بسم الله الرحمن الرحيم[1]‏

مع حلول شهر محرم، بدأ شهر الملاحم والشجاعة والتضحية، الشهر الذي انتصر فيه السيف على الدم، الشهر الذي أدانت فيه قوة الحق الباطل إلى الأبد، ووصمت جبهة الظالمين والحكومات الشيطانية بالباطل، الشهر الذي علّم الأجيال طيلة التاريخ طريق الانتصار على الحراب، الشهر الذي سجل هزيمة القوى الكبرى أمام حكمة الحق، الشهر الذي علمنا إمام المسلمين فيه طريق محاربة الظالمين، الطريق الذي يجب أن تتغلب بموجبه قبضات الأحرار والمطالبين بالاستقلال على الدبابات والرشاشات وجنود إبليس، وتمحو حكومة الحق الباطل، لقد علمنا إمام المسلمين أن ننهض ونستنكر إذا ما حكم طغاة العصر المسلمين بجور حتى وإن لم تكن قواكم متحدة، وأن نضحي ونقدم الدماء إذا رأينا كيان الإسلام في خطر.

إن نظام الشاه يحكم الشعب المستضعف اليوم بجور، وقد تولى الحكم خلافاً للشريعة الإسلامية وإرادة الشعب الذي ثار عليه، وقضيعلى مصالح المسلمين العليا وأحكام الإسلام خدمة لسلطته الشيطانية، وسادته المرتزقين، وعلى جميع أبناء الشعب الثائرين أن يوسعوا بكل ما أوتوا من قوة معارضتهم للشاه، ويستمروا فيها، ويجردوه من سلطته الخطيرة.

إن الحكومة العسكرية هي حكومة طاغية ومخالفة للقانون والشرع، وعلى الجميع أن يعارضوها، وأن يتجنبوا مساعدتها، ويمتنعوا عن دفع الضرائب لها وكل ما من شأنه أن يعين هذا النظام الظالم والطاغي، وعلى الموظفين والعاملين في شركة النفط أن يحولوا دون خروج هذه الثروة الحيوية، ترى هل يعلم العمّال والموظفون أن الأسلحة التي تشق صدور شبابنا الأعزاء، وتخضّب نساءنا ورجالنا وأطفالنا بالدماء هي من عائدات هذا النفط الذي يخرج بجهودهم المضنية؟ هل يعلمون أن الشاه هو الذي يؤمن القسم الأكبر من نفط إسرائيل العدو اللدود للإسلام وعاصبة حقوق المسلمين؟ وإذا ما أرادت الحكومة الطاغية أن تواصل هذه الخيانة بالضغط على عمال النفط، فإن من الممكن أن يعين مصير النفط الى الأبد.

وعلى الأشخاص المطلعين على أوضاع البلد أن يعدوا ثبتاً لأسماء وزراء الحكومة الطاغية والخائنين للبلد، وأصحاب المناصب الذين يأمرون في أنحاء البلاد بالجرائم وأعمال القتل كي يتضح موقف الشعب منهم في الوقت المناسب، وعلى الحكومة وأصحاب المناصب العليا عن أنهم أذا لم يتوقفوا عن دعم الشاه المجرم والخائن للإسلام، فإنهم سيتحملون نتيجة أعمالهم في المستقبل القريب.

والآن وقد أصبح شهر محرم كالسيف الإلهي بيد جنود الإسلام وعلماء الدين المعظّمين والخطباء المحترمين، وشيعة سيد الشهداء- عَليهِ الصلاة والسَلام- فإن عليهم أن يستغلوه الاستغلال الأمثل، ويجتثوا بالانكال على القوة الإلهية الجذور المتبقية من شجرة الظلم والخيانة هذه، فشهر محرم هو شهر هزيمة القوى اليزيدية والحيل الشيطانية، وليقيموا مجالس تأبين سيد المظلومين والأحرار التي هي مجالس تغلُّب جنود العقل على الجهل، والعدل على الظلم والأمانة على الخيانة، والحكومة الإسلامية على حكومة الطاغوت، وليرفعوا أعلام عاشوراء الدموية علامة لحلول يوم انتقام المظلوم من الظالم.

وعلى الخطباء المحترمين أن يعملوا أكثر من ذي قبل بواجبهم الإلهي المتمثل في فضح جرائم النظام، ويرفعوا رؤوسهم بين يدي الله- تعالى- وولي العصر- عجّل الله تعالى فرجه الشريف- وعلى طلاب وفضلاء الحوزات العلمية الذين يتوجهون في هذه الأيام إلى القرى والقصبات لنشر الوعي أن يُطلعوا الفلاحين المحرومين على جرائم الشاه وارتكابه المذابح للشعب الأعزل، ويذكروهم خلافاً للإعلام المسموم للشاه والمرتبطين به أن الحكومة الإسلامية لا تؤيد الرأسماليين والملاك الكبار، فهذه الادعاءات الخاوية يراد بها الانحراف عن طريق الحق، وليطمئنوا أن الإسلام يقف في صف الضعفاء والفلاحين والفقراء، وأن الشاه هو الذي قضى على مقدرات هذا الشعب المستضعف دعماً للرأسماليين، وعليكم أن تطمئنوهم أنهم سوف يدعمون على الوجه الأمثل في ظل حكومة الحق.

أيها الشباب العزيز في الحوزات العلمية والجامعات والمدارس والمعاهد، ويا أيها الكتاب الصحفيون المحترمون، والعمال والمزارعون المحرومون، والتجّار المناضلون والواعون، والموظفون المحترمون والشرائح الأخرى اعتباراً من العشائر الغيورة والقبائل الرحّل ومكان الأكواخ المحرومين، تقدموا معاً بصوت واحد ومتكاتفين باتجاه هدف الإسلام المقدس أي زوال الأسرة البهلوية الظالمة، والإطاحة بالنظام الشاهنشاهي المنحط، وإقامة الجمهورية الإسلامية على أحكام الإسلام التقدمية، فالنصر من نصيب الشعب الثائر.

وبالطبع فإن إقامة مجالس العزاء يجب أن تكون مستقلة، وأن لا تتوقف على رخصة الشرطة أو المؤسسة التخريبية التي تسمى الأمنية، فيا أبناء الشعب الأعزاء أقيموا المجالس دون الرجوع إلى المسؤولين، وإذا ما منعوها، فتجمعوا في الساحات والشوارع والأزقة، واكشفوا عن مصائب الإسلام والمسلمين، وخيانات نظام الشاه.

إن تاريخ إيران يشهد اليوم أهم المراحل التي مرت وتمر على الإسلام والمسلمين الأعزاء، إنكم تقفون اليوم يا أبناء الشعب العظيم على مفترق طريق العزة والعظمة الدائيمتين، أو الذلة الأبدية- لا سمح الله- لا عذر اليوم لأحد من شرائح الشعب، والسكوت والانعزال هما في حكم الانتحار، وتقديم العون إلى النظام الطاغي.

إن الخروج عن المسار الواضح للشعب والإسلام هو خيانة للإسلام والشعب ودعم لمعارضي الإسلام والشعب، والخونة الذين ظنوا بسكوتهم وأحياناً بميلهم إلى النظام الطاغوتي أنهم يهزمون هذه النهضة الإسلامية، وينقذون الشاه، هم على خطأ، أولًا لأن الأوان قد فات وأن الشاه زائل لا محالة، ولا يمكن إنقاذه بهذه العمالات.

وثانياً أنه إذا نجا، فإنه لن يكون وفياً لأولئك الذين أنقذوه، كما رأينا ذلك مراراً.

إنني أمد يدي صادقاً إلى الشعب الإيراني العظيم الذي وجّه ويوجّه الضربات القوية إلى الشاه ومؤيديه، وأنا اعتبر الاستشهاد في طريق الحق والأهداف الإلهية فخراً أبدياً، وأنا أبارك للأمهات وآباء الشبّان الذين قدّموا الدماء في طريق الإسلام والحرية، وأنا أتحسر على الشباب الأعزاء والغيارى الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الله. وإن صوت ثورة إيران العظيمة ليترك أصداءه، ويصنع المفاخر في البلدان الإسلامية والبلدان الأخرى، فأنت أيها الشعب الشريف حذرت شبّان الشعوب الإسلامية الغيارى، ونحن نأمل أن ترتفع راية الحكومة الإسلامية خفّاقة في جميع الأقطار بأيديكم القديرة، وهذا هو ما أطلبه م الله- تعالى- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

روح الله الموسوي الخميني‏

[1] بيان

التاريخ 1 آذر 1357 ه-. ش./ 12 ذي الحجة 1398 هـ. ق.

المكان: باريس، نوفل لوشاتو

الموضوع: مسؤولية ابناء الشعب‏

المخاطب: الشعب الإيراني المسلم‏

صحيفة الإمام، ج‏5، ص: 50