كلمات مضيئة [42] ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام): «حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة»

«حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة»([1]).

 

إنّ أصل وأساس كلّ الخطايا هو حبّ الدنيا.

 

ولكن لا ينبغي هنا الاشتباه والخلط بين حبّ الدنيا بمعنى السعي والجد من أجل إعمار وبناء العالم والسعي والجد من أجل تهيئة وتأمين وسائل العيش والحياة، وبين حبّ الدنيا المذموم وهو المطامع الشخصية للإنسان أي ما يريده الإنسان في هذه الحياة من أجل نفسه فقط سواء أكان مالاً أم مقاماً أو ثروة أو سلطة أم سائر الشهوات النفسانية.

 

إذن فالجد والسعي في مختلف ميادين الحياة كالزراعة والتجارة وتحصيل العلم ليس مذموماً، وإنما المذموم هو حبّ الدنيا بأن يفعل الإنسان أي شيء من أجل تلبية شهواته النفسانية ويضع سائر القيم الأخرى تحت قدميه. فينسى ويترك كل القيم والمفاهيم الإنسانية من قبيل الإنصاف والتحمّل والرحمة وصلة الرحم ويسعى دائماً نحو المال أو السلطة أو الرغبات النفسانية ويسلك الطرق المحرّمة اللاّمشروعة من أجل تأمينها وبسط يده عليها.

 

أو يسلك الطرق المحللة شرعاً ولكن مع الإسراف والتبذير والإفراط فيها.

 

إنّ هكذا دنيا هي الأساس والأصل لكل الخطايا. 

 

إنّ كل الحروب والنزاعات والانحرافات الكبيرة مبدأها ومنشأها حبّ الدنيا.

 

وأما إذا أخرج العبد المؤمن حبّ الدنيا من قلبه أو استطاع السيطرة عليها وترويضها والسير بها ضمن دائرة المقررات والوظائف الشرعيّة والإنسانية، فهذا لا يكون مسخّراً لحبّ الدنيا.

 

إذن يجب على الإنسان أن يراقب نفسه دائماً لئلاّ يقع في الزلل والسقوط وهذه المراقبة هي المقصودة من التقوى.

 

 

 

 

من كتاب: كلمات مضيئة من نفحات الإمام القائد السيد الخامنئي دام ظله

 

 

 

     [1] ـ الخصال، باب الواحد، ح: 87.