فلسطين

تاريخ احتلال فلسطين

كيف اغتصبت فلسطين

تحولت فلسطين في إطار عملية تاريخية اشتملت على عشرات المبادرات التي قام بها العدو، إلى ملكٍ مطلق للصهاينة. فكّر عدد من اليهود المتنفذين في العالم في إيجاد بلد مستقل لليهود. وقد فكّروا سابقاً بالتوجه إلى أوغندا وجعلها بلداً لهم. وفكّروا لفترة من الزمن بالتوجه إلى طرابلس عاصمة ليبيا، لذلك تفاوضوا وتناقشوا مع الإيطاليين الذين كانوا يستولون حينها على طرابلس، لكن الإيطاليين رفضوا طلبهم.. وأخيراً اتفقوا مع الإنجليز.. كان للإنجليز في ذلك الحين أهداف وأغراض استعمارية مهمة جداً. وجدوا أن من المناسب إن يأتي أولئك إلى هذه المنطقة. احتلال هذه الأرض كان مشروعاً متعدد الجوانب ومعقداً يهدف إلى الحيلولة دون اتحاد المسلمين وتلاحمهم ومنع تأسيس حكومات قوية جديدة من قبل المسلمين. ثمة أدلة تشير إلى أن الصهاينة كانت لهم علاقات قريبة مع الألمان، وتقديم إحصاءات مبالغ فيها حول مذابح اليهود كان بحد ذاته وسيلة لكسب تعاطف الرأي العام وتمهيد الأرضية لاحتلال فلسطين وتبرير جرائم الصهاينة. بل هناك شواهد تشير إلى أنهم أوفدوا عدداً من الشقاة والأوباش غير اليهود من شرق أوربا إلى فلسطين باعتبارهم يهوداً ليؤسسوا تحت غطاء دعم الناجين من المذابح العنصرية دولةً مناهضةً للإسلام في قلب العالم الإسلامي، وليخلقوا بعد ثلاثة عشر قرناً شرخاً وانقساماً بين شرق العالم الإسلامي وغربه. تفاجأ المسلمون في بداية الأمر لأنهم لم يكونوا مطلعين على كنه المشروع الذي يرمي إليه الصهاينة وحماتهم الغربيون. الدولة العثمانية هُزمت. وتم سراً عقد اتفاقية (سايكس – بيكو) لتقسيم البلدان الإسلامي في الشرق الأوسط بين المنتصرين في الحرب. تركت عصبة الأمم للإنجليز الانتداب على فلسطين، فمنح الإنجليز وعداً إيجابياً للصهاينة وأوفدوا اليهود إلى فلسطين عبر مجموعة من المشاريع المدروسة، وطردوا المسلمين من ديارهم وبيوتهم.

كان المقرر بدايةً أن يدخل اليهود إلى فلسطين كأقلية ثم يكثروا تدريجياً ويستولوا على جزء من الأرض، وسيكون هذا الجزء حساساً، لأن فلسطين تقع في منطقة حساسة، ويشكلوا دولةً ويكونوا من حلفاء بريطانيا، ويحولوا دون أن يتحد العالم الإسلامي وخصوصاً العالم العربي في تلك المنطقة. العدو الذي يُدعم من الخارج بهذه الطريقة يمكنه زرع الخلافات بأساليب التجسس وغيرها من الأساليب المتنوعة، وهذا ما فعلوه على أرض الواقع: يقترب إلى هذا، ويضرب ذاك، ويتهجم على فلان، ويتشدد مع فلان. إذن كان هناك بالدرجة الأولى مساعدة بريطانيا وبعض البلدان الغربية. ثم انفصلوا تدريجياً عن بريطانيا وتحالفوا مع أمريكا. وقد حمت أمريكا الصهاينة إلى هذا اليوم. لقد أنشأوا بلداً بهذه الطريقة وباحتلال بلد فلسطين. وكان احتلالهم لفلسطين على النحو التالي: لم يأتوا عن طريق الحرب أولاً، بل جاءوا عن طريق الحيلة. عمدوا إلى أراضٍ فلسطينية كبيرة كان المزارعون العرب يعملون فيها وكانت جد خصبة وعامرة، واشتروها بأضعاف سعرها الحقيقي من أصحابها ومالكيها الأصليين الذين كانوا يسكنون أوربا وأمريكا.. كان أولئك المالكون يتمنون تلك الصفقة فسارعوا لبيع أراضيهم لليهود. طبعاً كانت لديهم أسبابهم، وروي أن من أسبابهم هو السيد ضياء [السيد ضياء الدين الطباطبائي] المعروف شريك رضا خان في انقلاب 1299 [1921 م] والذي انتقل من هنا إلى فلسطين ليعمل سمساراً في معاملات بيع المسلمين أراضيهم لليهود والإسرائيليين! اشتروا الأراضي وحينما صارت الأراضي ملكهم بدأوا بطرد المزارعين منها بأساليب عنيفة جداً وبكل قسوة وعجرفة. كانوا يتوجهون إلى مكان معين ويضربون ويقتلون ويستقطبون الرأي العام العالمي في الوقت ذاته بأكاذيبهم وخداعهم.

الحقيقة المقلوبة

جرت المساعي في الإعلام العالمي على تصوير اليهود الذين استولوا على فلسطين بوصفهم أناساً مظلومين ذوي حقوق، وقد تعرضوا للضغط والاعتداء. أما العرب الذين يحاولون استعادة بيوتهم فهم أناس قساة يتحدثون بمنطق القوة ولا يلتزمون بالمعايير والضوابط.

حينما أراد الصهاينة واليهود الروس الهجرة إلى فلسطين لم يقولوا إن هؤلاء غاصبون وإنهم ليسوا أهل فلسطين الذين وفدوا إليها، وأنهم من أهل روسيا وأوكرانيا والبلدان الأوربية، ومن أهل أمريكا ولكلٍّ منهم في أرضه وبلاده ومكانه وداره وثروته وأمواله وحياته. ومع ذلك يتوجهون إلى فلسطين ليغتصبوا حق الفلسطينيين ويستولوا على بيوتهم وثرواتهم وأراضيهم، ويحرموهم حق تأسيس عوائلهم. لم يكونوا ليقولوا هذا ! أضف إلى ذلك أن عناصر الصهاينة والأمريكان كانوا يعرضون في وسائل إعلامهم صور بعض النساء والأطفال اليهود المتعبين ليقول الناس في العالم: (عجيب، لماذا يتعامل العرب مع هؤلاء المساكين المظلومين بهذا الشكل؟!).

أركان احتلال فلسطين

لهيمنة الصهاينة الغاصبة على فلسطين ثلاثة أركان: أحد الأركان هو القسوة مع العرب. تعاملهم مع أصحاب الأرض الأصليين كان تعاملاً قاسياً عنيفاً شديداً. لم يداروهم على الإطلاق.

الركن الثاني هو الكذب على الرأي العام. وحكاية الكذب على الرأي العام حكاية عجيبة حقاً. كذبوا وكذبوا عبر وسائل الإعلام الصهيونية إلى درجة أنهم أخذوا بعض الرأسماليين اليهود بسبب هذه الأكاذيب. والكثيرون صدقوا أكاذيبهم خدعوا حتى الكاتب والفيلسوف الاجتماعي الفرنسي (جان بول سارتر). كتب (جان بول سارتر) كتاباً قرأته قبل ثلاثين سنة. كتب يقول: (شعب بلا أرض، وأرض بلا شعب)... أي إن اليهود كانوا شعباً بلا أرض، وجاءوا إلى فلسطين التي كانت أرضاً بلا شعب! ما معنى إنها أرض بلا شعب؟! كان فيها شعب يعمل. وهناك الكثير من الشواهد على ذلك. يقول أحد الكتاب الأجانب أن مزارع القمح كانت في كل الأرض الفلسطينية كبحر أخضر يشاهد على امتداد البصر. أوهموا العالم أن فلسطين أرض خربة متروكة بائسة، وجئنا نحن إلى هناك فعمرناها ! الكذب على الرأي العام! حاولوا دوماً تصوير أنفسهم على أنهم مظلومين. في المجلات الأمريكية نظير (تايم) و(نيوزويك)، إذا وقعت أدنى حادثة لعائلة يهودية ينشرون صور القتيل وتفصيلات عنه وسنه، ويضخمون مظلومية أطفاله، لكنهم لا يشيرون أدنى إشارة إلى المئات بل الآلاف من حالات العنف ضد الشباب الفلسطينيين، والعوائل الفلسطينية، والأطفال الفلسطينيين، والنساء الفلسطينيات في داخل فلسطين المحتلة وفي لبنان!

الركن الثالث هو عقد الصفقات والتفاوض، واستخدام اللوبيات على حد تعبيرهم. يجلسون مع هذه الحكومة، وتلك الشخصية، وذلك السياسي، وذلك المستنير، وذلك الكاتب، وذلك الشاعر، ويتحدثون معه ويعقدون الصفقات! ممارساتهم كانت لها لحد الآن ثلاثة أركان حتى استطاعوا الاستيلاء على هذا البلد بالخداع والمكر. ثم إن القوى الأجنبية وقفت إلى جانبهم، وعلى رأسها بريطانيا. منظمة الأمم المتحدة ومن قبلها عصبة الأمم التي تشكلت بعد الحرب لمعالجة ما يسمى بقضايا السلام، دعمتهم دائماً إلا في بعض الحالات المعدودة. في سنة 1948 أصدر المجتمع الدولي قراراً قسّم فيه فلسطين بلا أي سبب أو مسوِّغ. يمنح القرار 57 بالمائة من الأراضي الفلسطينية لليهود، والحال أن 5 بالمائة من الأراضي الفلسطينية كانت ملكهم في السابق. وقد أسسوا هناك دولة ثم تتابعت الأحداث والأمور والهجمات على القرى والمدن والبيوت والأبرياء. طبعاً قصّرت الدول العربية بعض الشيء. وقعت عدة حروب. في حرب سنة 1967 استطاع الإسرائيليون بمساعدة أمريكا ودول أخرى احتلال أجزاء من الأراضي المصرية والسورية والأردنية. وفي حرب 1973 استطاعوا أيضاً وبمساعدة تلك القوى تغيير نتيجة الحرب لصالحهم واحتلال مزيد من الأراضي.

 

 

[التفاصيل pdf]