ممثل الإمام الخميني في مقر خاتم الأنبياء (ص)

 

الولادة والدراسة

 

ولد عام 1955م بمدينة أصفهان من أبوين مؤمنين، وكانت ولادته تصادف ليلة ولادة أمير المؤمنين (ع)، فتفأل أبوه بالقرآن الكريم من أجل تسميته، فجاءت الآية 30 من سورة مريم {قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبياً}، فسُمّي عبدالله.

 

ترعرع عبدالله في كنف أبويه تربية إسلامية إلى أن غدى فتى يافعاً. ولما التحق بالمدرسة الثانوية كان يساعد أباه في عمله.

 

كان تواقاً منذ صغره للقيام بالنشاطات الدينية ونشر العلوم الإلهية، ما جعله يسلك طريق أهل العلم ودخول الحوزة العلمية.  

 

نشاطاته الدينية والسياسية

 

إلى جانب دراسته الدينية، بدأ الشهيد عدداً من النشاطات الدينية، منها تأسيس جمعية دينية وخيرية بمعية جمع من زملائه، وتأسيس هيئة السيدة رقية (ع)، ودروس تعليم القرآن، وافتتاح صندوق القرض الحسن. وكان عملياً هو المرشد لزملائه وتوجيههم دينياً وسياسياً، فتبدلت جلساته تدريجياً إلى جلسات سرية يتناول فيها قضايا الساحة السياسية وأصول النضال ضد النظام الملكي.

 

تركزت نشاطات الشهيد وزملائه في هذه المرحلة على توزيع البيانات والكتب الدينية، وشرح أهداف النضال، وبيان سيرة وشخصية الإمام الخميني (قده)، وفضح عمالة النظام الملكي لأمريكا وخيانته للإسلام والمسلمين.

 

هاجر عام 1974م بمعية أخيه الشهيد حجة الإسلام رحمت الله ميثمي وعدد من زملائه إلى قم لمواصلة دراسته الدينية، فسكن في مدرسة حقاني.

 

وإلى جانب دراسته الدينية، استمر الشهيد في نضاله ضد النظام الملكي، فأصبح منذ تلك الفترة مراقباً من قبل الساواك إلى أن اعتقل مع عدد من الطلبة وتم إيداعهم السجن. ورغم تعرضه للتعذيب الشديد إلاّ أنه لم يبد أي مرونة أمامهم. وحوّل السجن إلى مدرسة للعلوم الدينية مستعيناً بتجاربه السابقة ومستفيداً من وجود العلماء هناك، فعمل في تحقيق ومطالعة العلوم والمعارف القرآنية ونهج البلاغة، وبدأ بتعليم القرآن للسجناء بحيث ترك أثراً كبيراً على معنوياتهم وأفكارهم المتأثرة بأفكار الجماعات الملحدة والمنافقة.  

 

نشاطاته بعد انتصار الثورة الإسلامية

 

بعد انتصار الثورة الإسلامية عاد الشهيد إلى مدينة قم لمواصلة دراسته الدينية والانتهال من علوم أهل البيت (ع). ثم بعد فترة قرر بمعية زميله الحميم الشهيد حجة الإسلام مصطفى رداني پور الذهاب إلى كردستان، ومن هناك ذهباً إلى مدينة ياسوج وأسس بمعية الإخوة حرس الثورة الإسلامية في المدينة وتولى إرشاد العشائر المحرومة هناك.

 

ورغم توفر الأجواء لتقلده مناصب حساسة بسبب ماضيه الجهادي ودخوله السجن، إلاّ أنه أبى إلاّ أن يبقى مجهولاً في خدمة الإسلام والنظام الإسلامي أينما شعر بالحاجة لوجوده.

 

لعب دوراً بارزاً في إحلال الأمن والاستقرار في محافظة كهكيلويه وبوير أحمد فترة وجوده هناك، وبذل جهوداً جبارة في دعم المحرومين وعوائل الشهداء وحلّ مشاكلهم. كما لعب دوراً في تأسيس عدد من المؤسسات الثورية هناك وكان على اتصال دائم مع مسؤوليها.

 

وبعد ثلاثين شهراً قضاها هناك في خدمة الأهالي، عيّن مسؤولاً عن مكتب الولي الفقيه في مناطق فارس وبوشهر وكهكيلويه وبوير أحمد.  

 

الشهيد ميثمي والدفاع المقدس

 

كان الشهيد يعتبر الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية مائدة إلهية ونعمة كبرى، وكل من يشارك فيها أكثر استفاد من هذه المائدة الإلهية أكثر. وبناء على ذلك كان كثير التواجد في مناطق العمليات ومنها في مرتفعات الشهيد الصدر التي استشهد فيها أخوه أمام عينيه. كان قد جعل كلمة الإمام الخميني المشهورة "الحرب على رأس جميع الأمور" نصب عينيه.

 

عُيّن من قبل ممثل الإمام في حرس الثورة الإسلامية حجة الإسلام والمسلمين الشهيد محلاتي في مسؤولية ممثل الإمام في مقر خاتم الأنبياء (ص) المقر المركزي لقوات الحرس والتعبئة وسائر القوى الشعبية مما أعطى دفعاً قوياً لمعنوياتهم والانسجام في صفوفهم، وكان لكلامه وقع في نفوسهم خصوصاً أثناء تواجده في الخطوط الأمامية.

 

لم يكن مستعداً للذهاب إلى الحج لاعتقاده أن التواجد في جبهة الحرب له أجر حج بيت الله الحرام أيضاً.  

 

الخصال والسجايا

 

كان الشهيد يرى أن التكليف الشرعي مقدم على كل شيء. يحلّ الكثير من العقد ببصيرته ووعيه المميّز، يحيي الآمال في القلوب بإخلاصه وتقواه، ينفض غبار اليأس عن الوجوه بابتسامته. سبّاقاً في الكثير من المواقع. إيمانه بالإيمان والثورة هوّن عليه تحمل جميع المصاعب والمشاق.

 

كان دائم التأكيد على هذه النكتة "أن العمل الخالص لله مهما كان صغيراً يكبر بصورة لا يصدق به فاعله أيضاً". فكان يعد العمل لله وخدمة عباده لذة لا يفوقها شيء، وكان معراجه السعي من أجل نيل رضا الباري تعالى.

 

وضع كل ما يملك في طبق الإخلاص، متفانياً في خدمة الدين والقيم الإلهية السامية.

 

كان قدوة لجنود الإسلام في إيثاره وتفانيه. اعتقاده الراسخ وروحه النقية التي صقلت في مراحل حياته المختلفة ومنها السجن جعلت منه إنساناً ورعاً لا مثيله له إلاّ في وادي سالكو طريق العشق ومخلصو المحضر الربوبي.

 

كان يذكّر قادة الحرب وقوات الإسلام بمسؤوليتهم العظيمة وأمانتهم الثقيلة في حفظ دماء الشهداء. ويقول "يعلم الله كم اننا مذنبون لو قصّرنا في نقل رسالة الشهداء وملاحمهم إلى خلف الجبهات".

 

هذا العالم المجاهد والورع الذي عرفه زمانه جيداً، كان يرجح الخدمة في جبهات الحرب على كل شيء، ويذكّر المقاتلين ويقول "إننا إذا أردنا العودة من الجبهة بذريعة المشاكل أو انتهاء المهمة الوظيفية، فهذا يعد نوعاً من السقوط. واسألوا الله ـ أيها الأخوة ـ أن لا يسلبنا توفيق الجهاد. فيعلم الله أننا في يوم القيامة عندما نشاهد الأيام التي قضيناها في جبهات الحرب ونقارنها بالأيام التي كنا في إجازة، فسوف نبكي أن يا ليتنا لم تذهب في إجازة". 

 

الشهيد ميثمي الذي أدرك تكليفه جيداً في منعطفات الثورة والحرب، وقدم وثيقة عملية حيّة لتكليفه عبر التواجد المباشر في جبهات الحرب والخطوط الأمامية، قال في إحدى محاضراته "أيها الإخوة، إن التقدم في الأراضي والانسحاب منها لا يعد انتصاراً ولا هزيمة، إنما حقيقة الانتصار هي الوحدة والانسجام، وحقيقة الهزيمة هي اختلافنا وتفرقنا. إننا نتحمل عواقب أحاديثنا التي تثير الفرقة وتزلزل نفوس المقاتلين".

 

هذا العالم المجاهد والمضحي عندما كان يشاهد مصرع إخوانه من القادة المقاتلين وكيف أنهم ينالون أجر دفاعهم عن الإسلام، كان يقول "يعلم الله أنني كم أعاني في هذه الأيام، لأنني أرى كيف يرحل إخواننا الواحد بعد الآخر إلى الله. إنني أعوذ بالله من أن تكون عاقبتي غير هذه".  

 

أقوال الشخصيات في الشهيد

 

آية الله حائري شيرازي:

 

"عندما أطلق سراحه من السجن في المرة الأولى، رأيته شيخاً شاباً وطفلاً هرماً. عرف الجميع حتى استطاع معرفة طريقه، وما لم يتعلمه في الدرس ناله بالتجربة، وأعدّ بعلمه وعمله أرضية لتهذيب نفسه، وجاهد نفسه بعمق نضاله وجهاد ضد الطاغوت. وبهذا تمكن من اجتياز كافة تجارب الحياة بنجاح. لم يعرف الخوف، وأنزل الله السكينة في قلبه، فكان هادئاً مطمئناً في أحلك لحظات الحرب، متكلاً على الله".

 

آية الله الموسوي الجزائري:

 

"كان إخلاصه وتوكله يفوق التصور. كانت معاملته بشكل بحيث من لم يعرفه لا يعرف منصبه ومقامه. وكان طوال سنوات الحرب دائم الحضور في الجبهة، كنت أعرفه واستأنس به. موضعه الخطوط الأمامية. لم يعرف الخوف إلى قلبه طريقاً أبداً. كانت روح العبادة والتعبد فيه قوياً. كنا نرى فيه ما ننتظره من أي عالم دين".

 

الشهيد حجة الإسلام والمسلمين محلاتي:

 

"كان الشهيد ميثمي كمن عمّر 90 عاماً. هجر الدنيا مرة وعاد إليها مرتان، وفي كل مرة محملاً بتجاربه الماضية".

 

الأدميرال شمخاني:

 

"في ذلك اليوم فقدنا صديقاً وأخاً ومرشداً وأستاذاً وزميلاً في الجهاد عزيزاً. شكل تابوته كان دليلاً على روحه الطاهرة النقية. كان تعريفاً حقيقياً لطالب العلم، فاعلاً الخير لإخوانه، طالباً الخير للآخرين ناسياً نفسه، عدواً لدوداً للقب والشهرة دوماً. لم يقل قط لأحد اذهب، بل لم أسمع منه سوى تعال. لم يقتلوه أبداً، بل ذهب شهيداً".  

 

كيفية الاستشهاد

 

وأخيراً وكما قال هو في الليلة الثانية من عمليات كربلاء الخامسة "إنني أنال أجري من الله في هذه العمليات". إذ عندما كان يتهيأ في ليلة 29/1/1987م لمناجاة معبوده تحقق الوعد الإلهي في منطقة عمليات كربلاء الخامسة، فأصابته شظية في رأسه، وعرجت روحه بعد ثلاثة أيام في 2 جمادى الثانية ليلة شهادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، إلى بارئها.  

 

الشهيد في كلام قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي (دام ظله)

 

"هذا العالم الشهيد الذي كان عضواً في مكتب ممثلية سماحة الإمام (رض) في حرس الثورة الإسلامية، يبذل سعياً حثيثاً وجهاداً عظيماً في ميادين القتال، ويؤديه بكل حبّ. وكانت الشهادة الأجر الجزيل لحياته الملائكية تلك".

 

 فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.