في 27 اردبيهشت 1340 عينت أمريكا علي أميني رئيساً لوزراء إيران، حاول أميني من خلال انتقاده للوزارات السابقة وبعض الخطوات الخادعة أن يكون له دور وسط العلماء والحوزويين فسافر في الأول من دي عام 1340 إلى قم والتقى المراجع ومن ضمنهم الإمام (قدس سره).

 

عندما قدم أميني داخل البيت لم يقم له الإمام وعندما أراد الجلوس في المجلس العام تحرك الإمام قليلاً في حين كان الإمام واحتراماً للطلاب يتحرك بشكل أكبر على هيئة من يريد الوقوف.

 

هذا اللقاء كتبه أحد الحاضرين في الجلسة بهذه الكيفية في حدود الساعة الحادية عشر والنصف جاء إلى بيت الإمام رئيس الوزراء مع بعض مساعديه وكان من بين الحاضرين أخُ الإمام آية الله بسنديده ومجموعة من طلاب العلم وبعد تناول الشاي تحدث الإمام مخاطباً رئيس الوزراء:

 

(لقد أودع الله تعالى في كل إنسان استعداداً خاصاً ويستطيع الإنسان تنمية هذا الاستعداد والارتقاء به إذا استفاد منه بشكل صحيح. وكل ما ازداد الإنسان رقياً ازدادت مسؤوليته وواجباته أمام الله تعالى والناس...

 

على سبيل المثال أنت اليوم رئيس الوزراء فمسؤوليتك ليست كالأشخاص العاديين بل هي أكبر وأعظم...

 

عليك أنت بهذه المسؤولية أن تعمل بشكل ينفع الناس حتى لا تصبح مقصراً أمام الله وأمام وجدانك وضميرك.

 

لقد تعاقب على مسؤولية هذا البلد الكثير ورحلوا فبعضهم ترك ذكراً جميلاً والبعض الآخر خلف ذكراً سيئاً. بعضهم أصبح الناس يترحمون عليه وبعضهم يلعنه الناس فاسعى أن تكون من الصنف الذي يترحم الناس عليه.

 

في الحوزة العلمية بقم خمسة أو ستة الآلاف طالب. هؤلاء تحملوا مصاعب الدنيا وهم الآن يدرسون بشوق. هؤلاء بذلوا شبابهم ونشاطهم في طريق تحصيل العلم وعاشوا بأقل مستوى من المعيشة من دون أن يأخذوا من ميزانية الدولة شيئاً وليس لهم طمعاً في مساعدة ومعونة من النظام. إنهم يضعون نتيجة ما يحصلون عليه من علوم وتحقيقات في خدمة الناس مجاناً ويدعون الناس إلى الخير والصواب فيحيون فيهم الوازع الباطني ويحافظون عليه وينصحونهم بالابتعاد عن الخيانة والاعتداء والخداع والكذب.

 

من المسلم أن خدمات هؤلاء أفضل من كل إدارات الشرطة والأمن الطويلة العريضة والتي لها ميزانية خاصة من خزانة الدولة. فما عليكم سوى أن لا تضعوا العراقيل أمام هؤلاء الطلاب.

 

فرد رئيس الوزراء:

 

يا آية الله: أنتم على علم بالانحطاط الأخلاقي للناس وتهاوي الأسس الدينية والمشكلات الناجمة عن ذلك.. والسد القوي الذي يمكن الاعتماد عليه في وجه ذلك هم العلماء الذين لا يمكن إنكار خدماتهم الجليلة.

 

إلا أننا نتوقع منهم أكثر من ذلك. فعليهم أن يتعاونوا مع الحكومة ووزارة التعليم في البلد حتى يتم الوقوف أمام المفاسد.

 

فرد عليه الإمام قائلاً: إنّ لدى العلماء أيضاً مطالب وتوقعات من الحكومة وهي ستكون في مصلحة الحكومة والناس وقد كتبت تلك الأمور إلى آية الله البروجردي (قدس سره) من أجل أن يطالب النظام بتحقيقها إلا أن الدولة هي التي تأخذ بنصائح العلماء..

 

أنا لا أعلم ما هي العلاقة بين جامعات البلد وعدم تدين الشباب حيث أن أكثر الشباب الذين يتخرجون من معاهد البلد يبتعدون عن أصول الدين ولا يبدون التزاماً بالأحكام الشرعية؟

 

أميني: نحن ملتفتون إلى هذا الأمر ونعمل على سد هذا الفراغ لعلمنا أن البلد لا يستقيم من دون الديانة والفضيلة حيث أن عمود البلد هو الثقافة الإسلامية..

 

أنتم تعلمون أنه وقبل تطبيق النظام التعليمي الحديث بالبلد وافتتاح جامعة طهران عام 1313هـ.ش, لم يكن متعلماً سوى طلاب الحوزة وكانت ثقافة الناس بيدهم إلا أنه ومع دخول التمدن الغربي إلى النظام التعليمي ابتعد العلماء عن هذا الدور مع أنه كان بإمكانهم الإمساك بهذا النظام وحفظه من المفاسد. والآن وبعد مضي نصف قرن أصبحوا يصيحون وا إسلاماه..

 

إنني اعترف بوجود أساتذة في الجامعات من المسيحيين واليهود والزرادشت بل حتى من البهائيين ولكن ما العمل فعندما يكون باب الجامعة مفتوحاً ولا يتصدى العلماء لسد الفراغ فيملأ بالأشخاص غير الصالحين.

 

الإمام الخميني: لقد أشرت في كلامك إلى الثقافة الأجنبية وتأسيس الجامعة وألقيت التقصير على عاتق العلماء وبمنظاركم هذا يكون هدف العلماء أن يصبح الناس غير متدينين. برؤيتكم هذه إن العلماء يريدون أن يقع الناس في المفاسد الأخلاقية؟

 

إنك تتذكر بيد من كانت الحكومة في تلك البرهة من الزمن؟ ومن الذي كان يدير الأمور؟

 

أنا أعلم أنك لن تجيبني بشكل صريح إلا أني سأوضح الأمور حتى أرفع هذه التهمة.

 

لقد كانت الحكومة في تلك الفترة بيد رضاخان (والد الملك الحالي) فهل تعلم بأن بريطانيا هي التي أتت به إلى الحكم وقد كان عميلاً لهم ينفذ مآرب الأجانب؟

 

فهل تريد من العلماء التعاون مع حكومة عميلة للأجانب؟

 

إنّ العلماء لا يمكن لهم التعاون مع حكومة عميلة للأجنبي. العلماء هم الذين ينهون الناس عن إعانة الظلمة فهل تريدهم يصبحون أعواناً للظلمة ويساعدون على الظلم؟

 

لا يمكن ذلك. وليس من حق العلماء أن يقوموا بهذا وليسوا حاضرين بأي ثمن للتفاهم والتعاون مع عملاء الأجانب.

 

إنهم ينتظرون حكومة صالحة يتعاونون معها ولمَّا لم يجدوا ذلك لجأوا إلى الانزواء في المدارس والمساجد حتى تحين الفرصة لأداء واجباتهم الشرعية.

 

إن ما تفضلت به صحيحاً فقبل خمسين عاماً كان أكثر المتعلمين هم طلاب الحوزة. ولكن كيف يستطيع هؤلاء أن يتعاونوا مع حكومة عميلة فيخالفون ما تعلموه؟؟

 

لم تكن حكومة إيران مستقلة وعليه فلا يستطيع العلماء مساعدتها والتعاون معها حتى لا يعطوا أعمال حكومة عميلة صفة الصحة.

 

لقد دام اللقاء ثلاثة أرباع الساعة وفي النهاية وعندما أراد رئيس الوزراء مغادرة منزل الإمام والتوجه لتناول الغذاء قال له الإمام: (تغدى معنا اليوم واكتف بما يتناوله طلاب الحوزة).

 

إلا أن أميني أصر على المغادرة فخاطبه أحد الحاضرين: إنَّ مقصود آية الله أن تتعرف على موائد العلماء حتى تعلم ما الذي يأكله طلاب الحوزات.