فنحن نبحث عن المسائل الأربعة الأدلّة أوّلاً وعن الخامسة استطراداً إن شاء الله تعالى، فنقول:

المسألة الأولى: في أنّ نصف الخمس للإمام (عليه السلام)، وقد أفتى به هؤلاء الأعلام كلّهم سوى الصدوق في الهداية، قد ادّعى الشيخ عليه في الخلاف إجماع الفرقة، وابن إدريس في السرائر إجماع أصحابنا، وابن زهرة في الغنية الإجماع، والسيّد المرتضى ادّعى الإجماع المتكرّر عليه في الانتصار، إلاّ أنّه مع ذلك نقل عن بعض علمائنا أنّه يرى سهم ذي القربى لجميع قرابة الرسول من بني هاشم. هذا وضع الأقوال إلى زمن المحقّق، وهو (قدس سرّه) نسب تقسيم الخمس إلى ستّة أقسام ثلاثة منها للإمام إلى الأشهر في الشرائع والنافع، وعدّ في الشرائع مقابل الأشهر تقسيمه خمسة أقسام وبعده العلامة في المختلف نسبه إلى المشهور، وفي قباله نقل عن بعض علمائنا أنّ الخمس يقسّم خمسة أقسام، ولعلّ مراده ما فسّره من كلام السيّد من أنّ بعض علمائنا وهو ابن الجنيد يرى سهم ذي القربى لقرابة الرسول من بني هاشم، وهو (قدس سرّه) في التذكرة نسب التقسيم إلى الستّة بأن يكون ثلاثتها للإمام إلى قول جمهور علمائنا وجعل في قباله ما نسبة إلى بعض علمائنا من التقسيم إلى خمسة أقسام بحذف سهم الله تعالى، ومآل قول هذا البعض أنّ خمسين من الخمس للرسول ثُمّ للإمام وثلاثة أخماسه للطوائف الثلاث، وفي المنتهى نسبه إلى الأشهر وفي قباله نسب إلى بعض أصحابنا التقسيم إلى خمسة أقسام بأن يكون سهم الله لرسوله وسهم ذي القربى وثلاثة أسهم للطوائف الثلاث. والشهيد في الدروس وإن حكي ورود خبرين بخلاف فتوى القوم إلاّ أنّه جعل مقابل هذه الفتوى ما استظهره من كلام ابن الجنيد من أنّ سهم الله يليه الإمام وسهم الرسول للأقرب إليه وسهم ذوب القربى لهم ونصف الخمس للثلاثة الباقية.

وأنا أقول: إنّ ظاهر ما حكيناه عن هداية الصدوق أنّ سهم الله وسهم رسوله للرسول وباقيه لأقرباء الرسول الطوائف الثلاثة، فكلامه أيضاً يرجع إلى أنّ الخمس يقسّم خمسة أقسام بهذه الكيفية، ويحتمل أن يريد تقسيمه ستّة أقسام وأنّ اثنين منا للرسول وأربعة لأقربائه الطوائف الثلاث، فراجع. وعلى أي حال فهو لم يتعرض لما يملكه الإمام أصلاً.

هذا هو خلاصة ما يستفاد من كلمات هؤلاء الأعلام في هذه المسألة، والعمدة مراجعة الأدلّة الواردة في الباب، فنقول:

إنّ قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ الآية[1] قد ذكر موارد ستّة باللام الظاهرة الدلالة على الاختصاص، فالله تعالى المذكور في الصدر لعلّه ذكر تشريفاً ولبيان أنّ هذه الوظيفة تكليف إلهي والموارد المذكورة بعده مصارف وموارد إلهية عيّنه الله تعالى، والأمور الخمسة بعده وإن اختصّ الخمس بها إلاّ أنّه لا دليل على أنّه اختصاص ملك ولا على أنّ كلاًّ منها مساوٍ للآخر من حيث المقدار فلعلّها مصارف شرعية لابدّ من صرف الخمس فيها بحيث لا يخرج مصرفها عنها وإن أختص صرفه بواحدٍ منها أو بأكثر لا على السواء.

فكما أنّ قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾[2] إنّما يدلّ على أنّ الصدقات والزكاة  فريضة إلهية لابدّ وأن تصرف في هذه الموارد بلا دلالة على كونها ملكاً للعناوين الثمانية ولا على كونها مصارف مساوية النصيب، بل هذه الثمانية مصارف ربما يمكن صرف الجميع صدقة في مورد خاصّ منها فكذلك آية الخمس محتملة لهذا المعنى جدّاً. نعم لا يبعد ادّعاء دلالة آية الصدقات على أنّ العاملين عليها إنّما يعطون منها كراءاً وأجراً على عمل جبايتهم فلا مجال لحذفهم بالمرّة وصرف كلّ الصدقة في سائر المصارف إلاّ أنّه ليست قرينة في سائر الأمور السبعة ولا في آية الخمس أصلاً.

وبالجملة: فلا مجال للاستدلال بنفس آية الخمس على تقسيم مالكية ستّة أو خمسة لاحتمال أن يراد بها مجرّد بيان المصرف. نعم إذا قام رواية أو دليل معتبر آخر على إرادة التقسيم في الآية فهو دليل متبوع ويكون قرينة على المراد الجدّي من الآية.

فالكتاب نفسه لا حجّة فيه. وقد يتمسّك بالإجماع المنقول المذكور في كلام مَن تقدّم، إلاّ أنّه لا مجال له، فأوّلاً لنقل الخلاف عن بعض علمائنا كما عرفت ولذلك عبّر المحقّق والعلاّمة قدّس سرّهما بالأشهر والمشهور وذكرا خلاف بعض الأصحاب. وثانياً لأنّ الإجماع محتمل المدرك جدّاُ بعد ورود أخبار عديدة ربما تدلّ على هذه الفتوى ومعها فليس في الإجماع حجّة وأكثر ممّا في هذه الأخبار بل لابدّ من مراجعة الروايات.

فأمّا الأخبار فيمكن الاستدلال بها لأنّ نصف الخمس للإمام من طريقين:

الأوّل ضمّ عدّة من الأخبار تدلّ على أنّ سهم الله والرسول بعده للإمام إلى عدّة أخرى تدل على أنّ سهم ذي القربى له.

أمّا العدّة الأولى ففيها خبران:

1ـ فقد روى في الصحيح أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عن الرضا (عليه السلام) قال: سئل عن قول الله عَزّ وجَلّ: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال (عليه السلام): لرسول الله، وما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو للإمام... الحديث[3].

فإنّ الحديث ورد ذيل الآية وبياناً لها، وظاهره أنّ لله تعالى سهماً من الخمس ولرسول أيضاً سهماً وسهم الله تعالى لرسوله فلا محالة يكون له سهمان، وقد حكم (عليه السلام) بأنّ ما كان للرسول فهو للإمام، فهو يدلّ على أنّ سهمين من الخمس للإمام (عليه السلام) هما سهم الله وسهم الرسول، ولعلّه إنّما لم يتعرّض لسهم ذي القربى لوضوح أنّ ذا القربى هو الإمام إلاّ أنّه لا دلالة للحديث عليه.

2ـ وقد روى الوسائل عن الصفّار في بصائر الدرجات عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: قرأت عليه آية الخمس فقال: ما كان لله فهو لرسوله، وما كان لرسوله فهو لنا... الحديث[4].

وهو في الدلالة مثل صحيح البزنطي إلاّ أنّ الكلام في سنده فالسند الأوّل المذكور في الوسائل هو ما رقّمناه فوق ولا يبعد اعتباره بناءاً على أنّ عمران بن موسى هو الزيتوني القمّي الثقة على ما قرّبه صاحب الرواة، فهو يروي عن المعصوم (عليه السلام)، فالرواية معتبرة السند، إلاّ أنّه قال بعض العلماء المحشّين على الوسائل بأنّه لم يوجد هذا السند في البصائر، وإنّما الموجود فيه السند الثاني المنقول في الوسائل عنه أيضاً، ونصّ عبارة بصائر الدرجات هنا هكذا: «حدّثنا أبو محمّد عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر (عليه السلام)»[5]. وفي هذا السند الثمالي ثقة، ومحمّد بن الفضيل بقرينة رواية عليّ بن أسباط هو محمّد بن القاسم بن الفضيل ـ على ما حقّقه الأردبيلي في جامع الرواة في ترجمته ـ فهو أيضاً ثقة، وعليّ بن أسباط وإن كان فطحيّاً إلاّ أنّه ثقة على ما في رجال النجاِشي، وأمّا موسى بن جعفر فبناءاً على أنّه موسى بن جعفر البغدادي فلم يستثنه ابن الوليد من رجال نوادر الحكمة لمحمّد بن أحمد بن يحيى وهو من رواته، فعدم استثنائه مع استثناء جمّ كثير ربما يشهد بكونه محلّ الاعتماد، وقد عرفت اعتبار عمران بن موسى، وبعد هذا كلّه فأبو محمّد المذكور صدر السند الّذي روى عنه الصفّار إن كان عبد الله بن محمّد الأسدي الحجّال كان من الثقات ويكون للسند اعتبار مّا، وإلاّ فإن كان مجهولاً لم يثبت اعتبار السند.

ثُمّ إنّ «موسى بن جعفر» غير مذكور في البحار حين ما نقل الرواية عن البصائر في باب ما يجب فيه الخمس[6]، فراجع. كما أنّ المذكور في الوسائل: «عن عمران بن موسى بن جعفر عن عليّ بن أسباط» ولعلّه فيهما سقط وتغيير.

ومع ذلك كلّه فحديث البزنطي صحيح السند وتامّ الدلالة كما عرفت.

وأمّا العدّة الأخرى فهي أخبار متعدّدة:

1ـ منها صحيحة الريّان بن الصلت قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان، فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ فقالت العلماء: أراد الله عَزّ وجَلّ بذلك الأمّة كلّها، فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام): لا أقول كما قالوا، ولكنّي أقول: أراد الله العترة الطاهرة ـ إلى أن قال: قالت العلماء: فأخبرنا هل فسّر الله عَزّ وجَلّ الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام): فسّر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعاً وموطناً: فأوّل ذلك إلى أن قال (عليه السلام): ـ وأمّا الثامنة فقول الله عَزّ وجَلّ: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسوله، فهذا فصل أيضاً بين الآل والأمّة، لأنّ الله جعلهم في حيّز وجعل الناس في حيّز دون ذلك، ورضي لهم ما رضي لنفسه واصطفاهم فيه، فبدأ بنفسه ثُمّ برسوله ثُمّ بذي القربى بكلّ ما كان من الفيء والغنيمة وغير ذلك ممّا رضيه جلّ وعزّ لنفسه ورضيه لهم، فقال وقوله الحقّ: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ فهذا تأكيد مؤكّد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيمٍ حميد، وأمّا قوله: ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾ فإنّ اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها نصيب، وكذلك المسكين إذا انقطع مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم و لا يحل له أخذه, وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة  قائم لهم للغنيّ و الفقير منهم, لأنّه لا أحد أغنى من الله عَزّ وجَلّ ولا من رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجعل لنفسه معهما سهماً ولرسوله سهماً، فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم، وكذلك الفيء ما رضيه منه لنفسه ولنبيّه رضيه لذي القربى كما أجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جلّ جلاله ثُمّ برسوله ثُمّ بهم وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله... الحديث[7].

وهذه الصحيحة قد رواها الوسائل عن أمالي الصدوق باختصار أكثر ونحن نقلنا المتن عن الأمالي نفسه لأن يتضح المراد منها أكثر فأكثر، وبيان دلالتها أنّه (عليه السلام) قد فسّر أوّل الأمر ﴿الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ الواقع في كلامه المجيد بالعترة الطاهرة الّتي لا ريب في انطباقها على خصوص الأئمّة المعصومين (عليه السلام)، ولا محالة لا ينطبق في كلّ زمان إلاّ على خصوص الإمام المعصوم في هذا الزمان ولا مجال لاحتمال دخول أقرباء الرسول غير المعصومين فيه، وبعد كلمات وقعت بينه وبين المأمون سأله علماء المجلس عن تفسير الاصطفاء وأنّه هل فسّر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب ليعلم من تفسيره تعالى خصوصيات هؤلاء المصطفين؟ فأجابهم (عليه السلام) بأنّ الاصطفاء قد فسّر في باطن القرآن كثيراً، وأمّا موارد تفسيره في ظاهر القرآن أيضاً فهي اثنا عشر مورداً فعدّ هذه الموارد إلى أن بلغت الثامنة منا آية الخمس، فأوضح (عليه السلام) هذا المورد بأنّ الله تعالى قرن في هذه الآية سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسوله ورضي للعترة ما رضي لنفسه واصطفاهم، فبدأ بنفسه ثُمّ برسوله ثُمّ بذي القربى، فجعل لنفسه مع الرسول وذي القربى سهماً ولرسوله سهماً فما رضيه لنفسه ورسوله رضيه لهم.

فهذا الإيضاح كما ترى تكرار نفس عباراته الشريفة، وحيث قد ذكر بالصراحة في توضيح المراد بالآية أنّ لله تعالى سهماً ولرسوله سهماً ولذي القربى أيضاً سهماً ثالثاً ثُمّ بعدهم قد ذكر سهم اليتامى والمساكين فيعلم منه أنّ الخمس ينقسم ستّة سهام ثلاثة منها لله ولرسوله ولذي القربى، وبعد وضوح أنّ المراد بذي القربى هو الإمام المعصوم (عليه السلام) فلا ريب في أنّ الآية المباركة تدلّ على أنّ لذي القربى سهماً يخصّه، وإذا انضمّ هذا الصحيح الدالّ على أنّ الخمس ينقسم ستّة أسهام إلى مثل صحيح البزنطي المذكور قبله الدالّ على أنّ سهم الله وسهم رسوله أيضاً للإمام المعصوم (عليه السلام) كانت نتيجة الواضحة أنّ الإمام المعصوم ثلاثة سهام من الستّة وهي نصف الخمس.

وهذه الرواية صحيحة السند صريحة الدلالة على أنّ المراد بذي القربى المذكور في الآية هو العترة الطاهرة، ونحوها خبر محمّد بن مسلم وصحيح سُليم الآتيان تلوها، وقد عرفت دعوى الإجماع على أنّ المراد منه هو الإمام في كلمات غير واحدٍ من العلماء الّذي مرّت كلماتهم.

2ـ ومنها ما رواه الكليني عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عَزّ وجَلّ ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ قال (عليه السلام): هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والخمس لله والرسول ولنا[8].

وليس في السند مَن كان فيه كلام إلاّ معلّى بن محمّد البصري فقد قال فيه النجاشي: «مضطرب الحديث والمذهب وكتبه قريبة». وعن ابن الغضائري فيه: «نعرف حديثه وننكره يروي عن الضعفاء ويجوز أن يخرج شاهداً» وقد قال الشيخ والنجاشي فيه: «له كتاب». فترى أنّه لم يضعّف صريحاً ولعلّ اضطراب حديثه لمكان أنّه كان يروي عن الضعفاء. وبالجملة: كونه ذا كتاب في الحديث وسلامته حتّى مَن ردّ الغضائري فيه دلالة ما على كونه محلّ اعتماد.

وأمّا دلالته فهي قريبة ممّا ذكرناها في صحيحة الريّان، فإنّ ظاهره أنّه بصدد توضيح المراد من الفقرة المذكورة من الآية، وقوله (عليه السلام) «الخمس لله وللرسول ولنا» إثبات سهم من الخمس لهم (عليهم السلام) وهم الأئمّة المعصومون في عرض إثباته لله والرسول، وقوله قبله: «هم قرابة رسول الله» ليس في دلالة على تعميم ذي الحق إلى جميع أقربائه حتّى ينافي الظهور المزبور فإنّه بصدد نفي هذا الحقّ عن سائر الناس كما يقول به العامّة، فيكون ظهور الذيل بلا معارض.

3ـ ومنها ما رواه الكليني في روضة الكافي بسند صحيح عن سُليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام)... ثُمّ أقبل بوجهه وحوله ناسٌ من أهل بيته وخاصّته وشيعته فقال: قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمّدين لخلافه ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته، ولو حملت الناس على تركها وحوّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لتفرّق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الّذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عَزّ وجَلّ وسنّّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أرأيتم... ـ فذكر فرض ردّ أمور كثيرة إلى مواضعها ورتّبا عليه قوله: ـ إذاً لتفرّقوا عني، ثُمّ ذكر أمره بعدم إتيان النوافل في شهر رمضان بالجماعة وامتناع الناس عن امتثاله إلى أن قال: وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى الّذي قال الله عَزّ وجَلّ ﴿إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ فنحن والله عنى بذي القربى الّذي قرننا الله بنفسه وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ فينا خاصّة... فكذّبوا الله وكذّبوا رسوله وجحدوا كتاب الله الناطق بحقّنا ومنعونا فرضاً فرضه الله لنا، ما لقي أهل بيت نبيّ من أمّته ما لقينا بعد نبيّنا والله المستعان على ما ظلمنا، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم[9].

فهذا الحديث المعتبر السند اللائح عليه آثار الصدق يدلّ بوضوح على أنّ أهل بيت النبي صلوات الله عليهم هم المراد بذي القربى في آية الخمس، فإنّ توصيف ذي القربى في قوله (عليه السلام) بوصف «الّذي قال الله عَزّ وجَلّ: ﴿إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ﴾ الآية» هو الدليل التامّ على أنّ المراد به ذي القربى الوارد في آية الخمس فإنّ هذه الجملة تتمّة آية الخمس.

فيدلّ الحديث على ثبوت سهم ذي القربى للأئمّة المعصومين (عليهم السلام) كما قال (عليه السلام): «فنحن والله عنى بذي القربى» وواضح أنّ المراد بضمير المتكلّم هنا وفي آخر الحديث هم الأئمّة المعصومون (عليهم السلام).

وحينئذ فكما عرفت ذيل صحيحة الريّان ضمّه إلى صحيحة البزنطي يكون دليلاً واضحاً على أنّ نصف الخمس لهم (عليه السلام)، فتذكّر.

4ـ ومنها ذيل صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)ـ حيث قال (عليه السلام) بعد ذكر حكم الأنفال ـ وأمّا قوله: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ فهذا بمنزلة المغنم، كان أبي يقول ذلك، وليس لنا فيه غير سهمين: سهم الرسول وسهم القربى، ثُمّ نحن شركاء الناس في ما بقي[10].

فالآية المشار إليها هي قوله تعالى في سورة الحشر ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ الآية[11]. فقد فسّر الموصول هنا بأنّه ليس من الأنفال بل هو بمنزلة المغنم الّذي عليه الخمس، يعني أنّ المراد بالموصول هو خمس المغنم، فقد ذكر الله تعالى أنّه لله وللرسول ولذي القربى، وأفاد (عليه السلام) أنّ لهم منه سهمين: سهم الرسول وسهم ذي القربى، فتدل هذه الصحيحة أيضاً على أنّ سهم ذي القربى من الخمس ملك للإمام (عليه السلام)، وقد تعرّض لسهم الرسول من الخمس وأنّه أيضاً لهم فلا يدلّ نفس هذا الصحيح على أنّ سهم الله منه لمن هو؟ فإذا ضمّ إلى صحيحة البزنطي المصرّحة بأنّ سهم الله أيضاً للرسول ثُمّ بعده للإمام استفيد أنّ ثلاثة سهام من الخمس وهي نصفه ملك للإمام بل ربما دلّت صحيحة البزنطي على أنّ سهم الرسول من الخمس سهمان هما سهم الله وسهم الرسول، فيمكن أن تكون تفسيراً لسهم الرسول المذكور في صحيحتنا هنا، فتأمّل.

ثُمّ إنّ قوله (عليه السلام) ذيلاً: «ثُمّ نحن شركاء الناس فيما بقي» إن أريد ممّا بقي ثلاثة سهام الطوائف الثلاث كان مفاده جواز انتفاع الأئمة (عليهم السلام) أيضاً منه مع شرائطه، وإن أريد منه أربعة أخماس المغنم الّتي تبقى بعد إخراج الخمس فماده أنّ ما بقي منه أيضاً يقسّم علينا كسائر الناس المقاتلين، ولعلّ الاحتمال الثاني أظهر.

5ـ ومنها ما رواه العيّاشي في تفسيره مرسلاً عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ قال الخمس لله والرسول وهو لنا[12].

وبيان دلالته: أنّه (عليه السلام) بعد الحكم في مقام تفسير الآية بأنّ الخمس لله والرسول حكم أيضاً بأنّ الخمس لنا، فكون الخمس لله والرسول معناه أنّ لكلٍّ منهما سهماً، فمعنى أنّ الخمس لنا أنّ لنا أيضاً فيه سهماً، وهو عبارة أخرى عن ملكيّتهم لسهم ذي القربى.

وأمّا احتمال إرادة كلّ الخمس لله والرسول وكلّ الخمس لنا فهو خلاف الظاهر.

6ـ ومنها ما أرسله العيّاشي عن إسحاق عن رجل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سهم الصفوة، فقال: كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ أربعة أخماس للمجاهدين والقوّام، وخمس يقسّم فيه سهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونحن نقول: هو لنا والناس يقولون: ليس لكم،، وسهمٌ لذي القربى وهو لنا، وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وأبناء السبيل، يقسّمه الإمام بينهم... الحديث[13].

فهذا المرسل أيضاً صرّح بأنّ سهم ذي القربى للإمام (عليه السلام)، حكم أيضاً بأنّ سهم الرسول من الخمس أيضاً للإمام، وكيف كان فإذا ضمّ إلى صحيح الريّان الماضي كانت النتيجة أنّ سهاماً ثلاثة من الخمس بعد الرسول للإمام وثلاثة منها للأصناف الثلاثة.

فبالجملة: فالعدّة الثانية من الأخبار ـ وفيها الصحاح ـ إذا ضمّت إلى العدّة الأولى كانت النتيجة كما عرفت أنّ نصف الخمس للإمام (عليه السلام). هذا تمام الكلام عن الاستدلال لقول المشهور بالطريقة الأولى.

الطريق الثاني للاستدلال لقول المشهور بالأخبار هو الرجوع إلى روايات تدلّ عليه بوحدها وبلا حاجة إلى انضمام ضميمة. وهي أيضاً أخبار متعدّدة:

1ـ فمنها ما رواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: ويقسّم بينهم الخمس على ستة أسهم: سهمٌ لله، وسهمٌ لرسول الله، وسهمٌ لذي القربى، وسهمٌ لليتامى، وسهمٌ للمساكين، وسمٌ لأبناء السبيل. فسهم الله وسهم رسول الله لأولي الأمر من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وارثاً، فله ثلاثة أسهم: سهمان وراثةً وسهمٌ مقسوم له من الله، وله نصف الخمس كملاً، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته...[14]. ورواه الشيخ في التهذيب بإسناد ضعيف عن حمّاد مثله إلاّ أنّ فيه: «فسهم الله وسهم رسوله لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسهم الله وسهم رسوله لوليّ الأمر بعد رسول الله وراثةً... إلى آخره[15]. وهو كما ترى توضيح لا يوجب تغييراً في المفاد أصلاً.

ودلالته على المطلوب واضحة صريحة، وحيث إنّه (عليه السلام) تعرّض في صدر الحديث مواضع وجوب الخمس فإطلاقه لجميع المواضع أيضاً بيّن.

وأمّا سنده فهو إلى حمّاد  ـ بسند الكافي ـ صحيح، وحمّاد نفسه من أعاظم الأصحاب وفقهاء أصحاب أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) ممّن قال فيهم الكشّي: «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ من هؤلاء وتصديقهم لما يقولون وأقرّوا لهم بالفقه» إلاّ أنّ حمّاداً رواه عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (عليه السلام) فلا محالة في السند إرسال.

إلاّ أنّه ربنا يقال بعدم إيجابه لضعف سنده هنا لأنّه مشتمل على فقرات وأحكام عديدة قد عمل بها الأصحاب في الأبواب المختلفة، ولأنّ حمّاداً على ما عرفت من أصحاب الإجماع، فما وصل منه بطريق معتبر إلينا فهو مصحّح ومعدّ صحيحاً بمقتضى الإجماع في كلام الكشّي.

أقول: أمّا اعتماد الأصحاب وعملهم بهذا الحديث في المواضع والأبواب المختلفة فلو ثبت كان كاشفاً عن اعتبار الحديث بعدما هو معلوم من أنّهم لا يعملون بخبرٍ ضعيف غير ثابت الصدور، فإذا عملوا هؤلاء بحديث يعلم منه ثبوت اعتبار الحديث ولو بقرائن مختصّة به لم ينقلوها لنا فاعتمادهم وعملهم بالحديث كاشف وحجّة عقلائية على اعتبار سنده.

وأمّا مجرّد الإجماع المذكور فالاكتفاء به مشكل وبما أنّ هذا المعنى مبتلى به في بعض آخر من أخبار المسألة فلا بأس بالبحث عنه إجمالاً، فنقول:

الأصل في هذا الإجماع هو الكشّي في رجاله فإنّه عدّ جماعات ثلاثة من أصحاب الباقر إلى الرضا (عليهم السلام) من أصحاب الإجماع فيه استند جمعٌ من العلماء وعدّوا ما صحّ عنهم صحيحاً، فاللازم نقل عين عباراته ثُمّ التأمل في مفادها فنقول:

قال الكشّي ـ في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام): ما لفظه ـ: اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليه السلام) وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا فقه الأوّلين ستّة: زرارة، ومعروف بن خرّبوذ، وبريد، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمّد بن مسلم الطائفي، قالوا: وأفقه الستّة زرارة. وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسدي: أبو بصير المرادي، وهو ليث بن البختري[16].

ثُمّ قال أيضاً ـ تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله ـ: أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون وأقرّوا لهم بالفقه، من دون أولئك الستّة الّذين عدّدنا وسمّيناهم، ستّة نفر: جميل بن درّاج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، وحمّاد بن عيسى، وحمّاد بن عثمان، وأبان بن عثمان. قالوا: وزعم أبو إسحاق الفقيه [يعني ثعلبة بن ميمون] أنّ أفقه هؤلاء جميل بن درّاج. وهم أحداث أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام)[17].

ثُمّ قال ـ في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن الرضا (عليه السلام) أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم وأقرّوا لهم بالفقه والعلم، وهم ستّة نفر أخر دون الستّة نفر الّذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام): منهم يونس عن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى بيّاع السابريّ، ومحمّد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمّد ابن أبي نصر، وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب الحسن بن عليّ بن فضّال وفضالة بن أيّوب. وقال بعضهم مكان ابن فضّال (فضالة بن أيّوب ـ خ ل): عثمان بن عيسى وافقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى[18].

فهذه عين عبارات الكشّي في هؤلاء الثمانية عشر أصحاب الإجماع، وطريق استفادة صحّة كلّ حديث وصل وبلغ منهم إلينا بطريق معتبر أنّ الكشّي نقل اجتماع عصابة الفرقة المحقّّة وإجماعهم على تصحيح ما صحّ عن هؤلاء، والتصحيح مصدر باب التفعيل معناه عدّ الشيء صحيحاً، فلا محالة يكون مفاده، أنّ الأصحاب يعدّون كلّ حديث صحّ عنهم صحيحاً، ولازم عدّه صحيحاً، فلا محالة يكون مفاده، أنّ الأصحاب يعدّون كلّ حديث صحّ عنهم صحيحاً، ولازم عدّه صحيحاً بلا أيّ قيد أنّ عدّه صحيحاً لا يتوقّف على إحراز آخر، فسواء نقلوه عمّن ثبت أنّه ثقة أو عن رجل مجهول أو عمّن قيل بضعفه أو أرسل وأسنده إلى الإمام فكلّ هذه الأحاديث تعدّ صحيحة، فهذه الأحاديث مصحّحات.

وحينئذٍ فملاك اتفاق العصابة على تصحيح جميع رواياتهم أنّ العصابة بالمراودة من هؤلاء الأجلّة عرفوهم بأنّهم لا يروون إلاّ رواية ثبت لديهم اعتبارها وكونها حجّة شرعية وطريقاً معتبراً ولو بأن عملوا بالقرائن صدق ناقلها في هذه الرواية الخاصّة.

وهذا المعنى بحسب مقام الثبوت ليس ببعيد فكما قد يقال بتصحيح روايات الكافي الشريف لأنّ الكليني (قدس سرّه) قال في مقدّمته مخاطباً لمن طلب منه الروايات: «قلتَ: أنّك تحبّ أن يكون عندك كتاب كافٍ يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلّم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه مَن يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) والسنن القائمة الّتي عليها العمل وبها يؤدي فرض الله عَزّ وجَلّ وسنّة نبيّه... وقد يسّر الله ـ وله الحمد ـ تأليف ما سألت وأرجو بأن يكون بحيث توخيّت...»[19] فقد يقال بتصحيح روايات الكافي لعدّ صاحبه أن الكافي تأليف ما سأله من الآثار الصحيحة عن المعصومين (عليهم السلام)، فهكذا إذا علم من هؤلاء الأجلّة أنّهم لا يروون إلاّ ما ثبت عندهم وكانوا هم أنفسهم في كمال درجات الاعتماد فلا محالة تُعدّ رواياتهم صحاحاً، من دون أن يتوقّف على تعيين مَن رووا عنه ولا على ثبوت كونه ثقة، بل تعدّ صحاحاً وإن كانت مروية عن ضعيف، وذلك أنّ الحكم بالصحّة مرهون ما علم منهم من أنّهم لا يروون إلاّ بعد ثبوت صدق الرواية لديهم ولو بقرائن خاصّة.

فمنه تعرف أنّ الحكم بالصحّة لا يتوقّف على مقدّمة غير ممكنة التحققّ بالنسبة إلى هؤلاء الأعاظم كما ربما يستفاد من كلام بعض الأساتيذ إلاّ أنّه مع ذلك كلّه فيشكل استفادة هذا المعنى من عبارات الشيخ الكشّي (رحمه الله) بجهات عديدة.

فأولاً: أنّه جعل عنوان مقاله هذا في الموارد الثلاثة «تسمية الفقهاء من أصحاب هؤلاء الأئمة (عليهم السلام)» فهو دليل أنّه إنّما يكون بصدد ذكر أنّهم فقهاء عالمون بالشريعة معارفها وأحكامها وكونهم فقهاء لا يلزمه عدّ ما يروونه صحيحاً مطلقاً، ويشهد له مضافاً إلى وضوحه بنفسه أنّه (قدس سرّه) ذكر في الموارد الثلاثة ـ بعد ذكر أسماء كلٍّ منهم ـ أفقههم، فعمدة النظر إلى الفقاهة والأفقهية وعدّ العصابة بكلمة واحدة أحداً فقيهاً يلزمه أن يكون ما يعلنه ويفتي به بعنوان حكمٍ شرعي أو أمرٍ عرفاني أو أخلاقي قولاً ممّن هو عالم بالشرع لا يقول إلاّ ما ثبت عنده بطريقٍ شرعي، فلا محالة تكون أقوالهم أقوالهم أقوال العلماء بالشرع لا مجال للاستخفاف بها كما نقلوا أنّه كان لعلي ّبن بابوية رسالة كتبها لبعض أولاده وكانت هذه الرسالة رسالة معتبرة عند الأصحاب يرجع العلماء إليها عند فقد النصوص. وبالجملة: فالنظر الأصيل إلى أهمّية أقوال هؤلاء وفتاواهم.

وثانياً: أنّ مستند فهم صحّة رواياتهم من عبارة الكشّي إنّما هو تعبير «تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء» كما مرّ بيانه، وهذا التعبير غير المذكور عند ذكر الطائفة الأولى ـ أعني أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) المشتركين بينهما ـ ولا ما يرادفه وإنّما ذكر فيهم أن العصابة اجتمعت على تصديق هؤلاء وانقادوا لهم بالفقه، ومن الواضح أنّه ليس معناه إلاّ الاتفاق على أنّهم أنفسهم صادقون فقهاء وليس فيه أيّ إيماء إلى أنّ كلّ ما يروون عن أيّ أحد فهذه الروايات من غير جهة هؤلاء أنفسهم تعدّ صحاحاً، فمن الاقتصار في هذه الطائفة في هؤلاء مع ذكره أن كلاًّ من هذه الطوائف لها حكمٌ واحد وفي مرتبةٍ واحدة بعلم أنّ المقصود من «تصحيح ما صحّ عنهم» أيضاً مجرّد أنّ العصابة لا يتأمّلون في صحّة رواية من جهة أنّ راويها أحد هؤلاء بل يعدّون الرواية من هذه الجهة صحيحة، فالتصحيح عبارة أخرى عن التصديق، فقد أجمعت العصابة على تصديقهم لما يقولون، وواضحٌ أنّ تصديقهم لا يقتضي أزيد ممّا ذكرنا من عدم إقدامهم على الكذب، والإجماع عليه معناه عدم الاختلاف بين العصابة في أنّهم صادقون.

فالحاصل: أنّه لا يظهر لنا من العبارات المذكورة دلالة على عدّ روايات هؤلاء صحيحة فلا حجة على المعاملة مع رواياتهم غير معاملة غيرهم، ومقتضى القواعد عدم حجيّة رواية مَن لم يعيّن ولا مَن لم يثبت ثقته.

نعم قال الشيخ في العدّة ـ في أواخر الفصل الخامس من الباب الثاني منه الّذي هو في البحث عن الأخبار، ولدى البحث عن ترجيح أحد الخبرين المتعارضين على الآخر ـ ما لفظه:

وإذا كان أحد الراويين مسنِداً والآخر مرسِلاً نظر في حال المرسِل فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق له فلا ترجيح لخبر غيره على خبره، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الّذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسِلون إلاّ عمّن [ممّن ـ خ ل] يوثق به وبين ما أسنده غيرهم، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم. فأمّا إذا انفرد وجب التوقف في خبره إلى أن يدلّ دليل على وجوب العمل به. وأمّا إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الّذي ذكرناه. ودليلنا على ذلك الأدلة الّتي قدّمناها على جواز العمل بأخبار الآحاد، فإن الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل، فبما يُطعَن في واحدٍ منهما يُطعن في الآخر، وما أجاز أحدهما أجاز الآخر، فلا فرق بينهما على حال[20].

فعبارته (قدس سرّه) واضحة الدلالة على أنّ بين الرواة عدّة خاصّة من الثقات عُرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثق به، فلا محالة هذه العدّة بعد عرفانهم بهذه الخاصّة تكون روايتهم عن أحد بل إرسالهم دليلاً على أنّ مَن رووا أو أرسلوا عنه فهو ثقة، فمراسيلهم ومسانيدهم رويت عن الثقات، فكلّ ما دلّ على اعتبار خبر الثقة يدل على حجيّة رواياتهم مرسلة كانت أو مسندة، وهو معنى ما أفاده الشيخ في الاستدلال ذيل الكلام، فإنّ حاصل دليله الاستناد إلى عمل الأصحاب بالروايات في كلا القسمين، وقد ذكر من هذه العدة الخاصّة رواة ثلاثة وعطف عليهم غيرهم ممّن حاله حالهم ولم يعيّن أحداً آخر غير هؤلاء الثلاثة، فيتضح أمر روايات هؤلاء الثلاثة، وحيث لا يعلم مَن هو غيرهم له خاصّتهم فلا محالة يعمل في مسندات ومرسلات غيرهم على مقتضى القاعدة، فلا تكون حجّة إلاّ ما ثبت وثاقة راويه.

وقد يستشكل ما عن الشيخ ويقال: إنّ هذا الّذي ذكره مأخوذ عمّا مرّ من الكشّي والشاهد عليه عطف غيرهم على هؤلاء الثلاثة مع كون الثلاثة أيضاً من أصحاب الإجماع الّذي ذكره الكشّي، فيعلم أنّ جميع مَن قال فيهم الشيخ (قدس سرّه) ما قال هم عيناً مَن ذكره الكشّي ولمّا ناقشنا في دلالة كلام الكشّي على حجية جميع روايات هؤلاء جرت المناقشة في كلام العدّة أيضاً.

لكن الإنصاف عدم وجود شاهد على مبنى هذا النقاش، وذلك أنّه لا مانع من قيام طريق معتبر آخر عند الشيخ على أنّ عدّة من الرواة الّذين منهم هؤلاء الثلاثة تكون لهم خاصّة أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن الثقات فذكر ثلاثة منهم، فحيث لا شاهد على استفادته من كلام الكشّي فلا مجال للنقاش فيه.

بل إن ثبت أنّ كلام العدّة ناظر إلى عين مَن ذكرهم الكشّي يثبت اعتبار روايات جميع المذكورين في كلام الكشّي على حذو اعتبار روايات هؤلاء الثلاثة، وذلك أنّ الشيخ نفسه أحد المشايخ العالمين بالرجال، فإذا قال في جمع هذه المضامين العالية كان كلامه نقل اتفاق الأصحاب على العمل بجميع روايات هذه الجماعة البالغة ثمانية عشر، والشيخ ثقة عدل خبير يكون خبره طريقاً معتبراً إلى تحقّق الاتفاق المذكورة، وهذا الاتفاق شهادة جمعٍ كثير عدولٍ على أنّ هذه الجماعة لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثق به، فهم يشهدون بكون مَن روى هؤلاء عنه ثقة فتثبت ثقته وتكون رواياتهم معتبرة شرعاً كروايات سائر الثقات.

إلاّ أنّ الحقّ أن لا دليل على وحدة الجمع الّذي أراده الشيخ مع الجماعة المذكورين في كلام النجاشي فلا يثبت من كلام العدّة أيضاً إلاّ ما قدّمناه.

لكنّ الّذي يوهن دعوى الشيخ أنّا نقف مراراً أنّ هؤلاء الثلاثة يروون عمّن ثبت بشهادة علماء علم الرجال ضعفه فلا يستقيم ما يقوله الشيخ من أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثق به. اللّهمّ إلاّ أن يقال: عمدة نظر الشيخ إلى مراسيل هؤلاء لأنّها موضوع كلامه ولقوله في أوّل كلامه: «فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به» فمصبّ كلامها مرسلات هؤلاء الثلاثة، وواضحٌ أنّه لا يرد على كلامه حينئذٍ هذا الاستشكال، لكنّه مشكل بعد كلامه الثاني الّذي قال فيه: «عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسِلون إلاّ عمّن يوثق به» فكيف لا نلاحظ قوله: «لا يروون».

نعم الظاهر أنّ مراسيل ابن أبي عمير مقبرة وذلك لما ذكره النجاشي في ترجمته بما نصّه: «وروى أنّه حبسه المأمون حتّى ولاّه قضاء بعض البلاد وقيل: إنّ أخته دفنت كتبه في حال استتارها وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب، وقيل: بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت فحدّث من حفظه وممّا كان سلف له في أيدي الناس، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله»[21].

فهذا الشيخ العظيم (قدس سرّه) قد ذكر وجهاً آخر لإرساله الروايات هو هلاك كتبه ـ يعني أنّه لم تكن كتبه عنده حتّى يروي مَن يروي عنه من سائر الرواة فلِذا كان يحدّث من الحفظ أو ممّا نقله قبلاً للناس فبعد ذلك سكنوا أصحابنا إلى مراسيله، ولمّا كان من المعلوم أنّ الأصحاب لا يرون أيّ قيمة للأحاديث الضعاف فسكونهم إلى مراسيله لا يكون إلاّ لوجدانهم أنّه لا يرسل إلاّ عمّن يثق به إلاّ الروايات المعتبرة بطريق معتبر لديه. ولا مجال لإرجاع كلام النجاشي أيضاً إلى ما أفاده الشيخ ولا إلى كونه مأخوذاً من عبارات الكشّي، فإنّه نفسه خرّيط الفنّ ولا دليل على هذه الإرجاعات والتحليلات إلى كلامه.

ومنه تعرف ضعف ما أفاده العلامة الخوئي في رجاله هنا، فراجع[22].

ثُمّ إنّ صاحب الوسائل في الفائدة السابعة من خاتمة الوسائل ممّن يقول بأنّ وجود واحد من أصحاب الإجماع في السند قرينة توجب ثبوت النقل والوثوق وإن رووا بواسطة، فنقل عبارات الكشّي في الجماعات الثلاثة، وقال بعد نقل عبارته في الجماعة الأولى ما لفظه: ثُمّ أورد أحاديث كثيرة في مدحهم وجلالتهم وعلوّ منزلتهم والأمر بالرجوع إليهم تقدّم بعضها في كتاب القضاء.

وقال بعد نقل عبارته في الجماعتين الأخريين: وذكر أيضاً أحاديث في حقّ هؤلاء والّذين قبلهم تدلّ على مضمون الإجماع المذكور، فعلم من هذه الأحاديث الشريفة دخول المعصوم بل المعصومين (عليهم السلام) في هذا الإجماع الشريف المنقول بخبر هذا الثقة الجليل وغيره[23].

أقول: ويظهر من كلامه أمران، أحداهما: وجود أحاديث مذكورة في رجال الكشّي تدلّ على مضمون الإجماع المذكورة بالمعنى الّذي استفاده (قدس سرّه) منه، وثانيهما: أنّ سرّ اعتبار هذا الإجماع دخول الإمام في المجمعين، وكلاهما محلّ كلام جدّاً.

أمّا الأوّل فقد فحصنا الأحاديث الواردة فيه في شأن هؤلاء وما يتعلّق بهم فحصاً أكيداًٍ بليغاً ولم نجد حديثاً واحداً دالاًّ على هذا المعنى، وإنما وجدنا روايات ثلاثاً في يونس بن عبد الرحمن نذكرها بعينها لكي يعلم أنّه لا دلالة في شيءٍ منها:

1ـ فمنها قال: حدثني عليّ بن محمّد القتيبي قال: حدّثني الفضل بن شاذان قال حدّثني عبد العزيز بن المهتدي ـ وكان خير قمّي رأيته وكان وكيل الرضا (عليه السلام) وخاصّته ـ قال: سألت الرضا (عليه السلام) فقلت: إني لا ألقاك في كلّ وقت فعمّن آخذ معالم ديني؟ قال: خذ عن يونس بن عبد الرحمن[24].

2ـ ومنها قال: حدّثني جبريل بن أحمد قال: سمعت محمّد بن عيسى عن عبد العزيز بن المهتدي قال: قلت للرضا (عليه السلام): إنّ شقّتي بعيدة فلست أصل إليك في كلّ وقت فآخذ معالم ديني من يونس مولى ابن اليقطين؟ قال: نعم[25].

3ـ ومنها قال: محمّد بن مسعود قال: حدّثني محمّد بن نصير قال: حدّثنا محمّد بن عيسى قال: حدّثني عبد العزيز بن المهتدي القمّي، قال محمّد بن نصير: قال محمّد بن عيسى: وحدّث الحسن بن عليّ بن يقطين بذلك أيضاً قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك انّي لا أكاد أصل إليك أسألك عن كلّ ما أحتاج إليه من معالم ديني أفيونس بن عبد الرحمان ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: نعم[26].

فهذه الروايات الثلاث بل الرواية الواحدة إنّما تدل على جواز الرجوع إلى يونس بن عبد الرحمان لأخذ معالم الدين ولعلّ سرّ هذا السؤال كما يظهر من النقل الثالث التعرّف إلى وثاقته فأجاب الإمام (عليه السلام) بقوله: نعم على جوازه، ومن الواضح أنّ أخذ معالم الدين من عالم ثقة إنّما هو بأخذ روايات معتبرة حاوية وحاكية عن هذه المعالم أو بأخذ فتوى هذا العالم وما استنبطه من الأدلّة المعتبرة، وليس جوازه دليلاً على أنّ كلّ ما رواه هذا العالم فهو حجّة معتبرة وإن كان قد رواه عن راو ضعيف كذّاب.

وقد ذكر نظير هذه الروايات في زرارة ومحمّد بن مسلم: فقد روى عن محمّد ابن قولويه عن سعد بن عبد الله عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث أنّه (عليه السلام) قال للفيض بن المختار:... فإذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس وأومأ إلى رجل من أصحابه، فسألت أصحابنا عنه فقالوا: زرارة بن أعين[27].

وروى عن محمّد بن قولويه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عبد الله بن محمّد الحجّال عن العلاء بن رزين عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ليس كلّ ساعة ألقاك ولا يمكن القدوم ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلّ ما يسألني عنه، قال: فما يمنعك من محمّد ابن مسلم الثقفي فإنّه قد سمع من أبي وكان عنده وجيهاً[28].

وقد روى نظيرها في الحارث بن المغيرة وفي زكرّيا بن آدم القمّي قد رواهما عنه الوسائل أيضاً[29].

إلاّ أنّ شيئاً منها كما عرفت بيانه لا يدلّ على أزيد من كمال الاعتماد على هؤلاء الأجلاّء، ولا يقتضي اعتبار روايتهم إذا رووها عن ضعيف أو كذّاب أو مجهول أو رووها بالإرسال.

وقد وردت روايات عديدة أخرى في أصحاب الإجماع وغيرهم في رجال الكشّي وغيره تدلّ على كونهم فقهاء ثقات ومرجعاً لبيان الأحكام والمعارف الإلهية، إلاّ أن شيئاً منها لا يدلّ على اعتبار خبر رووه عن مجهول أو ضعيف، فراجع[30].

وأما الأمر الثاني فقد مرّ منّا أنّ اعتماد العصابة على الرواية والروايات التي نقلها هؤلاء مع ما نعلم أنّهم لا يعتمدون على الروايات الضعاف فعدّوا ما صحّ عن هؤلاء الأعاظم صحيحة ـ كما هو مفاد العبارة على الفرض ـ فاعتمادهم بهذا العنوان لا يكون إلاّ لأجل معرفتهم بأنّ أصحاب الإجماع لا ينقلون إلاّ ما ثبت اعتباره عندهم فكون الراوي من أصحاب الإجماع دليلٌ على صحّة هذه الرواية وهو قرينة كلّية يثبت بها صدق الحديث، ومعها فلا حاجة إلى كشف قول المعصوم (عليه السلام).

فالحاصل: أنّ مجرد كون الراوي من أصحاب الإجماع لا يكفي في اعتبار السند وإن كان حديث حمّاد بن عيسى معتبراً كما عرفت.

2ـ ومنها ما رواه الشيخ في التهذيب في الموثّق عن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ قال (عليه السلام): خمس الله للإمام، وخمس الرسول للإمام، وخمس ذي القربى لقرابة الرسول الإمام، واليتامى يتامى الرسول، والمساكين منهم، وأبناء السبيل منهم فلا يخرج منهم إلى غيرهم[31].

ودلالة الحديث على المطلوب واضحة، فقد جعل سهاماً ثلاثة وهو نصف الخمس للإمام، وما ذكرناه هو متن الحديث المذكور عنه في الوسائل والوافي وهو المذكور في معتبر المحقّق، فلا ينظر إلى النسخة المطبوعة منه جديداً وفيها «وخمس ذي القربى لقرابة الرسول والإمام» بزيادة الواو، وإن كان احتمال كون العطف عطف تفسير قويّاً بشهادة قوله بعده: «واليتامى يتامى الرسول» وذلك أنّ ذكر «قرابة الرسول» يقتضي أن يقال: «... يتاماهم» كما في الفقرتين بعده، فالدلالة تامّة إلاّ أنّه مرسل، وقد عرفت أنّ كون ابن بكير من أصحاب الإجماع لا يكفي لانجباره.

3ـ ومنها ما رواه أحمد بن محمّد عن بعض أصحابنا رفع الحديث، وفيه ـ بعد ذكر موارد وجوب الخمس ـ: «فإمّا الخمس فيقسّم على ستّة أسهم: سهم لله، وسهمٌ للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسهمٌ لذوي القربى، وسهمٌ لليتامى، وسهمٌ للمساكين، وسهمٌ لأبناء السبيل، فالّذي لله فلرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فرسول الله أحقّ به فهو له خاصّة، والّذي للرسول هو لذي القربى والحجّة في زمانه، فالنصف له خاصّة، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد (عليهم السلام)... الحديث[32].

ودلالته على المطلوب واضحة، إلاّ أنّ في سنده كما ترى إرسالاً ورفعاً وإن كان ربما يجبر ضعفه أنّ المرسل هو أحمد بن محمّد بن عيسى الّذي أخرج البرقي عن قم لنقله الروايات الضعاف، فنقل نفسه لرواية ضعيفة بعيد، إلاّ أنّه ليس بمثابةٍ توجب انجبار الإرسال والرفع.

4ـ ومنها ما عن رسالة المحكم والمتشابه للسيّد المرتضى نقلاً من تفسير النعماني بإسناده عن عليّ (عليه السلام) قال ـ بعد ذكر موارد وجوب الخمس ـ: ويجري هذا الخمس على ستّة أجزاء، فيأخذ الإمام منها سهم الله وسهم الرسول وسهم ذي القربى، ثُمّ يقسم الثلاثة السهام الباقية بين يتامى آل محمّد ومساكينهم وأبناء سبيلهم[33].

ودلالة هذا الحديث أيضاً واضحة إلاّ أنّ في سنده كلاماً قد مضى في كلماتنا السابقة.

5ـ ومنها ما عن رسالة الكشكول للسيّد حيدر الآملي فراجع المستدرك[34] إلاّ أنّه مرسل.

هذا تمام الكلام في الاستدلال على المطلوب من الطريق الثاني.

فقد تحصّل: أنّ دلالة الأخبار على المطلوب تامّة من الطريقين، وأخبار الطريق الأوّل فيها معتبر السند كما عرفت، وأمّا الطريق الثاني فقد مرّت الإشارة إلى اعتبار خبر حمّاد مضافاً إلى أنّها مستفيضة لا يبعد الاطمئنان بصدور مضمونها من أنّ نصف الخمس للإمام، وكيف كان فقد دلّت أدلّة معتبرة السند تامّة الدلالة على فتوى المشهور المدّعى عليها الإجماع من أنّ نصف الخمس للإمام.

وربما يعارض هذه الأدلّة خبران، أحدهما: صحيح ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له، ثُمّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه، ثُمّ يقسّم أربعة أخماس بين الناس الّذين قاتلوا عليه، ثُمّ قسّم الخمس الّذي أخذه خمسة أخماس، يأخذ خمس الله عَزّ وجَلّ لنفسه: ثُمّ يقسّم الأربعة الأخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل يعطي كلّ واحد منهم حقّاً، وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)[35].

فإنّ الصحيح كما ترى وإن كان وارداً في خصوص الغنائم الحربية إلاّ أنّه حكى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأخذ لنفسه خمس خمسها وهو سهم الله ويعطي أربعة أخماسه ذوي القربى والطوائف الثلاث الأخر، وعموم ذوي القربى شامل لجميع الأقرباء من دون اختصاص بالمعصوم ولا الإمام مضافاً إلى أنّه لم يكن في زمنه إمام غيره، وبعد هذه الحكاية الّتي هي تخميس خمس الغنائم بالشرح المذكور لم يكتف بها بل زاد عليها قوله: «وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)» ومفاده أنّ على الإمام أيضاً تخميس الخمس كما خمّسه الرسول ولا محالة ليس له أيضاً أزيد من خمس الخمس. فهذه الصحيحة معارضة للأخبار السابقة.

ورفع الشيخ في الاستبصار هذه المعارضة بأنّه يجوز أن يكون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قنع من ذلك بالخمس حتّى يتوفّر الباقي على المستحقّين الباقين، وليس في الخبر أنّ هذا حكم واجب على كلّ حال لا يجوز خلافه بل هو حكاية فعله (عليه السلام) وذلك لا ينافي ما تضمّن تلك الأخبار[36].

لكنّه غير مستقيم فإنّه إنّما يصحّ لو اقتصرت الصحيحة على مجرّد هذه الحكاية مع أنّها زادت في الآخر قوله: «وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» وظاهر هذه الزيادة أنّ الإمام (عليه السلام) أيضاً يأخذ كما أخذ الرسول، فلا محالة ليس له أن يأخذ إلاّ خمس الخمس وهو سهم الله ويكون أربعة أخماسه للآخرين بشرح ما مرّ.

وبعض المعاصرين منع دلالة الذيل بقوله: «لعلّ المماثلة كان في أخذ الصفو والخمس، لا في جميع الجهات»[37].

لكن فيه: أن الصحيحة متعرّضة لأخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في موارد ثلاثة: «أخذ صفو المغنم، وأخذ خمس ما بقي، وأخذ خمس الخمس لنفسه» وبعده ذكرت في الآخر: «وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ الرسول» والتشبيه دالّ على أنّ أخذ الإمام يساوي أخذ الرسول فلا محالة هو أيضاً يأخذ صفو المغنم لنفسه ثُمّ يأخذ خمس ما بقي وفي النهاية يأخذ خمس الخمس لنفسه كما كان يفعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاحتمال اختصاص المماثلة بغير الأخير خلاف الظاهر جدّاً.

فالصحيحة تامّة الدلالة على تخميس الخمس وأخذ الإمام سهماً واحداً هو سهم الله إلاّ أنّها واردة في خمس مغنم الحرب والفاء للخصوصية عنه مشكل سيّما مع احتمال أن يكون سرّ هذا التخميس أنّه لمّا وصلت غنيمة مالية إلى المقاتلين فناسب أن لا يكون سائر الناس محروماً فجعل أربعة أخماس الخمس لسائر الناس بشرحٍٍ قد مرّ.

وحينئذٍ فقد يمكن أن يقال بأنّ الصحيحة دليل خاصّ يقيّد بها إطلاق سائر الأدلّة ويخصّص عمومها إلاّ أنّ هذا الجمع غير صحيح لأنّه يعارضها بخبر حمّاد الّذي عرفت اعتباره، فهو قد تعرّض أوّلاً بعد أخذ الخمس من الموارد المذكورة أنّه يقسّم الأربعة الأخماس الباقية بين مَن قاتل عليه وذكر بعده بلا فصل أنّ الخمس نصفه للإمام، فلذلك كان صريحاً في جريان حكم النصف في خمس مغانم الحرب أيضاً ويقع تعارض بينهما في مورد خمس المغانم ولا جمع عرفي بينهما والمشهور المدّعى عليه الإجماع قد عملوا بأخبار التنصيف وأخبار العلاج تحكم بروايات قول المشهور فإنّها ـ كما في المقبولة ـ لا ريب فيها.

هذا تمام الكلام عن الخبر الأوّل.

وثانيهما: ما رواه الشيخ في التهذيب بسنده الصحيح عن عبد الله بن مسكان عن زكريّا بن مالك الجعفي، والصدوق في من لا يحضره الفقيه والخصال بسندٍ صحيح عن ابن مسكان عن أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك عن زكريّا بن مالك الجعفي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه سأله عن قول الله عَزّ وجَلّ: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ فقال: أمّا خمس الله عَزّ وجَلّ فللرسول يضعه في سبيل الله، وأمّا خمس الرسول فلأقاربه، وخمس ذوي القربى فهم أقرباؤه [وحدها ـ خ ئل] واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة الأسهم فيهم [فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم ـ خ يب] وأمّا المساكين وابن السبيل فقد عرفت أنّا لا نأكل الصدقة ولا تحلّ لنا، فهي للمساكين وأبناء السبيل[38]. وقد رواها العيّاشي عن زكريّا بن مالك مرسلاً[39].

وسند الرواية وإن كان إلى زكريّا بن مالك صحيحاً إلاّ أنّ زكريّا بن مالك الجعفي وإنّ عدّ من أصحاب الصادق (عليه السلام) لكنّه مجهول ولا طريق إلى اعتبار السند إلاّ وقوع عبد الله بن مسكان الّذي من أصحاب الإجماع فيه، وقد عرفت أنّه لا يقتضي تصحيحه.

وأمّا دلالتها فظاهرها أنّ الخمس يقسّم ستّة أقسام، فسهم منها هو سهم الله للرسول، وسهم الرسول، وسهم ذي القربى لأقرباء رسول الله، وسهم اليتامى ليتامى أهل بيته، وأمّا السهمان اللذان للمساكين وأبناء السبيل فقد تعرض لهما ذيل الرواية، ويحتمل أن يكون مدلوله أنّهما لمطلق المساكين وأبناء السبيل وإن لم يكونوا من أهل بيت الرسول، ويحتمل أن يكون قوله: «فقد عرفت أنّا لا نأكل الصدقة ولا تحلّ لنا» بياناًُ لوجه سهمين من الخمس بالمساكين وأبناء السبيل من أهل بيت النبيّ. فحاصل المفاد: أنّه لمّا كانت الصدقة غير حلال لأهل البيت حتّى لمساكينهم وأبناء سبيلهم فجعل الله لهما سهمين من الخمس، وعلى هذا الاحتمال الأخير يوافق سائر الأدلّة وفتوى الفقهاء من أصحابنا.

فمدلول هذا الحديث مغاير لخبر ربعي فإنّه جعل الأقسام ستّة لا خمسة ومعارض أيضاً للأخبار الّتي أفتى بها المشهور، وقد أعرض الأصحاب حتّى ابن الجنيد عن مفاده، فليس بحجة أصلاً، ومع الإغماض عن الإعراض فأخبار علاج المتعارضين ـ كما عرفت ـ ترجح أخبار فتوى المشهور. هذا مضافاً إلى أنّه غير معتبر بلحاظ السند أيضاً.

فهذان الخبران هما عمدة ما يمكن أن يعدّ معارضاً.

وهنا خبران آخران رواهما العيّاشي مرسلاً عن محمّد بن مسلم.

أوّلهما: عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عَزّ وجَلّ: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ قال: هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسألته: منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل؟ قال: نعم[40].

وثانيهما: عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ فقال: هم قرابة نبيّ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)[41].

فالخبران لا يعارضان أخبار فتوى المشهور من جهة تقسيم الخمس ستّة سهام إلاّ أنّ كليهما فسّرا ذي القربى بقرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا يختصّ بالإمام (عليه السلام) فيعارضان تلك الأخبار من هذه الجهة.

إلاّ أنهما غير معتبري السند بالإرسال، ولم يعمل جلّ الأصحاب بمضمونها فلا حجّة فيهما من حيث السند، ويحتمل فيهما أن يكون عمدة النظر فيهما إلى بيان أنّ الخمس واجب مالي فرضه الله تعالى في الكتاب لقرابة النبيّ وأهل بيته وأولئك الفجرة الغَصبة لمقام ولاية النبيّ والأئمة منعوهم هذا الحقّ المالي أيضاً، وأمّا أنّ كيفية تقسيم الخمس بين قرابة النبيّ كيف تكون؟ فليسا بصدد بيانها فلا يعارضان أخبار التقسيم.

فتحصل: أنّ الحقّ ما أفتى به المشهور من أنّ نصف الخمس للإمام وليّ أمر المسلمين، والحمد لله.

[1] الأنفال: 41.

[2] التوبة: 60.

[3] الوسائل: الباب2 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص362 الحديث1.

[4] الوسائل: الباب1 من

[5] بصائر الدرجات: باب نادر في أنّ علم آل محمّد (عليهم السلام) سرّ مستتر ص 29 الحديث5.

[6] البحار: ج96 ص191 الحديث 7.

[7] الأمالي والمجالس للصدوق: المجلس 79 ص 312 و313 و317، الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص 359 الحديث10.

[8] الكافي: ج1 ص 539، عنه  الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص357 الحديث5.

[9] الكافي: ج8 ص58ـ 63، وقد نقل فقرات منه صاحب الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص357 الحديث7.

[10] الوسائل: الباب1 من أبواب الأنفال ج6 ص368 الحديث12.

[11] الحشر: 7.

[12] تفسير العباشي: ج2 ص 62و63، الحديث 56و62، عنه الوسائل الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث 18و19.

[13] نفس المصدر.

[14] الكافي: ج1 ص539، 540، عنه الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص358 الحديث8.

[15] التهذيب: ج4 ص128.

[16] رجال الكشّي، ص238 تحت رقم 431.

[17] المصدر السابق: ص375 تحت رقم 705.

[18] ترتيب الأخبار، رجال الكشّي: ص556 تحت رقم 1050.

[19] الكافي: ج1 ص8ـ 9.

[20] العُدّة: ج1 ص154 تحقيق محمّد رضا الأنصاري، وص386ـ 387 تحقيق محمّد مهدي نجف.

[21] رجال النجاشي: ص326 الرقم 887.

[22] معجم رجال الحديث: ج15 ص297.

[23] خاتمة الوسائل: ص221ـ 224، طبع مؤسّسة آل البيت (عليه السلام).

[24] رجال الكشّي: ص483 الرقم 910، عنه الوسائل: الباب11 من أبواب صفات القاضي ج18 ص105 الحديث34.

[25] عن رجال الكشّي: ص491، عنه الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي ج18 ص107 الحديث35.

[26] عن رجال الكشّي: ص490، عنه الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي ج18 ص107 الحديث33.

[27] رجال الكشّي: ص130 الرقم، عنه الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث19..

[28] رجال الكشّي: ص161 الرقم273، عنه الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي ج18 ص105 الحديث23.

[29] الوسائل الباب11 من أبواب صفات القاضي ج18 ص105ـ 106 الحديث 24و27و...

[30] نفس المصدر.

[31] التهذيب: ج4 ص125، عنه الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص356 الحديث2.

[32] الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص359 و360 الحديث9و12.

[33] نفس المصدر.

[34] المستدرك: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس ج7 ص290 الحديث10.

[35] التهذيب: ج4 ص128، الاستبصار: ج2 ص56، عنهما الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص356 الحديث3.

[36] الاستبصار: ج2 ص57.

[37] دراسات في ولاية الفقيه: ج3 ص109.

[38] عن التهذيب: ج4 ص25، والفقيه: ج2 ص42، والخصال: ص324، الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص358 الحديث1.

[39] تفسير العيّاشي: ج2 ص63، عنه المستدرك: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج7 ص287 الحديث2.

[40] تفسير العيّاشي: ج2 ص61و62، عنه الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص361 الحديث13و17.

[41] نفس المصدر.