لم أفهم ما هو المقصود من امتزاج الأدب بالسياسة؟ هل يعني أن الأدب المعاصر أصبح يحمل بين طياته ومعانيه معاني سياسية؟ إذا أخذنا المسألة بهذا المعنى يكون طرح الموضوع بهذا الشكل. إذا كان هناك أحد الشعراء منطقه السياسي يخالف عقيدتنا ولكن شعره بمستوى رفيع وراقي يمكن الإستفادة منه، هل يمكن أن يؤخذ هذا الشعر كمحور للدراسة والبحث؟

وللإجابة على هذا السؤال أقول: أنا لا أدري ما هو أثر الشعر على الجو السائد والعام في المحيط الجامعي. ولكن أستطيع أن أقول، إذا كان لدينا شاعر يملك قصائد شعرية راقية وذات محتوى أدبي رفيع بحيث يستطيع الطلاب أن يستفيدوا من مستواه الأدبي والشعري وحتى لو كان هذا الشاعر يحمل عقيدة تخالف الخط السياسي للثورة وحكومتها الإسلامية باعتقادي لا مانع من استخدام هذا المنهج الدراسي الجامعي.

أما أنا شخصياً فلم أعرف شاعراً يحمل هذه الصفات بحيث لا يوجد له مماثل أو بديل عنه.

فأنتم قد تكلمتم عن الشعر والنثر في مرحلتكم المميزة أما سابقاً فالوضع لم يكن يختلف كثيراً، هناك من بين الشعراء السابقين شاعر(لا أصرح باسمه) أمتاز شعره بالذوق البلاغي والأدبي. ولكن ربما يكون هناك العشرات من الشعراء يملكون نفس الملكة الشعرية والمستوى الأدبي ولربما أيضاً يكون مستواهم يفوق هذا الشاعر فليس من الضروري أن يجد هذا الشعر طريقة إلى مناهج البحث الجامعي مع وجود البديل، أما شعر الشاعر" إخوان" فلا مانع من اتخاذه أساساً للبحث والدراسة، فالشاعر إخوان كان صديقي، فكانت علاقتي معه ودية زمان رئاستي للجمهورية واستمرت علاقتي معه حتى بعد هذه الفترة حيث أنه عندما رجع من سفره الأخير والذي كان قد قضى في سنة كاملة في أوروبا بعث لي برسالة وكان قد كتب فيها بعض من أبياته الشعرية، فشعر هذا الشاعر القدير شعراً مناسباً وذا مستوى رفيع فلماذا لا نستخدمه في مجالات البحث والدراسة للإستفادة من ذوقه الأدبي والعلمي إذا كان ذا مستوى يؤهله لذلك.

وفي نفس الوقت أنا لا أجد مانعاً من الإلتجاء إلى من هو أقوى منه وأبرز وأقدر منه أدبياً ومهما كانت اتجاهاته السياسية. إن كان يصلح لأن يكون بديلاً عنه ولكنني لم أجد البديل المناسب عنه.

ويجب أن تعلموا أيضاً أن البعض من أمثال هؤلاء الشعراء الذين يدّعون القدرة والملكة الشعرية الراقية ويعون بأنهم أساس الشعر والأدب لم يكن واقعهم كما يصفونه فإذا ما تعرضت أشعارهم إلى النقد الأدبي والبحث العلمي تبين حقيقة شعرهم وزيف إدعائهم هذا، فشعرهم في تلك الفترة الزمنية والذي كان يوافق العقائد والأفكار السياسية الحاكمة آنذاك كان يُعتبر من الدرجة الثانية بل وحتى الثالثة وذلك لوجود من هو أقدر وأعظم منهم.

وأنا لا أريد أن أتطاول في كلامي هذا ولكني أطلب من الشباب أن يجدوا ويجتهدوا في هذا المجال حتى يستطيعوا التعرف على حقائق وأمور غابت عنهم بسبب تساهلهم هذا. فشبابنا يستطيعون الوصول إلى حقائق ونتائج غنية وقيمة وذلك بجهدهم وسعيهم المستمر. ففي جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية في طهران مثلاً يوجد الكثير من الشعراء المقتدرين الذين لم يستطع الشباب أن يتعرف عليهم إلى وقتنا هذا وذلك لعدم بذل السعي والجد اللازم في هذا المجال.

 

 

من كتاب اللقاء المفتوح