Skip to main content

مفاسد حكومة الشاه غير القانونية وضرورة مواصلة الجهاد لإسقاط النظام

التاريخ: 31-01-2010

مفاسد حكومة الشاه غير القانونية وضرورة مواصلة الجهاد لإسقاط النظام

التاريخ 13 بهمن 1357 ﻫ

التاريخ 13 بهمن 1357 ﻫ.ش/ 4 ربيع الأول 1399 ﻫ.ق‏

 

المكان: طهران المدرسة العلوية

 

الموضوع: مفاسد حكومة الشاه غير القانونية وضرورة مواصلة الجهاد لإسقاط النظام‏

 

الحاضرون: جمع من علماء الدين‏

 

المصدر: صحيفة الإمام، ج‏6، ص: 29

 

بسم الله الرحمن الرحيم‏

 

جرائم الشاه الكبرى‏

 

لقد واظبت خلال المدة التي كنت فيها خارج إيران على الدعاء لجميع السادة المحترمين، والآن وقد عدت فإنني حريص على وضع إمكاناتي في خدمة علماء الدين والسادة الفضلاء والمجتمع الإيراني.

 

إنني أجد بعض أصدقائنا الذين تركناهم شبانا بلحى سوداء قد أصبحوا اليوم شيوخا بلحى بيضاء! كذلك فإن بعض رجالنا كانوا أصحاء أقوياء عندما سجنوا، ولكن حينما غادروا السجن اعني الأحياء منهم قد أصبحوا شيوخا نحيلين ومرضى.

 

إن هذه الطاقات البشرية قد ضاعت من أيدينا وهي جريمة من افضح الجرائم التي ارتكبتها الأسرة البهلوية بحق مجتمعنا، ويمكن القول ما من جريمة أفظع من هذه الجريمة التي تم من خلالها القضاء على طاقاتنا البشرية الفعالة أو إيقاف نشاطات تلك الطاقات لمدة طويلة.

 

إن هؤلاء الذين كان من المفترض أن يقوموا بخدمة هذه الأمة كالعلماء الأعلام والمثقفين قد ألقي بهم في السجون خمسة أعوام وعشرة أعوام، وخمسة عشر عاما، ناهيك عما تحملوه من عذاب، وأقل ما يقال عن ذلك هو أن ما تعرض له أولياء الله أولئك يتعارض مع القيم الإنسانية وان طاقاتهم قد هدرت، أي أن تلك الطاقات كان ينبغي أن تصرف في بناء المجتمع، فماذا لو قام المدرس مثلا بتربية عدة معدودة، ولو عكف الطالب على تربية نفسه ومارس نشاطا سياسيا ونشاطا دينيا؟... لكن كل ذلك قد تم هدره من قبل أولئك.

 

قضية توبة الشاه‏

 

مافتئوا يرددون بأنه من الممكن أن يتوب الشاه، وقد أعلن توبته سابقا أيضاً، فماذا تقول في ذلك؟ فالله يقبل التوبة فماذا تقولون أنتم؟!

 

لقد قلت مراراً، أولا إن للتوبة شروطاً إذا لم تتحقق فان الله تبارك وتعالى لن يقبلها. وما يقبله الله تبارك وتعالى فهو ما كان مرتبطا بحقوقه تعالى، كأن يكون شخصا قد تخلى عن أداء الصلاة أو الالتزام بالصوم أو انه لم يذهب إلى الحج، مثل هذه الأمور إذا تاب الإنسان عنها فليس لها شروط وتوبته مقبولة. أما فيما يتعلق بحقوق الناس، فما لم يرد التائب تلك الحقوق إلى أصحابها فان توبته لا تقبل.

 

قولوا لي أنتم الآن لو أن هذا الشخص أعلن توبته لو افترضنا ذلك فهل سيرضى بان يعيد الأموال التي نهبها من الناس ليعوض الشعب عما تعرض له من أضرار؟ ولو فرضنا انه أراد القيام بمثل هذا العمل وكانت لديه أموال يقوم من خلالها بتعويض تلك الأضرار، فان ذلك غير ممكن أيضا، لان كل ما لديه من أموال هي أموال الشعب وقد أخذها وفر بها وأودعها البنوك الأجنبية.

 

جرائم الشاه لا يمكن جبرانها لو أن أيدينا تصل إليه لحاكمناه، لو استطعنا أن نجلبه إلى هنا، أقصد لو سلموه إلينا، فإننا سنحاكمه، ولو أنهم امتنعوا عن تسليمه فسنحاكمه غيابياً وسنصدر حكمنا عليه وسنصادر ما لديه في إيران، سنعلن أن ما لديه من أموال في البنوك الداخلية هي من أموال الشعب وانه مدان ولا يملك إي بنك الحق في إعطاء تلك الأموال إلى محمد رضا لأنها أموال الناس.

 

لنفترض بأنه يمتلك أموالاً خاصة ورثها عن أبيه، وأنه مستعد لإعطاء تلك الأموال مقابل أموال الشعب التي نهبت، ولكن أولئك الذين وضعوا في السجون عشرة أعوام كيف يمكن التعويض عن طاقاتهم البشرية التي تم إتلافها؟ ومن يستطيع أن يعوض عن تلك الأعوام العشرة من السجن أو تلك الأعوام الخمسة التي سجن فيها ذلك العالم أو هذا المفكر أو ذلك السياسي؟ لقد وضعوهم في محفظة تم فيها أهدار طاقاتهم وتحديد نشاطاتهم ولا يمكن تعويض ذلك! إذا أتلفت حياة شخص من يستطيع تعويضها؟

 

هذه جروح يحملها البعض وتحملها قلوب المؤمنين، قلوب العجائز والشيوخ والشبان، فمن يتمكن من اشفاء تلك الجروح؟

 

لو أن شخصا قتل شخصا آخر، فالقصاص هو أن يقتل القاتل، ولكن لو أن شخصا قتل آلاف الناس فكيف يمكن القصاص من هذا القاتل؟ كيف يمكن تعويض الآلاف من خيرة أبناء هذا الوطن ومن خيرة أبناء الإسلام الذين قتلوا في السجون وقطعت أرجلهم بالمناشير! فنحن لا نعلم ما كان يحل بهم داخل السجون إلا قليلا! فلا اطلاع لنا على ما يجري في تلك السجون وما جرى، نحن فقط نرى أن احد العلماء قد خرج من السجن وقد قطعت إحدى رجليه، والبعض وضعوهم على الحديد الساخن الموصل بالتيار الكهربائي، ولو فرضنا أننا أخذنا روحا مقابل روح فماذا عن الباقي من ذلك العذاب؟.

 

تباً لما يقال «الشاه يملك ولا يحكم»

 

كيف يمكننا أن نقبل من هذا الشخص توبته ونقول له تعال لتكون ملكا دون التدخل في الحكم. كيف يمكن أن يعود هذا الشخص لممارسة سلطانه علينا! ماذا سنقول لتلك المرأة العجوز التي فقدت أولادها الأربعة؟، ماذا سنقول لها بعد أن كانت بالأمس تجلس على مائدتها مع زوجها وأولادها الأربعة لكنها اليوم وحيدة مع زوجها ودون أولادها؟ ما هو جوابنا على ذلك؟ أن نقول لها ليبقى معاليه على عرشه ويقيم مراسم العيد بحضور علماء البلاط وكبار الجنرالات ويلقون عليه التحية بلقب السلطان؟ وليبق في هذه البلاد يسرح ويمرح ويعمل ما يشاء! هذا إذا افترضنا بان توبته كانت حقيقية ... وإلا فنحن وأنتم نعلم بان ما يتردد عن هذه التوبة ليس إلا خدعة لا أكثر وهذه الخدعة لا تهدف سوى التلاعب بنا وإقناعنا ببقائه ملكا علينا ولكن دون أن يحكم.

 

إن المقصود من كل ذلك هو إطفاء شعلة الثورة، فإذا انطفأت تلك الشعلة استل هو سيفه وقطع أرجلكم جميعا، فهو لن يبقي لا عالما دينيا ولا رجلا سياسيا ولا طالبا جامعيا ولن تبقى لنا مدرسة فيضية ولا غيرها. هذه مؤامرة ونحن الآن مبتلون بمؤامرة أخرى.

 

مؤامرات متنوعة

 

لقد رأيتم ومنذ البداية أنهم يحاولون خداعنا بمختلف الأشكال. يأتي أحدهم ليقف أمام الناس ويقول" أيها العلماء الأعلام والمراجع العظام، أيها الكذا والكذا لقد ارتكبنا بعض الأخطاء ثم عدنا عنها الآن"! انه يخاطب ذات العلماء الأعلام والمراجع العظام الذين وصفهم في مناسبة أخرى بأنهم" كالحيوانات النجسة" وحذر منهم[1]، إنهم نفس العلماء الأعلام الذين يصفهم بالقول بأنهم (كالديدان التي تعتاش على القاذورات)[2]، كان هذا منطقه آنذاك. أما الآن وبعد أن حوصر فقد أخذ يراوغ كما يراوغ الثعلب، وراح يصفهم بـ(العلماء الأعلام والمراجع العظام)! فهل هذا سوى نوع من الخداع؟.

 

إن هذا المخلوق وفي ذات الوقت الذي يردد عبارة (العلماء الأعلام والمراجع العظام) ويقف في مقابل الشعب ويظهر التوبة والندم، يفرض الأحكام العرفية! وهو إما أنه يعتبرنا جهالاً، أو أنه أحمق ويتوهم أننا حمقى مثله!.

 

ففي تلك الليلة التي لوح فيها بالتوبة بإحدى يده، فان يده الأخرى كانت تحمل الحراب التي أنهال بها على الناس! أو تسمى هذه توبة؟! وهل يمثل ما يقوم به الآن نوعا من التوبة؟! وهل علينا أن نذعن إلى توبته وإلى تحوله فجأة إلى رجل عابد مسلم؟!.

 

والآن وبعد أن أطلق هذا المخلوق كلماته الجديدة، مثلما أطلقها قبل ذلك حينما أعلن عن تشكيل" حكومة الوفاق الوطني"، تلك الحكومة التي أعقبها عمليات قتل واسعة لعدد كبير من شباننا، الآن جاؤوا بآخر ووضعوه في الواجهة، لم يأت به هو بل جاءت به أمريكا! فكل مصائبنا من أمريكا والاتحاد السوفيتي وبريطانيا. الآن جاؤوا ببيدق آخر[3]، يلوح براية الوطنية والتحرر، فهو يطلق شعارات" حرية النساء وحرية الرجال" تلك الحرية التي يريدون إعطاءها والتي يتشدقون بإعطائها للشعب والحال أنها تدعمها الرشاشات والمدافع والدبابات.

 

العطايا الإلهية للظالم والخائن؟!

 

يا سيدي إن الحكومة المنبثقة عن ملك مخلوع، عن ملك خائن، عن ملك هو ابن رضا شاه الذي شكل المجلس التأسيسي تحت الحراب هذا ما نذكره نحن فالمجلس التأسيسي الذي تم تشكيله آنذاك إنما شكّلته الحراب وحينما يكون المجلس التأسيسي مشكّلًا بهذه الطريقة فهل هو مجلس قانوني؟.

 

إن هذا دليل على أن حكم هذا المخلوق حكم غير قانوني، وأما الدليل الآخر على عدم قانونيته هو أن السلطان وحسب الدستور، (هبة إلهية) وهذا كلام فارغ، كلام أجوف أنهم يقولون بان السلطان هبة إلهية يقدمها الشعب إلى شخص (معاليه). فإذا كان هبة إلهية يعطيها الشعب فكيف يمكن أن يعطي الله هذه الهبة الإلهية إلى رجل ظالم؟! كيف يمكن لله تبارك وتعالى أن يشمل بتأييداته رجل قتل أفواج من المسلمين وارتكب كل هذه الجرائم بحق الإسلام والمسلمين؟! كيف يمكن لله أن يعطي" هبة" كهذه؟!.

 

ناهيك عن كل ذلك، ولو سلّمنا بان السلطان هبة إلهية يعطيها الشعب لأحدهم، فنحن نرى الآن بان هذا الشعب يقول أن الأمر انتهى! إن هذا الشعب لم يعط هذه هبة أساسا، ولكن لنقل انه أعطاها. إن هذا الشعب لم يكن يريد هؤلاء الملوك أساسا فقد جاء رضا شاه بقوة السلاح، وبقوة السلاح شكل المجلس التأسيسي، فمتى كان المجلس التأسيسي مجلسنا نحن؟ إن هذا القزم (الشاه) قال بلسانه بان تلك المجالس التي أقيمت إنما جاءت قوائم أعضاؤها من السفارات الأجنبية! وان بلادنا أصبحت الآن بلادا مقتدرة! وان كانت ليست كذلك فهو إنما يسخر من نفسه.

 

الآن لدينا مجلس للشورى ومجلس للأعيان، فليأت احد نوابهما وليدعي انه نائب عن الشعب، سنأخذه من يده إلى هذا الشعب ونسأله هل أن هذا الرجل نائب عنكم؟ إن الشعب لا يعرفهم فهم نواب عن محمد رضا خان! وهذا الأخير إنما أمرته أحدى السفارات بان يقوم بتعيين هذا وذاك.

 

مجلس كهذا ملكه ليس رسميا، مجلسه ليس رسميا، فماذا يكون حال حكومته؟! إن الحكومة المنبثقة عن ملك غير رسمي وعن مجلس غير رسمي! عن مجلس وصفه نفس هذا السيد" شاهبور بختيار" قبل أيام قليلة وقبل إن يتسلم زمام الحكومة بأنه مجلس غير قانوني وبأنه منبثق عن" حزب رستاخيز" كيف أصبح هذا المجلس قانونيا بين عشية وضحاها؟!.

 

عقاب الحكومة غير القانونية

 

لو أن أحداً ترأس حكومة ما بطريقة غير قانونية، فان لذلك عقوبة معينة. ولو أن نائبا دخل المجلس دون أن يقوم الناس بتخويله ذلك عبر الإدلاء بآرائهم وأراد أن يمارس دوره في توجيه دفة الأمور، فان لذلك عقوبة معينة، إن هؤلاء يجب أن يعاقبوا. إن وضع إيران كان كذلك ولا يزال.

 

والآن وبعد أن ذهب ذلك المخلوق بقيت حشاشة في الحكم تكرر نفس الكلام الفارغ الذي كان يقال سابقا. إنهم يريدون التحايل علينا حينما يقولون" إننا نرتضي كل ما يقره الشعب ونخضع له ونؤمن بحريته"!

 

إذا كنتم مع الشعب فان أبناء الشعب الإيراني من أقصى البلاد إلى أدناها عدا بضع عشرات من الأشقياء المرتزقين على أموالكم، من الذين تعطونهم المال وتطلقونهم ضد الشعب، أو تلك المجاميع من الرجال والنساء والفتيان الموظفين عندكم والذين يخرجون لإطلاق بعض الشعارات التي تفضحكم وإلى درجة أن هؤلاء أنفسهم يخجلون من أنفسهم! يرددون هذه الشعارات، فهل هذه شعارات أطلقتها الحراب؟! وهل أن هذه الشعارات غير منطلقة من الشعب؟ إن الشعارات التي يرددها الجميع الآن هي" الموت للشاه"، الجميع يقولون الموت للشاه، أو ليس هؤلاء من الشعب الإيراني؟ هل هؤلاء جاؤوا من خارج الحدود ببطاقات شخصية مزورة؟! هل هؤلاء الناس الموجودون هنا يحملون بطاقات شخصية مزورة؟! هل هؤلاء الناس الذين يخرجون في القرى والمدن ويصرخون بأنهم لا يريدون هذا الشاه الفاسد، هل جاؤوا جميعاً من خارج الحدود ببطاقات شخصية مزورة؟!.

 

عليهم أن يكفوا عن هذا الهراء وإذا كانوا حريصين حقا على هذا الشعب فليتنحوا جانبا.

 

أزلام السلطة هم الذين يثيرون الاضطراب والشغب‏ لقد رأيتم يوم أمس ذلك الاجتماع العظيم، واليوم رأيتم أيضاً كيف التئم شمل هذا الاجتماع العظيم من أطراف المدينة وحتى مقبرة جنة الزهراء، فهل حصلت أية مخالفة للقانون؟ أية مخالفة للعدالة؟ إذا حصل ذلك فقولوا لنا.

 

كيف تقع مثل تلك الأمور والأحداث المؤلمة أحياناً؟ إن ذلك يقع حينما يذهب أزلام السلطة ويرون تلك التجمعات التي ليس بوسعهم النفوذ إليها، وحينما يرون انه ليس هناك ما يقلق، المظاهرة هادئة والتجمع كله هادئ وكل شي‏ء يتسم بالهدوء، فجأة يباشر هؤلاء الأزلام بتفجير الأوضاع، إن إفراد الشرطة هؤلاء حينما يتدخلون فهم مكلفون بالضرب والشتم واستخدام السلاح!.

 

تنحوا انتم جانبا إذا كنتم تريدون الاستقرار في المنطقة، إذا كنتم تريدون لإيران الاستقرار والصلاح فتنحوا جانبا ونحن سنقوم بإصلاح أنفسنا. إنكم لا تدعون المنطقة أو هذا الشعب أو هذه البلاد تعيش بسلام، إنكم تجلبون الاضطراب! أنكم تطلقون سراح اللصوص ليعتدوا على الناس ويعيثوا فسادا.

 

لقد حولتم مدينة نجف آباد إلى خربة، ومارستم ما شاء الله من المذابح في تبريز وقم وطهران وقزوين وسائر المدن التي لا يمكنني إحصاؤها بالأسماء. كل هذا أنتم تسببتم به ولو أنكم تنحيتم جانبا وامتنعتم عن التدخل في شؤون الناس فان الناس هادؤون ومسالمون ومسلمون. الناس يدركون بان التعاليم الإسلامية تقضي عدم إثارة الشغب، تنحوا انتم جانبا فقط بدء من الغد.

 

انك شخص عادي، لست برئيس للوزراء أو نائب في البرلمان أو أي شي‏ء آخر، أنت شخص عادي كسائر الأفراد لان منصبك ليس رسميا. أنت فرد عادي غاصب وكل ما في الأمر أنهم دفعوك للقيام بمثل هذه الأعمال. وأنا أقول أنهم دفعوه للقيام بمثل هذه الأمور لان هؤلاء ساندوا الحكومات التي دعمت الشاه فهم يرسلون مبعوثيهم ويقولون أنهم يدعمون الخطوات الفلانية[4]. وهؤلاء المبعوثون يقولون للجيش بان عليكم ان تدعموا الحكومة. لو كان وطنيا وهو أمر مستحيل وأمريكا في الأساس تنتهك الوطنية وقد فعلت ذلك في الماضي لو كان وطنيا لما بادرت أمريكا إلى دعمه وكذلك بريطانيا.

 

والآن هل أصبح هؤلاء الأشخاص وطنيون ومخلصون للشعب، أم أن نفس النهج والجرائم والأوضاع التي كانت على عهد محمد رضا خان تتكرر على أيديهم؟ لا ندري إن كانت هذه الممارسات مؤامرة لإعادة ذلك العميل عديم الإرادة، أم أنها وليدة يأسهم منه ورغبتهم في الإبقاء على تلك الحكومات تتارجح بين الموت والحياة للإبقاء على النظام الملكي وسائر الأوضاع.

 

النظام الملكي مخالف للعقل والقانون‏

 

إن النظام الملكي أساساً أمر يخالف العقل، ويخالف القانون والدستور، فحقوق الإنسان تقتضي أن يمارس كل شعب حقه في تقرير المصير، بمعنى أننا الآن يجب أن نقرر مصيرنا ولا يحق لنا تقرير مصير الأجيال التي تأتي بعدنا، فتلك الأجيال يجب أن تقرر مصيرها بنفسها، مصيرها يجب أن يكون بيدها لا بيدي أنا وأنت.

 

إذا كان النظام الملكي يعني أن الشعب هو الذي يعين الملك فهذا ليس نظاما ملكيا. أما لو افترضنا بان الناس يقومون بتعين الملك وخلفائه من بعده، فبأي منطق يتم ذلك؟ فما هو حقكم أنتم في تعين خلفاء للملك على أناس آخرين؟ ما هو حق آباؤنا في تقرير مصيرنا؟.

 

النظام الملكي مخالف للدستور، مخالف لحقوق الإنسان، لذا لابد أن يزول فهو فاسد جملة وتفصيلا. ولو فرضنا انه عادل للغاية لكنه لا يتفق مع حقوق الإنسان. إن وضع بلادنا لحد الآن مزيج من كل ذلك ولا ندري ماذا نطلق عليه. هل نسميه ملكية دستورية، كلا، لا يصح ذلك. وهل هو دكتاتوري؟ انه ليس بنظام حتى يقال له دكتاتوري.

 

حساسية الأوضاع‏

 

أيها السادة، أيها الشعب الإيراني، إن بلادنا تمر اليوم بوضع حساس تجعل شعبنا يقف على مفترق طريق بين الموت والحياة، فإما أن نبقى أسرى حتى النهاية وينتهك المفسدون أحكام الدين والإسلام، أو نحقق النصر. إن الأمر يدور بين هذين الاحتمالين وكل فرد من أفراد الشعب لا يشارك في جهودنا فهو خائن، خائن للإسلام، خائن للبلاد، فإذا لم نمسك بهؤلاء ونلقي بهم خارجا فإنهم إما أن يعيدوه (الشاه) في الغد أو يسلموا ثرواتنا لأمريكا ونظائرها.

 

واليوم وبعد أن أدركوا بأن الإسلام والمسلمون وعلماء الدين هم وحدهم الذين يمكنهم الوقوف بوجههم، فإنهم إن عادوا ثانية لا سمح الله فإنهم لن يبقوا باقية لا لعلماء الدين ولا للإسلام.

 

وحينما تبلغ الأمور هذه النقطة فكيف يمكن لأي احد أن يعارض؟ كيف يمكن لأي احد أن يبقى ساكتا؟ والساكت سيكون بحكم المعارض، الساكت سيكون خائنا.

 

اليوم ليس يوما تقبعون فيه في بيوتكم وتقولون أن تكليفنا اليوم هو الذهاب إلى العمل أو إلى المسجد. كلا، اليوم ليس لمثل هذه الأمور، ولو كان مناسبا لها لكنت موجودا في قم أباشر دروسي وبحوثي وأنتفع من السادة الأفاضل. كلا يا سيدي، اليوم ليس يوم لمثل هذه الأمور!.

 

إقامة العدل من المسؤوليات الهامة

 

إن الأمر الهام في هذا الظرف، والذي ينبغي التضحية في سبيل تحقيقه هو ذات الأمر الهام الذي ضحى سيد الشهداء بنفسه من أجله، هو ذات الأمر الهام الذي سعى رسول الإسلام ثلاثة وعشرين عاما من أجله، هو ذات الأمر الذي دفع الإمام علي (سلام الله عليه) للدخول في حرب لثمانية عشر شهرا مع معاوية في حين أن الأخير كان يدعي الإسلام ... ذلك لأنه كان سلطان جور، لان نظامه كان جائرا ينبغي إيقافه عند حده، فلقد فقد الإمام العديد من أصحابه الكبار وقتل من المعسكر المعادي ما شاء الله، من أجل ماذا؟ من أجل إقامة الحق والعدل.

 

علينا نحن أيضا أن نقيم العدل وليس عذرا أن نقول بأننا لا نمتلك القوة لذلك، فهذا الشعب هو قوتنا، وأبناء هذا الشعب قد وقفوا بقبضاتهم الخالية أمام المدافع والدبابات وقدموا القتلى أيضا، ونحن طبعا نفتخر بهم ونترحم عليهم وسنقتل نحن أيضا إن شاء الله.

 

اليوم ليس يوما للسكوت، انه يوم النشاط، وعلى كل واحد في إي منصب كان أن لا يسكت، فتلك الأصوات التي تنطلق ها هنا أصوات النساء والرجال[5] هي دعامتكم، (شكر الله سعيهم) فلولا هؤلاء لما تمكنا من التقدم خطوة واحدة، إنهم هم الذين دفعونا للتحرك.

 

رسالة إلى الجيش‏

 

أقول للجيش أنني أريد صلاحكم. أننا لا نقول بأننا لا نريد الجيش، وإنما نقول لكم لا تكونوا عبيدا! وتسمحوا للمستشارين الأمريكيين أن يتحكموا بكم، وللمسؤولين الإسرائيليين أن يهيمنوا عليكم. هذا ما نقوله، هذا منطقنا، إننا نصرخ بأننا نريد الاستقلال، نريد استقلال الجيش، فجيشنا غير مستقل، هذه صرختنا. إننا نقول يا سيد، إننا نريد لكم أن تكونوا حكاما على أنفسكم مستقلون، وحينها إذا أراد احد السادة احد الجنرالات أو احد أصحاب المناصب إن يقف بوجهنا فان ذلك يعني انه لا يريد لكم أن تحكموا أنفسكم ويريد أن يجعلنا عبيدا! نحن نقول كن سيدا! إننا نصرخ ونتحرك لنقول له كن سيدا. إن بعض هؤلاء خرجوا عن الفطرة الإنسانية، فهم يقولون كلا لا نريد أن نكون أحراراً ومستقلين، يجب أن نكون عبيدا للمستشارين الأمريكيين والإسرائيليين!.

 

التبعية الاقتصادية

 

إننا نقول أن علينا أن نصلح اقتصادنا، فهؤلاء الذين كانوا ولاة للأمر في البلاط والحكومة وغيرها، رأيتم كم نهبوا من أموال الناس وكيف جعلوا اقتصادنا متخلفا. يا سيدي لقد حلت بهذا الشعب مصائب ونحن راقدون، نحن الآن لا نمتلك زراعة، وثرواتنا الطبيعية لو أنها بقيت بضعة سنوات أخر بيد هذا المخلوق لنفدت بالكامل. إن إيران تشبه بلداً لا يمتلك أي رصيد أو مئونة، بلداً لا يمتلك أي شي‏ء. إن مئونتنا هي النفط وقد نهبوه وهم يطلقون الوعود بأنه سيكون موجودا لعشر أو عشرين سنة قادمة! وحينما ينفد بعد ذلك فماذا سيكون لدينا؟ لقد أطلقوا الكثير من الوعود، أطلقوا وعودا بتحويل البلاد إلى بلاد صناعية، أية صناعة أقمتموها؟ فمعمل الحديد والصلب الذي أقمتموه لم يكن سوى لاستقدام عدد من السوفيت كي يحكمونكم هنا! أنكم لم تقوموا بأي شي‏ء بل أنكم جمعتم القطع الصناعية وجئتم بها إلى هنا لتجميعها فقط! فهل هذه هي صناعتكم؟ لا صناعتكم صناعة ولا زراعتكم زراعة ولا ثقافتكم ثقافة.

 

الثقافة الاستعمارية التابعة

 

يا سيدي لقد قضى أولئك على طاقاتنا البشرية. إن ثقافتنا الآن ثقافة استعمارية لا تسمح لطاقاتنا الإنسانية بالرشد والتكامل. فهم يوقفونها عند حد معين ولا يسمحون لها بالتكامل. إنهم لا يسمحون لنا بتحقيق التكامل البشري. حينما كنت في فرنسا كان الأخوة يأتون لزيارتي من مختلف الأنحاء، بضمنهم من كانوا يأتون من ألمانيا بشكل متكرر، كانوا يعملون في الطاقة النووية وقد أخبروني بأمور عدة، بينها أن أولئك لم يكونوا يسمحون لهم بان يفهموا شيئا! لقد أرسلوا بضع مئات إلى هناك كي يؤسسوا قدرة نووية. يقولون بأنهم لا يسمحون لنا بتعلم كل الأمور، ويضيفون بان ما يراد إنشائه في البلاد مضر لها. إن هؤلاء الذين كانوا يعملون في تلك الأماكن قالوا لي بان هذا العمل مضر للبلاد وخطر عليها!.

 

ضع يدك على ما شئت ستجد اسم محمد رضا خان وستجد آثار خيانته! أينما وضعت يدك في الجيش ستجد المستشارين الأمريكيين قد جاؤوا واثبتوا اسمه وخيانته.

 

وأينما وضعت يدك من الثقافة فستجد تخلفها وستجد اسمه وخيانته قد نقشت عليها. أينما وضعت يدك من زراعتنا فالأمر كذلك. لقد أعطوا مراتعنا لهذا وذاك. أمموها، والتأميم يعني إعطاؤها لهذا وذاك، فاحد المراتع الواسعة والغنية التي توصف بأنها من أغنى المراتع، يقولون بأنهم أعطوها إلى ملكة بريطانيا والى بعض شركائها. لقد قضي على مراعتنا ومنحت للآخرين. والشيء نفسه يصدق على غاباتنا. فالتأميم يعني كف أيدي الناس عنها وإعطائها للآخرين.

 

مواصلة الجهاد واجب عقلي وشرعي‏

 

لا يمكننا تصور حجم الجرائم التي ارتكبوها بحقنا. وإذا جاءت حكومة عادلة إن شاء الله، ونظمت الأمور وأطلقت الحرية للكتاب ليكتبوا عما سرقه أولئك، حينها سنتعرف على الأمور التي تعرفها الصحف ولا نعرفها نحن، سنتعرف على ما في جعبة الذين يعيشون في حالة انزواء في الوقت الحاضر ولا نعرفه.

 

لقد قضى هؤلاء على بلادنا، لذا فان واجبا عقليا وشرعيا يقع على عاتقنا في مواصلة مسيرتنا وإيصال هذه الثورة التي تفجرت في إيران إلى برّ الأمان وقطع دابر الأجانب عن ثرواتنا وعن ديننا، وان نتخلص من هذا الكبت الشديد الذي نعاني منه في كل مكان وان تصبح بلادنا لنا ونقوم نحن بإدارتها، وبأعمارها. أنك يجب أن تكون لصا حتى تتمكن من إدارتها؟!.[6] إن لدينا العديد من الأمناء داخل البلاد وخارجها بذلوا الجهود لتحصيل العلم وهم خبراء في أمور كثيرة، أتموا دراستهم في الخارج وتعلموا كل شي‏ء وهم في الوقت نفسه أمناء، فما علينا إلا أن نزيح لصا ونضع محله رجلا أمينا، فهل ذلك سيجعل أمور البلاد مضطربة؟! (كلا، إن انتقال السلطة يجب أن يكون قانونيا!) انه ضعيف الإدراك إلى درجة بأنه لا يميز بين الثورة وبين استبدال نظام بنظام! القضية قضية" ثورة"، وفي الثورة لا مكان لمثل هذا الكلام، ومجلس قيادة الثورة أو قائد الثورة ومفجرها هو الوحيد القادر على القيام بهذا العمل وهذا الأمر قد حدث في عالمنا مرات عدة. فها هو نظام البعث في العراق وها هو نظام أفغانستان الذي وصل إلى السلطة قبل أيام، فقد كانت هناك ثورة وقبلت الدنيا بها ولم يكن ثمة انتخابات أو شي‏ء آخر.

 

كلا، الثورة يجب أن يقع فيها قتال، إننا نقاتل منذ عامين، الناس بسلاحها الأبيض أو بقبضاتها الخالية وهؤلاء بأسلحتهم النارية ورشاشاتهم. وهل يجب أن يكون توازن للقوى بين الطرفين في الحرب؟! ما هذا الكلام الفارغ الذي يقولونه!.

 

نصيحة للجيش والحكومة

 

أنني انصح الجيش بالالتحاق بالشعب، فصلاحكم وصلاح شعبكم هو بالتحاقكم بالشعب. البلاد بلادكم والشعب شعبكم وأنتم لهذا الشعب، فكونوا خداما لهذا الشعب وكفوا عن تلك الممارسات التي يقوم بها بعض المتجبرين. توبوا إلى الله انه يقبل التوبة، والشعب سيقبل توبتكم أيضا. فانتم لم ترتكبوا من الجرائم ما يجعل الشعب رافضا لقبول توبتكم، إن ذنبكم شي‏ء آخر. عودوا إلى أحضان الشعب، كما عاد البعض من الشرفاء وقالوا كلمتهم الموافقة لكلمة الشعب واعلنوا عن تضامنهم معه. لقد عاد عدد من العسكريين في اصفهان وطهران وهمدان وخراسان وأماكن أخرى إلى أحضان الشعب، فعودوا أنتم أيضا والوقت لم يأزف بعد.

 

كما أنني انصح الحكومة فأقول: يا سيد! أنك شخص عادي، أنك تريق ماء وجهك، تنح جانبا. «يقول إنهم يثيرون عنادي»، لماذا يقع الإنسان في العناد ويجعل شعبا بمقدراته لعبة في يده.«أنا من اللر وقد أثاروا عنادي»! فهل يجب أن يصل الأمر إلى قطع الرقاب؟ طيب، تعال مثل إنسان طبيعي واعلن توبتك وقل أن ما يقوله الشعب هو القول الصحيح والأمر للشعب.

 

أسأل الله تبارك وتعالى التوفيق للجميع، وآمل من الله أن يمن عليكم جميعا بالسلامة وان يوفقنا لخدمتكم ويوفقكم لخدمته.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

 

ـــــــــــــــــــــــ

 

[1] من حديث الشاه المخلوع في 6 خرداد 1342 ﻫ. ش.

 

[2] من حديث للشاه المخلوع في 23 اسفند 1341ﻫ. ش.

 

[3] المقصود رئيس الوزراء الأسبق شاهبور بختيار.

 

[4] وصل الجنرال (هايزر) التابع لسلاح الجو الأمريكي، والذي كان يشغل منصب مساعد القائد العام لقوات الناتو، في 14/ 10/ 1357 طهران في مهمة سرية للغاية ظهر فيما بعد أنها كانت للإشراف على توجيه قادة الجيش الإيراني في قمع الثورة الإسلامية.

 

[5] إشارة إلى الهتافات التي كان يرفعها المجتمعون أثناء خطاب سماحة الإمام.‏

 

[6] رداً على مزاعم وتخرصات بختيار.

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة