لقد عانى أهل البيت (عليهم السلام) أئمة وقادة وأتباعا، منذ وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، من صلف وعنت واستكبار من ناصبهم العداء تأسيسا وتنفيذا، ومضت عليه أجيال ورثت آثاره السيئة، وكان بحق الوصمة التي لا تزال تلاحق بظلمها شيعة وأتباع الأئمة الهداة، ويدفعون بسببها معاناة أرواحهم وسفك دمائهم. ولئن كان عزاء وسلوى المسلمين الشيعة، فيما تعرض له أئمتهم وقادتهم وسادتهم، من محن وابتلاءات عظيمة، قدموا فيها إلى الله تعالى أغلى التضحيات، بدأ من مظلومية سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ومروراً بما عاناه مولى المؤمنين وسيد الوصيين، الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وما أعقبه من شهادة روحه الطاهرة، وأرواح أبنيه سيدا شباب أهل الجنة (عليهما السلام)، وبذلك فقد صدقوا وعدهم وعهدهم الذي عاهدوا الله عليه، وكان الإمام أبو عبد الله الحسين (علیه السلام) أجلى وأعظم وأروع تلك التضحيات، حيث لم يجد التاريخ بأكبر من ذلك مثالاً وقدوة وأسوة. وتطوى السنين وتمر الأجيال، وحال السادة الأشراف وأتباعهم، على نفس الحال ونسق الوتيرة، كأنما قدرهم من هذه الحياة التضحيات المتتالية، والثمن الباهظ الذي يقدمونه، بقاء للإسلام المحمدي الأصيل، عقيدة وشريعة وفكراً وسطياً، منقذا للإنسانية من غلواء التطرف الذي ابتليت به، بسبب السياسات الشيطانية، التي مارستها أنظمة الظلم والبغي على عموم الأمة، واستطاعت أن تستعدي قسما منها بالباطل على المسلمين الشيعة، وقد أفلح هؤلاء المبطلون مرضى القلوب في عدوانهم، وانجزوا مواعيد بطلانهم، وتلك قرابين شهداء المسلمين الشيعة، تترى جيلا بعد جيل، مرتفعة إلى رضوان الله تعالى، ملبية نداء نصرة المستضعفين، وماضية إلى حيث لا يخلف الوعد الإلهي، في إظهار دينه وأعلاء كلمة الصدق والعدل، التي سترتفع رايتها على يد صاحب العصر والزمان (أرواحنا له الفداء). ليس عجبا أن يقدم شرذمة خوارج العصر من وهابية آل سعود، خدمة الاستكبار والصهيونية العالميين، على ارتكاب مجزرة جديدة بحق أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في نيجيريا، فعادة المسلمين الشيعة في آسيا وأفريقيا سفك دمائهم وإزهاق أرواحهم بالعنوان الطائفي، الذي أسسه أعداء الإسلام الأصيل الأوائل، ومضى عليه الأواخر بلا أدنى روية، لكن العجب اليوم ظهر من خلال إقدام من يحسبون أنفسهم مسلمين ويحسنون صنعا، بعملية اغتيال خسيسة لمسلمين شيعة نزلوا إلى الشوارع، من أجل نصرة القضية الفلسطينية، التي تعتبر محور ومقدم قضايا الأمة الإسلامية، فلا نصر ولا نجاح ولا نماء ولا سلام ولا حرية ولا دين بدون كسبها. إن إقدام السلفية (الوهابية) التكفيرية، على ارتكاب جريمة القتل بدم بارد، لمتظاهرين لبوا نداء الإمام الخميني (رحمه الله) في يوم القدس العالمي بنيجيريا، لهو من الإرهاب الأسود الجهلوتي، الذي عبر في واقعه عن حقد ومرض حركته انفس، لا تملك من الإسلام والإنسانية شيئا، يميزها عن الشيطان ورجسه ونهجه، وهي بذلك قد عبرت بما لا يدع مجالا للشك، عما تخفي قلوب هؤلاء المحسوبين على الدين، من ضغائن ما كان لها أن توجد، لولا التأسيس الأول لظلم محمد وآله الأطهار وشيعتهم الأخيار. وبهذه المناسبة الأليمة لا يسعني ألا أن أعزي صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، على هذه الأرواح الطاهرة التي سفكت دماؤها، وأزهقت أرواحها ظلما وعدوانا، وأعزي نائبه سيدي ومولاي الإمام الخامنئي (دام ظله)، واعزي «سماحة الشيخ إبراهيم الزكزاكي» زعيم المسلمين الشيعة بنيجيريا وعضو المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) على شهادة أبنائه البررة و30 من الأوفياء لنهج الولاية العظيم، كما لا يفوتني أن اعزي شيخنا الجليل «محمد حسن أختري» (حفظه الله) وجميع أعضاء المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) شاكرا الله على نعمة الهداية التي انعم الله بها علينا، فيما بقي غيرنا في حيرة الجهالة والضلالة، وتبّع للطغيان يعمهون، فلنا ما وعدنا ربنا من الجزاء والعطاء ولهم ما يوعدون، وسنبقى على العهد ماضين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. المصدر: وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا