فهم الإمام الخميني للإعلام المضاد

 

 هناك حقل مهم من حقول خطاب الإمام، وهو حقل طالما ردد الإمام آراءه إزاءه؛ وهو الحقل الإعلامي.

ولقد جاءت آراء الإمام في موضع الإعلام باتجاهين: اتجاه الإعلام الإسلامي مضموناً ومستوى ودوراً، واتجاه الإعلام الآخر ودوره التاريخي إزاء العالم الإسلامي والفكر الإسلامي، بالإضافة إلى دوره الحالي وسياساته وأدواته، وتأتي خطورة الإعلام من جرّاء القفزة التي شهدتها الإنسانية في ثورة الاتصال، وتطور التكنولوجيا الإعلامية بشكل حوّل الإعلام إلى تحدٍّ لم يسبق أن أوجد العالم الإسلامي تحدّياً شبيهاً به؛ وذلك لأن معظم وسائل الاتصال والإعلام في العالم الإسلامي خاضعة في أداء دورها إلى منطق التبعية في مناهجها وآلياتها فضلاً عن السياسات التي تروّج لها، وربما أنّ جانب الخطورة الأهم مازال بعد لم يبرز على بنية المجتمع الإسلامي والتماسك الأسروي الإسلامي عبر الأقمار الصناعية وقنواتها التلفزيونية التي يتسرّب بثّها إلى معظم البيوت، وهو بثّ قائم على نقل الحرية الغربية بشكلها الإفسادي والإلهائي، عبر العروض والأساليب المروّجة للأفكار الغربية، ويشخّص الإمام الخميني من خلال خطابه الثوري عدداً من السياسات التي يتحرك لترويجها الإعلام الغربي، وإعلام الدول الدائرة في فلك التبعية، ويحذر من نتائجها المدمّرة.

 

نعيد كلام الإمام فيما يتعلّق بدور الإعلام وخطورته وأهدافه في وصيته السياسية الإلهية: (الإذاعة والتلفزيون والمطبوعات ودور السينما والمسرح من الوسائل المؤثّرة في تدمير الشعوب وتخديرها، خصوصاً الجيل الشاب في هذه المئة سنة الأخيرة لا سيّما النصف الثاني منها، أية خطط كبيرة نفّذتها هذه الوسائل سواء في الدعاية المضادة للإسلام والمضادة للروحانية المخلصة والدعاية للمستعمرين الغربيين والشرقيين.

 

وكم استفادوا منها لترويج سوق الأدوات، خصوصاً الكمالية والتزيينية من كل نوع، والتقليد في البناء وتزيينه وكمالياته، والتقليد في أنواع المشروبات والملبوسات وأزيائها، بحيث أصبح أنّ الفخر الكبير هو في التفرنج في جميع شؤون الحياة من السلوك والقول واللباس والهندام، خصوصاً عند النساء المرفّهات، أو أنصاف المرفهات وفي آداب المعاشرة وطريقة التحدّث واستعمال الألفاظ الغربية في الحديث والكتابة، بحيث إنّ فهم ذلك يصبح غير ممكن لأكثر الناس وصعباً لنظائرهم.

 

أفلام التلفزيون من منتجات الغرب والشرق التي تحرف طبقة الشباب ـ رجالاً ونساءً ـ عن مسيرة الحياة العادي، ومن العمل والصناعة والإنتاج والعلم، وتنقلهم إلى الغفلة عن ذاتهم وشخصيتهم، أو إلى التشاؤم وإساءة الظن بكل شيء وببلدهم، وحتى بالثقافة والأدب والمآثر القيّمة جداً التي نقل كثير منها بواسطة اليد الخائنة للنفعيين إلى مكتبات الغرب والشرق ومتاحفها)[1].

 

ستة خطوط أساسية يمكن التأشير عليها من خلال عبارات أو مفردات هذا النص المتقدم، تشير إلى ستة أشكال من السياسات التي يشخّص خطورتها الإمام، في حركة الإعلام الغربي والإعلام التابع.

 

1ـ عبارة تدمير الشباب وتخديرهم.

 

2ـ عبارة ترويج سوق الأدوات خصوصاً الكمالية والتزيينية.

 

3ـ عبارة الغفلة.

 

4ـ عبارة التشاؤم وإساءة الظن بكل شيء وحتى الثقافة والأدب.

 

5ـ الدعاية ضد الإسلام.

 

6ـ الدعاية للمستعمرين الشرقيين والغربيين.

 

هذه العبارات الست هي إيجاز لستة أشكال من السياسات الإعلامية الرائجة في عالم اليوم، أوّلها هي: سياسة التدمير والتخدير، ولاشك أنّ الإمام يشير بذلك إلى الأفلام والبرامج والمسلسلات الإفسادية العاملة على إشاعة الرذيلة، وإحياء مفعول الغرائز بأشكال وأساليب مثيرة بما يعطّل ملكات الإبداع والتأمل، وبما يزيح دور الأخلاق الربّانية، ويحوّل المجتمع، إلى مجتمع فاقد للقيم الأخلاقية والضوابط؛ وذلك من خلال الإباحية الجنسية لإختراق حصانة الأمة، ونقل التجربة الأوروبية إلى العالم الإسلامي، هذه التجربة التي أدّت إلى فقدان الأسرة كوحدة اجتماعية.

 

ويشير الإمام لدور الإعلام اللاحيادي المروّج لبرامج ومواد التخدير الإعلامية، التي غالباً ما تأتي عبر برامج التسلية، فروّاد هذه البرامج التي أخذت تعرض من خلال قنوات إذاعية، مسموعة ومرئية خاصة بالتسلية، يحاولون أن ينظّروا لدورهم هذا عبر طرح التسلية اللامؤدلجة أو التسلية الحيادية التي لا هدف لها إلا ملء أوقات الفراغ. يقول (أرك بارنو) مؤرخ التلفاز الأمريكي: (إنّ مفهوم الترفيه، في تصوري، هو مفهوم شديد الخطورة، إذ تتمثّل الفكرة الأساسية للترفيه في أنه لا يتصل من بعيد أو قريب بالقضايا الجادة للعالم، وإنما هو مجرد شغل أو ملء ساعة من الفراغ، والحقيقة: أنّ هناك أيديولوجية مضمرة بالفعل في كل أنواع القصص الخيالية، فعنصر الخيال يفوق في الأهمية العنصر الواقعي في تشكيل آراء الناس)[2]. ويأتي رأي (إرك بارنو) هذا في سياق بيان دور المؤسسات الإعلامية التجارية في أميركا، وهي المؤسسات التي ترفض إضفاء الطابع الأيديولوجي على طبيعة برامجها كمجلة(دليل التلفاز) والمجلة(القومية للجغرافيا)، و(والت ديزني المتحدة للإنتاج الفني).

 

وكذلك الحال بالنسبة إلى برامج الترفيه والتسلية التي تصنف خارج إطار الأيديولوجيا في المؤسسات الإعلامية الحكومية؛ فهذه البرامج تعمل لإيجاد عملية تكثيف للخيال الذي يشكّل بالنهاية المواقف الإنسانية.

 

وفي إطار بلورة الموقف الإسلامي حيال هذا الطرح الإعلامي الترفيهي، تبرز رؤية الإسلام حول ما يسمع وما يرى (إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)[3]، هذا فضلاً عن الإلهاء بمعناه التخديري الذي يشير إليه الإمام الخميني في وصيته السياسية الإلهية.

 

وواقع الحال أنّ النسبة الأكبر للبثّ التلفزيوني والسينمائي الحكومي الواقع خارج مؤسسات الترفيه المتخصصة ترفع أيضاً شعار التسلية والترفيه، فالسينما ـ كما يسمّيها معظم المخرجين الكبار ـ هي انفعال[4]، والسينما كما التلفزيون يقومان على فن الإثارة في معظم برامجهما، وافتعال هذه الإثارة العاطفية والبوليسية والصوتية، وبعبارة أخرى: إنهما يقومان على فن التحايل على وعي الناس؛ بغية تجميده أو توجيهه باتجاه فوضوي، أو تشاؤمي، أو انحرافي، ومع تطور تقنيات الاتصال، بدأ السباق المحموم بين السينما والتلفزيون، لإنتاج أكبر قدر مما يسمّى برامج التسلية، ومع تطور جهاز التلفزيون تدهور جمهور (الاستوديوهات السينمائية التي لم تتخيّل أبداً أنّ احتكارها شبه المطلق لصناعة الترفيه يمكن أن يتهدد)[5]. وتطور الخطر من جرّاء هذا السباق عندما أصبح المنزل هو الساحة المستهدفة لبرامج التسلية والترفيه التي يدّعي القيّمون عليها بأنها غير مؤدلجة.

 

ويتصاعد هذا الخطر مع (إنشاء الخارمات العملاقة لفظ الأفلام والألعاب وغيرها كمواد حاسوبية، فمع كل هذا باتت التفاعلية كتسلية منزلية بالأساس، سواء تعاملت فيها مع قرص يشترى أو يؤجّر، أو مركز خدمة تتفاعل معه كفيديو تحت الطلب، أو كبرنامج حاسوب على الخط تسمى اليوم)[6].

 

وفي إطار السعي الحثيث لتطوير أشكال الترفيه بشكل غريب من قِبَل المؤسسات السينمائية والعرض التلفزيوني، وبما يكرّس خطورة أنماط التخدير التي يشير إليها الإمام الخميني.

 

يقول(مدحت محفوظ): (على أنّ الترفيه الأكثر إثارة خارج المنزل سيكون ركوبات ما يسمّى الواقع شبه الحقيقي، والتي يمرّ الحضور فيها سواء بوضع خوذات على أعينهم أو بمجرد الجلوس أو المشي بعوالم خيالية مجسّمة يتفاعلون معها وتتجاوب تلك المادة الحاسوبية في جوهرها مع ردود أفعالهم، هذا النوع من الترفيه أخذ بالانتشار بسرعة مذهلة، بدءاً من ركوبات الحروب الفضائية وركوب شلالات الأنهار إلى مبارزات السيف والمدافعات الدافئة.

 

ويتوقّع (جورج جيليدري) صاحب كتاب (الحياة بعد التلفزيون) و(الكون الميكروي) أن يكون هذا هو (الترفيه رقم واحد)[7].

 

إذاً الترفيه رقم واحد، يسعى إلى أن يأخذ بفكر الإنسان ودوره إلى أنماط من التغييب والتخدير، وشل القدرة على التفكير في قضايا هذا العالم المصيرية، والتخدير بالنهاية كهدف مخطط من قِبَل قوى أيديولوجية تحرّك هذه المؤسسات الثقافية الإعلامية، هو لون من ألوان المصير الذي يراد للإنسان أن ينتهي عليه تدميراً للإرادة في داخله وسلخه عن الحقيقة، وتأسيس وعيه باتجاهات شاذة، وإلهائه عما يدور حوله، وإدخاله في أشكال من الفوضى التفكيرية.

 

إنه التخدير عبر مقولات التسلية اللامؤدلجة، وهذا هو التخدير الذي يحذّر منه الإمام الخميني في وصيته المباركة.

 

هذا الترفيه اللامؤدلج ـ كما يسمّونه ـ لا يؤدّي فقط إلى التخدير، إنما أيضاً يؤدي إلى الغفلة عن الذات، ما يسمّيها الإمام، والى الوعي الفوضوي، والى تعطيل ملكات الإبداع، وتوجيه الوعي الإنساني باتجاه منحرف عن القيم والضوابط الإنسانية، والآن ومع تطور تقنيات الاتصال، تبرز تحدّيات القرن الحالي بشكل أكبر في موضوع وسائل الاتصال، التي تحوّلت إلى وسائل لإدارة العالم بكل شؤونه، كما يقول الإمام: (الإذاعة المؤثّرة تعني تدمير الشعوب وتخديرها خصوصاً الجيل الشاب)[8].

 

(لقد ناقشنا من خلال ما تقدّم عدداً من المهام والسياسات لدور الإعلام الغربي، والإعلام التابع، بناءً على نظرية التسلية اللامؤدلجة السائدة في حركة الإعلام كالتخدير وإشاعة الوعي الفوضوي، لكن المهمة أو الشكل الذي يأخذ خصوصية في حديث الإمام، ونصه المذكور، هو الشكل الترويجي للإستهلاك الاقتصادي، بما يخبّئ وراءه من أهداف دولية اقتصادية خطيرة، طالما نبّه إليها الإمام.

 

إذ إنّ إشاعة الثقافة الاستهلاكية هي إشارة إلى طبيعة القوى والشركات الرأسمالية التي تشيع هذا الإعلام الاستهلاكي، الذي يخدم أصحاب رؤوس الأموال وسياسات الاحتكار.

 

وهذا الترويج للاستهلاك، فضلاً عن دوره في إزاحة الأخلاق عن قيم الأمة، فهو سيؤدي إلى فوارق طبقية غير طبيعية، ستؤثر هي الأخرى على التماسك النفسي والوجداني لهذه الأمة.

 

والاستهلاك يعتبر عائقاً في كثير من الحالات عن انطلاق حركة الإبداع، وهو بالتالي يهدف إلى إبقاء البلدان الإسلامية في حالة تبعية وتخلّف وخضوع، وأيضاً إبقاء الأسواق الإسلامية أسواقاً مفتوحة لحركة المصانع والشركات الغربية.

 

ويكفي في هذا المجال أن نعرف أنّ التشابه الجوهري في المادة الإعلامية، وتوجّهاتها الثقافية التي تنقلها كل وسيلة من وسائل الإعلام بصورة مستقلة (يستلزم بالضرورة أن ننظر إلى الجهاز الإعلامي بوصفه وحدة كاملة فالأنشطة الإعلامية يعزز كل منها الآخر على نحو متبادل ومتصل، وحيث إنها تعمل طبقاً لقواعد تجارية، وتعتمد على الإعلانات وترتبط بصورة وثيقة باقتصاد المؤسسات الضخمة متعددة الشركات، كل من خلال بنيته الخاصة وعلاقته بالرعاة والممولين، لذا فإن وسائل الإعلام تشكّل صناعة، وهي مجرد حاصل إجمالي لمتعهّدي إعلام مستقلّين، ومالكين لحرية التصرف، يقدم كل منهم نتاجاً ذا طابع فردي خالص، فبحكم الحاجة وبحكم التصميم، فإن ما تقدم كل وسيلة من وسائل الإعلام من صور وأفكار، وتوجّهات، مع استثناءات قليلة، إنما يجري إنتاجه لتحقيق أهداف متشابهة)[9].

 

وإذا كان الحديث يتعلق هنا بالإعلام الأمريكي داخل الولايات المتحدة، فإن ما هو حاصل أي في عالمنا الإسلامي هو تصدير أو تكرار لهذا الإعلام الأمريكي القائم على الترويج للاستهلاك وفق خطط منظمة متكاملة. وعبر سياسة التضليل الإعلامي، وبما يعكس معنى التبعية في واحد من أهم جوانبها، وهو الجانب الإعلامي.

 

إنّ الإمام الخميني، عندما يركز على الإعلام الاستهلاكي في المجال الاقتصادي، لا يشير إلى دلالات هذا الدور الإعلامي الاقتصادي، وما تتبعه من عناوين جزئية مظهرية فحسب، إنما يشير إلى الجذور الرأسمالية الكلية لهذا الشكل من أشكال التصدير للمذهب الاقتصادي والرأسمالي الذي تقوم على أساسه سياسة النهب الاستبكارية، ومن ثم إبقاء الشعوب في حالة من حالات التبعية الاقتصادية، وحرمانها عبر شتّى الوسائل من أي شكل من أشكال السعي نحو الاكتفاء الذاتي، والخروج من عقدة الإنبهار بالآخر المتفوّق اقتصادياً، وترويج الفكر الاقتصادي الغربي، هذا فضلاً عن تغييب الفكر الاقتصادي الإسلامي الذي يرفض الرأسمالية والاشتراكية، إنما هو فكر وسطي، يؤمن بالملكية الفردية، ويحدد الضوابط والشروط لهذه الملكية، وينظر إلى قضية التكافل الاجتماعي، نظرة مقدسة؛ بغية تحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية بين بني البشر.

 

إنّ الوجه الاقتصادي الآخر لحركة الإعلام الغربي والإعلام التابع يتمثّل بالأرباح الخرافية التي تتركز في يد طبقة احتكارية تدير عالم اليوم عبر صناعة السينما، كأداة إعلامية، وصناعة أفلام ومسلسلات التلفزيون كأداة أخرى.

 

وتصل الأرقام في هذا المجال، إلى أنّ (كاتب السيناريو يحصل على ألفي دولار للكلمة الواحدة، وهذه الكلمة نفسها تخرق الأرقام القياسية عندما تخرج من بين شفتي الممثل، ولعل الممثل سيلفستر ستالوني هو نموذج واحد فحسب، فقد وقّع ستالوني عقداً مع شركة يونيفرسال، ليقوم بدور البطولة في فيلم(ضوء النهار) الفيلم يستغرق 112 دقيقة، أي أقل من ساعتين ويظهر ستالوني فيه حوالي 90 دقيقة، أي ساعة ونصف الساعة أما الأجر الذي سوف يتقاضاه فهو مبلغ 17.5 مليون دولار) والدَخْل المتوقّع لهذا الفيلم هو 900 مليون دولار، وهو المبلغ الذي حققه فيلم(حديقة الديناصورات)، لاحظ هذا التركيز الخرافي للثروة في يد قيّمين على مؤسسات سينمائية وإعلامية، هي التي تتحكم بالنص وتصنع البطل، طبقاً لمواصفات معيّنة هي على النقيض تماماً من أي معنى للفضيلة والقيم الإنسانية.

 

وتصف الممثلة(جوليا فيليبس) هذه المواصفات في كتاب صدر لنا قبل تسع سنوات تحت عنوان(أنت لن تتناول طعامك في هذه البلدة مرة ثانية) ويقع الكتاب في 628 صفحة محملة بآلاف الفضائح تقول: (نحن جيل الجنس والمخدرات والأحلام المكسورة) وتحكي عن حياة الممثلين والممثلات بالأسماء والوقائع، وعن طقوس الحب الجماعي، وتقلّب المزاج بين لحظة وأخرى وتناوب الحلم والواقع واختلاطهما حتى تنعدم القدرة على التمييز بين الوهم والحقيقة، والكتاب كان نسخة عصرية من جحيم(دانتي) كما يعبّر بعض الكتّاب[10].

 

إنّ ما قدّمناه، هو صور مصغّرة موجزة، أو لنقل إشارة فقط إلى دلالات مهمة وطبيعة الإعلام الترويجية للاستهلاك، ودلالة لطبيعة الاحتكار وسياسات تركيز الثروة، هذه المهمة التي يشير إليها الإمام الخميني في نصوص وصيته، ونصوص خطابه الثوري.

 

وبالإضافة إلى تدمير وتخدير الشباب وإشاعة التشاؤم والغفلة عن الذات والترويج للاستهلاك، كمهام لهذا الإعلام يشخّصها الإمام، هنالك مهمة أخرى أكبر وأخطر من كل ما تقدم، ألا وهي مهمة محاربة الإسلام والروحانيين أولاً، والتبليغ للشرق والغرب ثانياً.

 

يقول الإمام في وصيته السياسية الإلهية المباركة: (أية خطة كبيرة نفّذتها هذه الوسائل سواء في الدعاية المضادة للإسلام والمضادة للروحانية المخلصة والدعاية للمستعمرين الغربيين والشرقيين)[11].

 

إنها خطط متعددة إذاً، تلك التي تنفّذ من خلال الطعن الإعلامي بالإسلام ورجاله، وإذا كان هناك جزء من هذه الخطط يأخذ الصفة المباشرة في الطعن بالإسلام، واتّهامه بالإرهاب والتخلّف، أو ممارسة التحريف لمحتواه وقيمه ومقاصده، فإن هنالك خططاً يمكن القول عنها: بأنها غير مباشرة، وخارج إطار الخطاب السياسي المعادي للإسلام، والخطاب الفكري والثقافي الذي تسوّقه رموز العلمنة والأنظمة المحتضنة لها، وهو الخطاب الفني أو النص الفني التمثيلي أو السينمائي أو المسرحي الذي أخذ يتكثّف في إيذائه للإسلام.

 

ويورد أحد الكتّاب قائمة بعشرات الأفلام الغربية التي تعمل على إيذاء الإسلام فكراً وتاريخاً ورسالة ورموزاً، ويلاحظ في تغطية الشاشة السينمائية العالمية وطعنها بكل ما هو إسلامي ما يشبه التخطيط الشمولي لمساحة العالم الإسلامي، إذ إنّ هذه التغطية لم تستثن بلداً من البلدان الإسلامية، دون أن تعمل على تشويه واقعه الإسلامي، بدءاً من جمهوريات الاتحاد السوفييتي الإسلامية وتركيا وإيران وباكستان ومروراً بالعالم العربي، وانتهاءً بشمال إفريقيا ولم تستثن هذه التغطية مسلمي الهند الذين استهدفوا من الشاشة السينمائية العالمية بعدد ضخم من الأفلام المشوّهة لواقع عقيدتهم الإسلامية، وعاداتهم الإسلامية.

 

يقول أحد الكتّاب في تعليقه على واحد من هذه الأفلام: (والآراء التي طرحت في فيلم (المعلم) لم تتطور أبداً سنجد صداها في الأفلام التي تعاملت مع الشخصية الإسلامية في الهند خلال فترة الثمانينات مثل (غاندي) 1982 لريتشارد ايتنبرو، و(الطريق إلى الهند) 1985 لديفيد لين، وكلاهما ظهر في ظل إمكانات مادية هائلة، وتوجّهات فكرية متأثرة بموجة الأفلام الغربية التي اندلعت في العالم للهجوم على الشخصية الإسلامية، ومستجيبة من ناحية ثانية لرغبات السينمائيين في تقديم موضوعات عن العنف والإرهاب السياسي)[12].

 

إنّ الصحيفة والراديو والمجلة والكتاب التي عكست إيذاء الإسلام بشكل مباشر، وكأدوات للإعلام الغربي والإعلام التابع، لهي ربما أقل في الإيذاء من المسرح والتلفزيون والسينما؛ وذلك أنّ الأدوات الأولى واضحة ومباشرة في ممارساتها الإعلامية، أما النص المسرحي والتلفزيوني والسينمائي، فهو يقوم على فن خبيث لتمرير الإيذاء، وتنجم خطورته أيضاً من مساحة مشاهديه الذين هم بالعادة أكبر من عدد القرّاء والمستمعين، والخطورة الأكبر من ذلك تكمن في تابعية السينما والتلفزيون في معظم بلدان العالم الإسلامي، فهذه السينما العربية وسينما البلدان الإسلامية التابعة في المنهج والموضوع للسينما الغربية والشرقية هي الأخرى راحت تمارس إيذاء الإسلام في بعض أعمالها الفنية.

 

فعلى سبيل المثال يقول ناقد سينمائي جزائري حول تابعية السينما الجزائرية: (إنّ معظم المواضيع التي تطرّقت لها السينما الجزائرية مهما كان نوعها يشتم منها رائحة الإنسلاخ والمخادعة التاريخية والتغريب، حتى إن اجتهدوا في إخفاء ذلك بطريقة أو بأخرى، لكن بعض الشطحات والالتفاتات السينمائية تفضحهم ما تحويه من رسائل مدسوسة موجّهة إلى المتلقّين والرامزة إلى ضرورة الانسلاخ والاندماج في ثقافة غربية) ويضيف قائلاً: (وتلك الشطحات الحاملة لبذور إيديولوجيات تافهة، كافرة التي تطعن الطعن المبرح في قيم الهوية الثقافية للشعب الجزائري العربي المسلم..).

 

ويسلّط هذا الناقد السينمائي الجزائري الأضواء على الجوائز العالمية التي تعطى لمثل هذه الأفلام التغريبية فيقول: (واعتقادي أنّ كل الجوائز التي نالتها الأفلام الجزائرية يعود الفضل فيها إلى مثل تلك الالتفاتات والشطحات الديّوثة والحاملة لبذور أفكار وأيديولوجيات ومعتقدات طاغية في قيمها الأصيلة)[13].

 

إنّ تكثيف النص الفنّي السينمائي المسرحي التابع والطاعن بالحالة الإسلامية فكراً ورموزاً، إنما يأخذ انتظامه المركّز في إطار الصراع الإعلامي أولاً، والمواجهة الكلية ثانياً.

 

والمجال الإعلامي بتابعيته يشكلّ الآن وفي المستقبل التحدّي الأكبر في هذه المواجهة الحضارية التي يوظّف في إطارها الغرب كل قدراته لضرب الإسلام، يقول أحد الباحثين في هذا الصدد: (تتخذ مواجهة التمركز الثقافي والحضاري الغربي اليوم صوراً جديدة، إنها تتخذ نمط المواجهة الحضارية، وضمن هذا الإطار الجديد ترفض نزعات التغريب المقلدة، كما ترفض التبعية بحكم قبولها للمشروع الاقتصادي والسياسي الغربي كمشروع للهيمنة. وإذا كان المشروع الغربي قد تعزز بالدائرة الأمريكية في المجالين السياسي والعسكري وأصبح جزءاً من آليات هيمنتها الراهنة على العالم، فإن المعركة قد اتخذت أشكالاً أخرى أبرزها صور الاختراق الثقافي والإعلامي، وهو الاختراق الذي ينظر منه لعب أدوار جديدة في أفق الصراع الاستراتيجي الدائر اليوم في العالم، الصراع الذي أعلنت مؤسسات البحث العلمي والأيديولوجي موضوعه المتمثّل في معركة الغرب الأمريكي ـ الأوروبي ضد الإسلام والأيديولوجيا الإسلامية باعتبارها أيديولوجيا تعادي تماماً المشروع الحضاري الغربي.

 

عادت إذاً عناصر جبهة الصراع: الغرب ـ الإسلام إلى الظهور ضمن متغيّرات جديدة مخالفة للمتغيّرات التي صاحبت ميلاد المشروع الإمبريالي في صورته التي تنتمي إلى نهاية القرن الماضي)[14].

 

إنّ هذا النص، والنصوص الأخرى المتقدمة التي تعزز رؤية الإمام الخميني حول الإعلام، توضّح إلى أي حد ينطوي خطاب الإمام على الدقّة والملاحقة والمتابعة لحركة العالم، وحركة العصر، السياسية والإعلامية، وموضع الإسلام في هذه الحركة، فالكلمة أو العبارة في نص الإمام، وإلى أي حقل انتمت، إنما تأتي تتويجاً لخبرة مكثّفة بطبيعة المواجهة القائمة، فهذه المواجهة وعلى الرغم من أشكالها السياسية وغير السياسية الخطيرة، يمثّل الإعلام الأداة الأخطر فيها والأداة التي تصنع معنى التحدّي في القرن القادم، كما في القرن الحالي، ومن هنا فإن الإمام عندما يقول: ( إنّ الإعلام يمثّل مفتاح إدارة العالم) في وصيته السياسية الإلهية، إنما هو يشير إلى هذا العنوان لتحدّي المواجهة.

 

بقي أن نقف معكم حول تحذيرات الإمام من السياسة الإعلامية العدوّة، وأشكال هذه السياسة، الترفيهية، والاستهلاكية، والتجهيل وإثارة التشاؤم والقلق.

 

إنّ واحداً من أهم أشكال السياسة الإعلامية الغربية والإعلامية التابع لها في المنطقة، يتمثّل بسياسة التجهيل بواقع ما يحصل من خفايا تحرّك الأوضاع المحلية، والأوضاع الدولية، فبالإضافة إلى المنهج الإعلامي المتبع الذي يتعاطى مع المعلومات بشكل فوضوي ولحظوي وموجّه، فإن الإرباك الذي سيصل إليه المتلقّي لهذه المعلومات، هو نتيجة حتمية؛ وذلك عندما يتعامل مع كم هائل متدفّق يومي من المعلومات والتحليلات عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف، وبدلاً من أن يساهم هذا الكم الإعلامي في توعية المتلقّي، وإيصال المعلومة الصحيحة إليه فإنه سيؤدّي به إلى الإرباك، واللامبالاة والقلق، والتشاؤم في حرف الشباب عن (مسير الحياة العادي وعن العمل والصناعة والإنتاج والعلم وتنقلهم إلى الغفلة عن ذاتهم وشخصيتهم أو إلى التشاؤم وإساءة الظن بكل شيء)[15].

 

ويسمّي (هربرت شيلر) كل ذلك بالسلبية التي تدمّر القدرة على الفعل الاجتماعي الذي يمكن أن يغيّر الظروف التي تحدّ من الإنجاز الإنساني، ويقول: (إنّ الجهاز الإعلامي بوجه عام ينطوي على السلبية، فليس هنالك ما هو أسهل من إدارة مفتاح التشغيل والاستلقاء على الأريكة، وترك الصور تشقّ طريقها دون واسطة إلى الذهن، وعندما يتمّ إكمال هذا الميل الخاص بأدوات الاتصال المعدنية بالبرامج المعلّبة التي تسعى عامدة إلى إحداث نفس التأثير المعطل، فإن النتيجة عادة تكون مذهلة)[16].

 

والتعليب يعني التخدير السلبي للإنسان وتجميد وعيه.

 

(هربرت شيللر) الأميركي هو أستاذ مادة (وسائل الاتصال) بجامعة كاليفورنيا في العام 1972م، وعمل قبل ذلك أستاذاً بمعهد (برات) ببروكلين بنيويورك وجامعة الينوي وجامعة امستردام. وهو عندما يشخص السلبية في مظاهرها التشاؤمية أو المرتبطة بسياسة التجهيل أو التخدير أو الغفلة عن الذات ـ كما يسمّيها الإمام ـ فهو يمارس ذلك انطلاقاً من قدراته التخصصية واحتكاكه المتواصل بوسائل الإعلام الأميركي والرأسمالي الغربي.

 

إلا أنّ السؤال هو حول قدرة الإمام الخميني على قراءة هذا الدور الإعلامي بأشكاله المختلفة والتي تبلورت على ستة أشكال خلال نص واحد من نصوص وصيته.

 

وهي الشكل الترويجي للإستهلاك، والشكل الترفيهي الذي يسمّيه الإمام بالشكل التخديري، أو تخدير الشباب، والشكل التجهيلي، والشكل التشاؤمي بالإضافة إلى الشكل الإفسادي، والشكل الطاعن بالإسلام.

 

فهذه الأشكال الستة بما فيها الشكل الإفسادي، والذي يؤكّد كذلك الإمام عليه، تشكّل اليوم أزمة المجتمع الرأسمالي، وعلاقة الإعلام بهذه الأزمة ودوره فيها، حيث إنّ هذا المجتمع وبحكم حجم التضليل الذي تعرّض له من قِبَل الإعلام التابع للشركات الاحتكارية، والإعلام الحكومي المؤيد له والإعلام التجاري الذي يرفع شعار الترفيه اللامؤدلج، جعلتا (العبقرية المرعبة للنخبة السياسية الأميركية منذ البداية ـ كما يقول جورفيدال ـ قادرة على اقناع الشعب بالتصويت ضد أكثر مصالحه أهمية).

 

كما أنّ استغلال الثورة الاتصالية والوسائل الالكترونية في المجتمع الرأسمالي دفعت للقول: (إنّ حقائق التاريخ التي لا سبيل إلى إنكارها تؤكد التكهّنات المتشائمة والواقعية في آن معاً، والقائلة بأن اقتصاديات وسائل الاتصال التجارية، كما يجري تنظيمها وتمويلها في الوقت الحاضر، سوف تطمس، إن لمن تقض على الكثير من الآمال البراقة لهذا الجيل الرابع، وربما الأعظم على الإطلاق من الوسائل الالكترونية للإعلام)[17].

 

من هنا يأخذ خطاب الإمام الخميني أهميته في كونه يأتي إفرازاً لخبرة متراكمة، وتأتي آراؤه منسجمة إلى حدّ بعيد مع الوقائع العلمية، ومع أدق الاستنتاجات التخصصية في تشخيص واقع العالم السياسي والإعلامي، إذ إنّ مفردات حول حقل الإعلام، في نص صغير من نصوص وصيته، مثل الغفلة عن الذات، والتشاؤم والاستهلاك في الترويج الإعلامي، والإفساد والتخدير.

 

إنّ هذه المفردات تلخص أزمة المجتمع الأوروبي، ودور الإعلام في هذه الأزمة، وتابعية إعلام المنطقة الذي ينقل مظاهر هذه الأزمة إلى الشعوب الإسلامية.

 

إزاء هذا التدمير والتخدير والقلق الذي ينتجه الإعلام الغربي والإعلام التابع، يستنهض الإمام البعد الإعلامي من الفكر الإسلامي، بشكله الكلي، أي بمسؤولية كل إنسان مسلم في التبليغ للإسلام، إذ (إنّ دائرة الإرشاد الديني هي من أكبر وأهم الدوائر في الحكومة الإسلامية، ويشكّل منتسبوها جميع أبناء الشعب من رجال ونساء)[18].

 

وينطلق الإمام الخميني في هذا التصوّر من واجب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الذي يشكّل أسمى فرائض الدين الإسلامي، وينطلق من دور الكلمة في الإسلام فالكلمة الطيّبة كالشجرة الطيّبة، والكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة، ومن هنا أيضاً تبرز( الطوعية الذاتية) في الإعلام أي: دور الإنسان الذاتي الذي يأتي في سياق حياته العامة الخاضعة لتعاليم الإسلام، فهذه التعاليم ستدفع أي إنسان إلى أداء دوره الإرشادي، والإعلامي في العملية الإعلامية العامة.

 

إذاً وعبر النظام الإسلامي فقط يمكن مواجهة التحدّي أو التهديد الذي شكّلته وستشكله حالات غزو الأقمار الصناعية، ومحطات البث التلفزيوني على بنية المجتمعات الإسلامية، وطبيعية القيم الإسلامية، حيث يمكن مواجهة هذا التهديد عبر:

 

1ـ الإمساك بوسائل الإعلام وتوجيهها ضمن القيم الإسلامية.

 

2ـ التصدّي لأدوات هذا الغزو الفضائي الإعلامي القادم.

 

3ـ تحريك استعداد الإنسان الذاتي للقيام بدوره الإعلامي لمواجهة مخاطر الإعلام الفتّاك.

 

ولاشك أنّ نظرية الطوعية الذاتية لا تكتفي في مواجهة الهجمة الإعلامية، إنما هي يجب أن تأخذ دورها جنباً إلى جنب مع حركة الإعلام التخصصي: المجلاّت والصحف والإذاعات والتلفزيون والمسرح ومراكز الدراسات الإستراتيجية والمطبوع الثقافي والفكري، والكتاب، والسينما، فإذا لم تتكامل هذه الأدوات والوسائل الإعلامية مع الواجب الفردي لممارسة دوره في التبليغ الإسلامي، انطلاقاً من بناء صرح الكلمة الطيّبة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لم يستطع الإعلام الإسلامي النهوض بواجباته الكبرى، ومسؤولياته الضخمة، في مواجهة أشكال الاكتساح الإعلامي الغربي والتابع للمنطقة، وقد لا توجد هناك حاجة للتأكيد على أن قيم الإسلام قادرة على إثراء العملية الإعلامية بالشكل الذي يفضح أساليب التضليل والزيف والدجل الذي يمرر اليوم بأساليب فنية خطيرة عبر التقنيات الإعلامية.

 

إنّ الواقع الإعلامي الإسلامي الآن هو بدرجة من الضعف تجعله عاجزاً أمام حركة الإعلام الآخر المتدفّقة كالسيل الهادر من الأخبار والتحليلات والآراء اليومية، ويسجّل الإمام الخميني حقيقة الضعف والعجز هذه بالقول: (أية أكاذيب وتهم لا يلصقها المتحدثون والكتّاب المرتبطون بالقوة الكبرى بهذه الجمهورية الإسلامية الناشئة؟ مع الأسف إنّ أكثر دول المنطقة الذين يجب بحكم الإسلام أن يمدّوا لنا يد الأخوة هبّوا لعدائنا وعداء الإسلام، وهجموا علينا من كل صوب خدمةً لأكلة العالم، وإعلامنا ضعيف وعاجز، وتعلمون أنّ العالم اليوم يدار بواسطة الإعلام)[19].

 

الإعلام ـ إذن ـ هو حقل إدارة العالم، بشؤونه السياسية، ويخلق الوعي والثقافة والمزاج الإنساني والتربية والتأثير على البنى الاجتماعية، هذا الحقل الإداري ـ الإعلامي غصّ بالأدوات الإعلامية التي طوّرتها ثورة الاتصال، والتكنولوجيا، وأساليب الذكاء الاصطناعي التي انعكست على حركة العالم الإعلامية، بما ترك آثاراً واضحة على الحياة، وساهم في تغيير وجه العالم، وأدى دوراً كبيراً في حرف الشباب عن (المسير العادي للحياة) على حد تعبير الإمام الخميني... وإزاء ذلك يرى الإمام، وبناءً على تلك التصورات وبناءً على المسؤولية المشتركة للحوزة والجامعة والتعبئة، والشعارات، والدور الكلي لمؤسسات الدولة الإعلامية، والمسؤولية الكلية للأمة، يرى إمكانية النهوض بالإعلام من مستوى(العجز) الذي يقرره بالوصية، إلى مستوى القدرة على إبراز (جوهرة الإسلام الثمينة) للعالم، كما يقول في الوصية أيضاً.

 

اعلام الدولة... والإعلام الطوعي

 

أين هي أزمة الإعلام في تشخيص الإمام؟ ولماذا إذاً تراجع العالم الإسلامي إلى ما يعيشه الآن من واقع متردّي؟ لنقف أولاً على هذا النص من وصية الإمام ونرى فيما بعد أين تكمن هذه الأزمة في جزء مهم من أجزائها.

 

يقول الإمام في وصيته (إنّ مسؤولية التبليغ لا تنحصر بوزارة الإرشاد، بل هي واجب كل العلماء والخطباء والكتّاب والأدباء والفنانين وعلى وزارة الخارجية أن تعمل على أن يكون للسفارات إصدارات تبيّن للعاملين الوجه المشرق للإسلام فلو بان هذا الوجه وخرق حجب أعداء الإسلام وأشكال سوء الفهم لدى الأصدقاء وظهر بذلك الجمال الجميل الذي دعا له بكل الأبعاد القرآن والسنّة فيشدّ الإسلام العالم إليه وترتفع رايته خفّاقة في أرجائه.

 

أي مصيبة أشد وأكثر إيلاماً من أنّ المسلمين وعندهم جوهرة لا نظير لها منذ بداية العالم إلى نهايته لم يستطيعوا عرضها وهي الجوهرة الثمينة التي يتوجّه إليها كل إنسان بفطرته السليمة؟ والأمرّ من ذلك أنّ المسلمين أنفسهم غافلون عنها وجاهلون بها وأحياناً فارّون منها).

 

إنّ الأزمة تكمن في التبليغ وأساليبه.. إنها تقع في الدائرة الإعلامية وتتحوّل إلى مسؤولية أساسية فيها أولاً، وتمتد إلى الدوائر الإعلامية الفاعلة الأخرى ثانياً، والى كل إنسان مسلم يبلغ من خلال سلوكه أو لسانه أو قلمه، وحتى الآن لم يثبت الإسلاميون أنهم قد نجحوا في أساليب العرض التي يعتمدونها لأسس الفكرة الإسلامية التي يؤمنون بها.. إنهم أجادوا التفاني من أجل هذه الفكرة، لكنهم لم يجيدوا حتى الآن إظهار الوجه الإنساني والجمالي والحضاري للفكرة الإسلامية؛ ولذا فإن تراجع العالم الإسلامي يعود في جزء منه إلى هذه الأزمة، ولو كان الإسلاميون يعطون اهتماماً أكبر للإعلام ودوره وبما أصبح يمثّله من محور لعجلة الحياة كما يقول الإمام، لَمْا كان حال العالم الإسلامي كما هو عليه الآن، فالإنسان بفطرته (سلمي) مع الحق والعدالة والقيم والأخلاق، والإنسان يتأثّر فطرياً بأسلوب الإقناع والاقتناع، وبالتالي فإنه إذا ما واجه أساليب عرض حاذقة لفلسفة الحق والعدالة التي يقوم عليها الفكر الإسلامي فإنه لا يمكن أن يبقى(حيادياً).

 

إنّ جزءاً من عالم اليوم الاستغلالي والاضطهادي هو عالم عصابات ومستغلين ونفعيين.. إنه عالم لا يصلح أن يكون مقياساً لتجاوب الإنسان مع الحق أو عدم تجاوبه، كما أنّ أكثر الشرائع البشرية وقعت ضحية لأساليب الدعاية المخططة لهذه العصابات، وضحية لمشاريعها الافسادية ولأنماط خاصة من الحياة الاستهلاكية التي تخبئ القيم في ظلها وراء جدران من سموم البرامج والخطط التربوية والتعليمية التي تسهر عليها هذه العصابات من أجل أن تمسخ الأجيال البشرية وتنشئها على الفساد والانحلال.

 

وفي حديث للإمام في هذا الإطار لأعضاء مؤتمر دراسة جرائم أميركا في إيران يقول:

 

(جميع أجهزة الإعلام الأجنبية تخدم القوى الكبرى. إننا لا نستطيع إيصال نداء هذا الشعب المظلوم إلى العالم.

 

إننا لا نملك وسائل ذلك. كل صحف العالم تكتب ضدّنا محطّات الإذاعة والتلفزيون تذيع الأكاذيب ضدّنا، وقد وصفوا إيران في الخارج بالغابة يعيش فيها جماعة متوحّشة تفتك بالناس وتقطع أثداء النساء وتفعل كذا.. وكذا. كيف يمكن أن نوصل صوت هذه الأمة المظلومة إلى العالم؟.. ومن يوصل ذلك إلى العالم؟ كلهم في خدمة الأقوياء.. لنر الآن أنتم أيها السيدات والسادة الذين جئتم واستقصيتم الحقائق هنا، هل تستطيعون، وهل تملكون القدرة على إيصال صوت إيران إلى العالم؟ وهل تستطيعون أن تقولوا الحقيقة؟ .. نحن لا نريد منكم أن تدعمونا، فقط قولوا الحقيقة، قولوا لشعوبكم الحقيقة فقط)[20].

 

كان الإعلام ولا زال يقوم بدور خطير جداً في إدارة الحياة العامة وتحديد المواقف الكبرى في الأزمات والقضايا المصيرية، كما أنه تحوّل إلى عنصر من عناصر التربية الاجتماعية والتثقيف والتطوير، وفي العالم الإسلامي أثبتت السنوات الأخيرة بأن الإعلام لم يقم بدوره لا على الصعيد الاجتماعي ولا على الصعيد التربوي ولا على الصعيد السياسي، حيث بقي هذا الإعلام خاضعاً لمجموعة من الشكليات (التقيمية) المصطنعة، سواء ما تعلّق منها بالمصطلح الأجنبي أو بالمصدر أو بنوع المادة التي يتعاطاها هذا الإعلام، والأخطر من الشكليات المذكورة كان يتلخّص بدور الإعلام، الذي عكسته تجربة السنوات الماضية، فيمكن القول: أنّ هذه التجربة وظّفت الإعلام توظيفاً سيئاً، فحوّلت دوره من دور بان ومُربّ للأمة إلى دور مادح للسلطة السياسية ومبرر لأخطائها، ومدافع عنها، وباحث عن تخريج الخيانات والأخطاء الكبرى والسياسات المنحرفة، ومفتّش عن الأطر المؤولة والمفسّرة بطريقة لا شرعية.

 

كان الإعلام العربي والإسلامي الرسمي قد مارس مهمة امتصاص القيم الخيانية والقرارات الخيانية والتحالفات الخطيرة. كان مدافعاً عن مجيء الأساطيل الكبرى إلى مياه المنطقة.

 

كان الإعلام بجزئه الأكبر يسهل مهام السياسة الدولية التآمرية على المنطقة، وكان ولا زال يقف بضراوة محارباً حركات التحرر والقوى الإسلامية والمدافعة عن المثل والقيم والأصالة والمطالبة بالاستقلال عن مفاهيم الغرب والشرق السياسية والفكرية، مستنفراً كل ما في خزين اللغة من مفردات أتّهامية ووصفية سلبية، كالإرهاب والتطرّف والتعصّب، والقوى الظلامية وما إلى ذلك من مفردات وصفية.

 

ولقد كانت أساليب وأنماط تمرير هذا التحريف الخطير للقضايا تعتمد على فن الإثارة وعلى اللجوء إلى المصطلحات الغربية وعلى قضايا الإخراج والعرض الإعلامي، بعدما مهّدت أرضية الانسجام معها وتقبّلها في العقل الجماعي العام، إلى الدرجة التي تحوّلت فيها هذه الأنماط إلى مقياس للكفاءة أو تقييم أي عمل إعلامي، بعيداً عن ماهيته وجوهره ومحتواه، فيما أنّ المقياس الأول والأخير يجب أن يتعلّق بجوهر وقيمة المادة الإعلامية، والمبدأ الأساس فيه هو الاقتراب من الأصالة ومن الثقافة الإسلامية، والابتعاد عن المظاهر الثقافية الغربية التي تركت بصماتها على كل مجالات الحياة الإسلامية.

 

انطلاقاً من هذا الدور الخطير وأنماط الممارسة المنحرفة للإعلام كان الإمام يوصي أولاً بتحشيد كل الأساليب والآليات العلمية الفاعلة في نشر كلمة الإسلام الحقّة، والترويج للمبادئ الإلهية، لا سيّما وأنّ هذه المبادئ تحمل عناصر الإقناع الطبيعية التابعة من صفات الحق والصدق فيها.

 

إنّ الإمام، يتكلم هنا بلسان الواثق من أنّ جمال القيم والمبادئ الإسلامية الحقّة هي ضمانة التصديق والتفاعل معها من قِبَل الإنسان، لا سيّما إذا كان هذا الإنسان نظيفاً بفطرته وغير ملوث بآفات الانحراف العصرية.

 

فليس من مبادئ أخرى قادرة على مخاطبة هذه الفطرة مثلما تستطيع المبادئ الإسلامية القائمة على فلسفة العدالة والتوحيد والحق والنابذة لكل أساليب الزيف والتضليل والالتواء وتزوير الأفكار والقيم التي تلجأ إليها بعض المدارس الإعلامية المادية والهادفة إلى تخريب الإنسان فكرياً وأخلاقياً، ولقد تمكّنت بالفعل هذه المدارس من تحقيق أهدافها التخريبية طوال العقود الماضية، وحيث كان الإعلام الإسلامي الأصيل غائباً عن مسرح الأحداث بفعل مؤامرة فصل الدين عن السياسة.

 

إنّ الإمام مثلما يلقي الضوء في وصيته المباركة على هذا الجانب التخريبي من خلال القول: (الإذاعة المسموعة والمرئية والصحافة ودور السينما والمسارح من الوسائل المؤثرة في تدمير وتخدير الشعوب وخاصة جيل الشباب)، فإنه في مكان آخر من هذه الوصية يوصي بأن نكون يقظين من الوقوع في فخ شعار الحرية؛ لئلا نكون ضحية لهذا الشعار في ممارسة الخلط فيما هو عصري، لكنه إفراز لنمط الحرية الغربية ذات الآثار الإفسادية المدمّرة، وبينما هو يجسّد الحرية فعلاً في حدودها وضوابطها الشرعية.

 

إنّ ما حصل من صور ترجمة لشعار الحرية الغربي في العالم الإسلامي هو انعكاس لتلك الأهداف المروّجة للممارسات الشاذّة وتقييد لإبداء الآراء في قضايا العالم الإسلامي المهمة والقرارات السياسية المصيرية، فأي كلمة اعتراضية أو توضيحية يواجهها حكام المنطقة بذريعة(الحفاظ على الأمن القطري أو الإقليمي) للبلاد، في حين أنّ هذه البلاد لا تهتزّ عندما تكون عرضة لمؤامرة التغريب والتخريب الأخلاقي والفكري!!

 

فالمطلوب إذاً كما يراه الإمام هو ممارسة العمل الإعلامي وفق ضوابطه القرآنية، وأن (يتصدّى بحزم لِمْا يخالف الشرع ولِمْا يعرقل مسيرة الشعب والبلد الإسلامي ولما يتنافى وكرامة الجمهورية الإسلامية). (الوصية).

 

المطلوب هو بلورة نظرية إعلامية قرآنية أصيلة واضحة في مقاييس التقييم وعناصر التشريع ومدعمة بأساليب طرح شرعية، كما أنها نظرية تقوم على أدوات متعددة وشاملة. وفي جانب من جوانبها فهي تقوم على ما تقوم عليه النظرية التعبوية في عنصر الطوعية الذاتية.. انطلاقاً من تحريك الإحساس بالمسؤولية الشرعية الملقاة على عاتق كل إنسان مسلم في الدفاع عن الإسلام، إذ يقول الإمام في إطار تحريك هذه المسؤولية في حديث له بمناسبة الهجرة النبوية الشريفة 1400هـ يقول: (أرجو من السادة الذين حضروا إلى إيران لمشاهدة نموذج من جرائم الشاه المخلوع في (بهشت زهراء) حيث القبور المضرّجة لشهداء الإسلام المدفونين بدمائهم ورأوا عن كثب مشهداً صغيراً من المشاهد الكبرى لجنايات أميركا والشاه المخلوع.. أن يكونوا حملة صرخة شعبنا المظلوم في إيران لكل العالمين، ويحبطوا الدعايات التي تنتشر بتمويل سخي من أميركا والصهيونية ضدّنا؛ ليكونوا قد أدّوا واجبهم تجاه الإنسانية).

 

ويقول الإمام في نداء له بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك 2 ذي الحجة 1402هـ : ( يجب على علماء الدين المحترمين والكتّاب والخطباء الملتزمين أن يبادروا حينما تحين الفرصة المناسبة أمام المسلمين إلى مواجهة الدعايات المسمومة لوسائل الإعلام التابعة لأميركا وإسرائيل، العاملة على بثّ الشائعات والأكاذيب ضد الإسلام والجمهورية الإسلامية في إيران، وأن يدافعوا عن الإسلام والثورة الإسلامية ويظهروا الوجه الحقيقي لهذه الثورة أمام العالم، وأن يحيطوا شعوب العالم علماً بتلك الإنجازات الإسلامية التي حققها الشعب الإيراني الملتزم بجهاده المتواصل، بالرغم من كل ما يعانيه من مشاكل وعقبات يضعها أعداء الإسلام في طريقه، في الداخل والخارج.

 

وأن يعملوا على توعية المسلمين، ويكشفوا النقاب عن التّهم التي تبثّها الأبواق الإعلامية المعادية، ويفضحوا مؤامرات أميركا وأتباعها ويُطلعوا العالم على الهجوم الذي شنّه جيش صدام العفلقي على الجمهورية الإسلامية في إيران بأمر من أميركا وبمساندة الدول التابعة لها).

 

ويقول في نداء إلى حجاج بيت الله الحرام في 1 ذي الحجة 1406هـ. ق: (مسؤوليتكم ثقيلة جداً وحركاتكم في حضور الله ومراقبة أولياء الله وملائكته، وهي إضافة إلى ذلك أمام أنظار الآلاف من حجاج البلدان الإسلامية وحجاج مختلف بقاع العالم.. ومن الممكن أن يكون قسم من هؤلاء قد تأثّر بما تشيعه وسائل الإعلام المعادية للإسلام وإيران، فهذه الأبواق تبذل جهدها صباح مساء لبثّ الأكاذيب حول الإسلام والشعب الإيراني وحول المسؤولين العاملين في هذا البلد المظلوم، وتعكس عن الشعب الثائر لهذا البلد صورة غير واقعية.

 

ولعلّ هذه الإشاعات أثّرت في بعض المسلمين أو جعلتهم في حالة مبهمة، وهكذا فإن شعبنا العزيز والمعوقين والشهداء الأحياء وذويهم، وهم ليسوا بقليلين في القوافل، يراقبون أعمالكم، ها أنتم أمام هذا العبء الكبير والأمانة الإلهية والتكليف الإسلامي والوجداني والفطري).

 

ويقول الإمام[21] في خطاب له مع مجموعة ضيوف أجانب: (أيها السادة الكرام الذين شرّفتمونا من بلاد مختلفة لقد سمعتم بمظلومية هذا الشعب، وإنني لآمل في أن توصلوا مظلوميته هذه إلى العالم وأن تفهموا شعوبكم أنّ هذا البلد ليس كما يصوّره الإعلام الأمريكي والصهيوني واصفاً إيّاه بأنه بلد متوحّش).

 

وفي نص آخر وأخير له[22] وفي خطاب مع ممثلي حركات التحرر يقول: (حب الشهادة هو من أجل القرآن الكريم، ليكن ضيوفنا الأعزاء الذين وفدوا إلى هنا حملة رسالة إيران إلى شعوب العالم لا تستكينوا ولا تجلسوا ليعمل عملاء أميركا ضدّكم.. إنهم يفكرون بشهواتهم فقط).

 

تدور هذه النصوص في إطار الطوعية الذاتية لتبلور خطّاً من خطوط النظرية الإعلامية، يضاف إلى الخط الذي يتمثّل بالجهاز الإعلامي الإرشادي كوزارة تخصصية في هذا المجال، ويضاف إلى الدائرة الأكثر شمولية المتمثّل بجهاز الدولة الإسلامية برمّتها كمسؤولة عن تهيئة الجهد الإعلامي المطلوب.

 

إنّ الإمام بقدر ما يؤكّد هنا على ضرورة الاهتمام بالإعلام ويعطيه أهمية خارج حدود الدائرة التخصصية، ويعتبر أنّ هنالك وزارات أخرى في البلاد لا تقلّ مسؤوليتها في المجال الإعلامي عن وزارة الإرشاد.. بقدر ما يؤكّد الإمام على ذلك فإنه يحذّر من ناحية أخرى من أساليب الدعاية المعادية والعمل الإعلامي الذي تقف وراءه شبكات تخطيط دولية، وهو في نفس الوقت يركّز على دور هذه الشبكات في المجال التربوي والتعليمي، فالخطط العدوّة متداخلة إعلامياً وتربوياً ودعائياً، وفقط من ينظر إلى الأمور بمنظار شمولي هو من يدرك ماهية هذا التداخل وأبعاده، ويدرك الأهداف العدوّة النهائية من ورائه.. ومن هنا تبدو أيضاً أهمية عنصر الشمولية في العمل الإعلامي الإسلامي، فالإعلام الإسلامي يجب أن يواكب ويرصد ويلاحق بدقّة الحركة الإعلامية والدعائية العدوة وأن يغطّيها بأحكام، حتى يستطيع في النهاية أن يبرز الوجه الحقيقي للإسلام، وحتى يستطيع أن يوظّف القدرة التأثيرية التي يتميّز بها الفكر الإسلامي.

 

كما أنه يجب أن يسيطر على الأدوات الإعلامية بقوة، حيث يقول الإمام في هذا الإطار (وإنني أعلنها صراحة لكل من له يد في الإذاعة المسموعة والمرئية والصحافة، وحتى لأولئك الذين يرددون أقاويل الآخرين، أعلنها صراحة: أنني ما دمت حيّاً لن أسمح بوقوع الحكم بأيدي الليبراليين. وما دامت موجوداً فلن أسمح للمنافقين بتدمير إسلام هذه الجماهير التي لا ملجأ لها.. وما دمت موجوداً فلن أعدل عن مبدأ اللاشرقية واللاغربية، وما دمت موجوداً فسأقطع أيدي أميركا وروسيا عن كافة المجالات)[23].

 

من خلال ما تقدّم يتضح أنّ رؤى الإمام الإعلامية تتلخّص بالتالي:

 

أولاً: عنصر الطوعية ـ الذاتية التي تشكّل محور الجهد الإعلامي ومحور النظرية الإعلامية في جانبها العسير.

 

ثانياً: توسيع دائرة المسؤولية الإعلامية على كل مرافق وأجهزة الدولة الإسلامية حتى وإن بدت وزارة الإرشاد تمثّل المحور.

 

ثالثاً: عنصر الشمولية بما يغطي كل جهد أو حركة إعلامية أو دعائية خارجية من قِبَل أعداء الثورة.

 

رابعاً: تهيئة وضبط الأدوات والأجهزة الإعلامية.

 

دراسات الكاتب:

 

الخطاب الثوري.. البنية، الثوابت، الملامح [1]

 

الخطاب الثوري.. البنية.. الثوابت.. الملامح[2]

 

الإمام الخميني والمنهج الثوري

 

الدول الكبرى.. النظام الدولي..

 

الغرب والحضارة الغربية خطوط المواجهة.. وشروط التفاعل

 

التخريب الثقافي والفكري: الجامعة ـ الحوزة

 

القيادة الإسلامية

 

الإمام الخميني والنظام الدفاعي

 

الإمام الخميني رجل القرن العشرين، ورجل القرن الحادي والعشرين

 

الجذر المعتقدي للاستشراف الخميني

 

ــــــــــ

 

[1] الوصية الإلهية ـ السياسية

 

[2] هربرت المتلاعبون بالعقول، مصدر سابق، ص 183.

 

[3] الإسراء: 36

 

[4] مدحت محفوظ، ناقد سينمائي مصرين مجلة العربي الكويتية، حزيران 1995م.

 

[5] المصدر السابق.

 

[6] المصدر السابق.

 

[7] المصدر نفسه.

 

[8] الوصية الإلهية ـ السياسية.

 

[9] هربرت شيلر: المتلاعبون العقول، مصدر سابق، ص30.

 

[10] شوقي رافع، مجلة العربي، مصدر سابق.

 

[11] الوصية الإلهية ـ السياسية.

 

[12] رأفت بهجت الإسلام والمسلمون على شاشة السينما العالمية، مجلة العربي، مصدر سابق.

 

[13] عيسى شريط في مقال له حول تابعية السينما الجزائرية، منشور في مجلة العربي، مصدر سابق.

 

[14] الدكتور، كمال عبد اللطيف، نقد المركزية الثقافية الغربية، أنماط المواجهة الحضارية، مجلة العربي، مصدر سابق.

 

[15] الوصية الإلهية ـ السياسية.

 

[16] شيلر، مصدر سابق.

 

[17] ستانلي سكوت، دروس مستفادة من التاريخ الإذاعي الأميركي ، منشور في مجلة ساينس 22 ديسمبر/ كانون الأول 1972 ص 1246.

 

[18] كشف الأسرار، ص 264.

 

[19] الوصية الإلهية ـ السياسية.

 

[20] (3_5) حزيران1980م.

 

[21] بتاريخ 13/2/1982م.

 

[22] بتاريخ 14/6/1982م.

 

[23] كيهان العربي، العدد 1606.