الشهيد آية الله السيد مصطفى الخميني
التاريخ: 01-08-2007
نشأته ولد الشهيد آية الله الحاج السيد مصطفى الخميني (رض) في مدينة قم المقدسة يوم 12 رجب 1349هــ، وترعرع في حضن والده الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، فحظي منه بالرعاية والتربية الصالحة، فكان نعم الابن لنعم الأب
نشأته
ولد الشهيد آية الله الحاج السيد مصطفى الخميني (رض) في مدينة قم المقدسة يوم 12 رجب 1349هــ، وترعرع في حضن والده الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، فحظي منه بالرعاية والتربية الصالحة، فكان نعم الابن لنعم الأب.
دراسته
ابتدأ الشهيد دراسته في المدارس العصرية الحديثة، ولكن لشغفه الشديد بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة، التحق بعد خمس سنوات فقط من بداية المرحلة الابتدائية بمسلك العلم والعطاء، أي إن عمره لم يتجاوز حينها اثني عشر عاماً. ونظراً لنبوغه وذكائه الشديدين أنهى الشهيد مرحلتي المقدمات والسطوح في مدة تقلّ عن تسع سنوات، وكان من أساتذته في مرحلة السطوح آية الله السيد الطاهري وآية الله الشيخ السلطاني وآية الله الشيخ محمد جواد الأصفهاني وآية الله الشيخ الصدوقي.
وعندما بلغ الواحد والعشرين من عمره (أي في العام 1330هــ.ش) شرع بحضور بحث الخارج، فحضر الفقه عند آية الله السيد البروجردي والإمام الخميني، وحضر أصول الفقه عند الإمام الخميني وآية الله السيد الداماد، وفي النجف الأشرف كان يحضر الفقه عند الإمام الخميني، واستمر على ذلك حتى وفاته. ويقر تلاميذ الإمام أن معظم الإشكالات العلمية في الدرس كانت توجه من قبله، وكانت عمدة دراسة الشهيد في مرحلة بحث الخارج ومعظم استفادته العلمية تمت على يد والده الإمام الخميني (رض).
لم يتجاوز الشهيد سن الثلاثين حتى بلغ مرتبة الاجتهاد، وقد نقل عن الشهيد أنه قال: "لم أقلّد في عمري إلا لفترة قصيرة، فقد استغنيت عن تقليد الآخرين بسرعة". وكان الشهيد ولمدة تسع سنوات يلقي دروساً في بحث الخارج في النجف الأشرف في مجال أصول الفقه، وقد تربى على يده جمع من الفضلاء.
بالإضافة إلى اجتهاد الشهيد في علم المنقول، فقد كانت له اليد الطولى في علم المعقول (الفلسفة والكلام)، وقد حضر درس الأسفار عند العلامة أبو الحسن الرفيعي القزويني والعلامة السيد الطباطبائي. ويكفي في المقام أن يُعلم أنه قام بتدريس كتاب منظومة الحكمة للسبزواري فور الانتهاء من دراستها، وأنه كان يدرس الأسفار أثناء تواجده في مدينة قم المقدسة.
اشتهر الشهيد بذكائه الخارق وذاكرته القوية وتضلّعه في مختلف العلوم، فبالإضافة إلى الفقه والأصول والفلسفة كان له تعمّق وتبحّر في التفسير والتاريخ وعلم الرجال، ويوعز أحد أقرب زملاء الشهيد منذ دخوله المدرسة الابتدائية آية الله الشيخ محمد فاضل اللنكراني العلّة في اجتهاد الشهيد وتضلعه في مختلف العلوم إلى نقطتين:
1 ــ الاستعداد والقابلية الخاصة التي امتلكها الشهيد، بحيث كان يستوعب عمق المسائل بلفتة سريعة، وكان يتمكن بتلك القابلية من معرفة صحة المطلب وسقمه بسرعة، هذه الصفة التي ورثها عن أبيه. ويمكن القول أنه قلّما وجد له نظير من أقرانه في هذه الخصلة.
2 ــ السعي والجد والهمة العالية، بحيث كان يقضي ساعات متواصلة ومن دون ملل ويأس وبشوق ملح في البحث والغور في المسائل العلمية.
مؤلفاته
خلّف الشهيد كتباً كثيرةً في مختلف المجالات العلمية، والمطبوع منها حالياً: أربع مجلدات في تفسير القرآن، مجلد واحد في أصول الفقه، مجلد واحد في الصوم. أما غير المطبوعة فكثيرة منها: دورة في الفلسفة القديمة، حاشية على بعض أجزاء الأسفار بالأخص الطبيعيات، حاشية على شرح الهداية والمبدأ والمعاد لصدر المتألهين، حواشي على وسيلة النجاة للسيد أبي الحسن الاصفهاني والعروة الوثقى للسيد محمد كاظم اليزدي، كتاب النكاح، كتاب الصلاة (غير تام)، دورة كاملة في البيع في عشر مجلدات، حاشية على خاتمة المستدرك للشيخ النوري، دورة في الأصول من أوله وحتى مبحث الاستصحاب التعليقي، دورة غير كاملة في الفقه.
جدير بالذكر أن هذه الكتب قد كتبها الشهيد في مدينة قم المقدسة، وتم مصادرة معظمها من قبل عملاء السافاك أثناء الهجوم على بيت الإمام الخميني (رض) في مدينة قم المقدسة ضمن ثلاثة آلاف كتاب خطي منها ما كان بقلم الإمام الخميني (رض).
وأثناء تواجد الشهيد في تركيا كتب مجلدين في قاعدة "لا تعاد" و420 صفحة في المكاسب المحرمة بالرغم من عدم توفر المصادر الأصلية عنده، مما يكشف عن مدى تضلعه وذاكرته القوية. أما في النجف الأشرف فقد ألّف كتباً متعددة في الفقه والأصول والفلسفة والتفسير.
جهاده
من السهولة بمكان أن نتعرّف دور الشهيد في الجهاد ضد الطاغوت إذا أدركنا أنه قد تربى على يد والده الإمام الخميني (رض) وأنه أخذ يحتذي بمنهجه في نصرة الإسلام، وعلى هذا الأساس فإن قدمي الشهيد وطأتا هذا الدرب مع بداية تحرك الإمام وثورته.
كانت علاقة الشهيد بالإمام قوية جداً وهي تتجاوز في شكلها علاقة الابن بأبيه، فقد وقف مع الإمام في كل المشاق والمصاعب، وضحى بنفسه في مواقع عديدة في سبيل الإمام وحركته، ولم يقف متفرّجاً في أي مشكلة واجهت الإمام الخميني (رض)، لأنه كان مؤمناً بأن طريق الإمام هو طريق الإسلام السويّ وأن الإمام هو حامل لوائه.
ومن الأسس التي استقاها الشهيد من فكر والده وآمن بها وعمل على وفقها هو العداء الخاص والشديد للشاه، وأنه وراء كل المصائب التي ابتلي بها الإسلام والشعب الإيراني، وأن الدولة والمجلس وبقية المؤسسات إنما هي ألعوبة في يده يسخرها ويوجهها حيثما يحب.
برز دور الشهيد في مواجهة النظام بعد اعتقال الإمام الخميني (رض) عام 1383هــ، فكان له دور مهم في حركة 15 خرداد (12 محرم 1383هــ.)؛ فقد خطب في أهالي مدينة قم المقدسة وفي صحن فاطمة المعصومة (ع) خطاباً حماسياً، هاجم فيه حكومة الطاغوت واستنكر اعتقال الإمام وشرح للجماهير كيفية الاعتقال.
ساهم الشهيد في تلك الفترة في نشر الثورة بوعي وحكمة متميزين؛ فقد كان له دور مهم في إيصال توجيهات الإمام الخميني إلى العلماء والمجاهدين.. جاء في أحد تقارير السافاك: "في مدينة قم، تربع ابن آية الله الخميني المعمم مكان والده وهو ينفذ أوامره، ويكتب البيانات ويرسلها إلى العلماء…". كما كان الشهيد ينقل أسئلة الناس وآراءهم للإمام الخميني خلال فترة اعتقاله في منطقة قيطرية ــ طهران، ويؤيد ذلك ما جاء في بعض تقارير السافاك: "طبقاً للمعلومات الواصلة، فإن ابن آية الله الخميني لديه ارتباطات واتصالات مع الوجهاء ومعارضي الدولة، وبما أن الشخص المذكور يتمكن من مقابلة أبيه، لذا فهو الرابط بين أبيه ومعارضي الدولة".
تحركات ونشاطات الشهيد المكثفة خلال فترة اعتقال الإمام أقلقت جهاز الأمن الإيراني (السافاك) فأمر الجنرال نصيري بإحضاره، ثم هدده شخصياً بالاعتقال إذا لم يكف عن نشاطه السياسي والثوري.
بعد إبعاد الإمام الخميني إلى تركيا أقدمت السلطة حينها على اعتقال الشهيد يوم 28 جمادى الثانية 1384هــ بعدما اطلعت على نشاطه المتواصل وعلمت أنه عامل أساسي في تقدم التحرك الثوري. جاء هكذا في أحد تقارير السافاك: "بناءً على أن الشخص المذكور وفي صباح اليوم التالي من اعتقال أبيه أخذ يجمع الأفراد ويصطحبهم معه إلى بيوت المراجع، ويحرض على إضراب السوق، ويخلق البلبلة، فقد أقدم رجال السافاك وشرطة قم على اعتقاله ونقله إلى سجن قزل قلعه…".
ففي الساعة العاشرة من صباح يوم 28 جمادى الثانية 1384هــ كان الشهيد في منزل آية الله السيد المرعشي رحمه الله يتداول معه البحث في حديث خاص، وفي هذه الأثناء اقتحم رجال السافاك المنزل وقفزوا من فوق السطح واعتقلوا الشهيد ثم نقلوه إلى طهران.
وفي سجن قزل قلعه سلّموا للشهيد قرار اعتقاله الخطي، فكتب تحته بخط يده هذه الجملة: "إنني معترض بشدة على أصل القرار وكيفية تنفيذه". وبعد ذلك استجوب الشهيد لمدة تسعة أيام في السجن ابتدأت منذ يوم 5 رجب إلى 14 رجب 1384هــ. وهذا مقطع من الأسئلة المكتوبة من قِبل جهاز السافاك وأجوبة الشهيد عنها كما جاء في إحدى الوثائق:
السؤال: ما هو هدف والدك من خطابه ضد قضية الحصانة القضائية للرعايا الأمريكيين؟
الشهيد: "إن هذه قضية فُرضت على الشعب، ولها تقريباً حكم بيع الحرية والشخصية والمكانة".
السؤال: ماذا يهدف والدك من التدخل في شؤون الدولة؟
الشهيد: "… التدخل هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من أصولنا الثابتة، ومنكره كافر، وتاركه مرتكب للذنب الكبير. ولو أن هذا الذنب تكرر ثلاث أو أربع مرات، وعلى احتمال خمس مرات، فيستوجب القتل إذا تخلل التعزير هذا الذنب…".
لم يقف السجن حائلاً أمام الشهيد لكي يمارس ما كان يراه ضرورياً خلال فترة سجنه وإبعاد الإمام الخميني (رض) إلى تركيا، فقد ادرك أن إحدى مناورات السافاك ووسائلهم هو إبقاء بيت الإمام مغلقاً لكي يبقى مقلدوه متحيرين في مسائل دينهم، ثم لا يجدوا مفراً سوى الانصراف عن متابعة الإمام واتباع غيره؛ ولذا وفي يوم 25 رجب 1384هــ، وأثناء تواجده في السجن كتب رسالة لآية الله شهاب الدين الإشراقي (صهر الإمام) وكّله فيها في استلام الحقوق الشرعية نيابة عن الإمام الخميني (رض)، حيث إن الشهيد كان له الصلاحية من قبل الإمام في أن يوكّل الآخرين في أخذ الحقوق الشرعية.
بعد مضي 75 يوماً في السجن أفرج عن السيد مصطفى الخميني يوم الثلاثاء 24 شعبان 1384هــ وأثناء خروجه من السجن طلب منه الفريق مولوي (رئيس سافاك طهران) أن يرجع إلى مدينة قم ليلاً لئلاّ يتسبب رجوعه في حدوث البلبلة والصخب في المدينة، ولكن الشهيد لم يكترث لهذا التحذير لأنه كان يبحث عن أية فرصة يستغلها في سبيل استمرار معارضة نظام الشاه، فعاد إلى مدينة قم المقدسة في نفس يوم خروجه من السجن، فاستقبله الناس بحفاوة بالغة وتحول استقباله تدريجياً إلى تظاهرة رُدّدت فيها الشعارات المؤيدة للإمام الخميني (رض).
وفي مدينة قم التقى الشهيد بعض العلماء وأبدى قلقه حول مصير الإمام الخميني (رض) حيث لا يُعلم أي شيء عن وضعه في تركيا، ثم طلب منهم أن يقوموا بتحرك من أجل الاطلاع الكافي عن حالة الإمام، وبهذا العمل مهد أرضية لتحرك جديد ضد النظام.
أدى هذا التحرك إلى خوف النظام واضطرابه بشكل أكبر مما بعثهم إلى اعتقاله مرة أخرى بالرغم من أنه لم تمض غير أيام على إطلاق سراحه؛ فهجم عملاء السافاك على بيت الإمام الخميني (رض) يوم 29 شعبان 1384هــ واعتقلوا الشهيد، وكان الهجوم على درجة من الوحشية بحيث أن زوجته اسقطت حملها ثم مرضت لفترة طويلة، وكان الشهيد قد قدم للإسلام إبناً آخر أثناء هجوم عملاء السافاك على بيته في حادثة سابقة.
بعد الاعتقال نُقل الشهيد إلى نادي رئاسة الوزراء في طهران حيث قضى ليلته، وفي اليوم الثاني أبعد إلى مدينة بورصة في تركيا حيث منفى الإمام الخميني (رض)، وكان أول ما سأله الإمام حينما رآه: هل أرسلوك إلى هنا أم جئت بنفسك؟ فأجاب الشهيد: بل أبعدوني. فقال الإمام: لو كنت قد أتيت بنفسك لأرجعتك من هذا المكان!
وفي تركيا بذل الشهيد جهوداً حثيثة للعودة إلى إيران بهدف مواصلة حركة الإمام الخميني (رض) في الداخل، وفي هذا المضمار تحدث مع رئيس أمن بورصة حتى أقنعه بالرجوع إلى إيران، وإثر ذلك وتحت ضغط رئيس الأمن في بورصة تظاهر الفريق نصيري بالموافقة ولكنه سعى في محاولات متواصلة إلى تثبيط عزم الشهيد عبر اختلاق شروط صعبة ابتدأت "بعدم ارتكاب أي عمل مخالف أو حدوث أي اتصال مع الناس" وانتهت "بالسكن في إحدى القرى المجاورة لخمين وتحت رقابة اثنين من رجال الأمن، وكل من يقترب من المنزل من غير أرحامه المقربين جداً فسوف يعدم بالرصاص"! وكانت النتيجة الطبيعية لهذه الشروط هو مغادرة الشهيد مع الإمام الخميني إلى النجف الأشرف.
السيد مصطفى برفقة والده
بالرغم من إبعاد الشهيد آية الله الحاج السيد مصطفى الخميني مع والده الإمام عن إيران إلاّ أن ذلك لم يثنه عن مواصلة التحرك في سبيل إسقاط نظام الشاه الخائن بشتى الطرق؛ فكان على سبيل المثال يلتقي الشباب وخصوصاً الجامعيين منهم ويراسلهم ويرشدهم إلى التكاليف الملقاة على عواتقهم، وقد جاء في إحدى رسائله إلى الجامعيين: "… يجب أن نطوي طريقاً صعباً من أجل تحقيق الحكومة العادلة وذلك بالطرح والترويج لدولة عادلة في القريب العاجل إن شاء الله. يجب أن تستوفي حركتكم جميع الأبعاد وأن لا تقصروا في واجباتكم وأن يساعد بعضكم بعضاً فكرياً وعملياً، وأن تدركوا أنه لا يمكن لأي شعب أن يحقق العدالة بواسطة الأكل والشرب والراحة والدعة…" وقد سلم في بورصة أحد الجامعيين الإيرانيين الدارسين في تركيا بياناً لزملائه فور تعرفه به، كما كان للشهيد دور خاص في إيصال بيانات الإمام إلى الداخل والخارج سواء في فترة تواجده في إيران أو العراق.
من خصائص الشهيد في تحركه الجهادي إيمانه الكامل بالحركة المسلحة والتدرب على السلاح، فقد تعلم بنفسه شيئاً من الأسلحة وحث بقية الطلبة وخصوصاً أصدقاءه المبعدين من إيران على السفر إلى المعسكرات اللبنانية والفلسطينية وتعلم الفنون العسكرية، وقد هيّأ لهم الإمكانيات لذلك قدر المستطاع.
أما بالنسبة لدور ونشاط الحركة المسلحة، فقد آمن الشهيد بأنه لابد أن تكون تحت إشراف "ولاية الفقيه" وفقاً للاصول والموازين الإسلامية. ومن كلامه في هذا المجال ما يلي: "…إن وظيفة العلماء هي وظيفة الأنبياء، وبما أن وظيفة الأنبياء كانت القيام المسلح ضد الظلم واضطهاد المحرومين، فيجب على العلماء أن يكونوا كذلك. وهذه الحقيقة مأخوذة من الآية الشريفة {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، وفي الدين الإسلامي الذي هو خاتم الأديان لابد أن يبسط القادة الإسلاميون ومراجع التقليد نفوذهم…".
عقيدة الشهيد هذه لم تنشأ منذ بداية ثورة الإمام الخميني (رض)، إذ كانت له علاقات وروابط خاصة بحركة "فدائيو الإسلام" بقيادة الشهيد نواب صفوي، وقد جاء في بعض مذكرات الشهيد ما يلي:
"… في إيران توجد جماعة "فدائيو الإسلام" المعروفة يتزعمها رجل يدعى نواب صفوي ــ مجتبى ــ وهو شجاع حقاً وقدير، يعمل بإحساس وشعور بالمسؤولية ولا يمكن أن تبعده عن الحقيقة؛ أما الرجل الثاني في هذه الجماعة فهو المرحوم عبد الحسين واحدي، وكان من أعز أصدقائي. كانت هذه الجماعة تعيش منذ فترة طويلة في قم، وكنا حينها في قم أيضاً نراقب تحركاتهم عن بعد، وفي إحدى الليالي هاجمهم جمع من الطلبة بالعصي والهراوات بمرأى من مئات الطلبة وأوجعوهم ضرباً فقررت الجماعة الرحيل من قم إلى طهران، وفي نهاية المطاف ألقى رضا خان القبض عليهم وأعدمهم والعلماء ساكتون، بالرغم من أن عبد الحسين واحدي قد أعدم في موضع آخر.. لقد أحرقوا قلوبنا".
لم تقتصر علاقات الشهيد وارتباطاته على المناهضين للحكومة الإيرانية، فقد كانت له علاقات وثيقة بمعارضي نظام البعث في العراق أيضاً، وعلى هذا الأساس أقدمت السلطات العراقية على اعتقاله يوم 11/6/1969م وأخذته إلى بغداد، وهناك التقى بلرئيس العراقي آنذاك أحمد حسن البكر الذي حذره من الارتباط بمعارضي حزب البعث ومن المساهمة في التحرك ضد الحكومة العراقية، وقال له: لا ترتكب عملاً يدعونا إلى اتخاذ قرار سيؤدي إلى إيذاء والدك! ومن اللافت والعجيب أن الجنرال نصيري هدد الشهيد سابقاً بنفس هذا الكلام حينما استدعي إلى طهران، وهكذا التقت إرادة الحكومتين العراقية والإيرانية في التخلص من الشهيد.
خصائصه
طوى شهيدنا الغالي في حياته الكثير من مدارج الكمال، فقد كان يسعى دوماً لنيل الفضائل وتربية النفس وتهذيبها، وقد امتاز في هذا المجال بخصال حسنة كثيرة، نذكر منها:
1 ــ العبادة
كان متهجداً في الأسحار، تالياً للقرآن والأدعية المأثورة، ملتزماً بالاعتكاف في مسجد الكوفة في العشر الأواخر من شهر رمضان. ومن الأمور التي واظب الشهيد عليها خلال فترة تواجده في النجف الأشرف زيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام في الأوقات المخصوصة للزيارة؛ فقد كان يسير مسافة تزيد على المئة كيلومتر وقد أدى ذلك أحياناً إلى تورم قدميه، كما واظب الشهيد على قراءة زيارة عاشوراء دوماً، وينقل أنه كان مشغولاً بقراءتها ليلة استشهاده.
2 ــ الزهد والبساطة
بالرغم من كونه ابن مرجع ديني وقائد كبير تتوافد عليه الأموال والحقوق الشرعية باعتباره وكيلاً مطلقاً للإمام، وبالرغم من قدرته على التصرف في تلك الأموال ومن خلال بعض العناوين، وأقلها التصرف قدر الحاجة وتوسيع مفهوم الحاجة كما يصنع البعض، إلا أن الشهيد آثر الزهد والورع، فكان يأخذ حصته الشهرية من والده كأي طالب آخر، ولم يكن والده يزيده شيئاً.
عُرف الشهيد ببساطته في ملبسه ومعيشته، والابتعاد عن الإسراف والمظاهر الكمالية، وكان يسافر بالباص في الأجواء الحارة للنجف الأشرف حيث تتعدى درجة الحرارة 50 درجة مئوية مع قدرته على السفر بسيارة خاصة؛ هذه الحقيقة ذكرت أيضاً في تقارير السافاك الإيراني، حيث جاء في بعضها أن الشهيد سافر إلى مدينة قم المقدسة بالباص وذلك بعد الإفراج عنه عام 1964م.
بلغ الشهيد في إعراضه عن الدنيا والمال بحيث لم يكن لديه شيء من المال يوم إبعاده إلى تركيا؛ ففي آخر رسالة لوالدته قبل إبعاده كتب ما يلي: "… أرجو أن تدفعي مئة تومان إلى بدر السادات (أحد أقاربه) استدنتها منه، وفي الضمن أذكر أن السيد طهماسي يطلبني 400 تومان، كما يطلبني صاحب صيدلية "باستور" وصاحب حمام "إرم" مقداراً بسيطاً، اسأليهم أن يسامحوني…"، وعندما سئل الشهيد في إحدى استجوابات السافاك عن ممتلكاته الخاصة أجاب قائلاً: "شخصياً لا أملك شيئاً اقتات عليه؛ كل ما أملكه عبارة عن الكتب وبعض الأثاث المنزلية أهداها إيّاي والدي وبعض أصدقائي، والبيت الذي اسكنه إيجار، ويقوم والدي بدفع إيجاره نيابة عني".
وهكذا كانت حياة الشهيد تتّسم بالبساطة والترفّع عن الماديات والزهد في بهارج الدنيا، فلم يترك من الدنيا إلا اليسير، ووصيته التي كتبها خير شاهد على ذلك؛ فقد جاء فيها: "بعد الإقرار بما جاء به النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، فإنني أضع جميع كتبي تحت تصرف إبني السيد حسين بشرط أن يدرس العلوم القديمة (الحوزوية)، وفي غير هذه الصورة ابعثوها إلى مكتبة السيد البروجردي في النجف الأشرف، حيث إن أغلب الكتب قد اشتُريت من الوجوه الشرعية، وإرثها على خلاف الاحتياط. لا أملك شيئاً آخر إلا بعض الأمور الجزئية التي لا تستحق الذكر، كما أن عليّ حساباً من قبل السيد أشكوري فيجب أن تعطوه كل ما يدّعيه؛ ومن الطبيعي أن تطالبني الخادمة صغرى فأعطوها نصيبها".
كان شهيدنا الغالي متجنباً الشهرة معرضاً عن الرئاسة وحب الظهور؛ يُنقل أنه عارض أن يذكر اسمه أو أي موضوع يدور حوله في كتاب "بحث وتحليل عن ثورة الإمام الخميني" قبل طباعته، وحينما كان في مدينة قم المقدسة عام 1963م وصلته رسالة من النجف الأشرف يقول صاحبها فيها: "لقد حصل الإمام على الشهرة والصيت العالمي، ويجب السعي لحفظ هذه الفرصة". فكتب مجيباً: "لا ينبغي أن نركز اهتمامنا لحفظ هذا العنوان، بل اللازم أن نستفيد من هذه الفرصة بأي نحو ممكن".
3 ــ الشدة واللين
أضحى الشهيد مصداقاً لقوله تعالى {أشداء على الكفار رحماء بينهم}؛ فقد كان الدين والحق والحب في الله والبغض في الله هو الأساس الذي لا يحيد عنه في علاقاته، يقول أخوة السيد أحمد الخميني: "ما رأيته في أخي وقلّما رأيته في غيره هو صراحة لهجته؛ فلم يجامل أحداً في القضايا الإسلامية، وكان يتحدث بصراحة كاملة، فطوال ستة عشر عاماً من بعد عام 1962م كان إذا شاهد أحداً من اصدقائه قد انحرف عن جادة اليمين أو تعاون مع السلطة أوسكت عنها يقول له: لا يمكنني أن أكون معك، فأنت في تلك الجهة وأنا في الجهة المقابلة، وبلغت صراحته حداً جعلته يمتنع عن الرد على بعض أصدقائه القدامى حينما ينادونه".
اتصف تعامل الشهيد مع المنافقين والمنحرفين بالشدة والخشونة؛ فقد امتنع عن استقبالهم، وكان يعتبر العناصر العلمانية الوطنية والشيوعيين في مصاف الأعداء؛ ففي عام 1969م استقبل في النجف الأشرف صادق قطب زاده لأول مرة وتحاور معه واطلع عن قرب على أفكاره العلمانية الوطنية الساذجة، ولاحظ عدم أدائه للصلاة، ومنذ ذلك الحين وحتى شهادته لم يستقبل قطب زاده أبداً، بل حذر أصحابه من خطره وخطورة التعامل مع العلمانيين الوطنيين القادمين من لندن. وينقل أن الشهيد كان جالساً في أحد الأيام في (الديوانية) فدخل قطب زاده فأعرض الشهيد بوجهه عنه وبعد لحظات غادر المجلس.
ومن الشواهد التي تُذكر أيضاً حول شدته قبال مظاهر العداء لله عزّ وجلّ والطواغيت المستكبرين أنه دُعي من قبل أحد أصدقائه إلى بستان في طهران في أحد أيام الصيف قبل بداية ثورة الإمام الخميني، وكان أحد العلماء قد استأجر البستان، وحينما كان جالساً مع صديقه يتحادثان دخل البستان عدد من العسكريين وأصحاب الرتب الرفيعة في الجيش برفقة نسائهم ومعهم الخمور، ولم يعتنوا بأخذ الإذن من أصحابه، ظانّين أن رتبهم العسكرية حصانة من التعرض لهم، ففرشوا سفرتهم وتهيّأوا لارتكاب المعاصي وشرب الخمور، فما كان من الشهيد الذي لم يطق هذا المنظر إلاّ أن قام من مكانه متوجهاً نحوهم حاملاً الحجارة، فانذهل العسكريون من هذا العمل وحصل اشتباك معهم بالحجارة أصابت إحداها رأس الشهيد الذي تلطخ بالدم، وفر العسكريون مذعورين.
وفي قبال ذلك كان عطوفاً وشفوقاً بالمؤمنين والمجاهدين، يتفقدهم ويحن عليهم، وكان يرسل في طلب أصدقائه حينما تتعطل الدروس في الصيف وتقل اللقاءات، فيطلب رؤيتهم ويقول: "لقد اشتقت إليكم".
4 ــ سكون النفس
يقول أخوة السيد أحمد: "من خصائص الشهيد أنه لم يفقد السيطرة على أعصابه في نفس الوقت الذي كان يتعامل فيه مع القضايا بجد؛ لا أنسى أن الشهيد جاء إلى المنزل بعد اعتقال الإمام فوراً وجلس بشكل طبيعي وعادي، ومع علمي بأنه متضايق جداً لما يكنه من حب شديد لأبي إلا أنه كان في منتهى الهدوء وبرودة الأعصاب، وكان يشد على قلوب الآخرين بكلامه ويملأها طمأنينة وثقة، ولقد تميز من هذه الناحية بشكل كبير".
شهادته
تبدأ قصة الشهادة عندما التقى به شخصان إيرانيان في النجف الأشرف، أخذ أحدهما يسأله في المسائل الشرعية، أما الآخر فتحدث عن الأحداث السياسية الجارية في إيران، وألمح للشهيد أن نظام الشاه سيقدم على اختطاف مجموعة من العلماء للسيطرة على السلطة، وأنت من ضمنهم، فاحذر وانتبه لنفسك! وقد نقل الشهيد ما دار في الحوار إلى بعض أصدقائه في نفس تلك الليلة.
كان من عادة الشهيد بعد أدائه صلاة العشاءين جماعة خلف الإمام الخميني (رض) الجلوس لمدة ساعة واحدة، ولكنه في مساء السبت 22/10/1977م المصادف ليلة التاسع من ذي القعدة 1397هــ. خرج بعد رؤية الإمام فوراً معتذراً بقدوم بعض الضيوف، وكانت زوجة الشهيد مريضة في تلك الليلة فأحضروا لها الطبيب، أما خادمة الشهيد فقد أعدّت للشهيد طعام العشاء في غرفة نومه ثم خلدت للنوم وذلك لتأخر مجيء الضيوف.
من المعلوم والواضح أن أفراداً متفرقين قد دخلوا منزل الشهيد تلك الليلة، فأحد الطلبة اللبنانيين الذي التقى الشهيد خارج المنزل لتوديعه قبل سفره إلى لبنان يقول أن الشهيد اعتذر عن استقبالي داخل المنزل بحجة وجود عدد من الضيوف والغرباء لديهم عمل خاص معه.
في الصباح الباكر من يوم الأحد التاسع من ذي القعدة دخلت الخادمة على الشهيد بعد أذان الفجر لتقدم له الماء الساخن وطعام الفطور، فرأته مطروحاً على الكتاب ولم يتناول طعام عشائه. الطبيب الذي عاين الشهيد في مستشفى الكوفة أكد أن الشهيد قد سُمّ، وإذا أذن أهله فسوف يجري تشريح جثمانه لتثبت هذه الحقيقة، ولكن هذا الطلب وُوجه برفض الإمام الخميني (رض)، وبعد ما علمت السلطات العراقية بهذا التصريح اعتقلت الطبيب لمدة يوم كامل ثم أطلقت سراحه، ومنذ ذلك الحين امتنع الطبيب عن الحديث في مسألة تسمم الشهيد، وهذا بحد ذاته يؤكد أن عملية اغتيال الشهيد كانت مؤامرة وتواطئاً من النظامين الإيراني والعراقي للتخلص من الشهيد بهدف توجيه ضربة معنوية للإمام والقضاء على شخص سيكون لهم خمينياً ثانياً في المستقبل وإيجاد الخوف والرعب في صفوف المعارضين.
الإمام وخبر الشهادة
ويشكل هذا الفصل مقطعاً مهمّاً من هذه الحلقة لما أثبت فيه الإمام الخميني (رض) من رباطة الجأش والتوكل على الله والتسليم التام لقضائه وقدره ما يدعو إلى التأسي والاقتداء، وهكذا يكون القادة العظماء؛ فهم يضحون بأنفسهم وبأعزّ ما يملكون في سبيل الأهداف الكبيرة. ويوضح السيد أحمد الخميني قصة الشهادة وكيفية استقبال الإمام لهذا الخبر قائلاً: "كنت نائماً في حدود الساعة الخامسة، ففتحت عيني على هزة في رجلي، فرأيت الإمام يخاطبني قائلاً: استيقظ واذهب إلى منزل مصطفى، لقد طلبوا أن تذهب إلى هناك، أتصور أن السيدة معصومة (زوجة الشهيد) في حال سيئة، فقد كانت مريضة وقد استدعوا لها الطبيب قبل ليلة.. فتوجهت على عجل نحو منزل الشهيد؛ أول ما وقع بصري على سيارة تاكسي بجوار المنزل، وحينما دخلت المنزل رأيت ثلاثة أشخاص منهم السيد دعائي وأخ أفغاني كان يدرس هناك، وحينما صعدت إلى الطابق الثاني رأيت أخي مستنداً على أكتاف بعض الرجال وقد أمسكوا برجليه لينزلوه من السلّم، فوضعت يدي على جبينه فوجدته حاراً، وفي اللحظة التي وضعناه في التاكسي شعرت أن شخصاً يخبرني بأنه سوف يموت، أخذناه إلى المستشفى وقال لنا الدكتور بعد معاينته: للأسف، لقد قضى أجله!
رجعت إلى المنزل ولا أعلم ماذا أقول للإمام.
على العموم كان لابد من إبلاغ الإمام بشكل ما، فدخلت في (ديوانية) بيت الإمام، حيث يفد عموم الزائرين، ثم أرسلت شخصين إلى الإمام ليخبراه أن صحة السيد مصطفى تدهورت وقد نقلوه إلى المستشفى، فذهب الشخصان واخبرا الإمام بما قلت، فقال الإمام: اطلبو من أحمد أن يأتي. ذهبت إليه فقال: أريد الذهاب إلى المستشفى لرؤية مصطفى. تضايقت كثيراً وقلت للشيخ الرضواني: لقد طلب مني الإمام هذا الأمر وأرى من المناسب أن نخبره أن الدكتور قد منع الزيارة، كان من اللازم في نظرنا أن يصل الخبر إلى الإمام بأهدأ ما يمكن، وتقرر أن يخبروه بهذا الشكل، بالرغم من استيحاشهم من طرح هذا الموضوع.
كنت في الطابق الثاني فرآني الإمام من خلال النافذة وناداني: أحمد، لقد ذهبت إليهم وقالوا لقد مات مصطفى! تضايقت كثيراً وبكيت ولم أقل شيئاً، أما الإمام فبقي جالساً مكانه ووضع يديه على ركبته وحرك أصابعه عدة مرات ثم قال ثلاثاً: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ولم تتجاوز ردة فعله عن هذا الشيء ولم يُبدِ أي انفعال آخر، وعلى الفور قدم المعزون لمواساة الإمام…".
لقد اطلع الإمام على شهادة ابنه بعد ساعتين فقط، ولكنه لم يغير برنامجه اليومي؛ ففي نفس اليوم الذي أخذوا فيه جنازة الشهيد إلى كربلاء المقدسة استمر الإمام في برنامجه وصلى الظهرين والعشاءين جماعة، وذهب إلى منزل الشهيد بعد صلاة الظهرين وعزى زوجته وأبناءه وأمرهم بالصبر، وقال لأمّ الشهيد "زوجة الإمام": "لقد كان أمانة سلمها الله لنا، وقد استرجعها الآن. إنني أصبر، وعليكم بالصر، واجعلوا صبركم لله".
بعد انتشار خبر الشهادة عطلت الحوزة العلمية في النجف الأشرف وقم المقدسة وبقية الحوزات دروسها، وأقيمت مجالس العزاء، والمآتم والفواتح في مختلف المساجد والحسينيات والمدارس في مدن عديدة، وشارك في تلك المجالس خطباء من مختلف البلدان تحدثوا عن مكانة الشهيد وشرحوا أفكاره ومنهجه. أما جنازة الشهيد فقد أخذت يوم الأحد 9 ذي القعدة 1397هــ إلى كربلاء المقدسة وبموكب كبير تجاوز السبعين سيارة، وغُسلت بماء الفرات، ثم طيف بها حول قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأبي الفضل العباس عليه السلام وبتشييع شعبي مهيب، ثم أعيدت الجنازة مساءً إلى النجف الأشرف؛ وفي تلك الليلة أقيم مجلس العزاء والفاتحة في بيت الإمام الخميني.
وفي اليوم العاشر من ذي القعدة عطلت أسواق النجف الأشرف وشاركت مختلف الطبقات في تشييع جنازة الشهيد؛ ففي التاسعة صباحاً حملت الجنازة على أكف فضلاء الحوزة وبقية الناس إلى صحن أمير المؤمنين عليه السلام وطيف بها حول القبر الشريف ثم صلى عليها المرحوم آية الله العظمى السيد الخوئي رحمه الله، ثم دفن الشهيد بجوار قبر العلاّمة الحلي.
"إن مثل هذه الأمور تنال جميع الناس وليست مهمة كثيراً، إن لله تبارك وتعالى ألطافاً ظاهرة وألطافاً خفية، ونحن لا نعلم سر الألطاف الخفية…". هذه الكلمة التي تكشف عن عمق الإيمان بقضاء الله وحكمته قالها الإمام بعد استشهاد ابنه، وكان اغتيال الشهيد بحق من الألطاف الإلهية الخفية التي لم يعلم في حينها سرها وقد لا تعلم حتى في المستقبل، إلا أن الشيء الذي لم يدركه الجناة حينما قاموا بجريمتهم أن مقتل الشهيد هو الذي فجر الثورة الإسلامية في إيران؛ فبمجرد وصول خبر الشهادة إلى إيران عطلت الحوزات العلمية في قم المقدسة ومشهد المقدسة وطهران وأصفهان واستشرى الحنق والسخط بين أوساط الشعب، ورقى الخطباء المنابر يتحدثون عن الشهيد وعن الإمام الخميني وحركته ويطالبون بعودته بالرغم من أن عقوبة ذكر اسم الإمام الخميني فقط في المحافل العلنية كانت السجن لمدة ستة أشهر!
وهكذا تنامى وتعاظم هذا اللهيب الثوري عبر مجالس أربعينية الشهيد في مختلف المدن حتى امتد إلى حادثة 19 دي المصادف 9/1/1978م التي استشهد فيها جمع من العلماء، ثم استمرت الاضطرابات والتظاهرات في أربعينية هؤلاء الشهداء لتواجهها السلطة بمجزرة أخرى لمجموعة أخرى من الشهداء، وهكذا في الأربعينية الثانية حتى انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران يوم 22 بهمن 1357هــ.ش المصادف 11/2/1979م.
فسلام على الشهيد وعلى والده الإمام الخميني يوم ولدا ويوم ماتا وحين يبعثا يوم القيامة.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية