أهمية مبادرة القوة الجوية إلى التضامن مع الشعب
التاريخ: 07-02-2010
المكان: طهران، جماران التاريخ 19بهمن 1361ﻫ
المكان: طهران، جماران
التاريخ 19بهمن 1361ﻫ.ش/ 24 ربيع الثاني 1403 ﻫ.ق
الحاضرون: قائد القوة الجوية وجمع من كوادرها ومنتسبي الخطوط الجوية الإيرانية
الموضوع: أهمية مبادرة القوة الجوية إلى التضامن مع الشعب ـ الألطاف الإلهية في انتصار الشعب الإيراني
المصدر: صحيفة الإمام، ج17، ص: 232
بسم الله الرحمن الرحيم
التزام القوة الجوية وتضحياتها الخالدة
إني أتقدم بالتهنئة إليكم جميعاً وإلى كافة القوات المسلحة وإلى الأمة الإسلامية العظيمة، بمناسبة انتصارات الإسلام الباهرة في عشرة الفجر الأخيرة.. إن جهادكم أيها الأخوة في القوة الجوية، التي كانت أول فئة التحقت بالثورة ولجأت إلى أحضان الإسلام والقرآن وأدارت ظهرها للطاغوت، وتضحياتكم كانت لها قيمة كبيرة آنذاك وستبقى خالدة في ذاكرة الشعب وجميع المستضعفين إن شاء الله.. إنكم أعزة كرام في محضر الله تبارك وتعالى، حيث حطمتم حاجز الخوف يومئذ والتحقت بقية القوات بالشعب تبعاً لكم، وتحقق النصر ولله الحمد واستبدل الطاغوت بالرحمن .. أنتم الذين كنتم في خدمة الطاغوت أصبحتم منذ ذلك اليوم في خدمة الإسلام وخدمة الحق تبارك وتعالى.
إن النصر الذي تحقق لكم وللقوات المسلحة، لم يكن أمراً اعتيادياً. فكما تعلمون فإن القوة التي كنا نواجهها في بداية الثورة كان قد تم تجهيزها بمختلف أنواع الأسلحة على مدى سنوات طويلة، علماً أن تجهيزها لم يكن للدفاع عن إيران وإنما لمواجهة أعداء أميركا. وان كل هذه القوات كانت تابعة للنظام وتقدم له العون والمساعدة. وعلى الرغم من كل ذلك فقد استطاع الشعب، الذي لم يكن يملك شيئاً، أن يتغلب على هذه القوات بأيد خالية. ومن جملة تلك الانتصارات التحاقكم أنتم أيها الأخوة بالشعب، حيث كانت شعارات أبناء الشعب يومها دعوتكم للانضمام إليهم وقد قبلتم أنتم هذه الدعوة. وها أنتم تواصلون الجهاد المقدس إلى جنب إخوتكم حتى يومنا هذا. ويجب أن نعلم جميعاً بأن الشعب وكافة القطاعات العسكرية والقوات المسلحة، عملوا من أجل الله وتطبيق أحكامه، والتخلص من الشيطان والنظام الطاغوتي، ونشر نداء "الله أكبر". فالجمهورية الإسلامية تظللكم برعايتها وهي ساعدنا وساعدكم، وآمل أن نبقى جميعاً على عهدنا لله تبارك وتعالى. وقد نصركم الله تبارك وتعالى لأنه وعدكم بنصره[1].
العناية الإلهية في انتصار جند الإسلام
انظروا إلى كل مرحلة من المراحل التي واجه فيها الشعب الإيراني بمختلف فئاته وقواته، أعداءه. ففي الوقت الذي لم يكن بحوزته أي معدات تذكر، كان أعداؤه مدججين بالسلاح، وكانت المساعدات تتدفق عليهم من كل صوب. لم يكن لدى إيران مَن تلجأ إليه غير الله تبارك وتعالى، وقد منّ سبحانه عليكم وعلى شعبكم بكل هذه الانتصارات. إن قوات العدو كانت تتحصن في خنادق تم إعدادها من قبل، وكانت خنادق محكمة للغاية ومجهزة بكل أنواع الأسلحة. ولكن قواتنا بمجرد أن تبدأ بالهجوم نرى هؤلاء يتركون خنادقهم ويولون هاربين. وقد تم أسر أعداد كبيرة منهم كما تعلمون. فمثل هذا ليس بالأمر الاعتيادي. إنه أمر غير طبيعي وقد شملكم الله تعالى بعنايته. فبالنسبة لنا كانت الألطاف الإلهية في أقصى درجاتها، ويجب أن نستحضر ذلك على الدوام.
الاتحاد في مواجهة العدو، سرّ الانتصار
إن الله تبارك وتعالى يضاعف عليكم هذه النعمة لأنكم تعرفون قدرها وتشكرونه سبحانه عليها. فإن شكرتم فإن الله تعالى قد وعد بالزيادة، لأنه هو الذي يزيد النعم .. إنكم ترون القوات المسلحة اليوم بأسرها تتوحد مع أبناء الشعب والجميع مع علماء الدين. الجميع يشكلون كتلة واحدة في مواجهة الكفار. وانّ سرّ انتصاركم يكمن في هذه الوحدة. فاليوم ترون علماء الدين يمارسون دورهم جنباً إلى جنب مع أبناء الشعب، ويتجلى ذلك بوضوح في مجلس الشورى وأركان النظام الإسلامي الأخرى. فمثل هذا لم يكن موجوداً، وإذا كان هناك رجل دين فهو من المرتبطين بالبلاط. غير أن علماء الدين اليوم يمثلون الشعب ويعملون على خدمته ولا يرتبطون بجهة معينة. إن هذه التركيبة التي تتمتع بها إيران اليوم حيث يقف الحرس مع الجيش، والجيش مع قوات التعبئة، والتعبئة مع الجميع، والعشائر معكم، وأنتم مع الجميع، والشعب يقدم الدعم، وعلماء الدين يقدمون الدعم، والجميع يدعم بعضه البعض. إنها نعمة منّ بها الله تبارك وتعالى على إيران. ولا تتصوروا أن مثل هذه النعمة توجد في مكان آخر. وكل ذلك لأن إيران ثارت من أجل الإسلام. فمنذ بداية تحركها دعت إلى سيادة الإسلام. وقد أحاطكم الله تبارك وتعالى بلطفه وكرمه لأنكم تتطلعون لعزة الإسلام، وان ما تحقق على أيديكم ذو قيمة لديه سبحانه. وإذا ما فعلت الشعوب الأخرى وتحركت من أجل الإسلام ومن أجل الله، فالله تبارك وتعالى سيحيطها برعايته ويمدها بعونه مثلما فعل مع الشعب الإيراني. المهم هو أن نعي واجبنا ومسؤولياتنا. المهم هو أن يعي الإنسان واجبه وما الذي يجب عليه فعله. فإذا ما وجد الإنسان طريقه فسوف يرشده الله تبارك وتعالى إلى طريق الهداية، فيهديه إلى طريق النصر. فهل تتصورون أن الرعب الذي انتاب هؤلاء كان بسبب الرشاش الذي في أيدينا؟ أم بسبب قوتنا؟ إن الله تبارك وتعالى هو الذي ألقى الرعب في قلوب أعوان النظام البائد وهزمهم. لقد ألقى الله تعالى مثل هذا الرعب في قلوب أعداء الرسول الأعظم في صدر الإسلام ونصره على أعدائه، وإلّا فإن المسلمين يومئذ لم يكونوا يملكون شيئاً أمام عدوهم .. عندما تنطلق صرخات الله أكبر دفعة واحدة، يفر أعداء الله تاركين وراءهم سلاحهم. وقد أخبروني بأنه ما إن بدأ جند الإسلام هجومهم الأخير وارتفع نداء الله أكبر، حتى فرّ جنود العدو هاربين. وقد حدث مثل هذا في معركة تحرير خرمشهر أيضاً، وفي مناطق أخرى. وعليه لابدّ لنا من المحافظة على هذه النعمة الإلهية وهذه الرحمة التي تلطف بها الله تبارك وتعالى علينا، وأن نحرص على استمرارها. ويتجسد الحرص أولًا في أن نكون ربانيين، أن نعمل في سبيل الله وأن نطيع أوامره سبحانه وأن نعتبر أنفسنا منه وإليه. وفي ضوء ذلك يتحقق الأمر الآخر وهو الوحدة والانسجام. لأن التفرقة من الشيطان، ووحدة الكلمة والاتحاد من الرحمن. فإذا أصبحتم ربانيين، رحمانيين، وكان توجهكم لله، لن تمنوا بالفرقة والاختلاف. ويوجد اليوم ـ ولله الحمد ـ انسجام عظيم بين جميع أفراد القوات المسلحة، وآمل أن يدرك الجميع أهمية ذلك ويسعوا للمحافظة عليه.
تجاهل إعلام العدو
فلا تعبئوا بهذه الأبواق الإعلامية التي تستهدف تشويه صورة ثورتكم والإساءة إلى بلدكم. إنها تسعى حيناً إلى تحريك الجيش زاعمة بأن الجيش في إيران لا شأن له بالجمهورية الإسلامية. وأحياناً تحرك جهات أخرى، وفي كل هزيمة يمنون بها ترونهم أولًا يتجاهلونها تماماً، وبعد ذلك يقولون إن هذه الجهة قالت كذا وتلك الجهة قالت كذا. وفي هذه الهزيمة الأخيرة التي منوا بها يقولون: تذكر إيران بأنها قامت بكذا وكذا. فيما قال صدام بأننا أخرجنا الإيرانيين من الأراضي العراقية وطاردنا فلولهم واستولينا على أسلحتهم. هذا هو مبدأهم في التعاطي مع أخبار المعارك في كل مرة.
الاعتبار من قوة الشعب الإيراني
ويجب على دول المنطقة أن تدرك بأنها إذا ما تعرفت على الإسلام ومدّت يد الأخوّة إلى إيران، فإن بوسع إيران إنقاذهم من شر القوى الأخرى. فلم يعد هناك مبرر للخوف من ردة فعل أمريكا إذا ما فعلنا كذا؟ لقد فعلنا ما كنتم تخشونه، أخرجنا خادماً كبيراً عميلًا لأميركا[2]، وأغلقنا السفارة الأميركية التي هي في الحقيقة وكر للتجسس، واستولينا عليها وأخرجنا الجواسيس الأمريكان منها. كما طردنا المستشارين الأميركيين من بلادنا ولم تستطع أميركا أن تفعل شيئاً ولو استطاعت لفعلت .. إن إيران التي لم يتجاوز عدد نفوسها الأربعين مليوناً، استطاعت أن تصمد في مواجهة كل القوى ولن تخشى أحداً لأنها تتكل على قدرة الله. فعندما تتكل على قدرته تعالى وتتصل به، فهي في غنى عن الآخرين .. فإذا ما استطاع أربعون مليون نسمة الصمود والثبات أمام أميركا والاتحاد السوفيتي وفرنسا وأمام الجميع، فكيف بأمة تتجاوز المليار مسلم؟ فهل بوسع أحد أن يعاديها؟ إن عدد المسلمين يقارب المليار غير أنهم مشتتون وكل واحد يفكر بنفسه. وان حكوماتهم تعادي شعوبها. والشعوب تعارض حكوماتها. والدول تعادي بعضها البعض وإن تظاهرت بالصداقة. فهذا صدام الذي لا يكف عن ترديد بأنه غير مرتبط بأميركا ويعادي إسرائيل، وإنه عربي ولا يعرف غير العروبة ولا شأن له بأميركا وفرنسا والآخرين، ولكن قد اتضحت الآن حقيقة ذلك، فهو أميركي وإسرائيلي أيضاً، وقبل ذلك كان مرتبطاً بالاتحاد السوفيتي وفرنسا. وان آخر ما يفكر فيه هو العرب والعروبة. وإذا ما كانت لديه علاقات مع مصر فلأن أميركا تريد ذلك، وإلّا فهو يتطلع لأن يفرض هيمنته على المنطقة بأسرها، وقد ضحكوا عليه عندما دفعوه للهجوم على إيران، حيث أخذوا ينفخون فيه ويطبلون ويزمرون له ويؤججون في نفسه أهواءه الشيطانية. وقد حاولت أميركا تضليله بأن إيران لم يعد لديها شيء وقد انحل جيشها، وان الحرس الثوري ليس بالقوات التي تذكر، وان الشعب الإيراني لا شأن له بهذه الأمور، وعليك انتهاز الفرصة لاحتلال إيران وحينها سيكون نفطها لك. وإذا ما نجحت في ذلك، بإمكانك أن تفعل ما تشاء وتستولي على المنطقة بأسرها .. لقد حدثوه بمثل هذا الكلام وخدعوه. وقد صدّق هذا البائس كلامهم وشن هجومه على إيران.
غير أن أياً من هؤلاء لم يكن يعرف إيران متصورين أنها كما كانت في السابق. فلم يدرك هؤلاء بأن إيران الإسلامية لم تعد إيران التي كانوا يتصورونها .. إن هؤلاء يجهلون قوة الإسلام أصلًا، إنهم لا يفهمون. هؤلاء لا يفهمون. وان بعض هؤلاء هم من الإيرانيين الذين فروا من البلاد وحاولوا أن يمارسوا النفاق. هؤلاء أيضاً لم يدركوا ماذا تعني إيران الإسلام. هؤلاء أيضاً كانوا يتصورون بأنهم إذا ما افتعلوا حادثة، أو قامت جماعة من الماركسيين بحركة في مدينة آمل مثلًا، أو أنهم نزلوا إلى الشوارع، فإن الشعب سيساندهم ويدعمهم.
إن مثل هذه الحماقة هي التي دفعت صدام للوقوع في الفخ الذي ليس بوسع أحد أن ينقذه منه. وإني آمل أن تتواصل الألطاف الإلهية علينا، وأن نكون في خدمته تبارك وتعالى أكثر مما مضى، وأن نكون جميعاً يداً واحدة على من سوانا. وأن يمنّ الله تعالى عليكم بالسلامة وأن يخلّد ذكراكم، فأنتم أول الذين التحقوا بنا وبالإسلام. فأنتم السابقون السابقون والمقرّبون عند الله تعالى بمشيئته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــ
[1] سورة محمد، الآية 7: ﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم﴾.
[2] محمد رضا بهلوي.

احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية