ما حدث في يوم التاسع عشر([1]) من بهمن سنة 57 كان نقطة عطف بلا شك. عدد من منتسبي القوة الجوية بادروا بطريقة تلقائية - تدل على مجمل المشاعر والقناعات في تلك القوة - إلى خطوة وجّهت الضربة الأخيرة لجسد النظام الطاغوتي المحتضر. كانت خطوة شجاعة وذكية جداً.

 مثل هذه الأحداث التي تقع في وقتها المناسب وفي زمن الحاجة، بوسعها أحياناً تغيير مصير شعب بكامله، أو تمنحه سرعة مضاعفة في مسيرته نحو مصيره. وهذا ما فعلته القوة الجوية يومذاك؛ كانت خطوة كبيرة جداً فتحت الطريق أمام كثير من الناس. وكما جاء في النشيد الجميل الذي قدّمه هؤلاء الأعزاء «أنا أول من عشق القائد» فقد كان الأمر كذلك فعلاً. كان لهذه الخطوة جذورها العميقة، ولم تكن من قبيل أنهم فكروا اليوم وبادروا في اليوم الثاني. فكما أشرت كانت هذه الخطوة مؤشراً لمجمل ما كان عليه الوضع في القوة الجوية من مشاعر وقناعات وأفكار برزت بهذا الشكل في الوقت المناسب. لذا فإن هذا اليوم مهم ومبارك جداً.

والهدف من إعادة قراءة الأحداث التاريخية هو أن تبقى دروسها وعبرها للأجيال اللاحقة. ودروس هذا الحدث ستبقى حيةً للشعب الإيراني في كافة الأطوار. كانت خطوةً شجاعة، مقتدرة، نابعة من الثقة بالنفس، ومن عقلانية سليمة منبعثة من إيمان حماسي. لولا هذا الإيمان ما كان لهذه المبادرة أن تكون. وقد كانت ثورتنا بمجملها منذ انطلاقتها الأولى وحتى نهايتها مظهراً لمثل هذه الحقيقة: فكرة سليمة وذكية يرافقها إيمان حماسي وشجاعة ومبادرة وعدم تهيّب مما سيأتي في هذا الطريق. هذه هي العناصر الأصلية التي ترفع أمةً ما إلى الأعلى؛ والافتقار إلى هذه العناصر هو الذي يهين الأمة ويضع من قدرها.

مرَّ الشعب الإيراني بزمن عصيب خلال عهد الطاغوت. كان يتعرض لإهانات الأجانب رغم كل ماضيه التاريخي الطافح بالعزة. الجيش كان يتعرض للإهانة، والشعب يتعرض للإهانة، ومسؤولي البلاد بكافة مستوياتهم وحتى أرفعها وأعلاها كانوا يتعرضون للإهانة، نخب المجتمع كانوا يتعرضون للإهانة والإذلال من أولئك الذين يعدون أنفسهم فوق هذه المستويات وينظرون لإيران كمزرعة يجب أن يحصدوها ويسحقوها ويرتعوا فيها وينهبوها. لقد وقف الشعب الإيراني بوجه هذا الواقع.

(1) 8/2/1979م - يوم حضر ضباط القوة الجوية لمحل إقامة الإمام الخميني (رض) قبيل انتصار الثورة وفي ذروة أحداثها، وأدّوا أمامه التحية العسكرية معلنين بيعتهم وتأييدهم له.

 

كامل الخطاب