بسم الله الرحمن الرحيم‏

 

في المقابل أتقدم لجميع السادة الحاضرين هنا والشعب الإيراني بأسره والمسلمين كافة والمظلومين في أرجاء العالم، بأحر التهاني في هذا العيد الكبير.

 

ما أجمل هذا الاجتماع الذي يضم في مثل هذا العيد أصحاب الثورة الأساسيين الذين هم من أبناء هذا الوطن من فلاحين وعمال ومجاهدين، الذين حضروا إلى هنا لنستلهم منهم الدروس المعنوية. ومما يؤسف له حقاً، هو عدم فسح المجال أمام أمير المؤمنين سلام الله عليه لإقامة حكومة الله في العالم بالشكل الذي أراده عليه السلام ليفهم العالم كله ماذا جلب لهم الإسلام ويتعرف على الشخصيات التي يمتلكها الإسلام. ففي السنوات الأولى لم يكن على رأس الحكومة، لعدم إتاحة الفرصة له، كما أنهم لم يعطوه الفرصة حتى عندما آلت إدارة أمور الدولة إليه؛ فأججوا نيران ثلاثة حروب في عهده مما سدّ الباب أمامه لإقامة الحكومة التي كان ينشدها، وهذا الأمر ينبغي أن نتحسر له للأبد. فلو كانت مثل هذه الفرصة أتيحت له، لكانت حكومته حكومة مثالية ونموذجاً يحتذى لكل الذين يتطلعون إلى إقامة العدل وتطبيق إرادة السماء. لكن ذلك لم يحدث للأسف، لكن النزر اليسير الذي تحقق منه مازال نوره يسطع في الأرض. وفي عصرنا الحاضر صار معلوماً لنا من خلال ذلك الأثر القليل المتبقي من أمير المؤمنين في مجال الحكم.

 

كيف يجب أن يكون عليه الحاكم. والشيء الثاني الذي يبعث على الأسف هو أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يجد مجالاً لنقل العلوم والمعارف التي كان يختزنها في صدره" إن ههنا عِلماً جمّاً" إلى أشخاص يحملونه من بعده. ومما لا شك فيه أن العلم الذي لم يجد له أشخاصا جديرين بحمله، هو علم أسرار الولاية، وأسرار التوحيد.، لابد أن يتأسف العلماء والعارفون لعدم توفر الفرصة والمجال لأمير المؤمنين للبوح بتلك الأسرار التي كان لابد له من الكشف عنها. لكن المجال لم يتح له وهذا الأمر هو من الحسرات التي ينبغي على الجميع وبالأخص العارفين والفلاسفة والعلماء والمفكرين أن يقضوا حياتهم بالتأسف عليها.

 

معنى التمسك بولاية أمير المؤمنين عليه السلام‏

 

ونحن في هذا اليوم المبارك الذي هو من أعياد الإسلام الكبرى، وأكبرها بحسب اعتقادنا، علينا التأكيد على نقطة واحدة وهي أن هذا اليوم يمثل استمرار النبوة، وامتداداً لمعنوية رسول الله، وامتداداً للحكومة الإلهية المنشودة ولهذا فهو يعتبر أعظم وأكبر من كل أعياد المسلمين. ومن الأذكار الواردة التي يجب علينا تكرارها في هذا اليوم السعيد، تلاوة القول التالي: (الحَمدُ للهِ الذي جَعَلَنا من المُتَمسِّكين بِوَلايةِ أمير المؤمنين وأهلِ بَيتِهِ).

 

فما هو التمسك بولاية أمير المؤمنين؟ هل يعني أن نقرأ هذا الذكر وكفى؟ إنه تمسك بولاية أمير المؤمنين في اليوم الذي تجلت فيه ولايته بمعناها الحقيقي، وليس التمسك بحب أمير المؤمنين فذلك أساسا لا معنى له، بل هو التمسك بمقام ولاية الرجل العظيم الذي لا يمكننا نحن ولا جميع البشر تطبيقه بمعناه التام وبتلك العدالة الاجتماعية والعدالة الحقيقية التي كان أمير المؤمنين يمتلك القدرة على تطبيقها، ونفقد نحن وجميع البشر القدرة على إقامتها، لكن بعد تحقق ذلك النموذج علينا التمسك بذلك القدر القليل بكل ما أوتينا من قوة. فالتمسك بمقام الولاية معناه، أو أحد معانيه، أن نكون نحن ظلا لمقام الولاية الذي يمثل مقام التصدي لأمور المسلمين. ومنصب الحاكم عليهم، هو أنه إذا تم تشكيل حكومة ينبغي أن تكون حكومة متمسكة بولاية أمير المؤمنين وتطبق العدالة التي طبقها أمير المؤمنين، وذلك بحسب استطاعتها. فمجرد الادعاء بأننا متمسكون بولاية أمير المؤمنين لا يكفي، لأن ذلك لا يعد تمسك أصلا. فعندما تتخذ أي حكومة من أمير المؤمنين قدوة ونموذجاً لها في تنفيذ الحكم، يجب عليها أن تطبق كل الأحكام والقوانين التي طبقها بحذافيرها، كي يمكن تسميتها حكومة متمسكة بولاية أمير المؤمنين. وفي حالة عدم اتخاذه نموذجاً للحكم، أو حصول بعض المخالفات عن ذلك النموذج العظيم، فانه حتى لو ادعى هذا الحاكم ونطق ألف مرة يومياً (جعلنا الله من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين) فهذا القول لا يعدو الكذب. وإن المجلس الذي يضم كبار الشخصيات في البلاد، إذا طبق كل الأمور التي أرادها أمير المؤمنين، واتخذ من العدالة التي أراد أمير المؤمنين‏ تطبيقها خلال الفترة التي أتيحت له- والتي كانت قصيرة جداً- نموذجاً لتنفيذ الأحكام والأمور المناطة به بنفس الصورة التي كانت على عهد أمير المؤمنين، وصادق عليها وراعاها بنفس الدقة، عندها فقط يمكن تسمية مجلسنا من المتمسكين بأمير المؤمنين عليه السلام. وإذا لم يتمكن مجلس الشورى من القيام بذلك، أو لا يريد، لا سمح الله، أن يفعل ذلك، أو لا يسمح البعض بتنفيذ هذه الأعمال، عندها لا يمكننا أن ندعي أننا نمتلك مجلساً متمسكاً بولاية أمير المؤمنين. والشيء نفسه يصدق على السلطة القضائية، فإذا لم تحذو السلطة القضائية حذو أمير المؤمنين في القضاء عملا بالقول المأثور" أقضاكم علي"، ولم تطبق الأحكام القضائية الإسلامية، ولم تكن متمسكة بالقضاء الإسلامي، رغم كل ما تدعيه من أنها متمسكة به، فإنها ستكون سلطة تظهر خلاف واقعها. فالتمسك الواقعي يكون عندما تمارس السلطة القضائية أعمالا مستوحاة من النموذج العلوي الذي هو النموذج الإسلامي ذاته. وينبغي لكل من يقرأ هذا الدعاء أن يلتفت إلى أن التمسك بولاية أمير المؤمنين يعني إتباع أهدافه والعمل على تحقيقها.

 

عدم تحمل الظلم حتى لغير المسلمين‏

 

إن ما يقال عنا بأننا شيعة علي وأننا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين عليه السلام، لا يكفي ولا يمكن قبوله. فهذه الأمور لا تحصل بمجرد النطق بها ولا يمكن تحققها بالتلفظ بها أو باستخدام عبارات معينة؛ إنما هي أمور عملية. يجب على الذين يدعون بأنهم من شيعة أمير المؤمنين وأتباعه، أن يتبعوه بكل شي‏ء في القول والفعل والكتابة والكلام. فإذا لم يكن هذا الإتباع موجوداً وندعي بأننا من شيعة علي، نكون قد قلنا جزافاً وكلاماً لا طائل منه.

 

لنتأمل أمير المؤمنين خلال فترة حكمه- التي كانت قصيرة جداً وواجهت مشاكل وعقبات عديدة- سنرى أنه عندما كتب عهده الهام إلى مالك الأشتر، ذكر كل هذه القضايا المهمة، سواء السياسية منها والاجتماعية، حيث أورد فيه كل شي‏ء رغم أنه كان بمثابة وصايا لشخص واحد. فقد كانت رسالة إلى شخص واحد، ويقال حسبما روي أن أمير المؤمنين قال في عهده لو أن خلخالا سرق وانتزع من قدم ذمية أثناء حكومته، فإذا مات المرء أسفاً لذلك لا لوم عليه. هؤلاء هم الشيعة وهكذا يكونون، ليس مثلنا نحن، فالشيعة هم الذين عندما يقع ظلم وإن كان بحق ذمي يعيش في ظل الدولة الإسلامية، وإن كان هامشياً ممثلا بانتزاع خلخال من قدم امرأة ذمية، تقول إنه لو مات المرء غصة لذلك لا يجب لومه، فهذا الأمر له هذه الدرجة من الأهمية عند الشيعة.

 

واجب إنقاذ المظلومين من أيدي الكفار

 

إننا نشاهد اليوم تعرض المسلمين في بلدان متعددة إلى أنواع الظلم والممارسات التعسفية. ففي‏ لبنان أشعلوا النيران، أشعلتها أمريكا، وحشدوا كل تلك الجيوش، من قبل أمريكا وفرنسا وبقية أذنابهم في المنطقة ضد عدة من الشيعة المظلومين من المسلمين المظلومين هناك، في وقت بقي سائر المسلمين يتفرجون. وكل ما فعلته حكوماتهم هو الامتناع عن الاحتفال بالعيد. فهل يكفي ذلك؟ إنها خطوة لا بأس بها، غير أن هؤلاء لا يظلمون إلا أنفسهم، فهم يقومون بقتل شبابنا في لبنان وفلسطين. كما يرتكبون الجرائم الفظيعة في أفغانستان، وفي العراق إضافة إلى إيران. فمجرد عدم الاحتفال بالعيد كافياً؟ وهل يزيل ذلك العب‏ء الثقيل عن عاتق هذه الحكومات؟ إنهم يتقدمون بالحراب والمدفع والدبابة وقد بقي المظلومون لوحدهم، ومع ذلك راحوا يسددون ضربات موجعة للمعتدين، لكن الحكومات جالسة تتفرج، وغاية ما فعلته هو عدم الاحتفال بالعيد. لا تحتفلوا انتم بالعيد، ودعوا أمريكا وإسرائيل يحتفلان. ما هو أفضل من هذا العيد حتى تصل بكم الحال إلى درجة أنكم لا يمكنكم فعل شي‏ء سوى عدم الاحتفال بالعيد. فما هو تأثير عدم احتفالكم بالعيد في هذه الدنيا؟ ولكن إذا ما تبع هذا الامتناع وقوفكم بقبضات قوية ومحكمة في مقابل أمريكا والاتحاد السوفيتي والصهيونية وسائر الجناة واستغلال كل الإمكانات المتاحة لكم، حينها سيكون لعدم احتفالكم بالعيد تأثير محسوس، وإلا فإن تقديمكم للنفط بالمجان ودعمكم المعنوي لهم، وفرضكم الحصار على تحرك المسلمين والتضييق عليهم وعدم إتاحة الفرصة لهم لينبسوا ببنت شفة، ثم لا تحتفلون بالعيد عندئذٍ، فما هو تأثير عدم الاحتفال بالعيد؟ فهذه التحركات ما هي إلا تحريف وتضليل للواقع، وتكتم وتمويه للحقيقة. حيث تريد هذه الحكومات تضليل الرأي العام والتمويه على شعوبها ومسلمي العالم بطرح ادعاء واهٍ من أننا نقف بوجه إسرائيل. فهل يعد عدم الاحتفال العيد تحركاً كافياً لمواجهة المدفع والدبابة؟ ألا تمتلكون القدرات لمقاومة أعداءكم؟! فإنكم لو قطعتم نفطكم عن العالم وأوقفتم تصديره لعشرة أيام فقط، سترون كيف يخضع العالم كله ويرضخ لكم.

 

إن هذه الحكومات ما هي إلا مصائب تحل على البلدان الإسلامية، وتتستر باسم الإسلام وتزعم أنها تتبع أحكام الدين الإسلامي، لكننا لا نرى أي أثر للإسلام على أرض الواقع. فالإسلام الذي يقول قرآنه وبكل صراحة انه لا يجب فسح المجال لطلاب السلطة على العالم والكفرة بفرض تسلطهم على المسلمين وإحكام قبضتهم على العالم، هل يرضى أن تكون كل مساعيكم مركزة على السماح لهؤلاء بفرض هيمنتهم على العالم؟ ما هي حقيقة الأوضاع الراهنة في لبنان؟ وكيف هو حال الشيعة وبقية المسلمين في لبنان اليوم؟ فهذه الحكومات تريد المساومة مع أمريكا والتبعية لها، والمساومة مع إسرائيل وكذلك مع أمين جميّل[1]، فما معنى هذه المساومات؟ فانتم يا من تملكون القدرة لإسكات هذه القوى وإنقاذ المظلومين من شرها، وقد وضع‏ الإسلام على عاتقكم مسؤولية شرعية بإنقاذ المظلومين من أيدي الكفرة الظالمين، لماذا لا نرى منكم أي تحرك سوى الامتناع عن الاحتفال بالعيد! وتقومون بترتيب مراسم العيد لإسرائيل وأمريكا. فهؤلاء كل أيامهم أعياد، لأنهم يرون أنفسهم وقد أنجزوا عملا مهماً في المنطقة باحتواء الإسلام ومنع المسلمين من التحرك أو التقدم، فكل يوم يمر هو عيد لهؤلاء في حين يمر علينا كمصيبة.

 

تصدير الإسلام يتم بالدعوة لا بالحراب‏

 

إننا إذ نسعى لنشر الإسلام في كل مكان ونتطلع إلى أن يسود العالم، لا يعني ذلك أننا نعمل على تصديره بالحراب والتهديد؛ إنما نريد تصدير الإسلام إلى أرجاء العالم بالدعوة.

 

نحن نريد أن نقدم للعالم نموذجاً للإسلام- ولو كان ناقصاً- كي يدرك عقلاء العالم من غير الجناة، وجميع الشعوب المظلومة، ماذا يعني الإسلام وما هي أهدافه. ماذا يريد الإسلام أن يفعل لهؤلاء المحرومين والمظلومين، والمضطهدين. فهو لا يريد سوى إنقاذهم وخلاصهم. وأن هذه الدول الخليجية التي تسعى للتصدي للإسلام والحؤول دون مساعي الجمهورية الإسلامية، أؤكد لها أن الإسلام ثبت أقدامه خارج إيران رغماً عنكم وسيصدر إلى الخارج ويثبت أقدامه في كل مكان. ولو أنصفنا بعض المسلمين وبعض الحكومات الإسلامية لأمكننا القول أن الحكومات الإسلامية، باستثناء عدد ضئيل جداً، تتخذ من الإسلام وسيلة لبلوغ المناصب العليا، فالإسلام بالنسبة لهم ليس سوى وسيلة لبلوغ غاياتهم الدنيوية. وهم يتشدقون بالإسلام ويدعون به ولا يطبقونه فعلا، مثل إسلام رضاخان ومحمد رضاخان حيث كان إسلام هؤلاء منحصراً في طباعة القرآن، وكان رضاخان يقيم مجالس العزاء الحسيني، وكان جيشه يشارك في إقامة هذه المجالس ونظموا مجموعات لتضليل الناس- وقد رأيت ذلك بعيني- وكان ينوي القضاء على أساس وأصل هذه المجالس. وكان محمد رضا أسوأ منه حيث وضع خطة عمل ونفذها بدقة وقام بأعمال غايتها اجتثاث جذور العزاء الحسيني. وفي الوقت الراهن يمارس حزب البعث العفلقي في العراق نفس الأساليب والحيل، فقد أصبح البعثيون عباداً ومسلمين الآن لكن عباداً ومسلمين بنظر عبيد زاكاني[2] فقط. فهم لا يقبلون الإسلام أصلا. وهم يعتبرون الإسلام منافياً ومضاداً لأهدافهم ومقاصدهم وهو كذلك. وأغراضهم منحصرة في القمع والتنكيل وتشديد حلقة الخناق وكبت الشعوب ونهب الخيرات وسلب كل ما يمتلكه الناس وتكديس هذه الأموال في حساباتهم الشخصية في البنوك الأجنبية، مثلما فعل محمد رضا غير أن الإسلام لا يعترف بمثل‏ هذه الممارسات ولا يفهم مثل هذا الأمر. كما أن هؤلاء يعرفون تماماً بأن الإسلام ليس بهذه الصورة، إذن لا بد من القضاء عليه.

 

خدمة المحرومين مظهر ولاية أمير المؤمنين عليه السلام‏

 

إننا إذ نصبو لأن يكون تجسيداً ولو ناقصاً لولاية الإمام علي عليه السلام في بلادنا، علينا الالتفات إلى أمر هام وهو أن لا نكتفي بالتظاهر وإطلاق الشعارات، كل ذلك لا يكفي. فالحكومة مطالبة بالحذو حذو الإمام علي عليه السلام الذي كان قلبه يتألم من اجل المحرومين، وان تبذل غابة جهدها لنصرة المحرومين وإنقاذهم، كما يفعل الأب عندما يرى أطفاله جوعي، فهو يسعى بكل ما أوتي من قوة لتوفير لقمة العيش لهم وإشباع بطونهم، وهكذا يجب أن تكون الحكومة التابعة لأمير المؤمنين. وحكومتنا هكذا والحمد لله، رغم أنني لا يمكنني الادعاء بأن بإمكان شخص عادي أن يصبح كأمير المؤمنين عليه السلام. وهو بنفسه قال بأنكم لا يمكنكم ذلك، ونحن لا يمكننا بالفعل، لكننا يمكننا إعانته بالورع والتقوى، إعانة بالحد الذي نستطيع. فلدى كل واحد منا قوة معينة إلى حد ما، يمكنه استغلالها للحفاظ على حياته وعلى الجمهورية الإسلامية. فإذا اجتمعت هذه القوى الصغيرة وتوحدت، فإنها ستتحول إلى قوة كبرى ومقتدرة.

 

والشعب الإيراني اليوم، الذي يبلغ تعداده أربعين مليون نسمة[3]، أصبح قوة إسلامية كبرى، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن وإن شاء الله سيستمر، واحتفظ الشعب بانسجامه وتضامنه مع حكومته، وموالاته لمجلسه وواصل إسناده للجيش كي يتسنى له تحقيق المزيد من الانتصارات في هذه الحرب التي فرضت عليه، فإذا كانوا كذلك، عندها يمكن الادعاء بأن جزءً من مقام الولاية قد تحقق في هذا البلد. اسعوا بكل جهدكم، ولتبذل الجمعيات والأجهزة والمؤسسات الإسلامية غاية جهدها للمحافظة على الاقتداء بالإمام علي عليه السلام والعمل لتحقيق الأهداف التي كان ينشدها. ولا ينبغي لأي احد أن يقتنع أو يقبل بما تحقق فعلا، كلا لا يحق لأحد أبدا أن يقتنع بذلك.

 

انتصار الإسلام بأيدي الفقراء والمحرومين‏

 

الإنسان كائن لا حد له ولا نهاية. وبالنسبة للمعنويات لا يوجد أي حد للإنسان حتى يسمو في مدارج الكمال المطلق. والشيء نفسه يقال بالنسبة للقدرة، فالقدرة الإسلامية للإنسان لا حد لها. وبناء على ذلك ينبغي للجميع الالتفات إلى هذه النقطة المهمة وهي أنهم إذا تأخروا في التحرك أو تباطأوا في العمل فان الذئاب ستفترسهم .. إذا تأخروا في استغلال هذه الطاقات التي حققت الانتصار في الجبهات وتحقق كل يوم النصر للإسلام والحمد لله، إذا تأخرت هذه القدرات وتأخر الشعب، فالذئاب تتربص بهم وتتحين الفرص للانقضاض عليهم وابتلاع إيران بأجمعها، وأنتم وحدكم قادرون ومطالبون بالحفاظ على وطنكم والدفاع عنه. وأنتم سكان الأكواخ وبيوت الطين الذين يعود الفضل لكم في تحقيق الانتصار للإسلام، يا من ضحيتم بكل شي‏ء من أجل الإسلام- وإننا جميعاً مدينون لكم ولتضحياتكم- عليكم الالتفات إلى ضرورة الحفاظ على هذه الوحدة الإلهية. ولا تدعوا الشياطين ينسلون بين صفوفكم ويوجدون الوساوس بان شيئاً لم يحدث فعلًا. فهؤلاء الشياطين يريدون إعادتنا للوراء وإقامة مجالس الرقص والفساد واللهو التي كانت معهودة في أيام محمد رضا وغير ذلك من الملاهي ودور السينما الفاسدة. وذلك لن يحدث بتاتاً ولا يمكن أن يحدث أبدا. وأولئك الذين يدعون أن شيئاً لم يتحقق في بلادنا، وأن البلاد مازالت على حالها بل أصبحت أوضاعها أسوأ، إنما يقولون ذلك لأن الأوضاع صارت بالشكل الذي لا يروق لهم ولذا ينظرون إليها بأنها أصبحت أسوأ من ذي قبل. فهم يريدون أن تكون بلادنا كما في الماضي، حيث المشروبات الكحولية منتشرة في كل مكان وتناولها مشاع كشرب الماء، ويريدون إشاعة الفحشاء في أرجاء البلاد، فهؤلاء ساخطون على ما يجري أيضا. ألا إنكم سكان الأكواخ والمناطق المحرومة، والفلاحون والعمال، أنتم يا من تشكلون بنية وأساس هذا البلد، أوصيكم باليقظة والحذر وأن لا تدعوا وساوس الشياطين تدب إلى قلوبكم، والاندساس بينكم لإقعادكم وإحباط مساعيكم وأعمالكم.

 

فأنتم ترون بأعينكم كل هذه الانجازات العظيمة التي تحققت في إيران خلال هذه المدة القصيرة. فقضية تسرب النفط والصواريخ التي أطلقها حزب البعث علينا، وكل هذه الجرائم التي ارتكبوها بحقنا، والحملات التي راحوا يشنونها ضدنا بأننا المسؤولون عن كل هذا الدمار، وأطلقوا دعايات مغرضة ضدنا بان على العالم أجمع أن يتحد ويفعل كذا وكذا ضدنا، وأنه يجب تأسيس صندوق دولي وان يفعل كذا وكذا، وأن على أمريكا أو بريطانية أو غيرها أن تفعل كذا وكذا. لكن شبابنا المتمسكين بالإسلام الذين أدركوا أهمية نصرة المحرومين، بادروا لانجاز هذا العمل المهم. واليوم يجلس أولئك المعادون لشعبنا في الخارج ويطلقون المزاعم الواهية والأراجيف ضدنا. وبما أن شبابنا حققوا هذه المعجزة لبلادنا، فأنتم أيضا يمكنكم فعل ذلك. فقد بادر هؤلاء الإخوة والأصدقاء، وسكان الأكواخ والعمال بتأسيس المعامل، وانتم أيضاً يمكنكم انجاز مثل هذه الأعمال، لكن عليكم الحذر وعدم التغافل عن الله حتى للحظة واحدة. فالتغافل عن مصدر القوة يوصل الإنسان إلى الهلاك. ومصدر القوة هو وحده وبيده كل شي‏ء ونحن لا شي‏ء في الوجود. ونشكر الله سبحانه وتعالى على شملونا بعنايته وتلطفه علينا.

 

جعلكم الله من الموالين الحقيقيين للائمة الأطهار ومن شيعة علي بن أبي طالب (سلام الله عليه) إن شاء الله، وهدى أعداءكم لطريق الرشاد أو محاهم من الوجود إذا لم يكن رشادهم ممكناً إن شاء الله.

 

والسلام عليكم ورحمة الله‏

 

ــــــــــــــــ

 

[1]  أمين جميل: رئيس جمهورية لبنان السابق.

 

[2] عبيد زاكاني: (توفي حوالي سنة 772 هـ.ق) هو نظام الدين عبيد الله زاگاني من شعراء الهجاء والكتاب المعاصرين لحافظ. وله مؤلفات عديدة شملت قصائد وأشعار غزل وأبياتا ساخرة أشهرها: سيرة العشاق، وأخلاق الأشراف، والقطة والفأر. وفي كتاب" القط والفأر" يشرح موضوع التظاهر بالإسلام في إطار قصة ساخرة ..

 

[3] في تاريخ هذا الخطاب.

 

 المناسبة: عيد الغدير

 

المكان: طهران، حسينية جماران‏

 

المصدر: صحيفة الإمام، ج: ‏18، ص: 131

 

التاريخ 4 مهر 1362 ﻫ.ش/ 18 ذي الحجة 1403ﻫ.ق‏

 

الموضوع: كيفية التمسك بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)