يجب علينا أن لا نفزع من اختلاف الأذواق والآراء السياسية، لأن هذا الاختلاف ليس بالأمر السلبي الذي يعكس أضراره على المجتمع, مثلاً أن يعتقد شاب بفكر سياسي معين وآخر بفكر سياسي يختلف عنه، ولكن المضر في المسألة هو التصرف الفاقد للتدبير والإبرام السريع الخالي من التفكير وكذلك التحمس للأمور هو التصرف الفاقد للتدبير والإبرام السريع الخالي من التفكير وكذلك التحمس للأمور بدون التمعن، فأنا أحذر الشباب الأعزاء من هذه الظاهرة لأن مرحلة الشباب لا تعني سرعة الإبرام واتخاذ الأمر بدون تدبر وإمعان بل تعني عدم التراجع وعدم التأثر بمنعطفات ومصاعب الطريق.

فالشاب يستطيع أن يتدبر ويمعن النظر فيما يريد أن يقدم عليه وكذلك يستطيع أن يقدم على الأمور مندفعاً دون تفكير، فإذا كان الاختلاف بالذوق والفكر السياسي توأماً مع التأمل والتفكير وخاصة أن إتباع الحق من سجايا الشباب وصفاتهم فهذا النوع من الاختلاف ليس بالأمر السلبي الذي يجر وراءه أضراراً ومشاكل متعددة بل اختلاف طبيعي يحدث في كل المجتمعات ولا يؤدي إلى الضياع والإنحلال بل على الأقل لا يسبب أزمات أساسية تهدُ أركان المجتمع.

والحالة السلبية الأخرى التي تجر ورائها المشاكل والأزمات هي الإصرار على المواقف الاجتماعية والسياسية بدون نقاش وتفاهم, مثلاً أن يعتقد الإنسان بمسألة اجتماعية وسياسية رافضاً أي نوع من التفاهم والنقاش للإعتقادات الأخرى، فهذه الحالة تترك آثارها السلبية على المجتمع عكس مما هي عليه في المسائل العقائدية، فالإنسان وبعد أن يتدبر في المسائل العقائدية ويبحث في جوانبها يجب عليه أن يؤمن بها ويحّكم موقفه ويبرم اعتقاده دون تراجع وتأثر بالآخرين، أما في المسائل الاجتماعية والسياسية يجب أن يكون موقف الإنسان موقفاً يتحمل آراء الآخرين, وقبل أن يتأثر بعقائدهم يكون قد جعل لنفسه معياراً خاصاً لعقائده وأفكاره، فإذا كان الأمر كذلك فلا داعي للقلق.

 

من كتاب اللقاء المفتوح