وجّه الأمين العامّ لحركة «الجهاد الإسلاميّ في فلسطين»، زياد النخّالة، رسالة إلى الإمام الخامنئي، أكّد فيها وحدة فصائل المقاومة الفلسطينيّة في غزّة  في المعركة ضد العدوّ الصهيونيّ، كما شكر دعم جمهوريّة إيران الإسلاميّة ووقوفها إلى جانبهم. في معرض الردّ على هذه الرّسالة، وجّه الإمام الخامنئي رسالة تحدث فيها عن الحفاظ على وحدة الفصائل الفلسطينيّة واستمرار الجمهوريّة الإسلاميّة في دعمها المقاومة ومؤازرتها.  لتحليل المعركة الأخيرة للمقاومة ضد الكيان الصّهيوني، أجرى موقع KHAMENEI.IR الإعلامي حواراً مع القائد العام لحرس «الثورة الإسلاميّة»، اللواء حسين سلامي.

 

وجّه الأمين العامّ لحركة «الجهاد الإسلاميّ في فلسطين»، زياد النخّالة، رسالة إلى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، أكّد فيها وحدة فصائل المقاومة الفلسطينيّة في غزّة وتلاحمها في المعركة ضد العدوّ الصهيونيّ، كما شكر دعم جمهوريّة إيران الإسلاميّة ووقوفها إلى جانبهم في النّضال ضدّ الصهاينة.

 

في معرض الردّ على هذه الرّسالة، وجّه الإمام الخامنئي رسالة تحدث فيها عن الحفاظ على وحدة الفصائل الفلسطينيّة واستمرار الجمهوريّة الإسلاميّة في دعمها المقاومة ومؤازرتها.

 

المحاوِر: شهدنا في العام الماضي موقفاً موحّداً لحركات المقاومة ضدّ العدوّ الصهيوني في معركة «سيف القدس»، الأمر الذي لوحظ أيضاً في المعركة الأخيرة للمقاومة ضدّ الصهاينة. يبدو أنّ المقاومة في فلسطين ضدّ العدوّ الصهيوني تدخل مرحلة جديدة مقارنة مع الماضي. ما الميزات لتاريخ المقاومة الجديد، وما الذي يميّزه عن المدة السابقة؟

 

اللواء سلامي: بسم الله الرّحمن الرّحيم. شهدت النهضة في فلسطين مع انقضاء الوقت نضوجاً وتنامياً ملحوظاً بصورة متواصلة، أي دون انقطاع. النّضال ينتقل من كونه حركة بالتناوب إلى حركة متواصلة. هذه هي الميزة الأولى. شاهدتم خلال الأوقات السابقة معارك وصراعات مع مسافات زمنيّة كبيرة ولم تكونوا تلاحظون الاستمرار والتتابع الحالي للنضال. على سبيل المثال، كانت الاشتباكات تحدث خلال الأوقات السابقة مع فواصل زمنيّة طويلة في نقاط وأوقات محدّدة ووتيرة وأهداف محدّدة. على مرّ الزّمن، ارتقت أبعاد النّضال وأينعت مواهب الفلسطينيّين لتجعل النّضال متواصلاً ومتتابعاً.

 

منذ بداية شهر رمضان هذا العام، أي منذ آذار/مارس 2022 الذي صادف تقريباً شهر رمضان المبارك، لم تنطفئ أبداً مشاعل هذه المقاومة التي توهّجت في الأراضي المحتلّة، وقد بتّم تلاحظون باستمرار أنّ هذا النضال متواصل في الأراضي الفلسطينيّة كافة. منذ بداية العام حتّى اليوم لقي العديد من الصهاينة حتفهم إثر عمليّات فصائل المقاومة داخل الأراضي المحتلّة، ولا تمكن مقارنة هذا الأمر بأيّ شيء مع العام الماضي عدا «سيف القدس».

 

استمرار الجهاد مهمٌّ جدّاً لأنّه يقوّي الهيكليّة وروح الجهاد والوسائل التقنيّة والأسلحة والتجهيزات والتقنيّات والتكتيكات والتدريبات وينمّيها. لذلك، يواجه الفلسطينيّون مساراً عصيّاً على التوقّف في ما يرتبط بالارتقاء الكيفي في النضال.

 

النقطة التالية هي أنّ هذا النضال في الأراضي المحتلّة اكتسب شموليّة. فلا يقتصر الأمر على حضور غزّة في ميدان المقاومة والنضال، بل إنّ هذه الحالة انتقلت أيضاً إلى الضفّة المحتلة. أنتم تسمعون كثيراً أسماء جنين ونابلس ورام الله وطولكرم والشيخ جرّاح وأمثال هذه المناطق. هذه هي المدن الأساسيّة للضفّة. لا يوجد أيّ اتصال جغرافيّ بين الضفّة وغزّة. هاتان المنطقتان كالجزيرتين المنفصلتين وهما خاضعتان لحصار الصهاينة. لديهم جدران مسلّحة ذات ارتفاع ستّة أمتار على سبيل المثال، وهي ذات سماكة كبيرة وفيها أجهزة استشعار إلكترونية وبصريّة عصريّة ومتطوّرة للغاية. هي تستشعر الذبذبات داخل الأرض أيضاً، إذ تكشف أيّ مكان يجري فيه حفر نفقٍ معيّن. لقد سخّروا داخل الرقعة الجغرافيّة الصغيرة لفلسطين المحتلّة الوسائل المتطوّرة والعصريّة كلّها بدءاً من المناطيد والطائرات دون طيّار وكاميرات المراقبة في الليل والنهار وصولاً إلى أجهزة الاستشعار الإلكترونيّة الخاصّة بجمع المعلومات وأجهزة قياس الذبذبات لكي لا يكون هناك أيّ تواصل بين البيئة الخارجيّة والبيئة الداخليّة لفلسطين المحتلّة. رغم هذه الحدود والقيود المفروضة كلها، ترون اليوم كيف يجري في فلسطين إطلاق المئات من الصواريخ والقذائف ضمن عمليّة محدودة. إدراك هذا المعنى، أي كيف استطاعت النهضة الفلسطينيّة رغم كلّ هذا الحصار الأمني الذي لا يمكن اختراقه في الظاهر أن تتمّكن من تجهيز نفسها بكميّة ضخمة من الصواريخ، أمرٌ شديد التعقيد.

 

راقبوا نهضة فلسطين منذ قبل عقدين تقريباً ومنذ استشهاد محمّد الدرّة حتّى الآن. كان الفلسطينيّون يحاربون فعلاً بالحجارة. الانتفاضة، وما الذي تعنيه كلمة الانتفاضة؟ الانتفاضة تعني ثورة الحجارة. هؤلاء كانوا يقاتلون بالحجارة ووسط الحصار والتدابير الأمنيّة الواسعة والمعقّدة. كيف يتمكّن هؤلاء الذين يدركون قدرة الترتيبات الأمنيّة للكيان الصهيوني في ما يرتبط بالسيطرة على الحدود ويعلمون أنّ المنطق الأمني للكيان الصهيوني جعل الحدود غير قابلة للاختراق من تصنيع السلاح وتوزيعه في تلك المناطق رغم هذا الفصل والحصار الاستثنائي؟ لقد أينع الشبّان داخل الأراضي الفلسطينيّة. فهذه القدرات ليست قدرات يمكن أن تُنقل من الخارج، بل هم اكتسبوا قدرة إنتاج القوّة من الداخل. إنّ بناء مثل هذه القدرة وفي مثل هذا المحيط الجغرافي لهو حقّاً من معجزات المقاومة الفلسطينيّة. إذا كانت قوّة معيّنة تنبع من الداخل، فإنّها لا تنتهي

 

خلال العام الفائت، شاهدتم تحرّر ستّة فلسطينيّين من سجون الكيان الصهيوني، وأعتقد أنّ غالبيتهم من الإخوة في «الجهاد الإسلاميّ» أيضاً. أن يتمكّن أحدٌ من التحرر من سجن الكيان الصهيوني ويُحدث نفقاً فيه، فإنّ هذا يعني جعل أنواع السيطرة الأمنيّة للكيان كلها تواجه التحدّيات. صحيحٌ أنّ هؤلاء الأفراد اعتقلوا مرّة أخرى لكن عمليّة التحرر نفسها من السجن، وفي تلك الظروف، تُثبت أنّ الفلسطينيّين قادرون على فعل ما يقرّرون فعله.

 

النقطة التالية هي أنّ الفلسطينيّين وصلوا في النضال إلى تكامل يُخوّلهم استهداف أيّ نقطة من الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. لا يوجد هامش أمانٍ للكيان الصهيوني لنقول إنّه توجد منطقة يُمكن للصهاينة أن يلجؤوا إليها ويكونوا في مأمن من نيران الفلسطينيّين. وحين تضيفون حزب الله في لبنان إلى هذه المعادلة أيضاً، سوف تلتفتون إلى أنّ مئات آلاف الصواريخ على سبيل المثال تصطفّ مقابل الكيان الصهيوني، وهؤلاء في مقدورهم أن يوجّهوا الضربات من الغرب، أي من قطاع غزّة، ويقدر حزب الله أن يوجّه ضرباته أيضاً من الشّمال لتشمل نقاط الكيان الصهيوني كلها، ويحدث التقاء للنيران لا يحدّه حدّ معيّن.

 

هل إنتاج القوّة لدى المقاومة، إن كان في لبنان أو فلسطين، هو مجرّد قوّة صاروخيّة وعسكريّة غير نظاميّة مع بعض الخصائص والميزات، أم تتمتّع بإمكانات أخرى أيضاً؟

 

لدى المقاومة في فلسطين وحزب الله في لبنان مرتكزات قويّة جدّاً. القوّة البريّة في فلسطين ولبنان اليوم قوّة قادرة في المعركة البريّة أن تسيطر كلياً على معادلة البقاء والممات، أي حزب الله في لبنان مع اعتماده على التجارب وثقته بالنّفس والتدريبات والعلوم والمهارات والتجهيزات والتكتيكات التي اكتسبها من معركته في سوريا ضدّ التكفيريّين بات يقدر اليوم على إدارة معركة بريّة كاملة وتحقيق النّصر فيها. ونحن جميعاً نعلم أنّ التكفيريّين يقاتلون دون خوفٍ من الموت، والمعركة مع التكفيريّين لا تتيسّر إلّا بالمجاهدين ذوي الإيمان. هي معركةٌ قاسية، والتفوّق عليهم كان عملاً صعباً، ومن يتفوّق عليهم، يكون فعلاً قوّة قويّة استثنائيّة، وحزب الله أنجز هذا الأمر وخرج من تلك المعركة منتصراً. أضيفوا على ذلك أنّ الفلسطينيّين مستعدّون اليوم أيضاً من أجل خوض المعركة البريّة. ونقطة الضّعف الأساسيّة لإسرائيل هي المعركة البريّة. معركة الصّواريخ ليست تلك النقطة الأساسيّة للمواجهة. هم يعلمون أنه ينبغي تحرير الأرض بالقوّة البريّة. الصّواريخ رائعة في ما يرتبط بالرّدع وإدارة الحروب الساكنة لكنّ الصاروخ لا يحرّر الأرض، ولا بدّ للقوّات البريّة أن تطأ الأرض بقدمها وتحرّرها خطوة بخطوة، وهذا ما حدث لنا في حرب «الدفاع المقدّس». حين تنتقل الحرب إلى المعركة البريّة ويتحرّك فيها المجاهدون الشجعان وذوو الخبرة في الميادين، في فلسطين أو حزب الله، ضمن اصطفافات عسكريّة، سوف تتحدّد نتيجة المعركة.

 

في أيّ ميدان؟ في الميدان الذي تتطابق فيه الجغرافيا السكانيّة والجغرافيا السياسيّة والجغرافيا العسكريّة مع بعضها بصورة متكاملة. فور أن تبدأ المعركة البريّة، سوف تتكثّف أمواج الهجرة السكانيّة العسكريّة وغير العسكريّة وتختلط الأمور بعضها ببعض ويختلّ التوازن لدى نظام القيادة وإدارة الحرب عند الصهاينة ويتمزّق. انظروا الآن: الأوضاع ليست أوضاع حرب. تحلّق طائرات الكيان بانتظام، والنقل يسير باستمرار، ومصافي الطاقة ومحطاتهم تعمل، والنظام الإداري سائد والكيان يعيش أجواء هادئة ومستوى منخفضاً من التوتّر، وهو ضمن هذه الأجواء يدير بيئته. حين تتحوّل الأوضاع إلى أوضاع حرب، سوف ينهار كلّ هذا النظام لأنّ الأرض صغيرة وفيها اكتظاظ سكّاني كبير. وأيّ نوعٍ من السكّان لديه؟ لديه جموعٌ دخلت هذه الأرض من أجل الرفاهية والحياة الهانئة. حين تواجه أمواجاً هدّارة من النار والغضب وتحرّكات المجاهدين الذين لا يوقفهم أيّ شيء، انظروا ما الذي سيحدث؟

 

فكرة العودة التي يسمّونها الهجرة العكسيّة تشهد تصاعداً في هذه الظروف الأمنيّة والسياسيّة غير المستقرّة والتشتّت والتخبّط السياسي. إلى جانب هذا الأمر أنتم تشاهدون تمزّقاً سياسيّاً داخل الأراضي المحتلّة، تمزّقاً وشرخاً وجدالاً سياسيّاً لا نهاية له. التمزّق الاجتماعيّ وفقدان الهويّة الواحدة وفقدان الإيمان بالشّعب أمور سائدة أيضاً داخل الكيان نفسه. الصهاينة ليسوا أهل تلك الأرض. هم جموعٌ أصلها أوروبيّ، وبعضهم أصلهم أفريقي، وآخرون جاؤوا من آسيا الشرقيّة وأمريكا ومختلف الأماكن. إذاً، هم شكّلوا لُحمةً غير منسجمة ورخوة لشعوب ذات لغات وثقافات وسنن وأعراف وجذور وطنيّة مختلفة. لا وجود هناك إطلاقاً لعناصر الهويّة الوطنيّة.

 

الصهاينة ليسوا أشخاصاً يبقون في المتاريس. حتى حين كانوا يفرّون في 2000 من جنوبي لبنان كانت أطعمتهم لا تزال فوق الغاز وقد تركوا أجهزتهم اللاسلكيّة دائرة ولاذوا بالفرار. هل تلاحظون معي؟ أي شعور الهرب قويٌّ لديهم إلى هذا الحدّ.

 

إلى أي مستوى من البلوغ وصل تيار المقاومة، إذْ رغم أن النظام الصهيوني بإمكاناته كافة ومستوى الاختراق الأمني لديه حتى في غزة والضفة، كان تيار المقاومة قادراً على حماية نفسه ومواصلة النضال؟

 

كثيرون يعتقدون أن القوى التي ترتكز على التقنيات أو [القوى] التكنولوجية هي غير محدودة، فمثلاً يمكنهم فعل ما يريدون. إن كل القوى محدودة مهما كانت معقدة. القوى المادية كافة لها طبقات تحدّها. يمكنكم أن تروا حجم قوتهم. حتى تأثير هذه القوى محدود. تحديداً القوة التي تعتمد على الله غير محدودة، والتجلّي للاعتماد على الله هو الناس. فعندما يدخل الناس ضمن مسار قوة ما بإيمانهم، تفور هذه القوة، أي ليس لها نهاية، لكن تلك القوة التي لها هندسة معينة، وهيكل تنظيمي معين، وضوابط ومعايير معينة للقتال، ولديها أسلحة معينة، ولها هيكل ثابت وساكن. هي عندما تخوض غمار الحرب تتحلل أيضاً بمرور الزمن. القوى المادية كلها محدودة. تنتهي وتعجز. طبعاً هذا لا يعني أن القوى التي تعتمد على الله والإيمان لا تستخدم الأسلحة. بالعكس إنهم يعطون السلاح قيمة مضاعفة. القوى الروحانيّة مجهّزة ومسلّحة بـ{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (الأنفال، 60). لدينا مفهوم في الجاهزية القتالية يسمى Power: معامِلات تنامي القوة. على سبيل المثال إن شاباً مؤمناً يصنع من RPJ قوة بمستوى الدبابة، فيما يتخلى شخص غير مؤمن عن الدبابة المتطورة ويهرب. أتلتفتون؟

 

بالطبع، الصهاينة متطورون من الناحية الأمنية ومعقدون. لكن لماذا لا يستطيعون اكتشاف هذه الأحداث المعقدة والمخفية في فلسطين أو لبنان. هذا مرتبط بحد القوة ذاك، فنطاق قوتهم هو بقدر ما تسمح به الأدوات، ولذلك، يمكن العبور عن ارتفاع قوتهم أكانت أمنية أم عملياتية. الصهاينة ضعيفون جداً عندما يكون الطرف المقابل قوياً، ويبدون مهيبين إذا كان الطرف المقابل ضعيفاً. إنهم أقوياء عندما يريدون مواجهة الجيوش الكلاسيكية من نوعهم، لكن عندما يواجهون المجموعات الجهادية، يتزلزلون.

 

في لقائي مع السيد زياد النخالة قلت له أيضاً إن هؤلاء الصهاينة لديهم نقاط ضعف ذاتية، فعندما تكونون في حالة اكتساب القوة، تصير نقاط الضعف هذه تُظهر نفسها أكثر. إذا كان الطرف المقابل لهم ضعيفاً، فلن تُظهر نقاط الضعف هذه نفسها فقط، بل ستبدو نقاط القوة أكثر.

 

من المواضيع التي يناور الصهاينة فيها دِعائياً هو أن جزءاً واحداً فقط من المقاومة انخرط في المعركة الأخيرة والأجزاء الأخرى لم تدخل. تفسيرهم للقصة أن هناك اختلافاً بين فصائل المقاومة المختلفة في نوع التصرّف مع العدو الصهيوني، رغم أن فصائل المقاومة الفلسطينية نفت ذلك. وكان الأمين العام لـ«الجهاد» قد أكد في مؤتمره الصحافي وكذلك في رسالته إلى قائد الثورة الإسلامية وحدة فصائل المقاومة المختلفة. ما تحليلكم لهذه المناورة الإعلامية للصهاينة؟

 

إنها مؤامرة صهيونية. كانت الإستراتيجية أن يتصرف الصهاينة انتقائياً مع مجموعة واحدة هذه المرة. مثلاً أن يستهدفوا مجموعة واحدة بمفردها وإعلان أنه لا علاقة لنا بباقي المجموعات، فيجعلونهم يتوقفون، ثم بعد أن يصفون حسابهم مع تلك المجموعة ينتقلون إلى [استهداف] مجموعة أخرى، أيْ تقسيم فلسطين إلى وحدات جهادية منفصلة وغير متصلة حتى لا تتمكن المقاومة من العمل في جبهة موحدة. طبعاً المبادرة التي اتخذتها «الجهاد» كانت أولاً أنها أطلقت على هذه العمليات اسم «وحدة الساحات»، أيْ كان الجميع واحداً معاً. السبب في أنه لماذا «الجهاد الإسلامي» قاتلت وحدها فقط هو أن أبعاد تلك المعركة لم تتطلب أكثر من «الجهاد».

 

«الجهاد الإسلامي» كانت صاحب الميدان والبقية يقدمون الدعم المعنوي. لو كانت المعركة ستتوسع، لكانت الفصائل الفلسطينية كافة ستدخل قطعاً، لكن بما أن «الجهاد الإسلامي» كانت قادرة على حسم هذه المعركة بمفردها، لم تكن هناك حاجة إلى دخول الآخرين.

 

لدينا مبدأ يسمى توفير القوة، فليس من المنطقي أن نستهلك القوة كلها عندما تستطيع «الجهاد» أن تصنع إشارة إلى قوة جديدة. كانت هذه النقطة مهمة جداً: إسرائيل هُزمت هذه المرة على يد فصيل واحد في فلسطين. كانت «الجهاد الإسلامي» و«حماس» والضفة وحتى الشباب المجاهدون في «فتح» وباقي الفصائل والشعب الفلسطيني جاهزين لكن المعركة انتهت بالتكتيكات والعمليات في هذا النطاق بفعل «الجهاد الإسلامي». لكن طبعاً في الساحة المعنوية والروحية كانت فلسطين كلها بأجمعها «الجهاد الإسلامي». كانت إستراتيجية المقاومة هي خنق الكيان الصهيوني من خلال إستراتيجيتها هذه. يعني أن تثبت له أنه لا يمكنك مواصلة المعركة حتى مع فصيل واحد. لو كان الإسرائيليون يستطيعون الاستمرار، لاستمروا. من يشعر بالتفوّق لا ينهي الحرب في أوج تفوّقه ولا يبحث عن وسيط.

 

كان لدى الفلسطينيين الاستعداد لدخول المعركة جميعاً لكن خطتهم لم تكن توسيع مستوى النزال. لقد أرادوا الانتصار في معركة محدودة وقد حدث ذلك. كانت الإستراتيجية التي انتصرت هي إستراتيجية الفلسطينيين لإجبار العدو على قبول الشروط في معركة محدودة ووقت قصير.

 

الآن ما الإنجاز الذي يمكن أن يذكره الكيان الصهيوني؟ لقد هُزمت سياسة الصهاينة. إخفاق الكيان في خلق الفرقة والانقسام في فلسطين كان هزيمة.

 

المسألة الأخرى حول موضوع المقاومة الفلسطينية هي توسيع ساحة المعركة من غزة إلى أجزاء أخرى من الأراضي المحتلة، وهي قضية كانت ملموسة في «سيف القدس» أيضاً. هنا تدخل قضية الضفة في المعادلة أيضاً، وقد قال قائد الثورة الإسلامية أيضاً إن الضفة يجب أن تتسلح. سؤالي: ما الوضع الذي تواجهه المقاومة في الضفة حالياً؟

 

طبعاً، هذا الواقع يجري الآن. مثلما تسلحت غزة، يمكن أن تتسلح الضفة بالطريقة نفسها، وهذه العملية تجري حالياً.

 

هل بدأ ذلك؟

 

نعم. بصرف النظر عن ذلك، انظر إلى المقاومة داخل للأراضي المحتلة، في جنين على سبيل المثال. إنها فعالة للغاية. المقاومة اليوم ملتهبة ونشطة في الضفّة. الفلسطيني نفسه الذي بنى القوّة في غزة يبني القوّة في الضفة، فلا فرق بين هاتين المنطقتين. الآن صار الحصول على الأسلحة أسهل بكثير من ذي قبل. التكنولوجيا ليست شيئاً يمكن لأي شخص أن يوقف نقلها ونموها. في العالم اليوم، تُصنّع الأسلحة وتُنقل بسهولة بالغة، وعادة ما يكتشف الإسرائيليون ذلك بعد فوات الأوان. اليوم، شيئاً فشيئاً، هبّ شباب مناطق 48 و67 والشباب الجهاديون في الضفّة والقدس لإحياء الجهاد. سيحدث هذا بالتأكيد في المستقبل غير البعيد دون تأخير، وسرعته عالية أيضاً مقارنة مع الماضي. انظر: هناك كثير من الاختلاف بين العام الماضي واليوم. حسناً، ضع في الحسبان أن عملية تراكم القوة تنمو باستمرار وعلى نحو تصاعدي أُسي.

 

الصورة التي رسمتَها للمؤسسة الأمنية ​​والعسكرية للعدو الصهيوني، وهي صحيحة أيضاً، تُظهر بناء هشّاً. اللافت أن هذه الحقيقة هي بالضبط على النقيض من الصورة التي تقدّمها وسائل الإعلام العالمية عن الكيان.

 

 هذه هي خاصية بيت العنكبوت. له مظهر معقد ويبدو مخيفاً جداً مثلاً لكنه هشّ للغاية. العمليات النفسية جزء مهم من ذلك. لكن هذه الصورة تظل تحت تأثير العمليات النفسية عندما لا يحدث شيء في الميدان، ولكن عندما تكون هناك عمليات ميدانية، يكون الحُكم وفقاً للعمليات. لقد تلقوا كثيراً من الضربات. تلقوا أكثر مما ضَربوا. هم أنفسهم يعرفون ذلك.

 

ما موضوع اللقاء مع الأمين العام لـ«الجهاد الإسلامي» وأجواؤه؟

 

لقد كان تحليلاً حول قوة الصهاينة وتآكل القوة التي اكتسبوها مقارنة بالماضي. هناك هشاشة وانكماش واضطراب في الكيان. هؤلاء الأصدقاء الأعزاء أنفسهم توصلوا إلى النتيجة نفسها. لهذا، وقفوا في هذه المعركة. كان هذا الموضوع بارزاً جداً في أذهان الأصدقاء. هناك اعتقاد قوي بأن "إسرائيل" تتّجه نحو الزوال، والتسارع في مسار انحسار قوتها أكبر من الماضي أيضاً. الفلسطينيون يعتقدون أنه يمكنهم أن يصيروا أصحاب أراضيهم في المستقبل القريب.

 

ما ردود الأفعال داخل المقاومة على ردّ قائد الثورة الإسلاميّة على رسالة السيد النخالة؟

 

الفلسطينيون يدركون من هم أصدقاؤهم الحقيقيون. الأصدقاء الحقيقيون هم أولئك الذين يقفون إلى جانبهم في المواقف الصعبة. سماحة الإمام الخامنئي - حفظه الله – قال: سنبقى معكم حتى النهاية. هذه نقطة ارتكاز ودعامة قوة كبيرة لفلسطين. إن سماحته يعرف الحقائق حقاً. لديه نظرة عميقة ونافذة في الأحداث وتبعاتها وما وراءها، أي من حيث عمق ردود الأفعال وصدى قضية ما وآثارها، بناءً على التجارب الفريدة والطويلة جداً التي يمتلكها سماحته في هذه الميادين الصلبة.

 

إذا دققتم في الرسالة، فهي مليئة بالأمل والاعتقاد بنصرة الله للفلسطينيين. إنها مليئة بالتوصيات من أجل الوحدة والتعاطف بين التيارات الفلسطينية كافة. الأمل القوي في المستقبل يتلألأ في هذه الرسالة. ينبت نور الأمل هذا في قلوب الفلسطينيين ويهيّئهم لمستقبل أفضل. كانت [رسالة] محرّكة للغاية وتبعث على السرور، رسالة مفاهيمية وملحمية واعتقاديّة مهمة لتمدّد الحركة الإلهية وتعزيز الجهاد وروحيته.