ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي كلمة لسماحة السيّد علي الموسوي يتحدّث فيها حول الصّبر وأنواعه الجديدة التي برزت في كربلاء وجسّدها الإمام الحسين وأصحابه وأهل بيته بمواقفهم المتعدّدة. 

نتحدّث على ضوء كلمات الإمام الخامنئي عن شيء أساس في القيام بالتكليف، وهو الإصلاح عبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يُمثّل أداة أساسية لكل من يقوم بذلك، ألا وهو الصبر. يقول الإمام الخامنئي (حفظه الله تعالى) إن صبر الإمام الحسين (ع) هو الذي صان الإسلام على مر التاريخ وحتى يومنا هذا، ولذلك يعبّر عنه الإمام القائد أنه كان صبراً تاريخياً في كربلاء وقبيل واقعة كربلاء، وفي مقدمتها وما تلاها، لم يحدث أن أحداً صبر كصبر الإمام الحسين (ع) لأجل إحياء هذا الدين. يتضمّن هذا الصبر، الذي يعدّ السلاح الذي يمكن أن يحمله كل إنسان يريد السير على خطى الإمام الحسين (ع)، يتضمّن جملة من النقاط.

النقطة الأولى أن الصبر الذي تحمله الإمام الحسين (ع) لم يكن فقط الصبر على التعذيب أو أن يتعرض أبناؤه للتعذيب أو للقتل أمام عينه ويصبر ويصمت فقط، بل الأهم من ذلك كما يشير الإمام الخامنئي هو نوع جديد من الصبر وهو أنه الصبر على الوساوس والمواقف التي قد تبدو في ظاهرها لدى البعض منطقية ولكنه يتصدى لها، عندما جاء عنده فلان وفلان ينصحونه بأن لا يذهب إلى كربلاء وأن لا يخرج من المدينة أو لا يتحرك باتجاه أهل الكوفة، كان على الإمام أن يصبر فالذين جاؤوا عنده ليسوا أفراد عاديين كما يقول الإمام الخامنئي، بل الذين جاؤوا كانوا أشخاص لهم مكانة ولهم منزلة في المجتمع الإسلامي آنذاك فهم كانوا من أصحاب الشأن ومن الوجوه المعروفة، جاؤوا للإمام ليخبروه عن عدم الثمرة في القيام وعن عدم النتيجة في هذا القيام وكان على الإمام أن يصبر وأن يبين الحكمة والمصلحة، حتى أنه عبّر لأخيه: شاء الله أن يراني قتيلا.

إذن هذه هي النقطة بالتحديد وهي أن الصبر له أنواع جديدة غير النوع الذي نعرفه، ليس صبرا على القتل ليس صبرا على العذاب وعلى العطش وعلى غير ذلك، وإنما كان صبرا على تلك المواقف والكلمات التي كان يتلقاها الإمام الحسين (ع) منذ أن بدأ تلك الحركة من المدينة المنورة. هذه النقطة الأولى. النقطة الثانية أننا نحن عندما نتوجه إلى الإمام الحسين (ع) وبقية الأئمة نعبر بالتالي: "اشهد أنك صبرت واحتسبت". هذه في الزيارة. أو في مكان نقول: "صبرا واحتسابا". ما معنى الاحتساب؟ الصبر الذي يكون لأجل الله عزوجل أي كنت في جنب الله عزوجل قلت ونطقت في عملك أنني إنما أقوم بهذا العمل في سبيلك يا الله ولأجلك يا الله. إذن هذا معناه أنك صبرت واحتسبت يعني هذا الصبر كله كان لأجل الله عزوجل. إذن الصبر هو ما ميز ثورة الحسين (ع) والصبر من الإمام الحسين (ع) كان متنوعا وكان لأجل الله عزوجل. العنصر الثالث أن الصبر يحتاج إلى الكثير من القدرة. الصبر ليس على الضغوط وعلى المصائب وعلى الابتلاء فقط، بل هو يحتاج إلى شخص يصبر صبراً جميلاً. الصبر الجميل هو الذي تحمّله الإمام الحسين (ع). كيف؟ في يوم عاشوراء صبر الإمام على ما كان يشهده من تقطيع للأجساد لكل واحد من أصحابه وأهل بيته حيث كان يُقطعونهم إربا إربا.

يقول الإمام الخامنئي: ليست الصورة كانت أنه مجرد سقوط قذيفة قتلت عدداً من الناس، لا بل كان كل واحد عندما يُقتل من أصحابه بمثابة قطعة تنفصل من جسده الشريف، وكان يصبر على ذلك كلّه، بل إن الإمام (ع) شرب جرعات الصبر هذه واحدة بعد أخرى ولكن ما الذي يجعلك تصبر كل هذا الصبر؟ ما تراه وما كان يراه الإمام الحسين (ع) ويعبر عنه هو بقاء القرآن وبقاء الإسلام وبقاء قيم الإسلام وبقاء حديث النبي (ص) وبقاء سنة النبي (ص) وكان كذلك فإنه ببركة دم الحسين (ع) بقي هذا الإسلام إلى يومنا هذا وتجددت منه الثورات ومنها ثورة إمامنا الخميني (ره).