فوائد الصوم الصحية

2007-08-23

ان الفائدة الصحية للصوم، تتجلى في مظاهر متنوعة كثيرة، ضجت بها الكتب، وعرفها اقدم الاطباء، وقد لخصها الرسول الاعظم (صلى اله عليه وآله وسلم) في مقولته الخالدة: ((صوموا تصحوا)).

ويمكن افراز القوائد الصحية للصوم، الى ثلاثة اقسام، هي:

1ـ القوائد العامة، الناتجة من الامساك عن المباشرة الجنسية، والامساك عن الاطعمة والسوائل.

2ـ الفوائد الناتجة من الامساك عن المباشرة الجنسية.

3ـ الفوائد الناتجة من الامساك عن الاطعمة والسوائل.

 

الفوائد العامة

فاما الفوائد العامة، فتظهر فيما يلي:

أ ـ  تهدئة الاعصاب

ان اعصاب الانسان قوية، قادرة على احتمال عمل كثير فالمخ، يستطيع ان يعمل بلا انقطاع، دون ان يرهقه العمل. والعضلة البشرية تطيق العمل عشرات الساعات، قبل ان يبهضها التعب.

واليك حقيقة مدهشة: ((ان العمل الذهني وحده، لا يفضي الى التعب)) وقد يبدوا لك هذا القول سخيفاً، ولكن طائفة من العلماء، حاولوا ـ منذ بضعة اعوام ـ ان يتعرفوا على مدى احتمال المخ الانساني للعمل، قبل ان يدركه الكلل، ولشد ما كانت دهشتهم، حين وجدوا: ان الدماء المندفعة من المخ واليه ـ وهو في اوج نشاطه ـ خالية من كل اثر للتعب. فانت اذا اخذت ((عينة)) من دماء عامل يشتغل بيديه ـ بينما هو يزاول عمله تراها حافلة، بـ ((خمائر)) التعب وافرازاته. اما اذا اخذت ((عينة)) من الدماء المارة، بمخ عالم مثل ((انيشتين)) فلن تجد بها اثراً لـ ((خمائر)) التعب، حتى في نهاية يوم حافل بالنشاط الذهني.

ويذهب الطبيب النفسي الامريكي ((ا.ا. بريل)) الى حقيقة مدهشة أخرى، فيقول: ((ان مأة في المائة من التعب، الذي يحسه العمال، الذين يتطلب عملهم الجلوس المتواصل، راجع الى عوامل نفسية، أي عاطفية)).

فاذا كان المخ الانساني، لا يعتريه التعب قط، والعضلة البشرية، لا تتعب الى امد طويل، فاذن، ما الذي يشعرنا بالتعب؟

يقول الاطباء النفسيون: ان معظم التعب، الذي نحسه، ناشئ عن طبيعة اتجاهاتنا الذهنية والعاطفية. وفي ذلك يقول الدكتور ((هادفيلد)) ـ العالم النفسي الانكليزي ـ في كتابه ((سيكولوجية القوة)) : ((ان الجانب الاكبر من التعب، الذي نحسه، ناشئ عن اصل ذهني، بل الحقيقة: ان التعب الناشئ عن اصل جسماني، لهو غاية في الندرة)).

فماذا ترى من العوامل العاطفية، يشعر ((العمال الجالسين)) بالتعب؟ أهو السرور؟ ام هو الرضا؟ كلا، على التحقيق، وانما هو التبرم، والضيق، والقلق والاحساس بعدم التقرير.

تلك هي العوامل العاطفية، التي تشعر الموظفين العمال الجالسين بالتعب. وترسلهم آخر النهار الى بيوتهم، وهم يمسكون ادمغتهم من ((الصداع العصبي)).

وقد اشارت الى ذلك ((شركة متروبوليتان)) ـ للتأمين على الحياة، في نشرة وزعتها، بعنوان: ((التعب)) قالت فيها: ((ان المجهود الشاق، في حد ذاته، قلما يسبب التعب ـ ونقصد ذلك النوع من التعب، الذي لا يزول بعد نوم عميق، او فترة معقولة من الراحة ـ وانما القلق، والتوتر، والثورات العاطفية، هي العوامل الثلاثة الاساسية، في ابتعاث التعب، ولو بدا: ان المجهود العقلي او الجسماني، هو الاصل والسبب)).

واذا كان التعب ـ الذي يأكل الاعمار ـ ناجماً من القلق، والتوتر. والثورات العاطفية، فلا يمكن مكافحته، الا عن طريق التوسل، بالهدوء والاسترخاء.

يقول دانيل جوسلين: ((عندما احس بالتعب، او بتوتر في الاعصاب ـ في نهاية يوم من الايام ـ اعلم يقيناً: ان مجهود ذلك اليوم، كان عقيماً من ناحية ((الكم)) وناحية ((الكيف)) ـ على السواء ـ . ولو ان كل شخص وعي هذا الدرس، وعمل به، لقلت نسبة الوفيات، الناشئة عن امراض التوتر العصبي، ولتوقفنا عن تزويد المصحات والمستشفيات، كل يوم بمرضى التعب، والقلق)).

والصوم، افضل وسيلة لتخفيف القلق، والتوتر، والثورة النفسية، لامرين:

1ـ انه يرفع المستوى الفكري للانسان، فوق مجال المادة، والحياة. حتى لا تلح به المصائب والهموم.

2ـ انه حيث يخفض ضغط الدم، يخفف اللهب المسعور، الذي يطارد الانسان الى الهرع والاندفاع، والقلق التوتر على اثر الخسارة.

وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ((اذا كان يوم صوم احدكم. فلا يرفث. ولا يصخب. فان سابَّة احد، فليقل: انه صائم....)).

ليعلمنا طريقة الاستفادة الكاملة من الصوم، ورياضة الهدوء والاسترخاء.

فالامراض الناشئة من القلق، والتوتر، والثورة النفسية، لا دواء لها. سوى الرضا عن الله، والاستسلام لتقديره، والتسامح مع الناس، كما اوصانا الله تعالى بقوله: ((خذ العفو، وامر بالمعروف، واعرض عن الجاهلين)). ((واما ينزغنك من الشيطان نزغ، فاستعذ بالله)).

 

وغالب الافراد الذين يصبحون فريسة هذا المرض الخطير، هم:

اما من العابسين المتشائمين، ذوي الطباع الحادة.

واما من الذين لا هم لهم ـ طول النهار ـ سوى ان يشعر بالهم واللهفة والأسى، على امر كان، او على امر لم يكن.

واما من الذين يعانون المتاعب والهموم، لانهم ورطوا انفسهم في ازمة مالية او اجتماعية، او عائلية.

وهؤلاء ـ جميعاً ـ عرضة للمرض الجسماني، او النفساني، الذي يتكون من سلسلة نبضات عصبية متواصلة، تتركز في المخ، ثم ينتقل اثرها الى الجسد فتتوتر توتراً متصلاً.

فاغلب الانفعالات غير المقبولة، تؤدي الى توتر الاعصاب. واول مناطق هذا التوتر، مجموعة العضلات، في مؤخرة العنق. وعضلات الطرف الاعلى من ((المرئ)) التي تشعرك بالغصة، ثم اسفل ((المرئ)) ـ وهذا اخطر ـ اذ عندما تأخذ عضلات ((المعدة)) في الانقباض، فانك تشعر بضغط ثقيل كريه في الداخل، حتى يبلغ درجة لا تحتمل.

ومثل هذا النوع من تقلص العضلات، يمكن ان يحدث في أي جزء من ((المصران الغليط)).

وكثير ممن يشكون الاماً تشبه ((المرارة)) ليسوا مرضى قط، وانما متبرمون بحياتهم، وهذا التبرم، يحدث ذلك الانقباض في ((المصران)) ومن ثم الآلام.

وما يقال عن اعضاء البطن، يقال عن اعضاء الرأس، فـ ((الصداع)) الذي يحدث لهؤلاء، المتبرمين، سببه: ان ((الأوعية الدموية)) تنقبض بشدة، من اثارة عنيفة، فتحدث الالم.

وثلث امراض الجلد والصدر، ناتجة عن هذا التوتر العصبي.

والآن، كيف العمل للخلاص من هذا البلاء.

والصوم، الذي فرضه الله علينا، شهراً في السنة، يحقق لنا الاسترخاء، من هذا التوتر المهلك.

فالصوم، يعلمنا: الصبر، والسماحة، والكلم الطيب، والرضا عن الله سبحانه ـ كما سبق في الحديث النبوي الشريف ـ .

الصوم، يعلمنا: كيف نتقبل المصائب بصبر جميل، حتى لا تهد كياننا اذا فاجئنا الارزاء دفعة واحدة؟. والصوم، يعلمنا: كيف نتسامح مع الناس، ونكافح المشادة بالرفق. والعقد والازمات. بالبساطة والسهولة؟

والصوم، يعلمنا: كيف نقول الكلمة الطيبة، دون ان نتنازل الى الابتذال. ان قذفنا لئيم بكلمة بذيئة؟

ب ـ ترويض النفس

ان اكثر الكوارث التي تدهم الناس، نتاج طبيعي عن الهوسات الارتجالية، التي يفعلونها، تلبية للنزق الطائش، الذي يسوله الشيطان لهم.

ولو فحصنا اكثر المحاكم والسجون في ظل الحكومات الصحيحة، لم نجد فيها من يساق اليها بدافع عقله ـ الا اذا كانت الحكومات منحرفة تضطهد المفكرين ـ وانما هو الطيش، الذي يزج بالالوف في المحكام والسجون.

او ليس في الحديث: ((اعدى اعدائك، نفسك لتي بين جنبيك))؟

واذا كانت النفس، مصدر الويلات والنكبات، التي تنغص حياة الناس، فما اجدر الانسان بان يروض نفسه ـ قبل ان يدخل في الحياة المشتركة ـ حتى يستريح من غائلة هذا العدو الداخلي، وتفرغ لمكافحة اعدائه الخارجيين في جبهة واحدة.

والنفس، كالارض ـ او ليست من الأرض؟ ـ ان اهملت تنبت الحشائش والاشواك، وان روعيت، تنبت كلما حلى وطاب.

((والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه، والذي خبث لا يخرج الا نكداً..)).

فاذا تركت النفس، تعبر عن طاقاتها في الشهوات، وان روضت تعبر عن طاقاتها في الملكات.

واذا راضت النفس، يصح الجسم، ويستريح الجسد، او ليس المجرمون اكثر الناس شقاءاً ورهقاً؟ واوليس الصالحون، اقل الناس شقاءاً ورهقاً؟

فالمجرمون ـ وان قلت مصائبه ـ يعيش في قلق وارتباك، يحسب كل صيحة عليه، ويحسب كل ضربة خسارة، بينما الانسان الصالح ـ وان كثرت مصائبه ـ يعيش في ثقة واطمئنان، يعلم: انه لا يصيبه الا ما كتب الله له، ويعلم: انه لا يصيبه مكروه الا كتب له به عمل صالح.

واذا اطمئنت النفس وهدئت، اطمئنت الاعصاب وهدئت، فاستطاعت الاجهزة العاملة في داخل الانسان، ان تؤدي واجباتها الرتيبة، بتوفر واطراد، فتحصنت من الامراض الكثيرة، الناجمة عن اضطراب عمل الاجهزة الداخلية في الانسان، واذا قلقت النفس، وارتكبت الاعصاب، اضطربت الاجهزة الداخلية، فلم تطق اداء واجباتها الرتيبة بانتظام، وفسد الجسم كله.

لقد قال ((افلاطون)): ((ان اكبر اخطاء الاطباء؛ انهم يحاولون علاج الجسد، دون العقل، في حين ان العقل والجسد، وجهان لشئ واحد، فلا ينبغي ان يعالج احد الوجهين على حدة)).

ج ـ مطاردة القلق

و ((القلق)) انه الداء الذي يصيب اكثر الناس، ولا تزداد الحضارة توسعاً الا ويزداد الناس قلقاً، حتى كتب الدكتور ((الكسيس كاريل)): ((ان رجال الاعمال، الذين لا يعرفون: كيف يطاردون القلق، يموتون مبكراً)).

واخطار القلق كثيرة تحدث عنه الدكتور ((جوبر)) ـ كبير اطباء اتحاد مستشفيات جالت، وكولورادوا، وسانتافي ـ فقال: ((ان في استطاعة سبعين في المائة، من المرضى الذين يقصدون الى الاطباء، ان يعالجوا انفسهم بانفسهم، اذا هم تخلصوا من القلق، والمخاوف التي تسيطر عليهم)).

((ولا تحسبن: انني اقصد بذلك: ان امراضهم وهمية، بل هي حقيقية، لها الم يعدل الم الاسنان التالفة، وربما كان اشد منها بمئات الاضعاف، واذكر ـ مثلاً ـ لهذه الامراض، عسر الهضم العصبي، وقرحة المعدة، واضطرابات القلب، والأرق، والصراع، وبعض انواع الشلل)).

((هذه الامراض تحدث حقيقة، فانا نفسي قد شكوت قرحة المعدة مدى اثنتي عشرة سنة)).

((فان الخوف، يسبب القلق، والقلق يسبب توتر الاعصاب، واحتداد المزاج، ويؤثر في اعصاب المعدة، ويحيل العصارات الهاضمة، الى عصارات سامة، تؤدي في كثير من الاحيان الى قرحة المعدة)).

وكتب الدكتور ((جوزيف، ف. مونتاجي)): ((ان قرحة المعدة، لا تأتي مما تأكله، ولكنها تأتي مما تأكلك)).

وقال الدكتور: ((و. س. الفاريز)): كثيراً ما تنشأ قرحة المعدة، نتيجة لتقلب العاطفة، واضطرابات الاحساس)).

والقى الدكتور ((هارولداس. هايين)) رسالة في اجتماع ((الجمعية الامريكية، للاطباء والجراحين، العاملين في المؤسسات الصناعية)) قال فيها: ((انني درست حالة 176 رجلاً من رجال الاعمال، من اعمار متجانسة، معدلها 44 سنة، فاتضح لي ان اكثر من ثلث هؤلاء، يعانون واحداً من صلاصة امراض، تنشأ كلها عن توتر الاعصاب، وهي:

اضطرابات القلب، وقرحة المعدة، وضغط الدم)).

وخطب الدكتور ((وليم ماك كونيل)) امام ((الجمعية الامريكية، لطب الاسنان)) فقال؛ ((ان الانفعالات، التي يسببها القلق، والخوف، والنزاع الدائم، قد تصيب ميزان الكلسيوم في الجسم باختلال، ينشأ عنه الم الاسنان وتلفها)).

هذا الداء العضال، الذي يسميه الطب بـ ((القلق)) ويصح ان نسمية ((رأس الداء)) ينشأ من عوامل كثيرة، ولا بد لنا من الاعتراف بان هنالك ادوية كثيرة له، غير انه يصح ان نعتبر ((الاستسلام)) رأس كل دواء له، وخاصة اذا كان الاستسلام لارادة حكيمة، يوافق العقل على الاستسلام لها، فمن ركن الى ارادة الله سبحانه وتعالى، جدير بان لا يقلق ابداً، اوليس الله تعالى اولى به من نفسه، واحكم بما يصلحه؟

ولنفس السبب لم يستطع القلق ان ينال من المؤمنين الراسخين، حتى على قفاه في غفوة، غمرته عن اصحابه في غزوة، اذا فتح عينيه، فرأى احد اعدائه مصلتاً سيفه، وهو يقول: من ينقذك مني يا محمد؟ فقال الرسول بثقة واطمئنان: الله. وانقذه الله، فصعق العدو وسقط، وسقط من يده السيف فتناوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ((ومن ينقذك مني الآن. فلم يجد الرجل الا ان يقول: الله. ثم اعلن اسلامه. وعلي بن ابي طالب عليه السلام، صلى بين المعسكرين في ليلة الهريز ـ من واقعة صفين، والحرب على ساق. وكان الحسين بن علي عليه السلام، يزيد انطلاقة ـ يوم عاشوراء ـ كلما تراكمت عليه المصائب.

وامثال هذه النماذج، تظهر في حياة جميع المؤمنين الصادقين، لان الايمان بالله، يؤدي الى الاستسلام لله، الذي هو اعظم من كل قوة، ولا يكون شئ في الكون الا بارادته، واذن فماذا يفعل الانسان لنفسه؟ انه تحت حراسة الله، قبل ان تحين ساعة القدر، وحانت ساعة القدر، فان جميع قوى الكون لو تظاهرت لم تدرأ عنه مكروهاً، لان الله اعظم من كل قوة. واذا شاء فلا مرد لامره، وهكذا يطمئن الانسان بالله، فيزول قلقه. وكل ما ينشأ جرّاء القلق.

لقد كتب الدكتور ((الكسيس كاريل)): ((ان الذين يسعهم الاحتفاظ بالسلام. والطمأنينة النفسية ـ وسط ضجيج مدينة عصرية ـ معصومون ولا ريب، من الامراض العصبية)).

والصوم، يولد هذا الايمان في الانسان، ومن ثم الاستسلام لله، لانه يدع الانسان الجائع الذي يجد الوان الطعام الشهي يتركه ويتضور من الجوع، والانسان العطشان، الذي يرى السلسبيل الزلال يترقرق امامه، يتراجع عنه ملتهباً، لا رادة الله وحده، فيستقر في قلبه: ان الكون كله يجري بارادة الله سبحانه، وانه جزء من هذا الكون، فلا يطيق ان يكسب خيراً ولا يدفع شراً، الا عندما يريد الله، واذا اراد الله شيئاً فلا راد لقضائه، فلماذا يقلق ويضطرب؟

وهكذا يعمق الصوم ـ في الانسان ـ الاستسلام لله، واذا استسلم الانسان لله، غمره السلام والاطمئنان، وقد اشار القرآن الى هذه الحقيقة عند ما قال: ((الا بذكر الله تطمئن القلوب)).

 

فوائد الكف عن الجنس

واما الفوائد، الناتجة من الامساك عن الجنس، فتتلخص فيما يلي:

وهو: ان الاعتدال في كل امر، وسيلة للاتزان الحيوي، وصلاحية البقاء، وقد اباح الله تعالى للغرائز الجسمية: ان تنال رغباتها بالاسلوب المشروع، في حدود ((المباح)) واما الاستجابة المطلقة لها، فانها تجعل المرء اسيراً متوتر الارادة، بحيث لا يجد طاقة تساعده على مباشرة الامور الجدية، بقوة وحماس.

فضلاً عن ان الانسياق مع الغرائز، يضعف حيوية الجسم، وقدرته على الاخصاب والانجاب.

وقد الفت الله سبحانه الانظار الى هذا الاتجاه، حيث اكد على ان الهدف من الغرائز الجنسية، ليس هو مجرد التمتع الرخيص، وانما هو حفظ النسل البشري، وامتداد الحياة، ثم التجاوب النفسي السامي ـ بين الوالد والولد ـ على اساس المودة والرحمة:

((والله جعل لكم من انفسكم ازواجاً، وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة، ورزقكم من الطيبات....))

((ومن اياته: ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً، لتسكنوا اليها، وجعل بينكم مودة ورحمة)).

فكان الاتصال الجنسي، محظوراً اثناء فترات الصيام ـ كما كان ممنوعاً خلال فترة الحيض ـ ففي هذا المنع، اشعار للانسان بأنه سيد شهواته، وليس عبدها المطيع، وتحديد الاسراف، الذي قد ينساق اليه الكثيرون، فيصابون بامراض لا قبل لهم بها.

زيادة على ان طبيعة الصوم، تحد من اندلاع الشهوات، التي قد تثيرها عوامل خاصة، ثم لا تطيق السيطرة عليها. ولهذا كان الصوم جاءً من شبق العزوبة في منطق الرسول الحكيم حيث قال:

((يا معشر الشباب، من استطاع منكم البائة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فانه له وجاء)).

فالاسراف في الاتصال الجنسي، ينهك الجسم كما ان الاسراف في الكبت عن الجنس يبلد الانسان. فقد قرر علم الوراثة، ان الذكر اذا اسرف في الابتعاد عن الانثى. وان الانثى اذا ابتعدت عن الذكر، لم ينتج الا شراً ، والتجارب التي اجريت على ذكور الحيوانات، فازيلت اعضائها التناسلية، كانت نتيجتها: ان تبلدت حياتها، وتغيرت معالمها، فلا هي ذكور، ولم تصبح كالاناث ... ومثلها الاناث، ففقدت انوثتها، دون ان تصبح كالذكور ... ومن اليسير ملاحظة المرأة في سن اليأس، وكيف تضطرب اعصابها ونظرتها الى الحياة؟ ... وكذلك النساء العوانس، والكهول العزاب.

فكل من يستطيع البائة عليه ان يسارع الى الزواج، حتى يبقى في مستواه اللائق به، وكل من لا يستطيع البائة، عليه: ان لا يسعر لهب شهواته من الداخل بالطعام الرتيب، وهو يكبتها من الخارج، حتى ترتكب اعصابه، وانما عليه ان يهدأ غرائزه، بالصوم، حتى لا يضر به كبتها ـ كما ارشد الرسول العظيم صلى الله عليه وآله وسلم.

 

فوائد الكف عن التغذية

واما الفوائد الناتجة، من الامساك عن الاطعمة والسوائل، فتختصر فيما يلي:

أ ـ اتاحة الراحة للجهاز الهضمي

ان طاقة الاجهزة الداخلية ـ في الانسان ـ كثيرة هائلة، ولو عرف طريقة استخدامها على ضوء الواقع، لعاش طويلاً، ولكن الانسان حيث يحاول توفير القدرة عليها، يوفر الثقل عليها، فيحطمها، لان الافراط ـ في كل شئ ـ لا يختلف عن التفريط، والزائد كالناقص، وللجسم حاجة محدودة الى التغذية، التي لو زادت او نقصت عرضته للانهيار.

ويؤكد الطب: ان الجسم لا يستطيع الاستغناء عن الماء، اكثر من ثلاثة ايام، ولا يستطيع الاستغناء عن الطعام، اكثر من بضعة عشر يوماً.

ومرتاضوا الهنود، الذي قد يطول صومهم اكثر من هذه المدة، فانهم يتناولون فيه الماء وعصير الفواكه، الذي يساعد على طول فترة الصيام، ومن هذا النوع، كان صيام غاندي: الزعيم الهندي، الذي كان يتوسل بالصيام، لانهاض حركته السلبية ضد الاستعمار.

والحكمة، التي راعاها الاسلام، من الامساك عن الطعام والشراب، تقوم على اساس: ان معظم الناس، يفرطون التغذية، الى درجة تعرضهم لكثير من الامراض الفتاكة.

ومن المعروف: ان غالب الامراض، التي تصيب الجسم البشري، ترجع الى اختلال الجهاز الهضمي، حتى قال احد الاطباء: ((ان معظم الناس، يحفرون قبورهم باسنانهم)). وقد قام احد الاطباء ـ في مصر بدراسة علمية دقيقة، ثبت منها: ان الاغلبية الساحقة من الناس، يأكلون ثلاثة امثال، ما تحتاج اليه اجسامهم.

او لم يقر القرآن الحكيم: ((كلوا واشربوا، ولا تسرفوا))؟ او ليس في الحديث: ((المعدة بيت الداء))؟ او لم يقل النبي العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم): ((ما ملأ ابن آدم وعاءاً))، شراً من بطنه. يحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فان كان لا بد فاعلاً، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه))؟...

ومعنى الثلث لنفسه: ان ((المعدة)) اذا امتلأت، ضغطت على الحجاب الحاجز، فضغط ـ بدوره ـ على القلب، فعاق حركته، ثم ضغط على الرئتين فعاق حركة التنفس.

لقد اوقف علماء النفس، جانباً كبيراً من وقتهم ـ خلال السنوات الاخيرة ـ لدراسة الناس، واساليبهم في الحياة، بغية الوصول الى ما يوفر عليهم راحة البال، ويسبب لهم اكبر قدر ممكن من الاستماع بالحياة، فكان اهم وصاياهم: ((لا تغلوا في عمل شئ)).

وذلك بعد ان وصل الطب. الى ان دستور الحكمة ورأس العلاج، هو عدم الاسراف في الاكل والشرب.

وقررت ابحاث الطب العلاجي والوقائي: ان اعظم قاعدة لحفظ الصحة، هي العمل بالآية الشريفة: ((كلوا واشربوا، ولا تسرفوا)).

اذ قد ثبت طبياً: ان الشراهة، تفتك بـ ((المعدة))، وتحطم ((الكبد)). وترهق ((القلب))، وتسبب تصلب ((الشرايين)). و ((الذبحة الصدرية))، وارتفاع ((ضغط الدم)) و ((البول السكري)) ... وانه لا وقاية من هذه الامراض، ولا علاج لها ـ اذا اصيب بها الانسان ـ الا الحد من شهوة الاكل، وعدم الاسراف في الطعام والشراب.

ويقول علم النفس: ((ان الاسراف، هو الحماسة غير المتزنة، التي تصبح نوعاً من الهوس، فالاسراف في أي شئ، انما هو من قبيل الهوس، او الجنون، فيجب مراجعة النفس، فيما نحن مقدمون عليه، فلا نغلو فيه مهما كان)).

وينصح احد علماء النفس، نصيحة غالية، اذ يقول: ((لماذا لا نتمثل بالطبيعة، فكل ما خلقه الله، نجده معتدلاً في غير اسراف، فالليل يعقب النهار، واذا كان النهار خلق للعمل، فالليل خلق للراحة)). فلا بد من الراحة بعد التعب.

وقال الدكتور ((الكسيس كاريل)): ((علينا ان نقي انفسنا شر الاسراف في أي شئ، كل شئ، حتى في ارتياد السينما، والاستماع الى الراديوا... ان الانسان يميل ـ بطبيعته ـ الى الاسراف في شهواته، كالخمر، والاكل، والسرعة، وغيرها، وهذا الاسراف، يقضي الى الانحلال، فعليه ان يروض نفسه على الاتزان، وعدم الاسراف في أي شئ، حتى في النوم.... ان رجل العصر، اما مفرط في النوم، او مسرف في اليقظة، وهذ   ا ضار به.. وخير له ان يعود نفسه على ان يظل يقضاً، حتى تدركه الرغبة في النوم فينام)).

فعلى الانسان ان يمتنع عن الاسراف في التغذية، فترة تستهلك رواسب التخمة، حتى يستريح الجهاز الهضمي، فيستطيع استعادة نشاطه للوجبة التالية، دون ان يدركه الاعياء والانهيار.

ب ـ حفظ الجسم من السمنة

ان اقل فائدة وقائية يكسبها الصائم، هي الوقاية من السمن واخطاره، فالاسراف في الاكل، يؤدي الى السمنة، وكلما زاد عن الوزن الطبيعي للجسم، يكون ثقلاً على الاعضاء الرئيسية، التي تقيم الكيان الجسمي.

يقول الدكتور ((سالم محمد)): ((ان القلب، الذي هو مضخة ماصة كابسة، يرفع الدم من هنا، ليدفعه الى هناك، وهو عضو في الجسم، عليه ان يؤدي عمله المستمر، الذي لا ينقطع، ولا شك ان القلب يقوم بالخدمة، لجسم يزن ثمانين كيلوغراماً، اقل جهداً ورهقاً، من زميله، الذي يخدم جسماً، يزن مائة كيلو. وكلنا نعلم: ان الساقية، التي تقوم بري ثلاثين فداناً، اكثر جهداً ورهقاً، وتبلى اسرع، من اخت لها، تقوم بخدمة عشرة فدادين، ويعبر عن الخيرة بـ ((الساقية المرتاحة)). فما بال الانسان لا يريح قلبه، فيخفف من العبأ الملقى على عاتقه، بان يخفف من وزنه، الى الحد الطبيعي؟)).

وليت الامر في جسم الانسان، يقف على القلب وحده، ولكن هذا الجهد، يصيب باقي اجهزة الجسم، فـ ((الكلي)) و ((الكبد)) و ((البنكرياس)) في جسم يزيد على المائة كيلو ـ مثلاً ـ تحمل عبئاً ثقيلاً، وكلما خف الحمل، نضمن للجسم السلامة، اطول مدة ممكنة.

ويقول الدكتور ((جورجي صبحي)): ((انه يجب تنظيم المطبخ المصري))، الذي ورثناه، وان نطهره من السمن والدهنيات، والمواد الحريفة، وزيادة الوجبة، مما يفتك بـ ((المعدة)) ويهد كيان ((الكبد))...

ويعد الدكتور ((محمد زكي شافعي)) ـ زميل معهد الصحة العامة بلندن ـ اخطار السمن، فيقول: ((ان من اخطار السمنة، الاعداد للامراض المعدية، والحادة، والانذار السئ، للعمليات الجراحية، كما تعد لالتهاب ((حوصلة المرارة)) وحصواتها، و ((التهاب المفاصل)) و ((دوالي الاطراف)) وارتشاح ((عضلات القلب)) و ((النزلة الشعبية)) المزمنة، و ((الذبحة الصدرية)) ... والتوقي من السمنة، اول ما يلزم المستعدين لها، وذلك بالاقلال من الطعام)).

ولعل من المشاهد المعروفة: ان اول ما ينصح به الطبيب، هو الاعتدال في الاكل، لكل من السليم والمريض.

ج: الصحة العامة:

ويستعمل الصوم، وقاية من امراض، وعلاجاً لامراض.

 

فاما الفوائد الوقائية للصوم، فتظهر فيما يلي:

يقرر الطب الحديث: الواجب ـ لا سيما على المتقدمين في السن ـ ان يصوموا يوماً في كل اسبوع، او اسبوعاً في كل شهر، والافضل شهراً من كل عام.

فقد ثبت: ان الانسان، كثيراً ما يصاب ببعض البؤرات الصديدية، التي تتكون داخل الجسم، وتصب افرازاتها السامة في الدم، غير ان الانسان لا يشعر بها، الا اذا تضاعف ذلك الافراز، فاذا بالانسان يمرض فجأة، بامراض قد يكون اقلها التسمم ... والصوم، خير وسيلة لتجنب الاصابة بمثل هذه البؤرات، اذ عندما تقل المواد الغذائية في الجسم ـ والاجهزة الداخلية تدب في الاستهلاك ـ تبدأ اول ما تبدأ، باستهلاك الانسجة الداخلية، ومنها الخلايا الصديدية، التي ضعفت نتيجة الالتهاب..

كما ان الصوم، يذيب الاورام الصغار، في ابتداء تكونها، قبل ان تستفحل... ويمنع تكون الحصوات والرواسب الجيرية... ويتيح الفرصة لجهاز الهاضمة المرهقة، حتى يستريح قليلاً، فلا يصاب بالضعف او الالتهاب... ويقي الانسان من امراض ((الكلى)) ... و ((المفاصل)) ... و ((النقرس)) ... ويرفه عن القلب، ويمكنه من ان يتنفس، وينبض بهدوء، كيلا يصيبه ((التورم)) او ((تصلب)) الشرايين.

والصوم ـ بصورة اوسع ـ يريح جميع الاجهزة، والانسجة، والخلايا، والغدد، من الانهماك في العمل المتواصل. وبذلك يقيها من الضعف، والاحتقان، والموت بالباكر، والمرض المزمن، زيادة على ان الصوم ـ بذاته ـ يعتبر من عوامل طول العمر، والنشاط الدائب؛

ويخلص الانسان من الخمول، الذي يلازمه على اثر التخمة.

لانه يسبب تنشيط القوى الفكرية، وايقاظ الذكاء، وارهاف الذهن ويقيه من الترهل والكسل.

والصوم يستعمل علاجاً لاضطراب الهضم، والبدانة، وامراض القلب، والكبد، والكلى، والبول السكري، وارتفاع ضغط الدم.

كما ان الصوم، يقلل كمية الماء في الدم، وينظم افرازات الغدد، فيشفي الامراض الجلدية، ويذيب الشحم الزائد، ويقضي على السموم التي تحدثها البطنة.

ولعل اشهر مصحة في العالم ـ الآن ـ هي مصحة الدكتور ((هنريج لاهمان)) في ((سكسونيا)) يقوم العلاج فيها بالصوم. وقد انشئت مصحات اخرى على غرارها، عند ما كثر ضغط المرضى، على هذا النوع من العلاج. واساس العلاج في هذه المصحات، هو التخلص من الفضلات الزائدة عن حاجة الجسم، التي ترهق الاعضاء على اختلافها.

هذه الفوائد الصحية، وغيرها هي التي قادت الاطباء قديماً وحديثاً، الى جعل الصوم ـ وان لم يتسم بحدوده الشرعية ـ قبل كل دواء وهذه الفوائد وغيرها، هي حدت بهم الى الاعتراف، بان في الصوم حكمة بالغة فجرها الاسلام، يوم اعلنه فريضة لا يمكن التخلي عنها فسجلوا للابد اعترافات نذكر بعضها:

قال الدكتور ((روبرت بارتولو)): ((لا شك في ان الصوم، من الوسائل الفعالة، في التخلص من الميكروبات، وبينها ميكروب الزهري، لما يتضمن من اتلاف للخلايا، ثم اعادة بنائها من جديد)).

وقال الدكتور ((عبد العزيز اسماعيل)): ان الصيام، يستعمل طبياً، في حالات كثيرة، ووقائياً في حالات اكثر، وان كثيراً من الأوامر الدينية، لم تظهر حكمتها، وستظهر مع تقدم العلوم. فلقد ظهر ان الصيام، يفيد طبياً في حالات كثيرة، وهو العلاج الوحيد في احوال اخرى، فللعلاج يستعمل في اضطراب الامعاء المزمنة، والمصحوبة بتخمر، ويستعمل في زيادة الوزن، الناشئة من كثرة الغذاء، وكذلك في زيادة الضغط، اما في البول السكري، فلما كان قبل ظهوره، يكون مصحوباً بزيادة في الوزن، فالصوم بذلك يكون علاجاً نافعاً، ولا يزال الصيام، مع بعض ملاحظات في الغذاء، اهم علاج لهذا المرض. والصوم يعتبر علاجاً لالتهاب الكلى الحاد والزمن وامراض القلب والصيام مدة شهر في السنة، يعتبر خير وقاية من كل هذه الامراض)).

وقال الدكتور ((محمد الظواهري)): ((ان كرم رمضان، يشمل مرضى الامراض الجلدية، اذ تتحسن بعض الامراض الجلدية بالصوم، وعلاقة التغذية بالامراض الجلدية متينة.. اذ ان الامتناع عن الغذاء والشراب، مدة ما، يقلل من الماء في الجسم، وهذا بدوره، يدعو الى قلته في الجلد، وحينئذٍ، تزداد مقاومة الجلد، للامراض الجلدية، المعدية والميكروبية. ومقاومة الجسم، في علاج الامراض المعدية، هي العامل الاول، الذي يعتمد عليه، في سرعة الشفاء. وان الجسم، الذي لا يقاوم الميكروبات، مع الجسم، القليل المقاومة. وقلة الماء في الجلد، تقلل ـ ايضاً ـ من حدة الامراض الجلدية الالتهابية، والحادة، والمنتشرة، بمساحات كبيرة في الجسم. وافضل علاج لهذه الحالات، من وجهة الغذاء، هي الامتناع عن الطعام والشراب، لفترة ما، ولا يسمح الا بالقليل من السوائل البسيطة. وقلة الطعم، تؤدي الى نقص الكمية، التي تصل منه الى الامعاء، وهذا ـ بدوره ـ يريحها، ويقلل من تكاثر الميكروبات الكامنة بها، وما اكثرها‍‍‍!

وعندئذٍ، يقل نشاط تلك الميكروبات المعوي، ويقل افرازها للسموم، وبالتالي، يقل امتصاص تلك السموم من الامعاء، وهذه السموم، تسبب العدد الكثير، من الامراض الجلدية، وان الامعاء، لبؤرة خطرة، من البؤر العفنة، التي تشيع سمومها، عند كثير من الناس، وتؤذي الجسم والجلد، وتسبب لهما امراضاً لا حصر لها. وشهر الصيام، هو شهر الهدنة، للراحة من تلك السموم واضرارها)).

((والصيام كذلك، علاج لامراض زيادة الحساسية، وامراض البشرة الدهنية)).

وكتب الاستاذ ((فريد وجدي)): ((كان الناس الى زمان قريب، يحسون ان الصيام، من الشؤون الخاصة بالاديان، ولكن لم يكد ينتشر تاريخ الطب بين الناس، حتى علموا: ان الصيام قد اعتبر ـ في كثير من الامراض ـ من مقومات الصحة الجسمانية، كما علموا: انه من عهد ((ابقراط)) عامل قوي من العوامل المنقية للجسم، من سموم الاغذية، فان المواد الحيوانية، التي نتناولها، بشراهة، تحتوي على مواد دهنية، ومواد رباعية العناصر، لا تطيق البنية البشرية، ان تختزن مقداراً يزيد عن الحاجة منها، واطلاق الحرية للانسان، يجعله يتناول كلما يقع تحت يده، وكثيراً ما يصاب ـ بسبب هذه الحرية ـ بافات مرضية، تكون وبالاً عليه)).

((والصوم، ذو تأثير بالغ، في تخفيف الاعراض، التي تنتاب الاعضاء الظاهرة والباطنة، وتحويل محمود في حالة المريض، يتأدى منه الى التخلص مما اصابه من الآلام والانحرافات. وحصة الروح من هذا التحويل، لا تقل قيمة عن حصة الجسم)).

((وقد استفاد الطب، من ناحية الصوم، ما لم يستفده من ناحية العلاج بالعقاقير، ولكن اكثر المسلمين. لا يأبهون كثيراً بالمستقبل، ولا يحسبون حساباً للشيخوخة. ولا يعرفون للقوي حدوداً، فيعيشون كما يجئ، لا كما يجب)).