السيّد حسين بدر الدين الحوثي (1959م - 2004م)، ولد في مدينة "الرويس بني بحر" من محافظة صعدة شمال اليمن. ينتهي نسبه لأسرة هاشمية من سلالة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، أما والده فهو العلّامة السيّد بدر الدين الحوثي من أبرز علماء اليمن.

بعد إكماله الدراسة الثانوية، التحق الحوثي بكليّة الشريعة في جامعة صنعاء، وحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون. وقد تنقّل السيّد حسين الحوثي مع والده بدر الدين بين إيران ولبنان فترة من الزمن.

أسهم الشهيد الحوثي في تأسيس حزب "الحقّ" في العام 1990م، وفاز بمقعد في البرلمان اليمني من العام 1993م إلى 1997م، كمرشح عن حزب "الحقّ".

تفرّغ بعد عام 1994م لإدارة نشاط منتدى "الشباب المؤمن" (الحوثيين)، وتكوين نواته ونشر فكر الثقافة القرآنية، وقام بتأسيس مدارسه في محافظة صعدة.

في العام 2004م، بعد ترديده الشعار المعادي لأمريكا وإسرائيل واللعنة على اليهود، ونتيجة لقتال مسلح وقع مع الجهات الأمنية في المحافظة، بدأ الصراع يحتدم بينه وبين الحكومة اليمنيّة، وأعلن السيّد حسين أنّ الحوثيين قومٌ معتدى عليهم... ما أدّى إلى وقوع اشتباكات ومعارك عديدة بينه وبين الجيش اليمني في محافظة صعدة، انتهت باستشهاده مع مجموعة كبيرة من مناصريه.

عام 2013م، اعترفت الحكومة اليمنية اعترافاً رسمياً بأن حربها ضد السيّد حسين الحوثي التي استشهد فيها وجماعته، كانت ظالمة وغير مشروعة.

وسُلّم جثمانه الطاهر لذويه بتاريخ 5 يونيو 2013م، وأقيم له تشييع كبير ودفن في "مران".

 

* مقتطف من خطاب يحكي عن البعد الاستراتيجي في تفكيره:

 

* المسلم مسؤول

 يفرض علينا ديننا وكتابنا القرآن الكريم أن يكون لنا موقف، من منطلق الشعور بالمسؤوليّة، أمام الله سبحانه وتعالى. فلو رضينا بالذلّ وبالقهر.. هل يرضى الله لنا ذلك عندما نقف بين يديه؟

وهل يعفينا ذلك من المساءلة أمام الله، أو أن يُقال لنا: ألم نأمركم؟  ﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾؟(المؤمنون: 105)  ﴿أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ (غافر: 50)؟ ألم تسمعوا قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (آل عمران: 103-104)؟ أليست هذه الآيات تخاطبنا؟ أليست تحمّلنا مسؤوليّة؟

 

* إمّا نصرة المظلوم وإمّا الذلّ

 لقد قال الله تعالى لنا في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللهِ﴾ (الصف: 14). فإذا رضينا بما نحن عليه، وأصبحت ضمائرنا ميّتة، فإننا لن نُعفى من السؤال أمام الله يوم القيامة.. إذاً، لا بدّ للناس من موقف، أو فلينتظروا ذلّاً وخزياً في الدنيا وعذاباً في الآخرة.. هذا هو منطق القرآن الكريم. وهذه الحقيقة القرآنية لا تتخلّف،  ﴿لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ﴾ (الأنعام: 115)،  ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ (ق: 29).

ثمّ عندما نتحدّث، ونذكر الأحداث وما يحصل في هذا العالم، نشعر، ومن منطلق وعينا، أنّه فعلاً يجب أن يكون لنا موقف، رغم أنّنا نسمع بعضهم يقول: ماذا نعمل؟ وماذا بإمكاننا أن نعمل؟

إنّ الميدان مفتوح لأعمال كثيرة جدّاً، وكلّ واحد منّا بإمكانه أن يعمل، وسنعرف كم هو عمل عظيم ما قمنا به عندما يثور أو يعترض المرجفون والمنافقون من هنا وهناك على أعمالنا.

 

* نحن مسؤولون أمام الله وأمام الأمّة

 لقد حُسِم موضوع التدخّل في الدول، في العالم، بالشكل الذي يؤهّل أمريكا لأن تعمل ما تريد في بقاع العالم الإسلاميّ كلّه. فما سمعنا أنّه يحصُل في أفغانستان يُحاك مثله، اليوم، ضدّ حزب الله في لبنان، وضد الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران. وهو ما يُحاك مثله، أيضاً، للسيطرة على الحجّ، وعلى المشاعر المقدّسة في الحجّ. ونحن، مَن كنّا نصرخ لتحرير القدس، سيأتي يوم وسنصرخ عندما تُحتلّ مكّة أو عندما تُحتلّ المدينة، وهذا الاحتمال وارد جدّاً.

فهل يمكن النأي بالنفس أمام ذلك؟ أو أن ترى أنّك بمعزل عن هذا العالم، وأنّك لست مستهدفاً؟ أو ترى أنّك لست مُستذلّاً ممّن هو واحد من الأذلاء، وواحد من المستضعفين، واحد من المهانين على أيدي المستكبرين؟ كيف ترى أنّك لست مسؤولاً أمام الله، ولا أمام الأمّة التي أنت واحد منها، ولا أمام هذا الدين الذي آمنت أنت به؟!

 

* الإرهاب رقم واحد!

شيء مؤكّد، أنّه بعد أنْ سلّم الجميع لأمريكا، أنْ تكون هي من يقود التحالف العالميّ -ومن ضمنه الدول العربيّة- لمكافحة الإرهاب.

الإرهاب، من وجهة نظر أمريكا، بل ما هو في رأس قائمة الإرهاب، هو ذلك "الجهاد" الذي تكرّرت آياته على صفحات القرآن الكريم. هذا ما يعتبرونه الإرهاب "رقم واحد". وهذا ما وقّع عليه زعماء العرب، وما يعمل زعماء المسلمين على طمسه!

أمّا الهدف الرئيس من وراء كل ذلك التمثيل، الذي بطله أسامة بن لادن وطالبان، فهو ما نرى ممّا يدبّر للنيل من حزب الله، فلا أسامة بن لادن، ولا طالبان هم المستهدفون، ولا الحدث الذي حصل في نيويورك [أحداث سبتمبر] هو الذي حرّك أمريكا. من يدري؟ ربما كانت المخابرات الأمريكية هي من دبّرت ذلك الحدث لتصنع المبرّرات، وتهيّئ الأجواء لتضرب من تعتبرهم يشكّلون خطورة حقيقية عليها.. وهم الشيعة... الشيعة.

أمريكا هي من يقود التحالف العالمي ضد ما يسمى بالإرهاب, وأمريكا هي إسرائيل، وإسرائيل هي التي تحرّك أمريكا.

 

* علماء السوء وتدجين المسلمين

لقد تجلّت حقيقة خطيرة جداً، جديرة بأن تدفعنا للتبرّؤ من كل صوت رفع في تاريخ الإسلام أو خُطَّ بأقلام علماء السوء، الذين عملوا على تَدْجين الأمّة لمصلحة حكّام الجور على امتداد التاريخ، يوم كانوا يقولون: تجب طاعة الحاكم الظالم، ولا يجوز الخروج عليه، سيحصل شقّ لعصى المسلمين، وعبارات كهذه.

لعلماء السوء هؤلاء نقول: أنتم دَجَّنْتُم الأمّة الإسلامية للحكّام، انظروا اليوم كيف دجَّنها الحكام الظالمون للإسرائيليين!

وكما كنتم تأمروننا بالسكوت، وأن لا نقول كلمة ضد هذا الخليفة أو هذا الرئيس، أو ذلك الملك أو هذا الزعيم، هم اليوم يقولون لنا: اسكتوا، ولا تتحدّثوا ضد أمريكا وضد إسرائيل!

ولا تُقبل أيّ مبررات عند الله سبحانه وتعالى، تحت ذريعة (لا نريد أن نشقّ عصا المسلمين)، بل هذا هو الشق، وهو كسر لنفوس المسلمين، وكسر للإسلام كلّه. وهذا هو ما يدفعنا لنتحدّث بصراحة في مجالسنا، بدءاً من أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليوم -حسب معرفتنا- لتتجلّى الحقائق، لتكتشف الحقائق، إذا كان هناك لا يزال ذرّة من إيمان، ذرّة من إباء، ذرّة من شهامة.

المصدر: مجلة بقية الله