الصديقة الزهراء (عليها السلام) في كلمات الإمام الخامنئي (دام ظله)

 

 معجزة الإسلام

 

إنها لمعجزة الإسلام، وإنها فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) التي نالت مقامًا رفيعًا وباتت سيّدة نساء العالمين[1] رغم سنوات عمرها القصيرة، وفاقت جميع النساء عظمة وقدسية في تاريخ الإنسانية. فما هي تلك الطاقة، وما هي تلك القوة الباطنية العميقة التي استطاعت خلال مدة قصيرة أن تجعل من هذا الإنسان محيطًا لا حدود له من المعرفة والعبودية والقداسة والكمال المعنوي؟ إن هذه - بحدّ ذاتها - هي معجزة الإسلام.

 

من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1428م

 بلوغ مقام الصدّيقين بالعبودية

 إن قيمة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) تكمن في عبوديتها لله[2]، ولولا عبوديتها لما اتّصفت بالصديقة الكبرى، فالصدّيق هو الشخص الذي يظهر ما يعتقده ويقوله على سلوكه وفعله، وكلما كان هذا الصدّيق أكبر، كانت قيمة الإنسان أكثر، فيكون صدّيقًا، كما قال تعالى: {فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ}[3] حيث جاء ذكر الصديقين بعد النبيّين.

 فكانت هذه العظيمة صديقة كبرى، أي أفضل صدّيقة، وكانت صدّيقيتها بعبادتها لله، فالأساس هو عبادة الله؛ وهذا لا يختص بفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) فحتى أبوها الذي يعد مصدر فضائل المعصومين جميعًا، والذي يشكل أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء (سلام الله عليهما) قطرات بحر وجوده المتلاطم، إنما كانت قيمته عند الله بفضل عبوديته (اشهد أن محمدًا عبده ورسوله) فقد جاء ذكر العبودية قبل الرسالة، بل إن الرسالة إنما أعطيت له لعبادته، لأن الله تعالى يعلم بمخلوقه وما تصنع يداه، أفلسنا نقرأ في زيارة الزهراء (سلام الله عليها): «امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك»[4]؟

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1426م

 اللسان قاصر عن بيان عظمتها

 أما بالنسبة إلى مقام الصدّيقة الطاهرة (سلام الله عليها) فإن لساننا قاصر عن بيانه، وليس بالإمكان وصف شأنها، لخروجه عن حدود قوالبنا البيانية، ولكن بالإمكان تقريب المعاني إلى الأذهان بلغة الفن، وهذا هو الذي يجعلني أُصرّ على المدائح والقصائد الإسلامية، فلا يمكن بلوغ حقيقتهم في مقام التوصيف، ولكن يمكن الاقتراب من هذه الحقيقة بواسطة التحليق بأجنحة الفن. وطبعًا يمكن للذين يطهرون أفئدتهم وينزّهون أعمالهم، ويسلكون طريق التقوى، ويبتعدون عن الأدران المحيطة بأمثالي أن يشاهدوا تلك الحقيقة، إلا أن هؤلاء أيضًا لا يمكنهم وصف ما يشاهدون من الحقائق والأنوار المقدسة لاهل البيت (عليهم السلام) ومنهم الصديقة الكبرى (سلام الله عليها).

 

 ولدينا شواهد على ذلك، فإن ما نقل عن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قوله: «فداها أبوها»[5]، أو قيامه لها حيث تدخل عليه[6]، من الشواهد على عظمتها.

 

 كما أن نظرة العالم الإسلامي - من الشيعة والسنّة على السواء - إلى هذه السيّدة العظيمة بالجلال والتكريم من الشواهد على ذلك أيضًا؛ إذ لا يمكن لجميع العقلاء والعلماء والمفكّرين مع اختلاف عقائدهم أن يجتمعوا طوال التاريخ على مدح شخص إلا لعظيم وصفه. وهذه العظمة التي تمحورت في سيّدة شابّة لا يتجاوز عمرها ثمانية عشر ربيعًا، وإن أطول عمر ذكرته التواريخ لنا كعمر لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) يتراوح بين ثمانية عشر إلى اثنين وعشرين سنة.

 ومن خلال تكريم أمير المؤمنين (عليها السلام) لها، وما ورد في شأنها من الروايات والأحاديث ندرك العظمة التي تموج في كلمات الأئمة الأطهار بحقّ الزهراء (سلام عليها)، فإن كل واحد من الأئمة يعدّ بحرًا متلاطمًا من المعرفة التي تروي عطش البشرية وتنعشهم، وإن جميع هذه المنابع تصدر من عين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وإن روايات الصادقين، وعظمة الإمام موسى بن جعفر والرضا والأئمة من بعدهم إلى الحجة المنتظر (أرواحنا فداه) ما هي إلا ينابيع لذلك الكوثر الذي لا ينضب.

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1425م

 عظمتها

 هذه هي عظمة الزهراء التي أردنا جعلها أسوة لنا، فهي امرأة شابّة تعيش حياة بسيطة، وتلبس ثياب الفقراء، وتقوم بإدارة بيتها ورعاية أولادها، ومع ذلك فهي جبل عظيم من المعرفة وبحر زاخر من العلم.

  وقد ضرب الله مثلاً في القرآن بأربع نساء، اثنتان منهما أسوة للصالحين، واثنتان منهما قدوة للطالحين: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}[7].

  فهاتان المرأتان نموذج للبشرية الكافرة على طول التاريخ؛ لأن الله حينما أراد أن يضرب مثلاً للكافرين بأنعم الله، لم يضرب مثلاً بفرعون أو النمرود وإنما مثّل بامرأة نوح وامرأة لوط حيث كانت أبواب النعيم مفتوحة أمامهما وأسباب العروج والسمو ماثلة عندهما، وكان زوجاهما من الأنبياء، وكانتا تعيشان في كنفهما، وقد تمّت عليهما الحجّة بذلك، ومع ذلك (خانتاهما).

  وليس بالضرورة أن تكون الخيانة جنسية، بل هي اعتقادية وسلوكية، وبرغم كون زوجيهما من الأنبياء إلا أنهما لم يغنيا عنهما من الله شيئًا، فإن الله سبحانه لا يجامل ولا يجابي، وإنما تقوم رحمته ولطفه على حساب وكتاب.

 وفي قبال ذلك مثّل الله بامرأتين كنموذج للصالحين: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[8]. فالأولى لم يلفتها قصر فرعون، وبرغم أنها عاشت في البلاط الفرعوني وقد يكون والدها من الأسر الثرية، وكانت تعيش رغد الحياة ورفاهيتها، إلا أنها لم تنجذب إلى ذلك، وانجذبت لدعوة موسى (عليه السلام) وآمنت به، وتخلّت عن جميع زبارج الحياة وسألت الله أن يبني لها عنده بيتًا في الجنة، وفضّلت نعيم الآجلة على نعيم العاجلة.

  والمرأة الثانية هي مريم (عليها السلام): {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا}[9].

  هذه قيم إنسانية، فهؤلاء النسوة لا يمثّلن نماذج للنساء فحسب، بل إنهن نماذج للبشرية جمعاء، كما أن فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) قد حوت جميع هذه الفضائل، لأن مريم (عليها السلام) وإن اصطفاها الله على نساء العالمين، إلا أن الرواية فسّرت ذلك بكونها سيّدة نساء عالمها، وأما فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) فإنها سيّدة نساء العالم على طول مراحل التاريخ[10].

  فهذه أسوة، وما أحوجنا حاليًا - أيّها الأخوة - إلى هذه الأسوة.

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1425م

 أبرز مصداق للكوثر

 بعد أن توفّي أبناء الرسول في مكة الواحد تلو الآخر، شمت الشامتون - الذين انحصرت الفضائل عندهم في المال والثروة والأولاد والجاه والجلال الدنيوي - برسول الله ونعتوه بالأبتر؛ أي الذي لا عقب له ولا ذرية، وأنه إذا مات ستندثر بموته كل معالمه وآثاره، فأنزل الله عليه هذه السورة لسلوى قلب الرسول ولإيضاح حقيقة كبرى له وللمسلمين، فقال سبحانه وتعالى {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[11]، أي تلك الحقيقة العظيمة والكثيرة والمتزايدة.

 ومصداق الكوثر بالنسبة للرسول (صلّى الله عليه وآله) يمثل أشياء مختلفة، وأحد أبرز المصاديق هو الوجود المقدس لفاطمة الزهراء التي جعلها الله خلفًا ماديًا ومعنويًا للرسول. وخلافًا لأوهام الأعداء الشامتين أصبحت هذه الابنة المباركة والوجود السخي سببًا لتخليد اسم الرسول وذكره ونهجه ومعارفه بشكل لم يشهد له نظير لدى أي ولد بارز وعظيم؛ فمن ذريتها أحد عشر إمامًا وكوكبًا مشرقًا شعّوا بالمعارف الإسلامية على قلوب أبناء البشرية، وأحيوا الإسلام، وبيّنوا القرآن، ونشروا المعارف الإلهية، وأزالوا التحريف عنها، وأغلقوا سبل استغلالها.

 أحد هؤلاء الأئمة الأحد عشر هو الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) الذي قال عنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «حسين منّي وأنا من حسين»[12]، و«حسين سفينة النجاة ومصباح الهدى»[13]، الذي ترتّبت على شخصيته وثورته وشهادته آثار وبركات جمّة في تاريخ الإسلام. هو أحد ذراري فاطمة الزهراء. ومن جملة تلك الشموس المنيرة الإمام الباقر (عليه السلام)، والإمام الصادق (عليه السلام) اللذين يعود إليهما الفضل في نشر المعارف الإسلامية. لا المعارف الشيعية فحسب، بل حتى أن مشاهير أئمة أهل السنة قد اقتبسوا من فيض علومهم بشكل مباشر أو غير مباشر. وأخذ هذا الكوثر المتدفّق الذي يزداد تألقًا يملأ أقطار العالم الإسلامي بنسل الرسول؛ حيث توجد اليوم آلاف بل آلاف الآلاف من الأسر البارزة المعروفة في العالم الإسلامي كلّه، وهي تعكس بقاء ذرية تلك العظيمة. كما أن وجود الآلاف من مشاعل الهداية في العالم ينمّ عن البقاء المعنوي لهذا النهج وذلك الوجود المقدس. إنها كوثر فاطمة الزهراء. فسلام الله وأنبيائه وأوليائه وملائكته وخلائقه عليها إلى قيام يوم الدين.

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1420م

 لا يمكن إدراك مقاماتها المعنوية

 إن سيرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) أشبه بالأسطورة التاريخية وذلك نظرًا لعظمتها والعجائب المليئة فيها. والحقيقة أننا لا يمكننا إدراك مقاماتها المعنوية، بل حتى تصوّرها في أذهاننا القاصرة، رغم ذلك فما تراه نظرتنا السطحية هي عظيمة جدًا؛ أي أن حياتها القصيرة تلك من الطفولة إلى مرحلة الفتاة وحتى الحياة الزوجية مليئة بالمعاني، فهل يمكن لأي أن تصبح زوجة أمير المؤمنين (عليه السلام)، إن عظمة أمير المؤمنين من الدرجة بحيث تذوب أمامها الجبال الراسخات. فدور زوجة أمير المؤمنين علامة كبرى على العظمة. لكن تأملوا كيف يتعامل هذا الزوجان؟ وكيف يتحدث إلى بعضهما البعض شخصيتان خارجتان عن تصور أذهاننا؟

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1420م

 حياتها الزوجية

 يتجسّد المثال الآخر في حياتها الزوجية. فقد يتصور البعض ان الزوجية - في طرف المرأة - تعني الاهتمام بشؤون المنزل وإعداد الطعام وترتيب غرف البيت وتنظيفها، وعندما يأتي الزوج من العمل تقدم له الوسادة على غرار ما كان يفعله القدماء. الزوجية ليس معناها هذا فقط. انظروا كيف كانت الحياة الزوجية لفاطمة الزهراء.

 على مدى السنوات العشرة التي قضاها الرسول في المدينة عاشت الزهراء مع أمير المؤمنين حياة زوجية استمرت سنوات، وقعت في تلك الفترة معارك متعددة صغيرة وكبيرة - بلغت حوالي ستين معركة - وشارك أمير المؤمنين في أغلبها.

 انظروا إلى حياة هذه الزوجة التي كانت في بيت زوج كان يشارك في المعارك باستمرار - لأن نتائجها تتوقف على مشاركته فيها ولولاه لما كتب لها النصر - إضافة إلى أن حياتها المعاشية لم تكن على ما يرام من الرفاهية أو الغنى ولا تتعدّى ما سمعناه عنها في قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}[14]، بمعنى أنها كانت تعيش حياة فقر وعوز على الرغم من كونها ابنة الرسول وزعيم الأمّة، وذلك يعني أنها كانت تحمل كامل الشعور بالمسؤولية.

 لاحظوا كم تستلزم وضعية هذه المرأة من صلابة حتى تفيض بها على هذا الزوج ليكون متفرّغًا من هموم وهواجس الأهل والعيال ومصاعب الحياة، ولتبعث فيه السكينة والطمأنينة، وتربّي الأولاد بتلك التربية العالية التي ربّتهم عليها. فإذا قال قائل إن الحسن والحسين إمامان ومجبولان على العصمة، فزينب لم تكن إمامًا، لكن فاطمة الزهراء ربّتها تربية صالحة خلال تلك السنوات القصيرة؛ إذ لم تلبث فاطمة طويلاً بعد وفاة الرسول.

 من كلمة لسماحته في جمع من الشباب / 11 محرم 1419م

 سماء عُليا ضمت بين جوانحها كواكب الولاية الوضّاءة

 أُهنّئ جميع الحضور الكرام والمسلمين كافة وخاصة النساء في هذا البلد الإسلامي بالولادة السعيدة لكوثر النور والمعرفة، الصديقة الطاهرة المرضية المطهّرة فاطمة الزهراء (سلام اللّه عليها). هذه الولادة الكبرى من أبرز الأعياد الإسلامية؛ لأن فاطمة الزهراء (سلام اللّه عليها) شخصية عظيمة من المرتبة الأولى في الإسلام، بل من المرتبة الأسمى على مدى التاريخ، كما نقل عن رسول اللّه (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) أنه قال لها: «أما تحبّي أن تكوني سيّدة نساء العالمين؟» فسألته (سلام اللّه عليها): «فكيف مريم؟» وقد قال القرآن إنها سيّدة النساء، فقال لها: إن مريم كانت سيّدة نساء زمانها، وأنتِ سيّدة نساء الأولين والآخرين[15].

 ولو توضحت شخصية فاطمة الزهراء (سلام اللّه عليها) لأذهاننا البسيطة وأنظارنا التي لا تبصر إلا القريب، لآمنّا نحن أيضًا أنها (سلام اللّه عليها) سيّدة نساء العالم أجمعين. إنها المرأة التي بلغت في عمرها القصير مراتب معنوية وعلمية توازي مراتب الأنبياء والأولياء.

 والواقع أن فاطمة فجر ساطع انبلجت من جنبه شمس الإمامة والولاية والنبوّة، وهي سماء عُليا ضمت بين جوانحها كواكب الولاية الوضّاءة. وكان الأئمة (عليهم السلام) بأجمعهم يولونها تكريمًا واحترامًا قلّما كانوا يولونه لشخص آخر.

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1418م

 منزلتها

 إن كل ما نقوله حول الزهراء (عليها السلام قليل)، والحقيقة أننا لا نعلم ما يجب قوله في الزهراء (عليها السلام)، وما يجب التفكير فيه، فالأبعاد الوجودية لهذه الحوراء الإنسية والروح الخالصة وخلاصة النبوّة والولاية، واسعة ولا متناهية وغير قابلة للإدراك، وهي بصورة بحيث يتحيّر الإنسان فيها.

 وكما تعلمون فإن المعاصرة تعتبر من الأمور التي تمنع الإنسان من معرفة الشخصيات بصورة جيدة، فغالبًا لم تعرف النجوم الساطعة في عالم البشرية في حياتها من قبل معاصريهم، إلا من ندر من العظام كالأنبياء والأولياء، وهؤلاء أيضًا عرفوا من قبل أفراد معدودين فقط. إلا أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت في عصرها بصورة بحيث لم يمتدحها أبوها وبعلها وبنوها وخواص شيعتهم فحسب، بل كانت تُمتدح حتى من قبل أولئك الذين لم تكن لهم علاقات سليمة معها. انظروا إلى الكتب التي كُتبت حول الزهراء (عليها السلام) أو حول كيفية تعامل النبيّ مع هذه العظيمة، فقد رويت من قبل الذين أشرنا إليهم كزوجات النبي والآخرين، فهذه الرواية المعروفة عن عائشة أنها قالت: «والله ما رأيت في سَمْتهِ وهَدْيِهِ أشبه برسول الله (صلّى الله عليه وآله) من فاطمة، وكان إذا دخلت على رسول الله قام إليها»، أي أنه (صلّى الله عليه وآله) كان يقوم من مكانه ويتحرّك نحوها بكل شوق، هذا معنى «قام إليها»، وليس معناه أنه إذا دخلت الزهراء (عليها السلام) قام أمامها النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، كلا، قام وذهب إليها، وفي بعض الروايات المروية عن عائشة أيضًا جاء هكذا «وكان يقبّلها ويجلسها مجلسه»[16].

 هذه هي منزلة الزهراء (عليها السلام)، فماذا يقول الإنسان حول ابنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ وماذا يقول حول هذا الموجود العظيم؟

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1415م

 معرفتنا لها وارتباطنا بها

 إن عظمة الزهراء (عليها السلام) - أيها الأعزّة - مشهودة في سيرتها.

 وهنا توجد مسألتان:

 المسألة الأولى: ما مدى معرفتنا بالزهراء (عليها السلام)؟

 حسنًا، إن محبّي أهل البيت (عليهم السلام) قد سعوا طوال تاريخ الإسلام إلى احترام آل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والارتباط بهم وخصوصًا الزهراء (عليها السلام) بالقدر المستطاع، وليس لأحد أن يتصوّر أن هذه العظيمة أصبحت عزيزة على القلوب في عصرنا فقط. نعم في عصرنا ما في القلوب يجري على الألسن؛ لأنه عهد الإسلام وحكومة القرآن، عهد الحكومة العلوية وحكومة أهل البيت (عليهم السلام). إنها كانت عزيزة دائمًا؛ فأقدم جامعة إسلامية في العالم الإسلامي والتي يعود تاريخها إلى القرنين الثالث والرابع الهجري هي باسم الزهراء (عليها السلام) ألا وهي جامعة الأزهر في مصر والمشتق اسمها من الزهراء (عليها السلام)، فكان الخلفاء الفاطميون الشيعة الذين كانوا يحكمون مصر آنذاك يسمّون جامعاتهم باسم الزهراء (عليها السلام). وقد سعى الشيعة على مدى القرون الماضية للارتباط بهذه العظيمة.

 المسألة الأخرى: هي أننا يجب علينا اهتداء الطريق بالنجوم، فالإنسان العاقل يكون هكذا، فعندما يسطع نجم في السماء فهو لايختصّ بهذه الكرة الأرضية فقط. ويقال إن بعض هذه النجوم التي هي كالنقطة في السماء، هي - في الحقيقة - أكبر من مجرة درب التبّانة التي تشاهدونها والتي تتشكّل من ملايين النجوم، فلا نهاية للقدرة الالهية، لكننا نشاهده نقطة تسطع في السماء.

 إذًا، لا بدّ للإنسان العاقل الذي وهبه الله العين أن يستفيد من هذا النجم في حياته، والقرآن يقول {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}[17].

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1415م

 التركيز على مضامين التربية الفاطمية

 أعزائي! أنكم بلابل الروضة الفاطمية ومدّاحو أهل البيت لله وذاكرو {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[18]، فركّزوا ما استطعتم على هذه النكات - خصوصًا مع وجود بعض المدّاحين الجيدّين بينكم والذين انشدوا اليوم هذه الأبيات الممتازة والعالية في مضامينها والخالية من النقص بصورة ممتازة جدًا - في أشعاركم، واملؤها من هذه المضامين التربوية والهادية والمنجية.

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1415م

 الاهتداء بنور الزهراء (ع)

 لا يكفي أن يقال إن هذا النجم ساطع مع أنه لا يمكن القياس - وكما قلنا - بين ما نراه من سطوع وما هو موجود في الواقع، بل يجب الاهتداء بهذا النجم وبنوره.

 إن الإنسان ليشعر - في السنوات الخمسة عشر الأخيرة - بفورة محبّة الزهراء (عليها السلام) في قلوب أبناء هذه الأمة المؤمنة الثورية المخلصة الحزب اللّهية، فكان اسمها يتردّد في الجبهات خلال الحرب، وفي فترة الصلح والإعمار أيضًا وكذا في الاستعداد لمواجهة الأعداء. هذه الحالة موجودة ولله الحمد.

 إن هذا التوسّل جيّد وذو قيمة، وإن الزهراء (عليها السلام) لتحبّ هذه الروح الجهادية بأية صورة ممكنة، وهذه بشرى للشباب التعبويين في هذا البلد، فكما أنهم يحبّون الزهراء (عليها السلام) كذلك يتحرّكون طبقًا لإرادتها وميولها ويسلكون طريقها التي هي سبيل الله وسبيل العبودية {وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}[19].

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1415م

 الفضائل والمناقب المعنوية

 جاء في روايات عديدة أن الأئمة (عليهم السلام) كانوا يراجعون (مصحف فاطمة) في مسائلهم المتنوّعة، ثم قال الإمام (عليه السلام): «إنّه ليس فيها حلال وحرام، فيها علم ما يكون»[20]، فأيّ علم رفيع هذا؟ وأيّة معرفة وحكمة ليس لها نظير هذه التي أعطاها اللّه تعالى لامرأة في سنيّ الشباب؟ هذا هو المقام المعنوي للزهراء (عليها السلام).

 إن هذه المسائل المعنوية لها ارتباط كبير بالفضائل العملية، ارتباط بما ينجم عن جهد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وهذا المقام لا يعطى جزافًا ومجّانًا. فعمل الإنسان له تأثير كبير في إحراز الفضائل والمناقب المعنوية.

 البنت التي ولدت في لهيب الجهاد المرير للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) في مكة، والتي أعانت أباها وواسته في شعب أبي طالب، كانت فتاة عمرها حوالي 7 - 8 سنوات أو أقلّ أو أكثر بعدة سنوات وذلك بحسب اختلاف الروايات، ومع ذلك تحمّلت تلك الظروف. من الذي يرفع عن وجهها غبار الهمّ في تلك الظروف حيث توفّيت خديجة وأبو طالب والنبيّ لوحده بلا مواسٍ، والجميع كانوا يلوذون به؟ فلا خديجة ولا أبو طالب، في تلك الظروف الصعبة، وفي ذلك الجوع والعطش والبرد والحر الذي استمرّ ثلاث سنوات في شعب أبي طالب، وهي من الفترات الصعبة في حياة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) حيث كان يعيش عدد من المسلمين في شقّ جبل وهم في حالة نفي قسري، في تلك الأحوال تحمّلت هذه الفتاة المشاكل؛ فكانت كالمنقذ للنبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وأمّ لأبيها، وممرّضة عظيمة لذلك الإنسان العظيم. فقد واست النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وتحمّلت العناء، وعبدت اللّه، وعزّزت إيمانها، وهذّبت نفسها، وفتحت قلبها للمعرفة والنور الإلهي. وهذه هي الأمور التي توصل الإنسان إلى الكمال.

 وبعد الهجرة وفي بداية سنّ التكليف تزوّجت فاطمة الزهراء (عليها السلام) من علي بن أبي طالب (عليه السلام). ولعلّكم جميعًا تعرفون البساطة وحالة الفقر التي مرّت بها فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد زواجها وهي بنت الشخص الأوّل في العالم الإسلامي، والحاكم على أولئك الناس.

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1419م

 عبادتها

 كانت عبادة فاطمة الزهراء (عليها السلام) عبادة نموذجية. يقول الحسن البصري الذي كان أحد العبّاد والزهّاد في العالم الإسلامي حول فاطمة الزهراء (عليها السلام) بأن بنت النبيّ عبدت اللّه، ووقفت في محراب العبادة إلى درجة (تورَّمت قدماها)، ويقول الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بأن أمّه وقفت تعبد اللّه في إحدى الليالي حتى الصبح (حتى انفجر عمود الصبح). ويقول الإمام الحسن (عليه السلام) إنّه سمعها تدعو دائمًا للمؤمنين والمؤمنات، وتدعو للناس وتدعو للمشاكل العامة للعالم الإسلامي، وعند الصباح قال لها: «يا أمّاه، أما تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك، فقالت: يا بنيّ، الجار ثم الدار»[21].

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1419م

 جهادها

 إن جهاد تلك المكرّمة في الميادين المختلفة هو جهاد نموذجي، في الدفاع عن الإسلام وفي الدفاع عن الإمامة والولاية، وفي الدفاع عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وفي المعاشرة مع أكبر القادة الإسلاميين وهو أمير المؤمنين الذي كان زوجـها. وقد قال أمـير المؤمنين (عليه السلام) بشأن فاطمة الزهراء (عليها السلام): «ما أغضبتني ولا خرجت من أمري»[22]. ومع تلك العظمة والجلالة، فإن فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت زوجة في بيتها، وامرأة كما يقول الإسلام، وعالمة رفيعة في محيط العلم.

 وعن الخطبة التي ألقتها فاطمة الزهراء (عليها السلام) في مسجد المدينة بعد رحيل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال العلاّمة المجلسي: إن على كبار الفصحاء والبلغاء والعلماء أن يجلسوا ويوضّحوا كلمات وعبارات هذه الخطبة. فقد كانت قيّمة إلى هذه الدرجة. ومن حيث الجمال الفنّي فإنها كانت كأجمل وأرفع كلمات نهج البلاغة وفي مستوى كلام أمير المؤمنين (عليه السلام). ذهبت فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ووقفت في مسجد المدينة، وتكلّمت ارتجالاً أمام الناس حوالي ساعة كاملة بأفضل وأجمل العبارات وأصفى المعاني.

 من كلمة لسماحته في ذكرى مولد سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) 1419م

 ---------------------

 [1] عن ابن عباس، قال: إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان جالسًا ذات يوم وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال: «اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس علي، فأحبب من أحبّهم، وأبغض من أبغضهم، ووال من والاهم، وعاد من عاداهم، وأعن من أعانهم، واجعلهم مطهّرين من كل رجس، معصومين من كل ذنب، وأيّدهم بروح القدس».

 ثم قال (صلّى الله عليه وآله): «يا علي، أنت إمام أمتي، وخليفتي عليها بعدي، وأنت قائد المؤمنين إلى الجنة، وكأني أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور، عن يمينها سبعون ألف ملك، وعن يسارها سبعون ألف ملك، وبين يديها سبعون ألف ملك، وخلفها سبعون ألف ملك، تقود مؤمنات أمتي إلى الجنة، فأيّما امرأة صلّت في اليوم والليلة خمس صلوات، وصامت شهر رمضان، وحجّت بيت الله الحرام، وزكّت مالها، وأطاعت زوجها، ووالت عليًا بعدي، دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة، وإنها لسيّدة نساء العالمين». فقيل له: يا رسول الله، أهي سيّدة نساء عالمها؟ فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): «ذاك لمريم بنت عمران، فأما ابنتي فاطمة فهي سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وإنها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقرّبين، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون: يا فاطمة {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ}». الأمالي، الشيخ الصدوق، ص574-575

 

[2] قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «أما ابنتي فاطمة، فإنها سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الأنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله (عزّ وجلّ) لملائكته: يا ملائكتي، انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي قائمة بين يديّ ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أني قد أمّنت شيعتها من النار.. ». الأمالي، الشيخ الصدوق، المجلس : 24 / 100

 [3] سورة النساء، الآية 69.

 [4] عن إبراهيم بن محمد بن عيسى العريضي، قال: حدّثنا أبو جعفر (عليه السلام) ذات يوم قال: «إذا صرت إلى قبر جدّتك فاطمة (عليها السلام) فقل: يا ممتحنة امتحنكِ اللّه الذي خلقكِ قبل أن يخلقكِ فوجدكِ لما امتحنكِ صابرة وزعمنا أنّا لك أولياء ومصدّقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوكِ (صلّى الله عليه وآله) وأتانا به وصيّه (عليه السلام) فإنا نسألكِ إن كنّا صدّقناكِ إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما بالبشرى لنبشّر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتك».

 تهذيب ‏الأحكام، الشيخ الطوسي، ج6، ص9، ح12 ؛ مصباح المتهجّد، الشيخ الطوسي، ص711 ؛ بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج97، ص194، ح11.4

 [5] كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) إذا قدم من سفر بدأ بفاطمة فدخل عليها فأطال عندها المكث ، فخرج مرة في سفره ، فصنعت فاطمة مسكتين من ورق وقلادة وقرطين ، وسترًا لباب البيت لقدوم أبيها وزوجها (عليهما السلام)، فلما قدم رسول الله دخل عليها، فوقف أصحابه على الباب لا يدرون يقفون أو ينصرفون لطول مكثه عندها ، فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد عرف الغضب في وجهه، حتى جلس عند المنبر ، فظنّت فاطمة أنه إنما فعل ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لما رأى من المسكتين والقلادة والقرطين والستر ، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها، ونزعت الستر فبعثت به إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقالت للرسول: «قل له: تقرأ عليك ابنتك السلام وتقول اجعل هذا في سبيل الله». فلما أتاه قال (صلّى الله عليه وآله): «فعلت، فداها أبوها ثلاث مرات، ليست الدنيا من محمد ولا من آل محمد، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما سقى منها كافرًا شربة ماء». ثم قام فدخل عليها. حلية الأبرار،  السيد هاشم البحراني، ج1، ص207-208.

 [6] صحيح الترمذي، ج2، ص319؛ سنن أبي داوود، ج33، باب ما جاء في القيام؛ مستدرك الصحيحين، الحاكم النيسابوري، ج3، ص154.

 [7] سورة التحريم، الآية 10.

 [8] سورة التحريم، الآية 11.

 [9] سورة التحريم، الآية 12.

 [10] الأمالي، الشيخ الصدوق، ص574-575.

 [11] سورة الكوثر، الآية 1.

 [12] قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينًا ، حسين سبط من الأسباط». كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه، ص116.

 [13] عن الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، قال: «دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعنده أبيّ بن كعب، فقال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مرحبًا بك يا أبا عبد الله، يا زين السماوات والأرضين.

 فقال له أبيّ : وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك؟

 فقال : يا أبيّ ، والذي بعثني بالحقّ نبيًّا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض، فإنه لمكتوب عن يمين عرش الله: مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن (غير وهن)، وعزّ وفخر وبحر علم وذخر، وإن الله عزّ وجلّ ركّب في صلبه نطفة طيّبة مباركة زكيّة......» إلى آخر الحديث. بحار الأنوار، ج42، ص262؛ ج36، ص205 ، عن كمال الدين، ص154؛ عيون الأخبار، ج1، ص62؛ أعلام الورى، ص378.

 [14] سورة الإنسان، الآيتان 8-9.

 [15] الأمالي، الشيخ الصدوق، ص574-575.

 [16] عن عائشة قالت: ما رأيت أحدًا أشبه سمتًا ودلاً وهديًا برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من فاطمة، وكانت إذا دخلت على النبيّ قام إليها وقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبّلته وأجلسته في مجلسها. صحيح الترمذي، ج2، ص319؛ سنن أبي داوود، ج33، باب ما جاء في القيام؛ مستدرك الصحيحين، الحاكم النيسابوري، ج3، ص154

 [17] سورة النحل، الآية 16.

 [18] سورة الأحزاب، الآية 33.

 [19] سورة يس، الآية 61.

 [20] عن حماد ابن عثمان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة (عليها السلام)»، قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: «إن الله تعالى لما قبض نبيّه (صلّى الله عليه وآله) دخل على فاطمة (عليها السلام) من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلاّ الله عزّ وجلّ، فأرسل الله إليها ملكًا يسلّي غمّها ويحدّثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي، فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) يكتب كلّما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفًا». قال: ثم قال: «أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون». أصول الكافي، ج1، ص240، ح2

 [21] عن الحسين بن علي، عن أخيه الحسن (صلوات الله عليهم)، قال: «رأيت أمّي فاطمة قامت في محرابها ليلة الجمعة، فلم تزل راكعة ساجدة حتى انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو بشيء لنفسها، فقلت: يا أمّاه، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك، فقالت: يا بنيّ، الجار ثم الدار». بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج86، ص313.

 [22] قال علي (ع): «فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلّ إليه، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمرًا، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان». كشف الغمة، ابن أبي الفتح الإربلي، ج1، ص373.