الإمام الخامنئي: أي مؤامرة ضد إيران ستواجه رداً حازما سيجعل الأعداء نادمين

2011-10-17

استعرض قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي في اليوم الخامس من زيارته لمحافظة كرمانشاه غربي البلاد، أسباب الحيوية الذاتية والمستديمة لأهداف وتطلعات النظام الإسلامي، معتبرا الليونة في هندسة النظام والتغيير المناسب في آليات تحقيق هذه الأهداف بأنها تشكل جانبا من طاقات النظام الإسلامي منوها إلى النوايا والأهداف الخفية وراء ستار السيناريو الأميركي المتمثل في توجيه اتهام إرهابي مزعوم ضد إيران، محذرا أعداء الشعب الإيراني برد حازم يجعلهم يندمون على أي مؤامرة وعمل تخريبي ضد إيران.

وأعرب سماحته في كلمة مهمة ألقاها يوم الأحد أمام الآلاف من الأساتذة والطلبة الجامعيين بمحافظة كرمانشاه، عن بالغ ارتياحه للحضور بين الوسط الطلابي الناشط والزاخر بالحيوية لهذه المحافظة، واصفا دور الشباب في مختلف الأدوار من عمر النظام بالبارز ولذلك فإن اللقاء بالطلبة الجامعيين المثقفين يحظى بأهمية خاصة.

واعتبر قائد الثورة الإسلامية، الحقبة الحالية بأنها حقبة المجاهدة والصمود والبصيرة، منوها إلى الصحوة الإسلامية المنتشرة والصراعات الجلية والخفية وكذلك النزعات المختلفة التي ظهرت من أجل إقامة نظام بديل في مصر وتونس وباقي دول المنطقة، مضيفا: "في هذه الفترة الحساسة فإن الأوضاع العامة للنظام الإسلامي، تشكل أحد العوامل المؤثرة التي بإمكانها أن تقوم بأداء دور مهم في حاضر ومستقبل المنطقة إذن فإن مراجعة الهيكلية العامة للنظام الإسلامي والتمحيص فيها يحظى بأهمية مضاعفة في الوقت الحالي.

واعتبر سماحته هذه المراجعة مهمة كذلك من زاوية ضرورة وجود النظرة الواقعية والحركة الواعية للنظام وأضاف: إن الحركات التي تحدث من دون الاهتمام بالحقائق والالتفات إلى الآفاق البعيدة، تؤدي غالبا إلى الضلال والخطأ، لذا فإنه ينبغي من هذه الزاوية أيضا مراجعة المسار الذي تم قطعه لحد الآن والوضع الراهن.

وأكد سماحته أهمية هذا الموضوع عبر طرح عدد من الأسئلة الأساسية، هي كيف يمكن تحليل موضوع شيخوخة وشبابية النظام الإسلامي؟ أتصيبه (النظام) الشيخوخة وتستنزف قواه يوما؟ أيوجد هناك طريق للحؤول دون هذه التأكل والشيخوخة؟ وهل أن هناك علاجا لها إذا ما حدث ذلك؟.

ونصح قائد الثورة الإسلامية أصحاب الفكر والفضل ولاسيما الطلبة الجامعيين والحوزويين ومراكز صنع واتخاذ القرار بالتدقيق والتمحيص في الأسئلة المطروحة، ومن ثم تطرق إلى ترسيم سلسلة منطقية تتضمن مراحل تشكيل وتحرك وديمومة النظام الإسلامي.

وأوضح الإمام الخامنئي أن الثورة الإسلامية كانت حركة أطاحت بالحكومة الملكية البائدة ومهدت الأرضية لتشكيل النظام الإسلامي وأن النظام الإسلامي يعني الهوية والبنية العامة التي اختارها الشعب لبلاده وان تأسيس الحكومة الإسلامية بمعنى إرساء مجموعة الأجهزة الإدارية ومنظومات إدارة البلاد وتشكيل المجتمع الإسلامي ومن ثم تشكيل الأمة الإسلامية، وكل ذلك بمثابة حلقات السلاسل التي تحدد الطريق في الماضي والحاضر والمستقبل.

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى تشكيل الحلقات الثلاث الأولى لهذه السلسلة، معتبرا المرحلة الرابعة أي تشكيل المجتمع الإسلامي هدفا وسطيا وفي ذات الوقت مهما وشامخا.

وفي معرض تعريفه الشامل بالمجتمع الإسلامي أكد سماحته أن المجتمع الإسلامي مجتمع تتحقق فيه الأهداف والتطلعات والآمال الكبرى التي وضعها الإسلام للبشرية.

وفي معرض تبيينه لهذا الجانب المهم أوضح الإمام الخامنئي أن تحقق العدالة والحرية وأداء الشعب دوره المؤثر على صعيد إدارة البلاد وتقرير مصيره وكذلك تحقق العزة الوطنية والرخاء العام وإزالة مظاهر الفقر والمجاعة والتنعم بالانجازات بمختلف جوانبها العلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والابتعاد عن التوقف والسكون إلى جانب التحرك الدائم إلى الإمام هي من الميزات البارزة للمجتمع الإسلامي الذي يسعى الشعب والنظام الإسلاميين جاهدين من أجل تحقيقه.

وأضاف سماحته: طبعا فان الهدف النهائي لتشكيل المجتمع الإسلامي يتمثل في وصول الإنسان إلى الكمال "المعنوي وعبودية الله تعالى ومعرفة الخالق الباري وأن مثل هذا المجتمع نفسه سيمهد الأرضية لتشكيل الأمة الإسلامية".

ولتجنب أي استنباط مشترك بين مفاهيم وخصائص المجتمع الإسلامي وبين المفاهيم الغربية، تطرق سماحته إلى الحدود الصريحة والواضحة بين هذه المفاهيم وأكد قائلا: إن مفاهيم مثل العدالة والحرية وتكريم الإنسان وسائر خصائص المجتمع الإسلامي، هي المعنية فقط في المنظار الإسلامي العميق ومختلفة تماما عن المفاهيم المماثلة في الغرب.

واعتبر سماحته الاستنباط الغربي لمفاهيم المجتمع الإسلامي بأنه من مشاكل الأعوام البعيدة والقريبة وأضاف،:عند تقييم هذه المفاهيم، لا ينبغي من أي زاوية كانت إتباع طريق الغرب المنحرف بل ينبغي الاستفادة من الإسلام والقرآن لإدراك المعني الحقيقي لهذه المفاهيم.

وأوضح قائد الثورة الإسلامية في هذا المجال قائلا: إن الغربيين بطبيعة الحال غير ملتزمين حتى بالمعاني الغربية لهذه المفاهيم، ومثلما مارسوا في أفغانستان والعراق وليبيا وسائر الدول فإنهم وتحت يافطات مثل الديمقراطية ومكافحة السلاح النووي والتصدي للإرهاب، يتابعون أهدافا شيطانية مثل السيطرة على المناطق الاقتصادية المهمة والإستراتيجية في العالم والهيمنة على مصادر وثروات الشعوب ودعم الكيان الصهيوني وإكمال سلسلتهم الاستكبارية، وإننا واستنادا إلى هذه الحقائق، نقول بحزم أن الديمقراطية الشائعة في الغرب هي مزيفة وخاوية في غالبية الأحيان.

وأشار الإمام الخامنئي إلى أن قضايا مثل التطلع للعدالة والحرية والكمال كامنة في فطرة الإنسان، مؤكدا أن هذه القضايا هي إلهية وفطرية ولذلك فلا تصيبها الشيخوخة والفتور ولذلك فإن المجتمع الذي يتحرك باتجاه هذه الأهداف السامية فيبقي على حيوتها ولا يصيبها الشلل والاندثار.

وتطرق قائد الثورة الإسلامية في جانب آخر من كلمته إلى احتمال تغيير هيكلية النظام السياسي في البلاد في المستقبل حيث أشار إلى أمر الإمام الراحل بإلغاء منصب رئيس الوزراء من هيكلة السلطة التنفيذية باعتباره أحد الحالات في تغيير آليات وبنية النظام من أجل تحقيق الأهداف مضيفا: في الظروف الحالية فإن النظام السياسي للبلاد هو رئاسي حيث يتم انتخاب رئيس الجمهورية بشكل مباشر من قبل الشعب وهو أسلوب جيد ومؤثر ولكن إذا كان الشعور يوما ما في المستقبل البعيد أن النظام البرلماني لانتخاب مسؤولي السلطة التنفيذية هو الأفضل فلا توجد أي مشكلة في تغيير الآلية الحالية.

وأضاف: طبعا فإن أي تغيير وتحديث في السياسات والخطوط وهيكلية النظام يجب أن تعتمد على المبادئ الإسلامية ومستلهمة منها كما أن الدستور تضمن أيضا التدابير اللازمة في هذا المجال.

وأكد أن النظام الإسلامي يتمتع بالثبات والتغيير، الثبات في "الحركة المتواصلة وبدون أي تذبذب وانحراف في مسار تحقق الأهداف" والليونة والتغيير في الآليات والخطوط ونمط الحركة.

وصرح سماحته بالقول: إن تحديث هيكلية النظام وتغييرها ليس بمعنى إعادة النظر في الأهداف والقيم بل يعني تغيير السياسات والتدابير، وأن هذه المسالة بإمكانها الحؤول دون التحجر.

وفي جانب آخر من تصريحاته تطرق قائد الثورة الإسلامية إلى تبيين مفهوم ولاية الفقيه والقيادة في النظام الإسلامي، منوها إلى مفهوم ولاية الفقيه من منظار الإمام الخميني الراحل (قدس سره): من وجهة نظر الإمام فإن ولاية الفقيه تعني الإدارة النشطة والمشفوعة بالحيوية والماضية إلى الأمام حيث كان الإمام الراحل نفسه مثالا تاما لهذا المفهوم.

ووصف سماحته، القيادة بأنها إدارة شاملة مبنية على القيم التي تختلف عن الإدارة التنفيذية وعن المسؤوليات المباشرة للسلطات الثلاث وأنها وضمن إشرافها على أداء المسؤولين تراقب السياسات العامة للنظام ولن تسمح لدفع النظام الإسلامي إلى أي منعطف غير ضروري وغير مباح تحت أي سبب.

وأشار إلى تصريحات البعض بأنه لا يمکن اتخاذ قرار حول قضية ما بدون وجهة نظر القيادة مضيفا: إن المسؤولين في السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) يمارسون مسؤولياتهم مع كامل صلاحياتهم ومن الممكن أن يتخذوا قرارات تعارض وجهات نظر القيادة إلا أن القيادة ليس لها الحق ولا المقدرة على التدخل في هذه القضايا إلا إذا كانت هذه القرارات السياسية تؤدي إلى حرف مسار الثورة وعند ذلك فإن القائد سيقوم بأداء مسؤولياته.

وأضاف الإمام الخامنئي في تبيين تفسير آخر عن قيادة النظام: يجب أن تکون قرارات وعمل القيادة متسمة بالعقلانية وفي خدمة المبادئ الثابتة للنظام.

وتطرق سماحته في جانب آخر من حديثه إلى النظرة العامة حول مفهوم التحزب منوها إلى أننا لا نعارض التحزب مطلقا معربا عن اعتقاده بأن التحزب لا يتنافى مع وحدة المجتمع بشرط أن يتم تنشيطه بنظرة صحيحة.

وأضاف: إن بعض الأحزاب مثل الأحزاب الحالية في الغرب فإنها في الحقيقة أندية لکسب السلطة وإنها تسعى الوصول إلى الحكم والسلطة بشتى الأساليب وإننا لا ندعم ولا نؤيد مثل هذه الأحزاب ولكنه لن نقف أمامه أيضا.

وأشار قائد الثورة الإسلامية في جانب آخر من حديثه إلى السيناريو الأميرکي الأخير في توجيه اتهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالإرهاب، منوها إلى الرصد الدقيق والمراقبة التامة من جانب إيران للنوايا الكامنة وراء ستار السيناريو الأميركي، محذرا قادة واشنطن من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سترد بحزم وبكامل قواها على أي مؤامرة أو إجراء تخريبي ومؤذ.

واعتبر قائد الثورة أحد الأهداف المحتملة لأميركا من وراء الضجة المفتعلة الأخيرة ضد إيران هو التغطية على حركة وول ستريت وأضاف: إن شعوب ما لا يقل عن 80 دولة دعمت هذه الحركة المتنامية وهو أمر مرّ وصعب للغاية بالنسبة للمسؤولين الأميركيين.

وأشار سماحته إلى محاولات الحكومة الأميركية لقمع الشعب وأضاف: من الممكن أن يقمعوا هذه الحركة بقوات الشرطة والجيش إلا أنها لن تندثر وستبقى مثل النار تحت الرماد.

ولفت قائد الثورة الإسلامية إلى هيمنة شبكة الصهيونية الخبيثة على مسؤولي أميركا وأوروبا، محذرا المسؤولين الغربيين قائلا: في اليوم الذي تدرك شعوبكم السبب الحقيقي وراء شقائها ومشاكلها أي هوانكم أمام الصهاينة، فمن المؤكد أن لهيب غضبها سيحرق نظام الاستكبار الرأسمالي ويحوله إلى رماد.

وذكّر المسؤولين الغربيين قائلا: لقد أدرتم ظهوركم لشعوبكم وأصبحتم منبوذين ومكروهين لدى الغالبية منها، إلا أن الأوضاع في الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي على العكس مما لديكم وأن التجمعات الشعبية العظيمة مؤشر لعزم الشعب الراسخ وصموده أمام أي مؤامرة.

وأشار الإمام الخامنئي إلى عدم تنازل الجمهورية الإسلامية طيلة الأعوام الـ 32 الأخيرة أمام أي شکل من أشكال الضغوط والمؤامرات مؤكدا بأن جميع أبناء الشعب متواجدين في الساحة وإننا جزء من هذا الشعب وجنودا للنظام وللإسلام وأن هذه الكتلة الراسخة تتمتع بالوحدة الوطنية والقوة وستقف أمام أي مؤامرة ولن تخضع للابتزاز.  

وأكد قائد الثورة الإسلامية مرة أخرى، إذا كان المسؤولون الأمريكيون يعيشون في بعض الأوهام فعليهم أن يعرفوا بأن أي تحرك مسيء سواء كان سياسيا أم أمنيا سيواجه برد حازم من الشعب الإيراني.

وأكد سماحته أن عداء أخبث شياطين العالم للشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية مؤشر لوعود الباري تعالى، وأكد قائلا: كما يذكر القرآن فإن هذه الأعمال الخبيثة لا تزيدنا وشعبنا إلا إيماننا وتثبت النصرة والعون الإلهي وانتصار الشعب الإيراني على جميع المتآمرين.

وفي مستهل اللقاء قام عدد من الأساتذة والطلبة الجامعيين نيابة عن الوسط الجامعي لمحافظة کرمانشاه بطرح وجهات نظر الجامعيين حول القضايا المختلفة.