أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الانتصار الذي تحقق في العام 2006 على العدو الإسرائيلي تحقق ليس بفضل المنظمات الدولية من أمم متحدة وغيرها أو بفضل الجامعة العربية والأنظمة العربية، وإنما بفضل الله وبفضل صمود شعب لبنان وبفضل ثبات الموقف السياسي. وشدد على أن “حزب الله اليوم أقوى من إسرائيل”.

كلام السيد نصر الله جاء مساء الثلاثاء في الاحتفال المركزي الذي أقامه حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت في الذكرى السنوية الـ12 لانتصار تموز 2006، وقال السيد نصر الله “بعد فشل المشروع الأميركي الإسرائيلي في العام 2006 ذهبنا إلى المرحلة الجديدة واليوم على مدى سبع سنوات عجاف ادخلوا المنطقة بحروب ومحورها إسرائيل وهدفها تقوية إسرائيل وتثبيتها قائدا لهذه المنطقة”،وتابع “اليوم اسمحوا لي التكلم عن إسرائيل هم أين ونحن أين؟ فنحن نخوض معركة على الأمل والقيادة والمعركة اليوم وفي السنوات القادمة هي على هذه العناوين”، وسأل “أين المشروع الأميركي الإسرائيلي وبالمقابل أين محور المقاومة في أي موقع وفي أي حال؟”.

وأوضح السيد نصر الله “إذا عدنا إلى العام 2006 الكل يتذكر أن أهداف الحرب هي تحقيق المشروع الأميركي الذي كان يقوده جورج بوش وإدارته بعد احتلال العراق وأفغانستان والوصول إلى الحدود مع سوريا”، حرب تموز كانت الأساس في هذا المشروع وعند فشلها فشل المشروع وذهبوا إلى خطة جديدة”، وأضاف “يمكننا أن نقول كان هناك خطة للمشروع الأميركي أي الشرق الأوسط الجديد لتكريس زعامة إسرائيل وبعد فشلهم انتقلوا إلى الخطة الجديدة المتمثلة بما واجهناه وما نواجهه اليوم”، ولفت إلى انه “في حرب تموز كان الهدف القضاء وسحق المقاومة إما عسكريا او بفرض الاستسلام عليها وقد طلبوا منا تسليم السلاح لوقف الحرب واقبلوا بقوات متعددة الجنسيات تابعة للإدارة الأميركية كتلك التي تحتل العراق في 2003، واقبلوا بها على الحدود مع فلسطين وسوريا وفي مطار بيروت وميناء بيروت وسلموا الأسيرين”، وأكد انه “لو سقط لبنان كان المشروع سيتابع الطريق للقضاء على سوريا والمقاومة الفلسطينية”، ولفت إلى أن “الصمود في لبنان اسقط المشروع واجل تحقيق أحلام أميركا وإسرائيل في المنطقة لسنوات واوجد تحولات مهمة جدا في المنطقة”.

ورأى السيد نصر الله انه “منذ 2006 إسرائيل مردوعة مع لبنان بسبب معادلات المقاومة وهي تعيد بناء نفسها على ضوء الهزيمة وتداعياتها”، وتابع “إسرائيل تعتبر أن في لبنان قوة تشكل لها قلقا وتهديدا مركزيا تعمل عليه وهي تختبئ خلف الجدران وتعبر عن مخاوفها على الجبهة الداخلية”، وأضاف “إسرائيل تعمل حساب الكهرباء والنفط والغاز والمستعمرات لأنها تعرف أن في مقابلها عدو قوي وجدي”، وأكد “لأول مرة في الكيان الصهيوني يكون هناك مخططات للدفاع في حال الدخول إلى الجليل”، وأوضح أن “المقاومة اليوم في لبنان مع ما تمتلك من سلاح وعتاد وإمكانات وقدرة وخبرات وتجارب ومن إيمان عزام وشجاعة هي أقوى من أي زمان مضى منذ انطلاقتها”، ولفت إلى أن “حزب الله اليوم أكثر ثقة وتوكلا على ربه أكثر من أي زمن مضى وبوعده للنصر للمجاهدين”، وشدد على “حزب الله اليوم أقوى من الجيش الإسرائيلي”.

وذكر السيد نصر الله أن “كل المسؤوليين الصهاينة كانوا يقولون أن مصلحة إسرائيل ذهاب النظام السوري”، وتابع “إسرائيل شريك كامل في الحرب على سوريا وهي أمنت كل الدعم اللازم للجماعات المسلحة في الجنوب السوري”، وأوضح “أرادوا إسقاط سوريا لو سقطت المقاومة في العام 2006 وفي السنوات الماضية كان الهدف إسقاط سوريا بطريقة أخرى”، وأشار إلى أن “اليوم معركة الشحادة التي يخوضها نتانياهو الآن في سوريا هي لإخراج إيران وحزب الله من هناك”.

في ملف صفقة القرن، قال السيد نصر الله “البعض حاول أن يفرض على الحكومات والمسؤولين أن صفقة القرن هي قدر ولا يمكن لكم إلا القبول بها ولا مفر منه”، وتابع “اليوم على ضوء التطورات التي حصلت هناك من يقول إن صفقة القرن قد فشلت وانتهت وأنا أقول إن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت والتفكير ولكن هذه الصفقة بالتأكيد تواجه مشاكل حقيقية وهناك احتمالات كبيرة أن تسقط هذه الصفقة أكثر من أي وقت مضى وذلك بسبب الإجماع الفلسطيني على رفض هذه الصفقة ولا يوجد أي مسؤول أو قائد فلسطيني يتحمل السير بالتوقيع على بيع وإعطاء القدس للصهاينة”.

ولفت السيد نصر الله إلى أن “صمود محور المقاومة من إيران وانتصار العراق وسوريا وصمود اليمن والواقع القائم في لبنان، كل ذلك له تأثيراته ولكن الواقع مختلف عن رهانات أصحاب الصفقة”، وتابع “من أهم العوامل التي تدفع صفقة القرن إلى الفشل هو تراجع المحور الإقليمي الذي تقوده السعودية في المنطقة”، وأكد أن “هذا المحور فشل في سوريا والعراق وفي دفع العالم على محاصرة إيران وفشل المحور في حربه على اليمن”، وقال “اليوم اسمحوا لي أن أقول من الضاحية الجنوبية إلى ضحيان في اليمن اعلموا أن الذي قتل أطفالكم هو الذي قتل أطفال في لبنان بنفس السلاح ولنفس الهدف وكما انتصرت دماء أطفالنا في لبنان ستنتصر دماء أطفالكم في اليمن لان خلفها حقا وقادة لن يتسامحوا مع المجرمين السفاحين القتلة وهذا الإجرام الفظيع دليل على فشله العسكري الكبير”.

وأشار السيد نصر الله إلى أن “السعودية تعاني مشاكل كبيرة في الخليج والعالم مع قطر وغيرها في مجلس التعاون واليوم مع كندا”، ولفت إلى أن “السعودية تتدخل في الكثير من الساحات من سوريا والعراق واليمن ولبنان وتحجز رئيس حكومته بينما ترفض الانتقاد السياسي، بالإضافة إلى الأزمات مع التركي وحتى في العالم الإسلامي تعاني السعودية وصولا إلى ماليزيا”، وشدد على أن “المحور السعودي يتراجع إقليميا ودوليا وصورة السعودية اليوم كيف أصبحت على الرغم من إنفاق الأموال الطائلة للقول إنها مملكة الخير بينما هي أرسلت الجماعات الإرهابية إلى مختلف الدول، كيف هي صورة السعودية بعد الحرب على اليمن والأزمة الإنسانية هناك من التجويع والكوليرا”.

في الشأن الإسرائيلي، قال السيد نصر الله إن “ما جرى خلال السنوات الماضية كان الهدف تثبيت إسرائيل في المنطقة واليوم أقول لكم كل ذلك فشل أو على طريق الفشل إن شاء الله”، وتابع “الحروب أميركا وإسرائيل ومحورهما يعرفوا أن هذه الحروب لن تؤدي إلى نتيجة وأنهم سيهزمون في أي حرب قادمة”، ولفت إلى أن “التحالف الذي يفشل في اليمن يعرف انه فشل في العراق وسوريا ولبنان وانه لن ينجح في أي مكان”، وأضاف “لا احد يهددنا بالحروب ومع ذلك من يريد أن يفتعل الحرب نقول له لا نخاف من الحرب وجاهزون لها وسننتصر فيها وهذا أمر محسوم”.

وأوضح السيد نصر الله “يبدو أنهم سيذهبون إلى العقوبات، وإيران هي قاعدة محور المقاومة فهي حاربت المشروع التكفيري والإسرائيلي في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن، لذلك يريدون استهداف إيران بالعقوبات لأنهم لا يستطيعون فرض الحرب عليها ، ويعتقدون أن العقوبات قد تجدي نفعا بإضعاف إيران من الداخل ومن ثم إضعاف المحور من الداخل ومن ثم وضع أسماء لمسؤولين إيرانيين وسوريين ومن حزب الله على لوائح الإرهاب”، وتابع “الأمر الثاني الدفع نحو الاضطرابات الداخلية وفي هذا الإطار يأتي التحريض على حزب الله بالملفات الداخلية”، وأضاف “الرهان لدى محورهم هو بالعقوبات وان اليوم أقول إن إيران هذه التي يفرض عليها ترامب العقوبات الاقتصادية، من يتوهم أن إيران ستسقط فهو مخطئ”.

وأكد السيد نصر الله أن “إيران ستحتفل بمضي 40 سنة على انتصار ثورتها الإسلامية على الرغم من كل المؤامرات، الجمهورية الإسلامية في إيران في منطقتنا هي أقوى من أي زمن مضى بل هي الأولى ولن يستطيعوا أن يمسوا نظامها بسوء ويحميه شعبه”، وتابع “هؤلاء لا يعرفون الشعب الإيراني ولا المسؤولين هناك ولا القائد السيد علي الخامنئي”، وأضاف أن “العقوبات على إيران لن تمس قوتنا وعزيمتنا أبدا لأنه لدينا من الإمكانات والبنى التحتية والقوة البشرية ما يمكننا على تجاوز هذه العقوبات”.

وقال السيد الله “يا جمهور المقاومة كنا أقوياء وأصبحنا أقوى، وأميركا هذه التي فشلت وفشلت في مشاريعها وخططها هي اعجز من أن تشن حروبا كتلك التي شنتها في الماضي وكذلك إسرائيل، واليوم نحن مع الانتصار في العراق وسوريا والصمود الأسطوري في اليمن والثبات في إيران نحن اليوم أقوى من أي زمن مضى وقادرون على صناعة الانتصارات”.

في الملف اللبناني، قال السيد نصر الله “نأمل أن يؤدي الحوار إلى تشكيل الحكومة ونؤكد على تجنب الشارع ونحرص على الأمن والأمان في لبنان”، وتابع “إذا كان هناك أي احد يراهن على متغيرات اقليمية تؤثر على تشكيل الحكومة فهو مشتبه، نحن منذ البداية كنا متواضعين في مطالبنا وما زلنا ولكن إذا ثبت أن البعض يراهن على متغيرات إقليمية فإنه من حقنا أن نعيد النظر في مطالبنا”، وأضاف “انصح القيادات السياسية أن لا يلزموا أنفسهن بلاءات أو بمواقف، انصحهم أن ينتظروا بعض التطورات لان لبنان ليس جزيرة معزولة”.

بخصوص ملف مكافحة الفساد، أكد السيد نصر الله أن “الكلام بهذا الملف لم يكن كلاما انتخابيا وإنما ساعة الانطلاق هو ساعة تشكيل الحكومة، والمفصل يبدأ عند تشكيل الحكومة قادرة على اتخاذ القرارات نحن ما زلنا عند التزاماتنا”، وتابع “لدينا هدف هو تخفيف أو وقف الفساد ووقف الهدر المالي ولدينا منهج ولدينا رؤية ونحن لا نسعى للانتقام من  احد ولا فتح مشكل مع احد ولدينا استراتيجيات وتكتيكات واضحة وقد لا نعلن عنها واتفقنا مع حلفائنا أننا سنتعاون لمكافحة الفساد ولذلك لا يجب المسارعة لمحاسبتنا ولا يمكن لأحد أن يفرض رؤيته علينا”.

وأشار السيد نصر الله إلى انه “بخصوص الملفات الخدماتية والحياتية، من يتصور أن الذهاب إلى صراع داخلي يحل مشاكل فهو مشتبه لان ذلك لا يحقق إنماء بل يخرب البلد”، وأوضح “إذا أردنا إنماء فعلينا التعاون وأسلوب البعض يأخذ البلد إلى الهاوية وهذا أمر مرفوض شرعيا وقانونيا”، وتابع أن “هذا الأمر لا يتضارب مع الانتقاد ولكن يمكن إن يتم ذلك بموضوعية من دون التخاطب والإساءة التي حصلت بسبب باخرة الكهرباء مؤخرا”، وأكد أن “مع الانتقاد وحتى مع حزب الله لكن يجب التنبه ان هناك سوق مفتوح خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي للاهانة والشتيمة والله اعلم أي جيش الكتروني داخل على الخط والبعض يركض خلفهم، تغريدة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعي تجييش البلد لذلك نطالب بالهدوء والتروي والوعي”.

ولفت السيد نصر الله إلى أن “حزب الله وحركة أمل اتفقوا بعدم السماح لأحد بالدخول لتخريب العلاقة القائمة بينهما”، وخاطب أهالي الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع أن “من يريد إنماء يجب الحفاظ على العلاقة الايجابية بين حزب الله وحركة أمل وأي أمر آخر لا نريد الذهاب إليه وأنا اعني إليه وبقوة”، وشدد على أن “حزب الله وحركة أمل اتخذوا القرار بالبقاء سويا والتلاحم الوجودي بين الحزب والحركة وعلى هذا الأمر قام الانتصار الكبير في تموز 2006 ومن يستطيع إنكار الدور الكبير للأخ الرئيس نبيه بري”، وأوضح أن “الطريق للإنماء هو بالتعاون والابتعاد عن التشاتم والإساءة وهذه البيئة التي كانت عنصرا بتحقيق انتصار 2006 ستكون عنصرا أساسيا في حسم أي معركة آتية”، وتابع “عهدنا لكل القادة والشهداء على رأسهم الإمام السيد موسى الصدر والسيد عباس الموسوي والشيخ راغب والحاج عماد مغنية أن نبقى على العهد والوفاء ولن يكون معكم وبعدكم إلا زمن الانتصار”.

وقال السيد نصر الله “نحتفل اليوم بهذه الذكرى العزيزة وبعد 12 سنة على هذا الانتصار نصرّ على الاحتفال”، وتابع “كما سنحتفل بعد أيام في مدينة الهرمل بعيد التحرير الثاني على الجماعات التكفيرية الإرهابية، وما كان يجري مؤخرا هي حرب تموز كبرى لتحقيق نفس الآمال والأحلام والهداف التي سعت إليها حرب تموز 2006 وقريبا سنخرج منتصرين في هذه الحرب الكبرى في منطقتنا”، وشدد على انه “عندما نصر على هذا الاحتفال لتأكيد الانجاز ولتكريم من صنعوا الانجاز من المضحين والشهداء والشعب المخلص ولترسيخ هذا الأمر في الوجدان والنفوس والعقل ولفتح الأمل المتجدد ضد التوهين ولأخذ العبر الدروس ولتعزيز عناصر القوة”.

وهنأ السيد نصر الله الجميع بذكرى انتصار تموز-آب 2006، وقال “أيها الإخوة والأخوات مبارك لكم هذا اليوم يوم انتصاركم التاريخي الذي منّ الله به عليكم وعلى لبنان وعلى الأمة لأنه غير الكثير من المعادلات، الشكر لله الذي نصرنا ومن علينا بنعمه التي لا تعد ولا تحصى وشاركوا في صنعه من رجال المقاومة والقوى الأمنية والجيش وفصائل المقاومة المختلفة، الشكر للشهداء والجرحى والمقاومين والمهجرين الصامدين إلى الرؤساء والقيادات والقوى والتيارات والجمعيات ووسائل الإعلام كل الناس الطيبين في لبنان وكل العالم العربي والإسلامي والشكر الخاص لكل الذين وقفوا معنا بقوة في تلك الحرب بالتحديد إيران وسوريا”.