الذِّكْر مثل مُدافِع يحفظ قلوبنا أمام هجوم الأهواء. فالقلب معرّض جداً للإصابة وينجذب بجواذب متنوعة. إذا أردنا للقلب، الذي هو مكان الله وذلك الباطن والحقيقة الوجودية للإنسان، أن يبقى سليماً ونقياً، فيلزمنا مُدافِع. هذا المُدافِع هو الذِّكْر.

 

الذِّكْر مثل مُدافِع يحفظنا ويحفظ قلوبنا أمام هجوم هذه الأهواء. فالقلب معرّض للإصابة جداً. قلوبنا وأرواحنا معرّضة جداً للإصابة. نحن نقع تحت تأثير أشياء ما. القلب ينجذب بجواذب متنوعة. إذا أردنا للقلب - هو مكان الله ومقامه، كما أن أرفع مرتبة في وجود الإنسان هو قلب الإنسان، أيْ ذلك الباطن والحقيقة الوجودية للإنسان - أن يبقى سليماً ونقياً، يلزمنا مُدافِع. هذا المُدافِع هو الذِّكْر. الذِّكْر لا يدع القلب يتعرض للهجوم الشرس من الأهواء المتنوعة ويضيع. الذِّكْر يحفظ القلب من الغرق في الفساد والجواذب المضلّة. في هذا الصدد، رأيت رواية ذات معنى عميق. يقول: «الذِّكْر في الغافلين كالمقاتل في الفارّين». في ساحة الحرب، ترون مقاتلاً يدافع ويصمد ويستخدم كل إمكاناته لتوجيه ضربة إلى العدو وصد هجومه. ولكن قد يكون هناك مقاتل آخر ويفرّ؛ يفقد القدرة على التحمل ويهرب من العدو. يقول: الذاكر وسط جمع الغافلين يصمد مثل ذلك الجندي المقاتل الصامد وسط الأفراد الفارّين. انظروا هذا التشبيه والتناظر من هذه الناحية، فلأنه يدافع ويصمد أمام الهجوم الخارجي، ذِكْركم هو أيضاً يصمد ويدافع عن الحدود، عن حدود قلبكم. ولهذا، ترون في الآية القرآنية الشريفة التي هي من آيات الجهاد أنه يقول: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} (الأنفال، 45). إذا واجهتم في ميدان الجهاد هجوم الأعداء، اثبتوا واذكروا الله كثيراً؛ {فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}. اثبتوا واصمدوا واذكروا الله. فذكر الله مفيد هناك أيضاً؛ {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأنفال، 45). هذه وسيلة لكم لتحقيق الفلاح والنجاح. ذِكْر الله. لماذا؟ لأن هذا الذِّكْر يثبّت القلب. حين يثبت القلب، وحين يستقر، تثبت القدم أيضاً. هذه هي الحال في ساحة الحرب. في هذه الساحة، قبل أن تتجه أرجلنا - العناصرَ الضعيفين - إلى الركض والهرب نحو مؤخّرة الجبهة، فإن قلوبنا تكون قد فرّت. إنّ قلبنا هو الذي يجبر جسدنا على الفرار. أما إذا كان القلب ثابتاً، فالجسد يثبت. اذكروا الله في ساحات الحرب جميعاً: ساحة المعركة العسكرية، ساحة المعركة السياسية، ساحة المعركة الاقتصادية، ساحة المعركة الدعائية؛ فإنّ ذِكْر الله سيؤدي إلى فلاحكم ونجاحكم. ذِكْر الله هو ذخرُ ثباتِ القدم. لذلك إنّ الذِّكْر يجعلنا قادرين على أن نسلك ذلك الصراط المستقيم ونمضي قدماً. ذلك الهدف الذي رسمناه لأنفسنا بصفتنا مؤمنين ومسلمين وأتباع مدرسة مترقّية، وبوصفنا أولئك الذين لديهم الدافع لتشييد هذا البناء الرفيع الذي يُنبئ بازدهار الحضارة الإسلامية في المستقبل والقرون المقبلة، نحتاج ذِكْر الله لنتمكن من السير في هذا الطريق... هذا الذِّكْر - ذِكْرَ الله - حين صار حاكماً على قلوبنا، سيترك بلا شك أثراً في سلوكنا. يؤثر في فعلِ ما هو على عاتقنا من مهمات وتكليفات، وفي الاجتناب والامتناع عمّا هو محرّم علينا وما هو معصية وما يأتي علينا بسوء العاقبة ويوجب الغضب الإلهي، كما يساعدنا في الابتعاد عن هذه الأشياء.

 

الإمام الخامنئي 22/9/2007