مصطلح الحرية وما يعادلها في اللغات البشرية، هو من أهم المصطلحات التي تدور أفكار البشر حولها ويناقشونها تبيينا وتفسيرا. يعبر مونتسكيو عن الحرية فيقول: "ليس لغة على قدر الحرية في اشتغال الأذهان بها".

جون لوك في تقديمه لتعريف الحرية يقول: "الحرية هي تحرير عن الضغط وعصبية الآخرين".

"الحرية الطبيعية للإنسان عبارة عن التحرر من كل سلطة بشرية متفوقة على الأرض، وإمكانية عدم تمكين لقوانينها والاكتفاء بالقوانين الطبيعية فقط لإدارة الشؤون" .

أيضا توماس هوبز في تعريفه للحرية يقول: "أقصد من الحرية الممانعة غير اللازمة مقابل القوانين الطبيعية لتمشية شؤون البشر".

وأما كاسلايف المنظر الشيوعي يقول: "الحرية هي أمر نسبي، نحن نريد الحرية من أي شيء؟".

كذلك المنظر لثورة الدستور في عام 1907 العلامة محمد حسين نائيني يعرف الحرية: "بالتحرر من كل ربقة الطواغيت". ويبين ثمرة هذا التحرر على النحو التالي: "تنبه الأمة بدون أي مانع، واستبصارها بما يسعد ويشرف ويقدم الاستقلال للوطن ويحافظ على الدين".

وأخيرا القائد الكبير للثورة الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني يعرف الحرية بالتالي: "ليس للحرية من تعريف محدد، الناس أحرار في عقيدتهم ولا أحد يلزمهم بعقيدة معينة، لا يلزمنكم أحد كي تنتخبوا شيئا معينا".

كذلك في تعريف آخر يقول: "الناس أحرار ولا ولن يقف أحد بوجه حريتهم. الحرية هي أول مرتبة لحقوق الناس". "أحد أركان الإسلام هو الحرية.. إن الإنسان خلق حرا وعلى الفطرة".

لا تتحقق الحرية إلا من خلال القانون، لذلك فالقوانين الوضعية للمجتمع يجب أن لا تتعارض مع الحقوق الإلهية الطبيعية والمدنية للبشر، فالحقوق الطبيعية والإلهية هي التي تولد الحرية. وهنا يعتقد الإمام الخميني بأنه لا يمكن هبة الحرية أو سلبها عن البشر، لأن الحرية هي حق طبيعي لهم. ففي أيام نضاله مع الشاه ألقى خطابا قال فيه: "شاه يقول: أريد أن أعطيكم الحرية، من أنت (الشاه) لكي تعطي الحرية؟ أأنت تريد أن تهب الحرية للشعب التي كفلها الدستور؟".

كذلك الإمام الخميني في تعبير آخر يقول: "حرية الانتخاب هي حق طبيعي وواضح للشعب". "تحرر الشعب.. أو مرتبة من مراتب الحضارة". "أحد أركان الإسلام هو الحرية.. الإنسان خلق حرا على الفطر" . "الحرية نعمة إلهية كبرى"."الحرية أمانة إلهية جعلها الله من نصيبنا".

انطلاقا من كلام الإمام ندرك ماهية العلاقة بين الحرية والقانون في نظره، ونشير إلى أن الإمام يعتقد بأنه إذا ما أقرّ الشعب على أساس ديموقراطي بالقوانين اللازمة فلا يمكن مخالفة القوانين بالاستفادة من شعار الحرية، ويقول: "ينبغي أن تكون الحرية ضمن حدود الإسلام والقانون، فلا يصار إلى مخالفة القانون بدعوى الحرية".

ذكرنا سابقا رأي الإمام في كيفية الانسجام بين الحرية والقانون. وهنا نشير إلى العلاقة الموجود بين الحرية وخيار الشعب المعتقد بالإسلام من وجهة نظر الإمام الخميني رضوان الله عليه.

فعندما كان الإمام الخميني في فرنسا سأله أحد المراسلين السؤال التالي: سماحة آية الله، أنتم تريدون إسقاط السلطة الموجودة وتبديلها بالجمهورية، فكيف يكون شكل الجمهورية المقصودة؟ هل تشبه النظام الأمريكي أو الفرنسي؟

فرد الإمام بالقول: "نحن نريد استقرار الجمهورية الإسلامية وهي نوع من الحكومة التي تتكئ على آراء الناس، والشكل النهائي لهذه الحكومة يتعين من قبل الشعب مع التأكيد على الأوضاع والمقتضيات الصارمة".

كذلك فالإمام الخميني في تعبير آخر وبعد انتقاد النظام الفكري الشيوعي يركز على نوعية الحكومة في الإسلام بقوله: "حكومتنا الإسلامية تتكئ على آراء الشعب، وكل الأحزاب تعمل على إدارتها وبحرية ما دام يعمل لمصلحة الشعب".

ففي تلك الأيام ــ أي في بدايات الثورة ــ استقبل الإمام الخميني مراسلا عربيا من مجلة المستقبل حيث سأله: انتم تصرخون برغبتكم بتأسيس الحكومة الإسلامية كالحكومة التي كانت في أيام على رضي الله عنه، هل هذا يعني أنكم بعد سقوط نظام الشاه ستقيمون الخلافة الإسلامية؟

فكان الجواب هو الآتي: "الجمهورية الإسلامية التي نقصدها هي تستلهم من سيرة النبي الأكرم (ص) والإمام علي (ع) وتتكئ على آراء الناس وشكلها سيتعين على أساس آراء الشعب".

قبل الثورة الإسلامية كان الإمام الخميني يشير إلى نموذجين من التاريخ الإسلامي في حياة كل من النبي (ص) وعلي (ع)، فلقد كان يركز على أن الحكومة الإسلامية هي المتجلى الحقيقي للديمقراطية، وأعطى مثالا من تاريخ حياة النبي (ص) عندما طلب الرسول (ص) من على المنبر وفي أواخر حياته من كل من له حق عليه ليأخذ حقه. كذلك ضرب مثلا آخر بالنموذج مشيرا إلى تعاطيه مع المسائل القضائية واستقلالية القضاة من خلال فترة حكم علي (ع) وتجربته وكيفية تعاطيه مع المسائل القضائية عندما اشتكى عليه يهودي.

وفي معرض رد على سؤال طرحه أحد المراسلين الأجانب على الإمام الخميني يتعلق بماهية النظام السياسي في الإسلام قال: "النظام الديمقراطي في الإسلام هو أكمل من النظام الديمقراطي في الغرب".

والسؤال الذي طرحه المراسل كان التالي: بأي نوع من النظام تريدون تبديل النظام القائم، وهل تعتقدون بإمكانية مصالحة الحضارة الإسلامية مع الحضارة الغربية؟

فرد الإمام عليه بالتالي: "النظام الذي سيقام بدل النظام الشاهنشاهي الظالم هو نظام عادل وليس له مثيل في الغرب الديمقراطي، قد يكون ممكنا تشابه الديمقراطية المرجوة عندنا مع الديمقراطية الغربية، لكن الديمقراطية التي ننشدها ليس لها مثل في الغرب الديمقراطي، فالإسلام هو أكمل من الديمقراطية الغربية".

الإمام الخميني في هذا المجال عبر عن رأيه إزاء مفهوم الحرية من خلال العديد من الأقوال، نذكر بعضا منها:

"الإسلام دين سام وديموقراطي بكل ما للكلمة من معنى".

"في الإسلام حرية أيضا لكنها ليست حرية التهتك والانفعالات، إننا نرفض الحرية بالمفهوم الغربي".

"علينا جميعا أن نحذر من الإساءة في استغلال الحرية".

"إن الحرية التي يقول الإسلام بها محددة بالقوانين الإسلامية".

"الناس أحرار ولا ولن يقف أحد بوجه حريتهم، إلا إذا أدت بهم الحرية إلى الفساد والضياع، أو أدى ذلك إلى تخلف الشعب".

"يريدون سلبكم الحرية باسم الحرية، فيعطونكم حرية مشوهة ويسلبونكم الحرية الحقيقة".

"إن القانون الإسلامي هو الذي يعطي الحريات والديموقراطية، علاوة على ضمانة استقلال الدول".