأهلها غاية الأمر أنّ لوليّ الأمر حقّ إنفاقها في المصارف المزبورة كما عرفت القول به من بعض الأساتذة فالأمر في عدم شمول أدلّة الإرث لها أظهر. إلاّ أنّك قد عرفت فيما سبق هذا المقال وأنّ الحقّ أنّها أموال لشخص وليّ الأمر والإمام لكنّه مع ذلك فأدلّة الإرث منصرفة عنها بشرح ما مرّ.

إلاّ أنّه قد يقال ـ كما عن المحقّق الحائري (قدس سرّه) ـ: إنّ مقتضى صريح مثل مرسل حمّاد المعتبر أنّ سهم الله وسهم رسوله وسهم ذي القربى لأولي الأمر من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ سهمان وراثة وسهم مقسوم له من الله وله نصف الخمس كملاً، وهو لا يشمل المقبوض قطعاً لقوله (عليه السلام) في الصدر: «يؤخذ من كلّ من هذه الصنوف الخمس» وبعد ذلك قال: «ويقسّم الأربعة الأخماس بين مَن قاتل» ومقتضى إطلاقه الشمول للمنطبق على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى الإمام الّذي قبل الإمام الحيّ[17]. وحاصله: أنّ صدر المرسل قرينة اختصاص ما أخذه من الخمس بنفس النبيّ أو الإمام الّذي أخذه.

لكنّه ممنوع جدّاً، بل المفهوم منه أيضاً أنّ نصف الخمس للإمام الحيّ، وموضوع هذا الحكم هو عنوان الخمس الّذي كلّ ما وجب فيه الخمس فخمسه مشمول له وهو شامل ـ كما عرفت ـ للمأخوذ وغيره، ومعنى كونه للإمام أنّه ملك لمن ينطبق عليه عنوان الإمام بالفعل الّذي هو الإمام الحيّ، والأخذ كما مرّ لا شأن له إلاّ إفراز ما كان ملكاً بالإشاعة وتعيينه في شخص وملك معيّنين، ومعنى كون ملك سهمين منه للإمام بالوراثة ليس أنّهما يصيران أوّلاً ملكاً للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو بعد مماته ثُمّ يرثه الإمام الحيّ، بل معناه أنّ الولاية وكونه أولى بالناس من أنفسهم كان أوّلاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد موته يكون هذه الصفة والسعة لوليّ الأمر أو الإمام الحيّ، فكأنّه ورث الولاية من الرسول ولذلك يقال: إنّ سهمين له بالوراثة.

فهذا المرسل أيضاً لا يزيد على باقي الأخبار، وقد عرفت دلالة كلّها على أنّ الخمس كالأنفال من أموال الإمام وأدلّة الإرث منصرفة عنه.

هذا تمام الكلام إجمالاً عن الوجه الأوّل.

 الوجه الثاني: أنّه يدلّ عليه خبر أبي عليّ بن راشد، فقد روى الكليني عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد عم محمّد بن عيسى عن أبي عليّ بن راشد وروى الشيخ أيضاً في التهذيب بإسناده عن أحمد بن عيسى عن أبي علي بن راشد عن صاحب العسكر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك نؤتى بالشيء فيقال: هذا ما كان [هذا كان ـ يب] لأبي جعفر (عليه السلام) عندنا فكيف نصنع؟ فقال: ما كان لأبي جعفر (عليه السلام) بسبب الإمامة فهو لي، وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)[18].

وقد روى مثله الصدوق في من لا يحضره الفقيه فقال: وروى عن أبي عليّ بن راشد قال: قلت لأبي الحسن الثالث (عليه السلام)؛ فذكر الحديث مثله إلاّ أنه قال في الجواب: «ما كان لأبي بسبب الإمامة فهو لي». وهو كما ترى لا يوجب تغييراً في المفاد، وأخرجه عنه صاحب الوسائل[19]. والحديث كما ترى وسنده إلى أبي علي بن راشد صحيح، كما أنّ إسناد الشيخ إلى أحمد بن محمّد بن عيسى صحيح ـ وإن وقع في أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ـ فسند الشيخ أيضاً إلى أبي عليّ صحيح، وأبو عليّ نفسه من أعاظم الثقات وقد جعله الإمام الهادي وكيلاً لنفسه مع الثناء عليه، فسند الكافي والتهذيب صحيح معتبر.

وأمّا سند الفقيه فلم يذكر الصدوق في مشيخته إسناده إلى أبي عليّ بن راشد، فلا مجال للحكم باعتباره إلاّ أن يقول إلى مجرّد أنّه رواه في من لا يحضره الفقيه، وهو غير تمام.

والعجب أنّ صاحب الوسائل قد غفل عن إخراج الحديث بالسندين المعتبرين اللّذين له في الكافي والتهذيب وأخرجه عن من لا يحضره الفقيه.

وكيف كان، فالحديث صحيح السند. وأمّا دلالته فقد صرّح (عليه السلام) بأنّ في مورد السؤال «ما كان لأبي جعفر (عليه السلام) بسبب الإمامة فهو لي» وحيث إنّ صاحب العسكر هو الإمام الهادي والعسكري (عليهما السلام) فلا ريب في أنّ المراد بأبي جعفر (عليه السلام) هو الإمام الجواد، لمّا لم يكن ريب في أنّ السؤال والجواب كانا في زمن إمامة صاحب العسكر (عليه السلام) فكان الحديث في زمن موت الإمام السابق، ومورد السؤال فيه هو ما ذكره بقوله: «نؤتى بالشيء فيقال هذا ما كان لأبي جعفر (عليه السلام)» والشيء الّذي كان له (عليه السلام) مطلق يشمل أعيان الأموال الّتي كانت له (عليه السلام) عند الناس، فلا محالة إن كانت هذه الأموال من مصاديق الخمس الّذي قبضه فهي مشمولة له، كما أنّها إن كانت من غير مصاديق الخمس من الأموال الشخصية فهي مشمولة له أيضاً، وكما أنّها إن كانت مفروز الخمس الّذي كان له (عليه السلام) بالإشاعة في أموال الناس ولم يقبضه بعد فهي أيضاً مشمولة له. وبالجملة: فمورد السؤال ما كان لأبي جعفر (عليه السلام) وإطلاقه شامل لجميع ما يتصوّر له من الأقسام الّتي منها الخمس المأخوذ الّذي أخذه بنفسه أو بوكيله ثُمّ أودعه عند أحد، وحينئذٍ فإذا كان الجواب: «ما كان لأبي جعفر بسبب الإمامة فهو لي» دلّ الجواب بوضوح أنّ نصف الخمس المأخوذ أيضاً يكون بعد فوت الإمام (عليه السلام) للإمام الحق لأنه كان له (عليه السلام) بسبب الإمامة ويكون هذا الحديث الصحيح السند دليلاً على التفصيل بين الخمس المأخوذ وأمواله الأخر الّتي دخلت في ملكه لا بعنوان الإمامة، فلو فرض شمول أدلّة الإرث للخمس المأخوذ كانت هذه الصحيحة دليلاً على التقييد.

وبما بيّنّا يظهر ضعف ما أفاده شيخنا المحقّق الحائري (قدس سرّه) في كتاب الخمس بما حاصله: أنّ ظاهر الخبر أنّ موضوعه غير المقبوض لأنّ أبا عليّ بن راشد كان على الظاهر وكيلاً للناحية المقدّسة فيسأل في هذا الخبر عن قبض ما انطبق عليه ولم يقبض لا بنفسه ولا بوكيله، مع أنّ قوله (عليه السلام): «ما كان ملكاً لأبي بسبب الإمامة» ليس بحسب الظاهر ما يكون أصل حدوث ملكيّة له بحسب الإمامة لوضوح أنّه لو نذر أحد شيئاً لأبي جعفر بما أنّه إمام وأقبضه يرثه وارثه، بل لعلّ الظاهر ما كان عنوان الإمام حدوثاً وبقاءاً موضوعاً للملكية وذلك لا ينطبق على المقبوض أو يكون مشكوك الانطباق فلا يشمله الدليل، مع أنّه لعلّه من الواضحات إذ لم يعهد من الإمام الّذي بعد الماضي أخذ الأموال من الورّاث[20].

وجه الضعف: أمّا في استظهاره لأنّ موضوعه غير المقبوض فلأنّ موضوع سؤاله هو استفسار حكم ما يؤتى عنده ممّا كان لأبي جعفر (عليه السلام) فالراوي لم يكن عارفاً بحكمه وسأله عنه، فحينئذٍ كيف يكون كونه وكيل صاحب العسكر قرينة على أنّ هذا الشيء لم يكن ممّا صار ملكاً لأبي جعفر (عليه السلام) من باب أخذه لخمسه؟ نعم لو كان السؤال عن أخذ خمس هو لصاحب العسكر فلعلّه كان ظاهراً في غير المقبوض، وهو واضح.

وأمّا شبهته في احتمال أن يكون المراد بما كان ملكاً بسبب الإمامة ما كانت الإمامة موضوعاً له حدوثاً وبقاءاً ففيها: أنّ ظاهر ما كان ملكاً له بسبب الإمامة ما صار ملكاً له بسبب الإمامة وبقي على ملكه. نعم لعلّه منصرف إلى ما كان عنوان المالك له في الشرع الإمام كالخمس والأنفال ولا يعمّ مثل النذر له وهبة شيء له بما أنّه إمام. وبعبارة أخرى، إذا قامت الأدلّة على أنّ نصف الخمس للإمام بما أنّه إمام فلا ينبغي الريب في أنّ هذا النصف ما دام موجوداً وباقياً على ملكه، فالإمام يكون مالكاً له بسبب الإمامة وتشمله الصحيحة بلا أيّ شبهة.

وأما قوله الأخير من أنّه من الواضحات فلا يخفى أنّ ما هو المعهود أنّ الإمام الحيّ لم يأخذ من الورثة ما قبضوه بعنوان الإرث وأمّا مثل الخمس ممّا يختصّ بالإمام بما أنّه إمام فلم يكن يقع في أيدي الورثة بل كان يقع في يد خصوص الإمام الحيّ اللاحق كما سيأتي إن شاء الله الدليل عليه بالنسبة لأموال كان لموسى ابن جعفر (عليه السلام) عند الواقفية، فتدبّر.

وبالجملة: فما ذكرناه لا أقلّ من احتماله ومعه يرتفع الاستبعاد المذكور في كلامه.

فالحاصل: أنّ دلالة الصحيحة على المطلوب تامّة بلا أيّة شبهة ولا ريب.

الوجه الثالث: أنّ المستفاد من عدّة من الأخبار أنّ مصرف الخمس علاوةً عن تأمين مؤنة وليّ الأمر هو أمور عامّة مرتبطة بمصالح الأمّة وليس من قبيل الأموال الشخصية، وحينئذٍ فإذا مات إمام فلابدّ وأن يبقى بتلك الحيثية وطريقة أن يوضع بيد الإمام اللاحق ليصرفه في مصارفه الّتي جعل لها، وإلاّ فتقسيمه بين ورثة الإمام الماضي مناقض لما جعل غايةً ومصرفاً له.

1ـ فمن هذه الأخبار ذيل مرسل حمّاد بن عيسى المعتبر عن العبد الصالح (عليه السلام) ففيه: وليس في مال الخمس زكاة، لأنّ فقراء الناس جُعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم فلم يبق منهم أحد، وجُعل للفقراء قرابة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووليّ الأمر، فلم يبق فقير من فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ وقد استغنى فلا فقير، ولذلك لم يكن على مال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والوالي [الولي ـ ئل] زكاة لأنّه لم يبق فقير محتاج، ولكن عليهم أشياء تنوبهم من وجوهٍ ولهم من تلك الوجوه كما عليهم[21].

فهذه العبارات كما ترى في مقام بيان سرّ عدم تعلّق الزكاة بسهم وليّ الأمر من الخمس. وحاصله: أنّ الفقراء، قد جعل الله تعالى لهم ما يستغنون به فلا فقير حتّى يلاحظ استغناؤه بجعل الزكاة هنا، ثُمّ أفاد المصرف الأصيل لسهمه من الخمس بقوله: «ولكن عليهم أشياء تنوبهم من وجوه ولهم من تلك الوجوه كما عليهم» يعني فيهم أولياء أمر الأمّة والبلاد الإسلامية، ومقتضاه أن يكون عليهم سدّ الخلاّت ورفع الحاجات من مثل بناء السبل وتعميرها بأحسن وجهٍ لأن يسهل المسير من قطعة من البلاد الإسلامية إلى أخرى وبناء القناطر وحفظها وتعميرها وتأسيس الإدارات المختلفة الّتي تحتاج إدارة أمور الناس إليها قضائية أو إجرائية بأنواعها الكثيرة المختلفة، كما أنّه قد يهاجم على بعض البلاد الإسلامية بغاة من الداخل فيجب تجهيز الجهاز اللازم لدفعهم وما لم يسيطر الإسلام على كلّ بلاد الأرض ربما يهاجم الكفار على المسلمين فيجب دفعهم ويحتاج إلى جهاز مناسب، وربما يكون الجهاد لدعوة الكفّار إلى الإسلام لازماً وهو محتاج إلى تجهيز لازم مناسب، وفي هذه النوائب وسدّ الحاجات ربما تتعقّبها غنائم وأموال تكون بيد أولياء الأمر، وهكذا.

فسهم وليّ الأمر من الخمس أعد لهذه المصالح العامّة ومعه فلا مجال لتقسيم ما لم يصرفه الإمام الحيّ ومات في ورثته كما بيّنّاه.

2ـ ومنها ما رواه أبو سيّار مسمع بن عبد الملك ـ في حديث ـ قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) حين حملت المال إليه: إنّي كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وأن أعرض لها وهي حقّك الّذي جعله الله تبارك وتعالى في أموالنا، فقال: أو مالنا من الأرض وما أخرج الله منها إلاّ الخمس يا أبا سيّار؟! إنّ الأرض كلها لنا، فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا...[22].

فقد صدّقه وأيّده الإمام (عليه السلام) في أنّ الخمس له، لكن صرّح بأنّ حقّه ليس منحصراً فيه بل إنّ الأرض كلّها وما أخرج الله منها فله (عليه السلام). وقد أسلفنا أنّ معنى كون الأرض لأولياء الأمر (عليهم السلام) ليس الملكية الاعتبارية بل معناه أنّ الأرض كلّها تحت يدهم وباختيارهم يعملون فيها ما تقتضيه الولاية، فالخمس أيضاً مثل الأرض قد جعلت تحت أيديهم لأن يعملوا معه ما هو مقتضى الولاية، وقد مرّ أنّ مقتضاها أمور عامّة.

3ـ ومنها ما رواه محمّد بن زيد الطبري قال: كتب رجل من تجّار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسأله الإذن في الخمس، فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، إنّ الله واسعٌ كريم ضمن على العمل الثواب [وعلى الخلاف العقاب ـ يب صا] وعلى الضيق الهمّ، لا يحلّ مال إلاّ من وجهٍ أحلّه الله، وإنّ الخمس عوننا على ديننا، وعلى عيالاتنا وعلى موالينا وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممّن نخاف سطوته فلا تزووه عنّا ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه... الحديث[23].

فما ذكره (عليه السلام) غاية لجعل الخمس لهم (عليهم السلام) كما ترى بجمع الحوائج الشخصية والحوائج والنوائب العمومية بشرح ما عرفت، ومقتضاه أن يبقى الخمس ويوضع بيد الإمام الحيّ بعد أن مات الإمام الماضي.

الوجه الرابع: مراجعة أخبار تحكي سرّ وقف الواقفة وأنّه كان لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عند جمع من أصحابه القوّام عند كلّّ منهم أموال كثيرة وديعة فلمّا مات (عليه السلام) أنكروا موته وادّعوا أنّه حيّ طمعاً في الأموال ولم يقرّوا بإمامة أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ولذلك لم يدفعوا إليه تلك الأموال مع طلبه (عليه السلام) لها منهم، فيُعلم من هذا أنّ وجوب دفع هذه الأموال بعد موته (عليه السلام) إلى الإمام القائم مقامه كان أمراً مفروغاً عندهم وعند الشيعة بل وعند الإمام الرضا (عليه السلام) ولذا أرسل إليهم وطالبهم بها، وواضحٌ أنّ هذه الأموال لم تكن أموالاً شخصية بل كانت مجتمعة من أموال كانت الشيعة تعطيهم من باب وجوب أداء الخمس ونحوه مثلاً فهذا الأخبار ـ وإن كانت غير مستندة إلى المعصوم (عليه السلام) ـ إلاّ أنّها مع ذلك تدلّ على أنّ الخمس الّذي أخذه الإمام ينتقل بعد موته إلى خصوص الإمام الحيّ القائم مقامه.

قال الشيخ (رحمه الله) في كتاب الغَيبة ـ عند التعرّض لأمر إمامة الرضا (عليه السلام)ـ: وقد روى السبب الّذي دعا قوماً إلى القول بالوقف، فروى الثقات أنّ أوّل من أظهر هذا الاعتقاد عليّ بن أبي حمزة البطائني وزياد بن مروان القندي وعثمان بن عيسى الرواسي طمعوا في الدنيا وما لوا إلى حطامها واستمالوا قوماً فبذلوا لهم شيئاً ممّا اختانوه من الأموال نحو حمزة بن بزيع وابن المكاري وكرام الخثعمي وأمثالهم[24].

فالشيخ كما ترى نسب رواية السبب المذكور للوقف إلى الثقات، وهو يدلّ بالالتزام على أنّ هؤلاء لو أقرّوا بموته لوجب عليهم أداء الأموال الّتي اختانوها، ففيه إشارة مّا إلى وجوب تسلينها إلى الإمام القائم بعده (عليهما السلام) وهو ما عرفت.

وأمّا الأخبار الّتي أشرنا إليها فهي عديدة نذكر طرفاً منها:

1ـ فقد روى الشيخ في الكتاب المذكور عن محمّد بن يعقوب [قائلاً: فروى محمّد بن يعقوب] عن محمّد بن يحيى العطّار عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن جمهور عن أحمد بن المفضّل [والظاهر: أحمد بن الفضل كما في سائر الكتب] عن يونس بن عبد الرحمن قال: مات أبو إبراهيم (عليه السلام) وليس من قوّامه أحد إلاّ وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته طمعاً في الأموال، كان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، وعند عليّ بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار، فلمّا رأيت ذلك وتبيّنت الحقّ وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ما علمت تكلّمت ودعوت الناس إليه، فبعثا إليّ وقالا: ما يدعوك إلى هذا؟ إن كنت تريد المال فنحن نغنيك وضمنا لي عشرة آلاف دينار، وقالا: كفّ فأبيت وقلت لهما: إنّا روينا عن الصادقين (عليهم السلام) أنّهم قالوا: «إذا ظهرت البدع فعلى العالم أنّ يظهر علمه فإن لم يفعل بسبب نور الإيمان» وما كنت لأدع الجهاد وأمر الله على كلّ حال، فناصباني وأضمرا لي العداوة[25].

ورواه الصدوق في العلل والعيون عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن محمّد بن جمهور عن أحمد بن الفضل عن يونس بن عبد الرحمن[26].

ورواه الكشّي عن عليّ بن محمّد قال: حدّثني محمّد بن أحمد عن أحمد بن الحسين عن محمّد بن جمهور عن أحمد بن الفضل عن يونس بن عبد الرحمن، في ترجمة يونس[27].

والظاهر أنّ الشيخ عن رسالةٍ للكليني، وكيف كان فسند الشيخ إلى الكليني صحيح وسند الكليني إلى محمّد بن جمهور صحيح، وأمّا سند الصدوق والكشّي إليه ففيهما أحمد بن الحسين بن سعيد وقد قال النجاشي إنّهم ضعّفوه ونقل تضعيف ابن بابويه له أيضاً، وأمّا محمّد بن جمهور فعن النجاشي أنّ محمّد بن جمهور أبا عبد الله العمى ضعيف في الحديث فاسد المذهب، كما أنّ أحمد بن الفضل قيل إنّه واقفيّ لكنّه لم يوثّق.

فملخّص المقال في سند الحديث: أنّه غير معتبر، اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ قول الشيخ قبله «فروى الثقات» شاهد على شهادته بثقة رجال الحديث لاسيّما وأنّه أوّل الأحاديث الّتي ذكرناها في كتاب الغَيبة بعد ذاك المقال من باب الأنموذج.

وأمّا حدود دلالته فهو إنّما يدلّ على أنّ السبب الأصيل لوقفهم طمعهم في المال الّذي عندهم وليس في نفس هذا الحديث أنّه كان عليهم أن يدفعوه إلى الرضا (عليه السلام) لتتمّ دلالته فيحتاج إلى انضمام سائر الأحاديث.

2ـ ومنها ما في علل الشرائع بهذا الإسناد المذكور عن محمّد بن جمهور، وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام): حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قالا: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن محمّد بن جمهور عن أحمد بن حمّاد قال: كان أحد القوّام عثمان بن عيسى الرواسي وكان يكون بمصر وكان عنده مال كثير وستّ جواري. قال: فبعث إليه أبو الحسن الرضا (عليه السلام) فيهنّ وفي المال. قال: فكتب إليه: إنّ أباك لم يمت. قال: فكتب إليه: إنّ أبي قد مات وقد قسّمنا [اقتسمنا ـ خ ل] ميراثه وقد صحّت الأخبار بموته واحتجّ عليه فيه. قال: فكتب إليه: إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شيء، وإن كان قد مات على ما تحكي فلم يأمرني بدفع شيء إليك، وقد اعتقت الجواري وتزوَّجتهنّ[28].

وقد رواه الكشّي بحذف «قال: فكتب إليه أن أباك لم يمت» في رجاله عن عليّ بن محمّد قال: حدّثني محمّد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسين عن محمّد بن جمهور عن أحمد بن محمّد[29].

وفي جميع الإسناد أحمد بن الحسين بن سعيد ومحمّد بن جمهور اللّذين مرّ حالهما، وفي سند الصدوق أحمد بن حمّاد الّذي لم يوثّق ، كما أنّ في سند الكشّي أحمد بن محمّد الّذي هو غير معلوم، فليس سند الحديث بمعتبر، إلاّ أنّ مفاده أنّ عثمان بن عيسى كان في أوّل الأمر على الوقف وقد بعث إليه الرضا (عليه السلام) في أخذ الأموال فلم يدفعه معتذراً بعدم موت أبيه أولاً وعدم إيصائه بأن يدفع إلى الرضا (عليه السلام) ثانياً، فالحديث متضمّن لما استدللنا به على المطلوب. ثُمّ إنّ هذا المعنى كان جهلاً لعثمان بن عيسى في أوّل الأمر وإلاّ فهو ثقة ومن أصحاب الإجماع كما مرّ.

3ـ ومنها ما في رجال الكشّي ـ في ما روي في عثمان بن عيسى الرواسي الكوفي ـ: ذكر نصر بن الصباح أنّ عثمان بن عيسى كان واقفياً وكان وكيل أبي الحسن موسى (عليه السلام) وفي يده مال فسخط عليه الرضا (عليه السلام). قال: ثُمّ تاب عثمان وبعث إليه بالمال، وكان شيخاً عمّر ستّين سنة، وكان يروي عن أبي حمزة الثمالي ولا يتّهمون عثمان بن عيسى[30].

فهذا الخبر كما دلّ على صحّة حال عثمان بالنهاية يدلّ أيضاً على أنّ المال الّذي كان من الكاظم (عليه السلام) قد ردّ إلى الرضا (عليه السلام)، وهو كما عرفت دليل على المطلوب.

4ـ ومنها ما في كتاب الغَيبة بسندٍ صحيح إلى يعقوب بن يزيد الأنباري عن بعض أصحابه قال: مضى أبو إبراهيم (عليه السلام) وعند زياد القندي سبعون ألف دينار وعند عثمان بن عيسى الرواسي ثلاثون ألف دينار وخمس جوار ومسكنه بمصر، فبعث إليهم أبو الحسن الرضا (عليه السلام) أن احملوا ما قبلكم من المال وما كان اجتمع لأبي عندكم من أثاث وجوار، فإنّي وارثه وقائم مقامه وقد اقتسمنا ميراثه، ولا عذر لكم في حبس ما قد اجتمع لي ولوارثه قبلكم، وكلامٌ يشبه هذا. فأمّا ابن أبي حمزة فإنّه أنكره ولم يعترف بما عنده، وكذلك زياد القندي، وأمّا عثمان بن عيسى فإنّه كتب إليه: إنّ أباك صلوات الله عليه لم يمت وهو حيٌّ قائم ومن ذكر أنّه مات فهو مبطل، واعمل على أنّه قد مضى كما تقول فلم يأمرني بدفع شيء إليك، وأمّا الجواري فقد أعتقتهنّ وتزوجت بهنّ[31].

وهذا الخبر وإن كان مرسلاً إلاّ أنّه ربما يدلّ على المطلوب بالبيان الّذي قدّمناه لكن قد يقال: إنّ ما حكي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) من قوله لهؤلاء: «... ولا عذر لكم في حبس ما قد اجتمع لي ولوارثه قبلكم» ربما يخدش الاستدلال لتصريحه (عليه السلام) بأنّ ما اجتمع عندهم فهو له ولسائر الورثة فلا يختصّ ما عندهم من الخمس أيضاً بشخص الإمام (عليه السلام) بل هو أيضاً مشترك بينه وبين سائر الورثة، بل إنّ هذا التصريح يوجب ضعف الاستدلال بسائر الأخبار أيضاً، فإنّه أمرٌ سارٍ في هذه الأموال وإن لم يجئ منه ذكر في الأخبار الأخر.

ولا مفرّ منه إلاّ بأن نقول: إنّ عطف الراوي على الجملة المذكورة قوله: «وكلام يشبه هذا» شاهد على أنّ نقل تلك الجملة ليس بصورة دقيقة بل إنّما كان نقلها بمقتضى الحال، فهو نفسه لا يقطع بذكر الإمام (عليه السلام) لها فلا حجّة فيه على تصريح الإمام بها.

إلاّ أنّ الإنصاف أنّه وإن لم يكن حجّة على تصريحه إلاّ أنّ نقلها يبدي الاحتمال المزبور في تلك الأموال، ومعه لا يتمّ الاستدلال الّذي قدّمناه بهذه الأخبار، والله العالم. نعم إن قام دليل على الاختصاص بالإمام وسلّمنا اعتبار سند هذا الخبر لم يكن فيه دليل على الخلاف ولا يقوم تعارض بين هذا الخبر وذاك الدليل.

فحيث إنّ دلالة الوجوه الثلاثة الماضية على المطلوب تامّة فالمّدعى ثابت بلا إشكال.

المسألة الخامسة: يجب في زمن الحضور دفع كلّ الخمس إلى الإمام المعصوم (عليه السلام) أو إلى وكيله ليأخذ منه نصيب نفسه ويصرف نصيب الطوائف الأخر إليهم، فوظيفة مَن عليه الخمس أداء كلّه إلى الإمام وتقسيمه إلى الأصناف من اختيارات الإمام (عليه السلام) ووظائفه.

وقد تعرّض لهذه المسألة أصحابنا الكرام (قدس سرّهم) ممّن قد مضت كلماتهم إمّا بمثل وجوب أدائه إلى الإمام وإمّا بمثل أنّ الإمام يتصدّى تقسيم ذاك النصف الآخر على الطوائف ولازمه أنّ يؤدى إليه لكي يتأتّى التقسيم.

ولهذا فقد تعرّض للمسألة الشيخ الصدوق في الهداية، والشيخ المفيد في المقنعة، وشيخ الطائفة في النهاية والمبسوط، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي، وسلاّر في المراسم، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب، وابن حمزة في الوسيلة، والكيدري في إصباح الشيعة، والسيّد أبو المكارم ابن زهرة في الغنية، وابن إدريس في السرائر، والمحقّق الحلّي في الشرائع والمختصر النافع والمعتبر، والعلاّمة في التذكرة والمنتهى والمختلف والتحرير، والشهيد في الدروس. وبملاحظة أقوالهم الماضية تجد دلالة كلماتهم على هذا المعنى بوضوح.

وفي الجواهر هنا: يجب إيصال جميع الخمس إلى الإمام (عليه السلام) حال حضوره كما هو المفهوم من النصوص والفتاوى[32].

وقد تعرّض لها المحقّق الحائري (قدس سرّه) في كتاب الخمس موافقاً لها[33]. ولم نجد من تأمّل فيها إلاّ السيّد الخوئي (قدس سرّه)، فأنّه نقل عنه في مستند العروة ـ بعد تجويزه لإعطاء المكلّف بنفسهم لسهم السادة إلى مستحقّه في زمن الغَيبة ـ أنّه قال: بل لا يبعد أنّ يكون الأمر كذلك حتّى في حال الحضور، فإنّه يجوز الإعطاء إلى الإمام (عليه السلام) بما أنّه وليّ الأمر، وأمّا وجوبه فكلاّ[34].

والحقّ ما عليه جلّ الأصحاب ويمكن الاستدلال له بطوائف من الأخبار:

 (الطائفة الأولى) ما يدلّ على أنّ الخمس للإمام (عليه السلام)، وهي أحاديث متعدّدة:

1ـ منها صحيحة عليّ بن مهزيار قال: قال لي أبو عليّ بن راشد: قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقّك فأعلمت مواليك بذلك، فقال لي بعضهم: وأي شيءٍ حقّه؟ فلم أدر ما أجيبه. فقال لي: يجب عليهم الخمس... الحديث[35].

فإنّ ظاهر الجواب أنّ الخمس هو حقّه، والخمس هو كلّ ما يجب على المكلف ونصفه سهم الطوائف الثلاث، وسند الحديث صحيح، فإنّ أبا عليّ بن راشد ـ كما مرّ ـ من الثقات الأعاظم وكان وكيلاً لأبي الحسن الهادي (عليه السلام) فهو المسؤول عنه.

2ـ ومنها ما رواه الشيخ في التهذيب بسندٍ صحيح عن عليّ بن مهزيار عن عليّ بن محمّد [محمّد بن علي] بن شجاع النيسابوري أنّه سأل أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن رجلٍ أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كرّ ما يزكيّ، فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرّاً وبقي في يده ستّون كرّاً ما الّذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه منه شيء؟ فوقّع (عليه السلام): لي منه الخمس ممّا يفضل من مؤنته[36].

فقد حكم (عليه السلام) بأنّ خمس الربح الفاضل من مؤنة السنة له، والخمس مفاده كلّ ما وجب عليه، فيدلّ على المطلوب. نعم إنّ سنده محلّ كلام، فإنّ ابن شجاع النيسابوري مجهول لم يوثّق.

3ـ ومنها ما رواه الشيخ في التهذيب عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): علي كلّ امرئٍ غنم أو اكتسب الخمس ممّا أصاب لفاطمة (عليها السلام) ولمن يلي أمرها من بعدها من ذرّيتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصّة يضعونه حيث شاؤوا إذ حرّم عليهم الصدقة، حتّى الخياط ليخيط قميصاً بخمسة دوانيق فلنا منها دانق... الحديث[37].

ودلالتها واضحة مثل ما سبقها، ولعلّ التعبير فيها ابتداءً بأنّ خمس ما اكتسب لفاطمة (عليها السلام) لترقيق أمر الخمس في أذهان العامّة لكي يلتفتوا إلى أنّ الخمس الّذي لا يؤدّونه فهو قد جعل لفاطمة ولأهل بيت الرسول صلوات الله عليه وعليهم، وإلاّ فكما دلّت عليه الأخبار الماضية فهو للأئمّة  الحجج على الخلق. وكيف كان فدلالة الرواية واضحة إلاّ أنّ في سندها عبد الله بن القاسم الحضرمي الّذي عن النجاشي في حقّه أنّه كذّاب غالٍ لا يعتمد بروايته.

4ـ ومنها ما رواه الكليني عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عَزّ وجَلّ : ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ﴾ قال (عليه السلام): هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والخمس لله وللرسول ولنا[38].

والدال على المطلوب هي فقرتها الأخيرة، حيث حكم (عليه السلام) بأنّ الخمس لله وللرسول ولهم (عليهم السلام) ولمّا قد علم أنّ ما لله وللرسول فهو لهم، فلا محالة يكون معناها أنّ الخمس كلّه لهم، وقد مرّ أنّه يؤوّل إلى أنّ أمر الخمس بيدهم وهو المطلوب. إلاّ أنّ في سنده معلّى بن محمّد الّذي عن النجاشي فيه أنّه مضطرب الحديث والمذهب وكتبه قريبة.

5ـ ومثله ما في تفسير العيّاشي عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول﴾ قال: الخمس لله وللرسول وهو لنا[39].

ودلالته كما ترى أوضح من خبر محمّد بن  مسلم لأظهرية قوله: «وهو لنا» في المطلوب، إلاّ أنّه مرسل.

6ـ ومنها ما رواه العيّاشي عن زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير أنّهم قالوا له: ما حقّ الإمام في أموال الناس؟ قال: الفيء والأنفال والخمس، وكلّ ما دخل منه فيء أو أنفال أو خمس أو غنيمة فإنّ لهم خمسه، فإنّ الله يقول: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾... الحديث[40].

وموضع الدلالة أنّه جعل حقّ الإمام الخمس وصرّح بأنّ لهم خمسه وهو كما مرّ دالّ على المطلوب ولا يناقش فيه بالإضمار فإنّ الظاهر أنّ الضمير في قوله «له» يرجع إلى الإمام المذكور في الخبر السابق عليه في التفسير وهو أبو عبد الله (عليه السلام)، إلاّ أنّ السند فيه إرسال كسائر أخبار تفسير العيّاشي.

7ـ ومنها ما في أصول الكافي عن محمّد بن زيد الطبري قال: قدم قومٌ من خراسان على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فسألوه أنّ يجعلهم في حلّ من الخمس، فقال: ما أمحل هذا؟! تمحضونا المودّة بألسنتكم وتزوون عنّا حقّاً جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس، لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحدٍ منكم في حلّ. وقد رواه الشيخ أيضاً في التهذيب بإسناده عن محمّد بن زيد الطبري[41].

ودلالته على أنّ الله تعالى جعل الخمس لهم واضحة وهو كما عرفت يؤوّل إلى أنّه جعله بيدهم وفي تصرّفهم وهو المطلوب. إلاّ أنّ محمّد بن زيد الطبري لم يوثّق.

8ـ ومنها ما عن المفيد في المقنعة عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كلّ شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّ لنا خمسه، ولا يحلّ لأحد أنّ يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل الينا نصيباً[42].

فقوله (عليه السلام): «إنّ لنا خمسه» دالّ على المطلوب كما عرفت، إلاّ أنّه لم يعلم سند المفيد إلى أبي بصير فهو مرسل.

9ـ ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن أبي سيّار مسمع بن عبد الملك «في حديث» قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّي كنت ولّيت [البحرين ـ كا] الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وأعرض لها وهي حقّك الّذي جعل الله تعالى في أموالنا، فقال: ومالنا من الأرض وما أخرج الله منها إلاّ الخمس؟! يا أبا سيّار الأرض كلها لنا، فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا، قال: قلت له: أنا أحمل إليك المال كلّه؟ فقال لي: يا أبا سيّار، قد طيّبناه لك وحلّلناك منه وكلّ ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون... الحديث[43].

وفي هذا الحديث دلالة على المطلوب من وجهين، أحدهما: من جهة أنّ الراوي صرّح بأنّ كلّ الخمس ـ أعني ثمانين ألف درهم ـ له وحقّه (عليه السلام) ولم يردّ الإمام مقالته بل أيّده وأمضاه بما هو فوقه بقوله: «ومالنا من الأرض وما أخرج الله منها إلاّ الخمس؟! يا أبا سيّار الأرض كلها لنا» وقد مرّ في كلماتنا أنّ المقصود منه أنّ كلّ الأرض تحت ولايتنا واختيارنا الولائي، فمفاد الحديث هنا أنّ الخمس كلّه تحت اختيارنا الولائي وهو المطلوب.

والوجه الثاني: أنّه (عليه السلام) قد تصرّف في الخمس كلّه وحلّله لأبي سيّار بقوله له: «قد طيّبناه لك وأحللناك منه، فضمّ إليك مالك» والتحليل دليل على أنّ كلّ الخمس تحت يده وباختياره فلابدّ وان يجعل بيده، وسيأتي ذكر أخبار التحليل في الطائفة الرابعة. إلاّ أنّ في السند عمر بن يزيد ويحتمل أن يكون ابن ذبيان الصيقل الّذي لا دليل على وثاقته.

10ـ ومنها ما رواه الشيخ في التهذيب عن الحارث بن المغيرة النصري قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فجلست عنده، فإذا بخيّة قد استأذن عليه، فأذن له فجثا على ركبتيه ثُمّ قال: جعلت فداك إنّي أريد أن أسألك والله عن مسألةٍ والله ما أريد بها إلاّ فكاك رقبتي من النار، فكأنّه رقّ له، فاستوى جالساً فقال: يا بخيّة سلني فلا تسألني عن شيءٍ إلاّ أخبرتك به، قال: جعلت فداك ما تقول في فلان وفلان؟ قال: يا بخيّة إنّ لنا الخمس في كتاب الله ولنا الأنفال ولنا صفو المال، وهما والله أوّل من ظلمنا حقّنا في كتاب الله... الحديث[44].

وموضع الدلالة قوله (عليه السلام): «إنّ لنا الخمس في كتاب الله» فإنّ ظاهره كون كلّ الخمس لهم (عليهم السلام) ويقوى هذا الظهور عطف الأنفال وصفو المال عليه مع أنّهم (عليهم السلام) يملكون كلّهما، وحينئذٍ فالبيان الماضي يدلّ على المطلوب إلاّ أنّ جعفر بن محمّد بن حكيم الواقع في السند لم يوثّق، فالحديث غير معتبر السند.

وقد يناقش الاستدلال بهذه الطائفة بأنّ ظهورها البدوي أنّ كلّ الخمس ملك للإمام (عليه السلام) وهي تنافي الأخبار الكثيرة الماضية الدالّة على أنّ نصفه له (عليه السلام) فحملها على أنّ أمر التصرّف في الخمس إلى الإمام خلاف الظاهر وليس بمتعيّن فلتحمل أنّ المقدار المسلّم منه أعني نصفه للإمام فلا يتم بها الاستدلال.

لكن فيه أوّلاً: أنّه احتمال في غاية الضعف إن لم نقل بأنّه قطعي العدم، فإنّ الخمس لا طريق عند العقلاء إلى أنّ يراد منه نصف الخمس، وأمّا حمل اللام الدالّ على مجرّد الاختصاص على الاختصاص في حدّ اختصاص التصرّف فيه بهم فهو أمرٌ قريب من لفظة اللام. وثانياً: أنّ الحمل على النصف خلاف صريح رواية مسمع ابن عبد الملك، فإنّ محلّ الكلام فيها هو ثمانون ألف درهم وهو جميع الخمس.

11ـ ومنها ما في البحار عن كتاب الاستدراك عن التلعكبري باسناده عن الكاظم (عليه السلام) قال: قال لي هارون: أتقولون إنّ الخمس لكم؟ قلت: نعم، قال: إنّه لكثير. قال: قلت: إنّ الّذي أعطاناه علم أنّه لنا غير كثير[45]. ودلالته على المطلوب واضحة إلاّ أنّه مرسل.

فدلالة أخبار هذه الطائفة على المطلوب لا ريب فيها.

ثُمّ إنّ سند بعض هذه الأخبار وإن كان غير معتبر إلاّ أنّ اعتبار بعضها الآخر مضافاً إلى كثرتها واستفاضتها موجب لانجبار السند. هذا هو تمام الكلام عن الطائفة الأولى من الأخبار.

 (الطائفة الثانية) ما تدلّ على وجوب أداء الخمس إلى الإمام نفسه أو إلى وكيله، وهي أيضا أخبار متعدّدة.

1ـ منها صحيحة أحمد بن محمّد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر (عليه السلام) ـ وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكّة ـ قال: إنّ الّذي أوجبت في سنتي هذه وهذه سنة عشرين ومائتين فقط لمعنىً من المعاني أكره تفسير المعنى كلّه خوفاً من الانتشار وسأُفسّر لك بعضه (بقيته ـ صا) إنّ شاء الله، انّ مواليّي أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فأحببت أن أطهّرهم وأزكّيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس، قال الله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ ـ إلى أن قال: ولم أوجب عليهم ذلك في كلّ عام ولا أوجب عليهم إلاّ الزكاة الّتي فرضها الله عليهم، وإنّما أوجبت عليهم الخمس  في سنتي هذه في الذهب والفضّة الّتي قد حال عليهما الحول ولم أوجب ذلك عليهم في متاعٍ ولا آنية ولا دوابّ ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلاّ في ضيعةٍ سأُفسّر لك أمرها تخفيفاً منّي عن مواليّي ومنّاً منّي عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم، فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ... ﴾ فالغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء، والفائدة يفيدها، والجائزة من الإنسان للإنسان الّتي لها خطر، والميراث الّذي لا يحتسب من غير أبٍ ولا ابن، ومثل عدوٌ يُصطلم فيؤخذ ماله، ومثل مال يؤخذ ولا يُعرف له صاحب [صاحبه، ومن ضرب ما صار إلى قوم من مواليّي ـ يب] وما صار إلى مواليّي من أموال الخرمية الفسقة، فقد علمت أنّ أموالاً عظاماً صارت إلى مواليّي؛ فمن كان عنده شيء من ذلك فليوصله إلى وكيلي ومن كان نائباً بعيد الشقّة فليتعمّد لإيصاله ولو بعد حين فإنّ نيّة المؤمن خير من عمله... الحديث[46].

وهذه الصحيحة تدلّ على المطلوب من وجهين: أحدهما: أمره (عليه السلام) في أواخرها بوجوب إيصال الخمس الّذي عند كلّ أحد من الشيعة إلى وكيله (عليه السلام) فوراً أو بعد حين والواجب هو أداء الخمس كلّه لا أداء نصفه كما هو واضح. والوجه الثاني: أنّه (عليه السلام) قد تصرّف في تلك السنة في الخمس الواجب عليهم فعفا عن مقدار كثير منه وأوجب أداء البعض، وهذا التصرف دليل على أنّ الخمس بيده وأمره إليه وله أنّ يعفو عنه ويغمض العين عن أخذه لمصالح يراها، فهذه الصحيحة أيضاً من أخبار التحليل في مورد خاصّ، وسيأتي الكلام عنها إنّ شاء الله تعالى.

2ـ ومنها موثّقة عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل؟ قال (عليه السلام): لا، إلاّ أن لا يقدر على شيء يأكل (ولا يأكل ـ يب) ولا يشرب ولا يقدر على حيلة، فأن فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت[47].

والموثقة من أخبار وجوب الخمس في المخلوط بالحرام وقد أمر ذيلها ببعث خمسه إلى أهل البيت وواضحٌ أنّ المراد بأهل البيت هم الأئمّة المعصومون (عليهم السلام) فهي دالّة على المطلوب.

3ـ ومنها ما عن كتاب الطرف لابن طاووس بإسناده عم عيسى بن المستفاد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأبي ذرّ وسلمان والمقداد: أشهدوني على أنفسكم بشهادة أن لا إله إلاّ الله ـ إلى أنّ قال: ـ وأنّ عليّ بن أبي طالب وصيّ محمّد وأمير المؤمنين، وأنّ طاعته طاعة الله ورسوله، والأئمّة من ولده، وأنّ مودّة أهل بيته مفروضة واجبة على كلّ مؤمن ومؤمنة، مع إقام الصلاة لوقتها، وإخراج الزكاة من حلّها ووضعها في أهلها، وإخراج الخمس من كلّ ما يملكه أحد من الناس حتّى يرفعه إلى وليّ المؤمنين وأميرهم ومَن بعده من الأئمّة من ولده... الحديث[48].

فالحديث كما ترى قد جعل أداء الخمس إلى الأئمّة (عليهم السلام) واجباً مفروضاً مثل وجوب مودّتهم وطاعتهم، فدلالته على المطلوب تامّة إلاّ أنّ سند ابن طاووس إلى عيسى بن المستفاد مجهول وعيسى نفسه ضعيف، فالحديث غير معتبر السند وكيف كان، فدلالة هذه الطائفة أيضاً على المطلوب تامة.

 (الطائفة الثالثة) ما تدلّ على أنّ أخذ كلّ الخمس أو تقسيم سهام الطوائف الثلاث بينهم وظيفة للإمام (عليه السلام) وهي أخبار متعدّدة:

1ـ ومنها صحيحة البزنطي وموثّقته عن الرضا (عليه السلام)... .

2ـ ومنها صحيحة ربعي بن عبد الله بن الجارود عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له، ثُمّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه، ثُمّ يقسّم أربعة أخماس بين الناس الّذين قاتلوا عليه، ثُمّ قسّم الخمس الّذي أخذه خمسة أخماس، يأخذ خمس الله عَزّ وجَلّ لنفسه، ثُمّ يقسّم الأربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل يعطي كلّ واحد منهم حقّاً، وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)[49].

فقد صرّح أوّلاً أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأخذ خمس المغنم ويقسّمه في مصارفه وأفاد أخيراً أنّ الإمام أيضاً كذلك يأخذ كما أخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وظاهره أنّ أخذ الإمام للخمس واجب عليه، فالصحيحة دالّة على المطلوب، ولا يضرّ بدلالتها وباعتبار دلالتها اشتمالها على كيفيةٍ في تقسيم الخمس لا نقول بها كما مرّ، فإنّه إنّما يضرّ باعتبار كيفية التقسيم لا بسائر ما اشتملت عليه.

3ـ ومنها صحيحة البزنطس (الموثّقة بسند التهذيب) عن الرضا (عليه السلام) قال: سئل عن قول الله عَزّ وجَلّ: ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ﴾ فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال (عليه السلام): لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو للإمام، فقيل له: أفرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقلّ ما يصنع به؟ قال (عليه السلام): ذاك إلى الإمام، أرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف يصنع أليس إنّما كان يعطى على ما يرى؟ كذلك الإمام[50].

فقوله (عليه السلام) في الجواب عن كيفية تقسيم سهم الطوائف الثلاث في المورد المذكور «ذاك إلى الإمام» يدلّ على أنّ أمر تقسيم ذلك النصف الآخر أيضاً موكول إلى الإمام (عليه السلام)، وتذييله بقوله «أرأيت رسول الله... إلى آخره» شاهد آخر على أنّ أمر تقسيم سهام الطوائف الثلاث قد كان من زمن النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى وليّ الأمر فليكن كذلك في زمن الإمام (عليه السلام) أيضاً.

4ـ ومنها ما أرسله العيّاشي عن إسحاق عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث في خمس المغانم الحربية ـ: وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وأبناء السبيل يقسّمه الإمام بينهم... الحديث[51].

وظاهره كما ترى أنّ أمر تقسيم أسهمهم بينهم إلى الإمام (عليه السلام) فهو من اختياراته ووظائفه، ومن الواضح أنّ مباشرة التقسيم متوقّفة على أخذ الأسهم، فدلالته على المطلوب تامّة إلاّ أنّ سنده مرسل.

5ـ ومنها ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى عن بعض أصحابنا رفع الحديث ( إلى أن قال:) فالنصف له ـ يعني نصف الخمس للإمام ـ خاصّة، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) الّذي لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة عوّضهم الله مكان ذلك بالخمس، فهو يعطيهم على قدر كفايتهم، فإن فضل شيء فهو له، وإن نقص عنهم ولم يكفهم أتمّه لهم من عنده، كما صار له الفضل يزمه النقصان[52].

فقوله «يعطيهم على قدر كفايتهم» دالّ على أنّ أمر التقسيم بين الطوائف بيده ومن وظائفه، ولازمه أن يكون من وظائفه أخذ سهامهم أيضاً حتّى يتأتى تقسيمه، فدلالته على المطلوب تامّة. إلاّ أنّ سنده ضعيف بالإرسال وغيره.

6ـ ومنها مرسلة حمّاد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (عليه السلام) في حديث: وله يعني الإمام ـ نصف الخمس كملاً، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهمٌ ليتاماهم وسهمٌ لمساكينهم وسهمٌ لأبناء سبيلهم يقسّم بينهم على الكتاب والسنّة [على الكفاف والسعة ـ يب] ما يستغنون به في سنتهم... الحديث[53].

وهي في الدلالة مثل المرفوعة إن كان «يقسّم» على صيغة المعلوم لكي يرجع الضمير إلى الإمام إلاّ أنّه لا قرينة عليه ويحتمل أن يكون بصيغة المجهول، فربما كان يقسّم نفس مَن عليه الخمس فدلالتها غير تامّة. إلاّ أنّ دلالة غيرها تامّة وقد كانت فيها صحيحتان، فدلالة هذه الطائفة أيضاً على المطلوب تامّة معتبرة.

 (الطائفة الرابعة) أخبار تحليل الخمس فإنّها وإن وردت في تحليل خمس أشياء تقع بأيدي الشيعة من العامّة الّذين لا يؤدّون خمس أموالهم أو في موارد خاصّة أخر كما مرّت في خبر مسمع بن عبد الملك ومكاتبة ابن مهزيار إلاّ أنّها على أي حال تؤوّل إلى تصرّف منهم (عليهم السلام) في كلّ الخمس حتّى سهام الطوائف الثلاث الأخر فإنّهم قد حلّلوا كلّ الخمس في موارد هذه الأخبار، وتحليل سهامهم لا يمكن إلاّ إذا كان أمر كلّ الخمس بيدهم المباركة فلا محالة لابدّ من وضع كلّه في أيديهم.

وهذه الأخبار متعدّدة قد مضى بعضها ونشير إلى نماذج أخرى منها:

1ـ منها ما عن علل الشرائع بسندٍ صحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) حلّلهم من الخمس ـ يعني الشيعة ـ ليطيب مولدهم[54].

2ـ ومنها ما عن إكمال الدين بسندٍ معتبر عم إسحاق بن يعقوب فيما ورد عليه من التوقيعات بخطّ وليّ الأمر صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، ففيه: وأمّا الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجُعلوا منه في حلّ إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث[55].

3ـ ومنها ما عن الكافي والتهذيب في الصحيح عن ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: من قِبل خمسنا أهل البيت إلاّ لشيعتنا الأطيبين فإنّه محلّل لهم ولميلادهم[56].

4ـ ومنها ما عن التهذيب والاستبصار في المعتبر عن أبي خديجة سالم بن مكرم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل وأنا حاضر: حلّل لي الفروج، ففزع أبو عبد الله (عليه السلام)، فقال له رجل: ليس يسألك أنّ يعترض الطريق إنّما يسألك خادماً يشتريها أو امرأةً يتزوّجها أو ميراثاً يصيبه أو تجارةً أو شيئاً أعطيه، فقال (عليه السلام): هذا لشيعتنا حلال، الشاهد منهم والغائب والميّت ومنهم والحيّ، وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال، أما والله لا يحلّ إلاّ لمن أحللنا له، ولا والله ما أعطينا أحداً ذمّة، وما لأحدٍ عندنا عهد [وما بيننا لأحدٍ هوادة ـ خ صا] ولا لأحدٍ عندنا ميثاق[57].

وهذه المعتبرة الأخيرة وإن لم يصرّح فيها بأنّ المشكل للسائل هو أمر خمس ما يقع من العامّة بيده بوجهٍ من الوجوه إلاّ أنّ الظاهر أنّها ناظرة إليه فتكون من أحاديث الباب.

إلى غير ذلك من الأخبار، ودلالتها على تحليل كلّ الخمس واضحة، وقد عرفت أنّ لازمه وجوب دفع الخمس كلّه بأيديهم.

إلاّ أنّ لقائل أنّ يمنع دلالتها بلحاظ أنّ غاية مدلولها جواز تصرّف الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) في سهام الطوائف الثلاث أيضاً بتحليلها لشيعتهم في الموارد المزبورة، وهذا لا ينافي جواز دفع كلّ مَن وجب عليه الخمس بنفسه إلى هؤلاء الطوائف فلعلّ الله تعالى أجاز له دفعه وجعل للإمام (عليه السلام) تحليل سهامهم في موارد خاصّة، فالحقّ أنّ لا حجّة في هذه الطائفة من الأخبار.

لكنّك قد عرفت تمامية دلالة الطوائف الأخر فالمدّعى ثابت بلا ريب ولا إشكال، والحمد لله على كلّ حال.

ــــــــــــــــــ

 [1] الخلاف: ج2 ص125 مسألة 152.

 [2] الخلاف: ج4 ص181ـ 183 مسألة 2و3.

 [3] نفس المصدر.

 [4] المعتبر: ج2 ص 632.

 [5] التذكرة: ج5 ص436ـ 437 مسألة 330.

 [6] المنتهى: ج2 ص552.

 [7] الحشر: 7.

 [8] الوسائل: الباب1 من أبواب الأنفال ج6 ص368 الحديث12.

 [9] الكافي: ج1 ص540، التهذيب: ج4 ص128ـ 129، عنهما الوسائل: الباب2 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص362 الحديث1.

 [10] التهذيب: ج4 ص127، عنه الوسائل: الباب2 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص362 الحديث2.

 [11] رجال النجاشي: ص76 الرقم182.

 [12] كتاب الخمس: ص549.

 [13] التذكرة: ج5 ص432 مسألة322.

 [14] المنتهى: ج1 ص550.

 [15] كتاب الخمس للمحقّق الحائري: ص473.

 [16] الجواهر: ج16 ص87ـ88.

 [17] كتاب الخمس: ص474.

 [18] الكافي: من باب النوادر ج7 ص59 الحديث11، التهذيب: باب الزيادات من الوصايا ج9 ص234 الحديث8.

 [19] من لا يحضره الفقيه: باب الخمس ج2 ص 43 الحديث 14، الوسائل: الباب 2 من أبواب الأنفال ج6 ص 174 الحديث 6.

 [20] كتاب الخمس: ص475ـ 476.

 [21] الكافي: ج1 ص542ـ543، التهذيب: ج4 ص131، الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص358 الحديث8.

 [22] الكافي: ج1ص408، التهذيب: ج4ص144، الوسائل: الباب 4 من أبواب الأنفال ج6 ص382 الحديث 12.

 [23] الكافي: ج1 ص547ـ548، التهذيب: ج4 ص14، الاستبصار: ج2 ص59، الوسائل: الباب3 من أبواب الأنفال ج6 ص375 الحديث2.

 [24] كتاب غيبة الشيخ: ص42 طبعة النجف.

 [25] الغَيبة: ص42ـ43.

 [26] علل الشرائع: ص235، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج1 ص112.

[27] رجال الكشي: ص493.

 [28] علل الشرائع: ص236، عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج1 ص113 ـ 114.

 [29] رجال الكشّي: ص598 الرقم1120.

 [30] رجال الكشّي: ص597 الرقم1117.

 [31] غَيبة الشيخ: ص43.

 [32] الجواهر: ج16 ص109 المسألة الثالثة.

 [33] كتاب الخمس: ص506.

 [34] مستند العروة: كتاب الخمس ص330.

 [35] التهذيب: ج4 ص123، عنه الوسائل: الباب8 من أبواب ما يجب فيه الخمس ج6 ص348 الحديث3.

 [36] التهذيب: ج4 ص16 و122، عنه الوسائل: الباب8 من أبواب ما يجب فيه الخمس ج6 ص348و351 الحديث2و8.

 [37] نفس المصدر.

 [38] الكافي: ج1 ص539، عنه الوسائل: الباب1 من قسمة الخمس ج6 ص357 الحديث5.

 [39] تفسير العيّاشي: ج2 ص62، عنه الوسائل: الباب1 من قسمة الخمس ج6 ص358 الحديث18.

 [40] تفسير العيّاشي: ج2 ص61 الحديث53، عنه الوسائل: الباب1 من أبواب الأنفال ج6 ص373 الحديث33.

 [41] الكافي: ج1 ص548، التهذيب: ج4 ص140، الوسائل: الباب3 من أبواب الأنفال ج6 ص376 الحديث3.

 [42] الوسائل: الباب3 من الأنفال ج6 ص378 الحديث9.

 [43] الكافي: ج1 ص408، التهذيب: ج4 ص144، عنهما الوسائل: الباب4 من أبواب الأنفال ج6 ص382 الحديث12.

 [44] التهذيب: ج4 ص145، عنه الوسائل: الباب4 من أبواب الإنفال ج6 ص383 الحديث14.

 [45] البحار: ج96 ص188 الحديث20 من باب وجوب الخمس، عنه المستدرك: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج7 ص289 الحديث5.

 [46] الاستبصار: ج2 ص60ـ 61، التهذيب: ج4 ص141، عنهما الوسائل: الباب8 من أبواب ما يجب فيه الخمس ج6 ص349 الحديث5.

 [47] التهذيب: ج6 ص330، الوسائل: الباب10 من أبواب ما يجب فيه الخمس ج6 ص353 الحديث2.

 [48] الوسائل: الباب4 من أبواب الأنفال ج6 ص386 الحديث21.

 [49] التهذيب: ج4 ص 128، الوسائل: الباب 1 من أبواب قمسة الخمس ج6 ص356 الحديث 3.

 [50] الكافي: ج1 ص544، التهذيب: ج4 ص126، الوسائل: الباب2 من أبواب ما يجب فيه الخمس ج6 ص338 و339 الحديث1و2.

 [51] تفسير العيّاشي: ج2 ص63، الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص362 الحديث19.

 [52] التهذيب: ج4 ص127، الوسائل: الباب3 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص364 الحديث2.

 [53] الكافي: ج1 ص540، التهذيب: ج4 ص138 ـ 139، عنهما الوسائل: الباب3 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص363 الحديث1.

 [54] الوسائل: الباب4 من أبواب الأنفال ج6 ص383 الحديث15و16، عن العلل: ص377، وعن إكمال الدين: ص485.

 [55] نفس المصدر.

 [56] الكافي: ج1 ص546، التهذيب: ج4 ص136، عنهما الوسائل: الباب4 من الأنفال ج6 ص379 الحديث3.

 [57] التهذيب: ج4 ص137، الاستبصار: ج2 ص58، عنهما الوسائل: الباب4 من أبواب الأنفال ج6 ص379 الحديث4.