يقع هذا المخيم في الجهة الجنوبية الغربية من الحائر الحسيني الشريف ويعود تأسيسه على يد السيد علي الطباطبائي (صاحب الرياض) فلما اتم السيد بناء سور كربلاء سنة 1217ه بعد غارة الوهابيين على المدينة شيد هذا المخيم، واتخذ هذا المحل مقبرة، واستبدل اسم الموضع الذي كان يعرف ب(الطرف) بمحلة المخيم والتي عرفت قديما بمحلة (آل عيسى)احدى قبائل كربلاء العلوية القديمة التي تنتسب إلى زيد الشهيد (عليه السلام ) وذلك حتى أواخر سنة 1276ه. 

وقد قامت زوجة المرحوم آصف الدولة قبل ذلك بتشييد عمارة المخيم الحالي واقامت قريه رباطا بسنة 1271 ه وأمر مدحت باشا بإعادة عمارة هذا المخيم، من اجل ضيافة السلطان ناصر الدين شاه وعساكره وحاشيته. 

وفي القرن العاشر الهجري قام عبد المؤمن الددة ببناء غرفة في هذا المكان، 

عندما كان يقطن كربلاء، وغرس بجنبه نخيلات لتكون منارة له، ولم يزل البستان الواقع جنب المخيم يعرف ب(بستان الددة)، وفي سنة 1978 ه أجريت اصلاحات واعمار جديد لهذا المخيم. 

ويعتبر هذا البناء من معالم كربلاء الاثرية والاماكن المقدسة التي يتبرك بها الزوار وتنذر له النذور وتوجد قرية القاسم بن الحسن (عليهما السلام) وقديما كان الموقع حديقة غناء واسعة الارجاء في نهاية المدينة وتشاهد فيه بركة ماء كبيرة وهي نفس الموقع الذي كان العباس (عليه السلام) يبحث عن الماء فيه لعطاشا الحسين، ويشاهد على باب المخيم رخامة نقشت عليها ابيات شعرية للمرحوم السيد حسين العلوي: 

طف في جوانبها مع ساجم     أهل الفضائل من سلالة هاشم 

وعلي الاكبر ثم القاسم         فوق الصعيد ولا يرى من راحم 

يا زائرا خيم الحسين بكربلا    فإذا وصلت إلى خيام بني الهدى 

واذكرا بالفضل المضرج بالدما   واذكر حسين السبط لما قد هوى 

وقد جذبت هذا المخيم عواطف الناس بحرقة فما من زائر له الا وجرت دموع ساخنة على خده لما يحمل من آثار الفاطميات والهاشميات اللواتي مكثن فيه ايام. 

وتعود بنا ذاكرة التاريخ حول هذا الموقع إلى ليلة الحادي عشر من محرم الحرام من كل عام في كربلاء حيث يخيم الظلام الدامس على المدينة، وتطفأ انوار الكهرباء وتستعمل الشموع ابتداء من وقت الاصيل.إحياء لذكرى تلك الليلة الاليمة التي أحرقت فيها خيام الحسين واهل بيته، وفي مساء يوم 12 محرم تقام مواكب العزاء للنساء ويكون الازدحام شديدا في 13 محرم من كل عام وكذلك خلال زيارة النصف من شعبان وزيارة الاربعين. 

ولقد ادخل موقع المخيم الحسيني في قلوب المحبين حرارة مستعرة ولهفة حزينة لما لهذا الاثر من تحريك المشاعر وايقاظ للحس، فتذكار هذه الخيام وهي خالية عن اهلها وساكنيها تشعر الرائي والسامع آثار الراحلين عنها من آل الرسول، وأخذ هذا المصطلح الحارق للقلوب يعني الشوق واللهفة إلى الديار التي رحل عنها اهلها حتى اخذت كثير من المناطق والمواكب تعرف بإسم المخيم أو الخيام الخالية أو (الخيمكَة) لما لهذا الاسم من حنين لدار آل الرسول الموحشة.